في احدى ضواحي عمان المكتظة والفقيرة وفي حارة جانبية يقع منزل خالد. فضول جاره دفعه الى السؤال عن سبب البحث عنه وقبل ان يسمع الاجابة وبنظرة تحمل دلالات ومعاني أشار الى منزله "انه يعيش هنا" وأتبع الاشارة بعبارة "خالد رجل خلوق وعنده شرف.. بارك الله به". قبل ست سنوات أقدم خالد وهو أكبر إخوته على ذبح شقيقته. كان عمرها ستة عشر عاماً.. اغتصبت شقيقته من قبل الأخ الأوسط. اضطرت العائلة لتزويج الفتاة من رجل كبير في السن درءاً للفضيحة. تردد ان الزوج المسنّ دفع زوجته الصغيرة الى الدعارة وكان يقبض الثمن. طُلقت الفتاة وعادت الى المنزل. الحل تمثل لخالد الشقيق الأكبر بقتل الفتاة ففعل. ذبحها في منزل العائلة بالسكين. أما الشقيق المغتصب فقد سجن. حوكم خالد وسجن ست سنوات وحصل على أسباب تخفيفية من المحكمة خرج بعدها من السجن مطلع العام 2000. حين قصدنا بيته لم يكن خالد قد عاد من العمل بعد. كانت زوجته المحجبة وأبناؤه الثلاثة في طابق أرضي مظلم مكون من غرفتين صغيرتين، الجدران فيه متآكلة والأثاث قليل. حصيرة صغيرة هي كل ما يتوافر للجلوس. اختلطت في البيت روائح المطبخ مع بيت الخلاء وسط أصوات لعب الأولاد. بعد ان اطمأنت الى ان زائريها هم من النساء خلعت حجابها فظهرت مرتدية بنطالاً ضيقاً وقميصاً أظهرا اكتناز جسدها وعدم تناسقه وبدت مسرّحة شعرها وواضعة بعضاً من الطلاء على خديها وشفتيها. كانت الألوان فاقعة ولم يغط تكاثفها شحوب وجهها المتعب. بادرتنا بالقول: "اليوم عيد ميلاد خالد وأنا والأولاد بانتظاره. كم هو طيب ورقيق. لقد تعذبت كثيراً خلال سنوات سجنه، لقد عانيت أنا وأبنائي وكل هذا بسبب عائلته..". وقبل ان تُسأل شرعت بالحكاية "اللوم يقع بالدرجة الأولى على شقيقته فهي التي أغوت شقيقها الأوسط". كانت تتحدث بهدوء وبدت أنها مقتنعة بما تقوله، وأضافت "تصرفاتها لم تكن تعجبني.. كانت دائماً تسألني أسئلة خاصة بالنساء وأخجل أنا المتزوجة ان أجيبها. لا أدري من أين كانت تأتي بهذه الأسئلة والأفكار. كانت جميلة ولكنها لم تكن رزينة. شقيقها لم يكن عاقلاً كذلك. كان يشاهد أفلاماً إباحية. أنا لا أجزم ولكن أنا أعتقد انها أغوت أخاها. لا أريد أن أتحدث مرة أخرى عن هذا الموضوع لقد دفع زوجي الثمن. لم يكن يستطيع ان يفعل غير ذلك. لقد زوّجها ليستر عليها لكنها تمادت في تصرفاتها. والداه ضغطا عليه ليفعل ما فعله". تساهم عناصر كثيرة في تعقيد ظروف عائلة خالد، فأمه مطلقة، ووالده في السجن وكذلك اثنتان من شقيقاته. تشكل العائلة مادة أحاديث خصبة في الحي. خشيت الفتيات اللواتي كان الجميع يتندر بجمالهن ان يتعرضن لما حدث مع شقيقتهن فاشتكين الى الشرطة وتم احتجازهن لحمايتهن. وخلال الحديث وصل خالد وهو شاب أسمر ناحل وحاد الملامح. داكن لا تفارق السيجارة يده. في أواسط الثلاثينات. عمل بعد ان خرج من السجن دهاناً. وصلت بعده بقليل شقيقته الصغرى فلسطين. فتاة بيضاء رشيقة وجميلة لم تتجاوز العشرين من عمرها. ترتدي سروالاً وسترة أنيقين. تزوجت من شاب غني أوصلها بسيارته الجديدة الى منزل شقيقها المتواضع. قبّلته على وجنتيه وهنأته بعيده. أصيبت فلسطين بتوتر مفاجئ ما ان لاحظت اتجاه الحديث مع الشقيق وراحت تتمتم عبارات غير مفهومة. صرخ فيها خالد بالانكليزية Shut Up اخرسي ونظر إلينا مبتسماً وقال: "أنا أتحدث الانكليزية، لقد وصلت الى الثانوية العامة". لم تتمكن الأخت سماع الحديث وقالت بعصبية أن عليها الذهاب الى صديقة مجاورة وغادرت البيت بسرعة من دون أن تلتفت. خالد بدوره لم يكن