أنفقت المملكة العربية السعودية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز على مشاريع توسعة الحرمين الشريفين، بيت الله الحرام في مكةالمكرمة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينةالمنورة، أكثر من 70 بليون ريال تزيد على 22.5 بليون دولار منذ العام 1986. وشملت توسعة الحرم المكي إضافة مبنى يتصل بالمسجد من الشمال والشرق والغرب، مما أدى الى زيادة مساحته من 173 ألف متر إلى 356 الف متر مربع، ورفع طاقته الاستيعابية من 410 آلاف الى 773 الف مصلٍ. وتتيح التوسعة استيعاب اكثر من مليون مصلٍ في أوقات الذروة والمواسم، خصوصاً مواسم الحج وشهر رمضان، حيث تستخدم الساحات المحيطة بالمسجد. وروعي في تنفيذ مشروع التوسعة الجديد التميز في التصميم والترابط مع المبنى العام للحرم، لجهة الطابع المعماري والاسلامي، واستخدام الحجر الصناعي بأشكاله الهندسية. وباتت المساحة الاجمالية للساحات المحيطة بالحرم أكثر من 40 الف متر، تستوعب أكثر من 65 ألف مصل في الأيام العادية، ويتضاعف العدد أيام الذروة. واشتملت مشاريع التوسعة على تنفيذ مشروع تبريد مياه زمزم آلياً، وتوفيرها من خلال حافظات الماء الموزعة في أرجاء الحرم. كما نفذ مشروع استبدال رخام صحن المطاف برخام فاخر خاص عاكس للحرارة، ليتمكن ضيوف الرحمن من الطواف في البيت العتيق في أي وقت، ليلاً نهاراً، وكذلك مشروع توسعة ضمن المطاف حول الكعبة المشرفة. وتضمنت المشاريع تهيئة سطح الحرم لأداء الصلاة فيه، وإنشاء السلالم الكهربائية للمصلين. واشتمل المشروع على تنفيذ آلاف من الوحدات للوضوء في الساحات المحيطة بالحرم، وتحت الأرض. كما انشئت ثلاثة ممرات مساحتها 225 متراً، ليتمكن المصلون من الدخول الى الحرم والخروج منه. وتضمنت التوسعة التي شهدها الحرم المكي انشاء عبارات خرسانية في محيطه، صممت في شكل دائري، لتمديد خدمات المرافق العامة فيها، من مياه وصرف صحي وشبكة هاتف وكهرباء، مع الحفاظ على جمال المنطقة. وشيدت ستة جسور في المسعى لفصل حركة دخول المصلين وخروجهم من الحرم، لمن يؤدون شعيرة السعي، كي يتمكنوا من ذلك من دون ازدحام أومضايقة. واقيمت محطة للتبريد والتكييف المركزي تنقل المياه المبردة منها عبر أنابيب، داخل نفق ممتد من الحرم إلى موقع المحطة. وهناك نحو مئة مضخة لتغذية وحدات معالجة الهواء. أما بالنسبة الى المسجد النبوي الشريف، فقد وضع الملك فهد بن عبدالعزيز حجر أساس توسيعه في 1985 بكلفة بلغت 30 بليون ريال. وفي 1986 بدأ العمل فعلياً في توسيع المسجد، فأضيف مبنى جديد الى جانب مبنى المسجد القديم يحيط به من الشمال والشرق والغرب، بمساحة مقدارها 82 ألف متر مربع، تستوعب 167 ألف مصلٍ. وأصبحت المساحة الإجمالية للمسجد 98 الف متر مربع، تتسع لأكثر من 257 ألف مصل. واحيط المسجد النبوي الشريف بساحات على مساحة تبلغ 235 ألف متر مربع، غطيت بالرخام والغرانيت، وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية وألوان متعددة. وفي حال استعمال مساحة التوسعة كاملة، فإنها يمكن أن تستوعب أكثر من 450 ألف مصل، مما يؤدي الى زيادة الطاقة الاستيعابية للمسجد والساحات المحيطة به لتصل الى حوالى مليون مصل في أوقات الذروة. واقيمت 12 مظلة فخمة بارتفاع السقف ذاته، تفتح وتغلق آلياً لحماية المصلين من قيظ الشمس. صمم الطابق الأرضي في مشروع التوسيع بارتفاع 12.55 متر والسفلي المخصص للخدمات بارتفاع أربعة أمتار. وبلغ عدد الأعمدة 2104، تتباعد عن بعضها بمسافات تشكل أروقة وباحات داخلية، كما زود المسجد بسبع وعشرين قبة، ووضع التصميم في شكل يتوافق مع أفضل أساليب العمارة لينسجم المبنى الجديد مع المسجد القديم، كما روعي امكان بناء طابق ثان إذا دعت الضرورة. وللمبنى الجديد وباحاته سبعة مداخل رئيسية في الجهة الشمالية والشرقية والغربية، ولكل مدخل رئيسي خمس بوابات متجاورة، اضافة الى بوابتين جانبيتين. وشملت التوسعة مدخلين رئيسيين في الجهة الجنوبية، لكل منهما ثلاث بوابات متجاورة، إضافة الى ست بوابات جانبية، وعشر أخرى لمداخل السلالم الكهربائية المتحركة ومخارجها، و18 سلماًَ داخلياً، تخدم سطوح التوسعة. ويقع وسط الناحية الشمالية مدخل الملك فهد بن عبدالعزيز، وهو المدخل الرئيسي للتوسعة، ويتميز بعلوه وبسبع قباب، تحده من كل جانب مئذنة ارتفاعها 104 أمتار، وبذلك تكون للمسجد عشر مآذن: ست جديدة ارتفاع كل منها 104 أمتار، أي بزيادة 32 متراً عن المآذن الموجودة أصلاً في الحرم النبوي الشريف. وتوجد المآذن في الأركان الاربعة للتوسعة مع مئذنتين على جانب المدخل الرئيسي. وصممت أعمال الزخرفة في المشاريع الجديدة بما يحقق التناسق والانسجام، لابراز الجانب الجمالي في الفن المعماري الإسلامي. فاشتملت على الزخارف لتجميل الجدران والمآذن، وكذلك المشربيات والنوافذ والأبواب الخشبية المطعمة بالنحاس، وتيجان الأعمدة والثريات، فضلاً عن زخرفة كل الجدران الداخلية والأعمدة، التي حفرت في أسفلها تجويفات خاصة لوضع المصاحف الشريفة بطريقة منظمة