نظم الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود رئيس الفريق السعودي للتحكيم والأمين العام المساعد للاتحاد العربي للتحكيم، مؤتمراً دولياً في لاهاي حول "تقوية العلاقات مع أقطار العالم العربي والاسلامي من خلال القانون الدولي: الاستثمارات الاجنبية، والتجارة الالكترونية، ومنظمة التجارة العالمية، وآليات حسم منازعاتها". وقد نظم المؤتمر بالتعاون مع المحكمة الدائمة للتحكيم بمحكمة العدل الدولية في قصر السلام في لاهاي. والمؤتمر الذي استغرق يوماً كاملاً هو الاول من نوعه من حيث انعقاده في مقر محكمة العدل الدولية، وشهد مشاركة عدد من كبار خبراء القانون والتحكيم الدولي الغربيين والعرب المسلمين وغيرهم من المهتمين في الدول العربية والأوروبية وكندا والولايات المتحدة. وكان ابرز المشاركين القاضي جلبرت غويلايوم رئيس محكمة العدل الدولية، وتجاكو فان دين هاوت الأمين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي. كما شهد المؤتمر حضوراً سعودياً مميزاً لعلماء وأساتذة جامعيين وديبلوماسيين وقضاة. تناول المؤتمر بالبحث والحوار من خلال اربع جلسات رئيسية عدداً من الموضوعات القانونية والتحكيمية المتعلقة بقضايا مستجدة صارت الشغل الشاغل للعالم المعاصر، خصوصاً العالمين العربي والاسلامي، وهذه القضايا هي: التجارة الالكترونية، ومنظمة التجارة العالمية، والاستثمارات الاجنبية. كما تطرق المؤتمر لآليات فض المنازعات المتعلقة بهذه القضايا. وناقشت الجلسة الاولى موضوعين، الاول: التطورات الناتجة عن التجارة الالكترونية في الاتفاقات القائمة ومشاريع الاتفاقات المزمعة، والثاني: القضايا القانونية التي تثيرها التجارة الالكترونية والحلول الممكنة لها، وهل يمكن لتقنيات الحلول البديلة للمنازعات عبر الانترنت ان تقدم حلولاً لها؟ وفي الجلسة الثانية نوقش موضوعان، الاول: مدخل لآليات حل منازعات منظمة التجارة العالمية. والثاني: هل يمكن للاتفاقات والمعاهدات الاقليمية ان تخلق مشاكل قانونية مع آليات منظمة التجارة العالمية لتسوية المنازعات؟ وفي الجلسة الثالثة، نوقشت التطورات في التجارة الالكترونية في العالم العربي، ومزايا الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والتجارة الالكترونية، ومنظمة التجارة العالمية من منظور الشريعة الاسلامية. وفي الجلسة الرابعة والأخيرة، تمت مناقشة موضوعين، الاول: الجوانب القانونية للاستثمارات الاجنبية، والثاني: الممارسات المختلفة لحل منازعات الاستثمارات الاجنبية. وقال الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود ان المؤتمر هدف الى تقوية العلاقات مع اقطار العالم العربي والاسلامي، من خلال القانون الدولي واتجاهاته الحديثة، وذلك في اهم المواضيع على الساحة الدولية وهي التجارة الالكترونية، ومنظمة التجارة العالمية، والاستثمار الاجنبي، وتبيين موقف الشريعة الاسلامية والدول العربية منها، وحسم المنازعات المتعلقة بهذه الامور بالطرق السلمية، خصوصاً ان العالم يقع اليوم تحت تأثير التقنيات الحديثة والمعلوماتية، ومن ناحية اخرى فإن مناطق العالم المختلفة تقع تحت تأثير حضاراتها الموروثة التي تتقارب في جوانب وتتنافر في جوانب اخرى، بسبب عدم ادراك الطرف الآخر لتلك المواريث الحضارية. وأوضح الأمير بندر بن سلمان ان الاتحاد العربي للتحكيم الدولي نشأ تحت مظلة جامعة الدول العربية لكي ينسق جهود التحكيم في الدول العربية، ويدرس معوقات التحكيم، ويضع الحلول المناسبة لها. وقد عقدت اجتماعات وندوات ومؤتمرات لهذه الاغراض. وأشار الى ان المملكة العربية السعودية عرفت التحكيم منذ القدم، خصوصاً في عهد الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، الذي وضع شرط التحكيم في اتفاقاتها الدولية والتجارية قبل توحيد المملكة في 1932، ووضع لها القوانين المنظمة لها، وكان آخرها عام 1983، وأنظمة المملكة لاتفاقية نيويورك في 1993 وكذلك انضمامها لاتفاقية لاهاي العام 2001. وذكر انه اقتناعاً بأهمية التحكيم في عالمنا الحاضر، ومشاركة المملكة العربية السعودية في المؤتمرات وندوات التحكيم الدولية المهمة، التي تعقدها جهات مختلفة من العالم، صدر أمر ملكي العام 2000 يقضي بتشكيل الفريق السعودي للتحكيم الذي يرأسه الأمير بندر بن سلمان وذلك لمواكبة تطورات التحكيم على الساحة الدولية. وأشار ايضاً الى نمو التجارة الالكترونية حول العالم بشكل مطرد، وكذلك في مجتمعنا الذي يعتبر جزءاً من هذا العالم. وبانتشار التقنيات الحديثة وتوجه العالم لاستثمارها في كل مجال، اصبحت التجارة الالكترونية ضرورة يمارسها الجميع في التعاملات والتبادلات المالية والتجارية عبر ما يعرف بقنوات التجارة الالكترونية ويتوقع ان ترتفع الى سبعة تريليونات دولار بحلول العام 2004. وزاد: "ان الانضمام الى منظمة التجارة العالمية اصبح مطلب كثير من الدول لما توفره من مزايا لأعضائها، الا انها اصبحت اخيراً مثقلة بكثرة الاتفاقات والمعاهدات التي انجزتها في وقت قريب، وقد قدر عدد صفحات هذه الاتفاقات بأكثر من مئتي ألف ورقة. ومع هذا فإنه ما زالت بعض الدول ترغب في الانضمام اليها، ومنها السعودية التي قطعت شوطاً كبيراً في ذلك". وقال ان العالم بأسره يسعى لاستقطاب الاستثمار الاجنبي وتهيئة المناخ الملائم له وتذليل العقبات امام المستثمرين، "الا انه يجب ان نذكّر المستثمر الاجنبي ان ما تقدمه هذه الدول من تسهيلات فإنها ترغب في مقابل ذلك في الاستفادة من خلال نقل التكنولوجيا وتوطينها، وتدريب القوى العاملة عليها لكي يعم النفع الجميع، وفي هذا الاطار صدر في المملكة العربية السعودية نظام الاستثمار الاجنبي العام 2000، كما أنشئت هيئة عامة للاستثمار. ولعل من أهم الاستثمارات التي فُتح المجال فيها الاستثمارات في الطاقة. ويصل اجمالي الاستثمارات المتوقعة خلال السنوات العشر المقبلة 500 مليار دولار، وهذا يدل على ما تتمتع به المملكة من أمن واستقرار ومناخ جيد للاستثمار".