مرتاحاً للحديث في موضوع شقيقته. كان متشنجاً وهو يتحدث قبل أن يضيق بنا. كانت أجوبته متناقضة وغير منسجمة، "لو عاد بي الزمن لما كنت قتلت أختي. كان ينبغي ان أقتل أبي وأمي وعمي وخالي وكل أقربائي، بسببهم قتلتها ودخلت السجن، لقد ضغطوا علي. لم أعد أستطع الخروج من البيت بسبب العار. لقد ضاع من عمري 6 سنوات. أنا أيضاً ضحية بل أنا الضحية. قضيت 6 سنوات في السجن بعيداً عن زوجتي وأبنائي. عائلتي جنت عليّ..". يعتقد خالد ان شقيقته أخطأت وأنها فعلاً أغوت شقيقها الأوسط ويقول أنه لم يقتل أخاه لأنه لم يعثر عليه ولو وجده لقتله. ويصف مشهد قتلها تفصيلياً: "ناديتها وأقفلت الباب وقلت لها أتعلمين ماذا سأفعل الآن؟؟ سوف أقتلك! أريد أن تجيبي على أسئلتي! هل تعتقدين أنك تستحقين الموت؟؟ قالت نعم!! قلت لها تشهّدي على روحك.. ربطتها وسقيتها بعضاً من الماء وذبحتها..". ثم يضيف "لو عاد الزمن لما كنت قتلتها ودخلت الى السجن، كنت ربطتها بالحبل كالنعجة وتركتها في الغرفة تمضي فيه بقية عمرها الى ان تموت..". بدأ التشنج يتسرب الى كلام خالد ورفض ان يواصل الحديث مؤكداً انه يريد ان يكمل حياته بهدوء. لقد نسي أخته وكذلك أمه وأباه ولا يريد ان يتذكر الامر. يعتقد ان استعادة هذه الحكايات لن يغير شيئاً. وليس ببعيد عن بيت خالد حي مشابه يسكن في أحد منازله الفقيرة شاب آخر "ثأر لشرفه". الشرف والعار هما ما دفع بسالم الى قتل شقيقته مع علمه انها ضحية. سالم لم يتجاوز الثلاثين من عمره خرج أواخر العام 1999 من السجن بعدما أمضى فيه 6 أشهر فقط هي كل عقوبته لإقدامه على قتل شقيقته بعد أن أطلق عليها النار بذريعة غسل العار. أخته التي قتلها لم تكن قد تجاوزت السادسة عشرة. أرسلتها العائلة الى منزل شقيقتها المتزوجة لمساعدتها على متاعب الحمل. تعرضت للاغتصاب من قبل زوج شقيقتها. أعلمت الفتاة الشرطة انها تعرضت للاغتصاب وأشارت الى الفاعل لكن لم تتخذ اجراءات بحقه ولم تثبت عليه التهمة. فكان الحل الوحيد امام العائلة: موت الأخت الصغرى. يقول سالم: "حين وجدت انه من المستحيل جلب الفاعل ومعاقبته اضطررت الى ان أطلب من أبي جلب أختي من الشرطة حيث احتجزت لحين جلاء القضية. أحضرها أبي الى البيت وما ان دخلت أطلقت عليها النار". لو لم تقتل فإن المجتمع لن يرحم حتى لو زوجناها. مثلاً اذا تشاجرت مع ابن عمي سيقول لي بدلاً من ان تتصرف معي كرجل إذهب ومارس رجولتك على أختك. لقد عشت صراعاً يتلخص في أنني إما أن أقتل ألف رجل في العائلة أو أن تموت الفتاة، لو لم أقتلها فإن المجتمع لن يرحم. أبي سيحني رأسه، وأي شخص يمكن ان يقول له أستر ابنتك وكذلك الحال مع عمي وخالي. أي شخص سيقول إغسلوا عاركم. حتى لو تزوجتْ لن يسكت الناس.. سيسخرون ويقولون ستر عليها وزوجها.. لكن حين تموت فإن المجتمع سيسكت ويموت الكلام معها..". يدرك سالم أن شقيقته ماتت ظلماً لكنه يرى أنه لم يكن هناك أي خيار آخر. ويقول سالم: "إذا تزوجت فأنا لا أحب أن أنجب إناثاً، لا أرغب في ذلك الى درجة أنني أفكر كما كانوا يفكرون في الجاهلية أي أن من ينجب بنتاً عليه أن يدفنها حية وهذا هو الصحيح". يعيش سالم اليوم مع والديه وشقيقتين في البيت.. والدته مصابة باضطرابات نفسية عميقة منذ مقتل الفتاة. تعيش في صراع كبير بين إحساسها بالذنب تجاه الفتاة وبين حقائق الحياة. قبل فترة روت لسالم كيف حاولت ان تقتل إحدى شقيقاته حين كانت طفلة. كانت الجارات يشرن الى ان الطفلة لا تشبه العائلة وأخذن يتهامسن بأن الأم حملت بالفتاة من رجل غير زوجها.. كرهت الأم