إن إصرار الدول الصناعية السبع الأغنى، إضافة إلى روسيا، على ضرورة ضبط آلية التجارة الالكترونية له مبرراته، لأن الجريمة المنظمة التي دوخت أمهر أجهزة المخابرات العالمية، اجتازت حدود الانترنت الافتراضية، عندما قامت مجموعة من القراصنة المحترفين من رعايا روسيا وأوكرانيا بالتسلل إلى حوالي أربعين موقعاً للتجارة الالكترونية، حيث حصلوا خلال مرورهم على لوائح بأرقام بطاقات الزبائن المصرفية يقدر عددها بالملايين. ويبدو أن هذه العملية التي بدأت منذ شهور ولا تزال مستمرة هي أكبر عملية قرصنة في تاريخ التجارة الالكترونية حسب مكتب الأمن الفيديرالي الأميركي الذي كشف عن هذه السرقة. وبدأ الاحتراف الذي يتحلى به هؤلاء القراصنة في عدم اهمالهم أي تفصيل مهما كان بسيطاً، فقد استهدفوا شركات تنتشر في جميع الولايات الأميركية التي نالت حصة الأسد في هذه العملية، أما سير العمليات فيتم بالطريقة نفسها، أي يستغل القراصنة ضعف نظام NT الذي تنتجه شركة مايكروسوفت، ولدى وقوع أي خلل يتسللون إلى ملفات الشركات المستهدفة ويسحبون أرقام بطاقات الزبائن المصرفية ومعلومات أخرى لها سمة شخصية بحتة، ثم يقومون بالاتصال بالضحايا هاتفياً أو الكترونياً أو عبر الفاكس ويقدمون أنفسهم على أنهم موظفو إحدى الشركات المختصة بمكافحة القرصنة المعلوماتية ويعززون زعمهم، أو كذبهم، ببعض المعلومات الشخصية التي يملكونها عن هؤلاء الضحايا، ثم يطالبونهم صراحة بمبالغ طائلة من الأموال تحت طائلة تسليم أرقام بطاقاتهم لمنظمات مختصة بالجريمة المنظمة، إضافة إلى الأرقام السرية والمعلومات الشخصية المتوافرة في حوزتهم حول حساباتهم المصرفية. لقد أكد مكتب التحقيقات الفيديرالي ان عدد البطاقات التي سُرقت أرقامها بلغت حوالي المليون بطاقة في شركة واحدة فقط اضطرت للاذعان لابتزاز القراصنة ودفعت لهم مبالغ تقدر بمئات الآلاف من الدولارات. ويضيف مكتب التحقيقات الفيديرالي من جانب آخر، أنه تم تحديد موقع القراصنة جغرافياً في كل من روسيا وأوكرانيا، كما تبين أن القراصنة حصلوا على مساعدة ثمينة في أميركا بلغت حد التواطؤ، لذلك تم تقديم دعاوى أمام القضاء الأميركي وفي الخارج قبل إلقاء القبض على أي من هؤلاء القراصنة والمتواطئين معهم. هذا على رغم أنه يصعب تقدير حجم الخسارة التي خلفتها عمليات القرصنة على مواقع الانترنت، فإن شركة ميريديان للأبحاث والاستشارات الخسائر بمليار وستمئة مليون دولار للعام الماضي، تكبدت الولاياتالمتحدة معظمها، كما توقعت الشركة المذكورة تزايداً هائلاً في حجم الخسائر التي تراوح بين 7.5 و5.15 مليار دولار بحلول العام 2005، ما لم تتزود الشركات بمعدات تكنولوجية معقدة تستعصي على القراصنة. والغريب أن الكشف عن هذه العملية أعقب تقريراً وضعه خبراء برامج الكومبيوتر، حذروا فيه من ضعف بعض البرامج الذي يسمح للقراصنة بالدخول إلى المواقع والاستيلاء على البريد الالكتروني السري وعلى المعلومات المهمة التي تحتويها مواقع الانترنت، إضافة إلى التحكم في وجهة البريد الالكتروني وتضليله، أي ايصاله إلى جهة أخرى، وبخاصة في ما يتعلق بمصارف الانترنت، إذ يمكن للقراصنة أن يحولوا الزبون إلى موقع آخر يسيطرون عليه.