ابنتها فوضعتها في الفرن وانتظرت ان تشعله إحدى بناتها فبذلك يتم الأمر كأنه عن طريق الخطأ وليس قتلاً مقصوداً لكن الفتاة سمعت بكاء شقيقتها الرضيعة في الفرن ونادت على الأم التي انهارت حينها وهكذا أنقذت الفتاة. أم محمد وبناتها لا يخرجن الا سوية خوفاً من كلام الناس. الحذر بدأ منذ أقل من سنة بعدما قتل الإبن الأوسط شقيقته البالغة من العمر 21 عاماً وهو الآن في السجن. حملت الفتاة من دون زواج ولم يتم اكتشاف الأمر إلا وهي في حال نزيف من الولادة في شهرها السابع. الأم غابت عن البيت لأشهر في زيارة لأقربائها في أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان وحين عادت لاحظت ان ابنتها زاد وزنها من دون ان تعلم أنها كانت حاملاً، "لقد شعرت ببعض الآلام. اعتقدت انها آلام الزائدة. أردت ان أصحبها الى الطبيب لكنها رفضت وبدأت تبكي وتقول ذلك الشاب كان يريد أن يتزوجني فذهبت معه وحين خرجنا اقترب مني وحدث بيننا شيء ثم حملت. لم أدر ماذا أفعل. كنت غاضبة فناديت على إخوتها. شقيقها لم يحتمل الأمر فجلب المسدس وقتلها. كانت تنزف وتبكي قبل أن يصل. حين أتى شقيقها بدت وكأن روحها تفارقها ولم تقاوم حين أطلق عليها النار..". تعيش أم محمد وبناتها على معونات مادية قليلة ممن بقي من الأبناء الذكور لأن الأب غادر منذ زمن وتزوج بأخرى ولم يعد ينفق على العائلة. سميرة وهي في السادسة عشرة تعتبر ان تصرف أخيها كان في محله وتقول "كنت هناك قبل ان يطلق عليها النار. كنت أعلم أنه يريد قتلها. أعتقد ان من تفعل ذلك تكون مخطئة وعليها ان تنال جزاءها، إنه شرفنا وأنا أرى أن قتلها أمر حلال. لقد دمرتنا بتصرفها هذا. ألم تفكر بأهلها حين فعلت ذلك؟؟ لم نكن نتوقع من شقيقتي هذه أن تتصرف على هذا النحو. لقد هدرنا دمنا لكننا لم نهدر شرفنا. إن تصرف أخي عادي ومريح. لو لم يقتلها لكان مات قبلها". الطب الشرعي قد يكون المكان الوحيد الذي يستطيع الباحث فيه أن يعرف أسماء هؤلاء الفتيات القتيلات ويرى صورهن ولكن كموتى وليس كأحياء.. فإلى القضاء تحول هؤلاء الفتيات كقضايا قبل ان ينتهين الى التراب. غالباً ما تعمد العائلات الى عدم ذكر اسم القتيلة والتخلص من صور الفتيات او وضعها جانباً في أحسن الاحوال لنسيان العار. موتهن ينهي الحكاية. الملامح لم تعد حاضرة الا في الملفات. يقول رئيس دائرة الطب الشرعي مأمون الحديدي "لاحظنا خلال السنوات العشر الاخيرة ان نسبة الجرائم ازدادت وضحاياها معظمهم من النساء". كثير من الفتيات يعشن رعباً في حال تعرضهن لتحرش او اعتداء خصوصاً اذا أتين لفحصهن عند الطبيب الشرعي للتحقق من عذريتهن. يقول الحديدي: "لا أكاد أصف الرعب في عيون البنات أثناء الفحص. إنه لأمر مؤذ لنا ان نفحص فتاة وتأتي بعد يومين لنشرّحها. كم هو مؤلم ان أتعامل مع فتاة كإنسانة وبعد يومين أبلغ إنها على طاولة التشريح، لقد انتقل الرعب إلينا. الأرقام أظهرت أنه من 20 الى 25 من الضحايا النساء اللواتي يقتلن سنوياً يوضعن في هذا الإطار..". تقول المحامية أسمى خضر إن ثلث جرائم القتل هي جرائم شرف وأنها نسبة عالية جداً. ثلث الضحايا هم من القاصرات أي من اللواتي لم يبلغن سن الثامنة عشرة ونسبة كبيرة منهم فاقت 75 في المئة كن عذراوات وكان القتل بالاشتباه "ما حدث في الآونة الأخيرة هو مجرد تسليط الضوء على الظاهرة وليس بداية ظاهرة أو تزايدها فهي كانت دائماً موجودة". في مجتمعات مختلطة الثقافة كالمجتمع الأردني يبرز التناقض الحاد بين الحداثة والتقليد في أقدم صوره. الهوة شاسعة بين مستويي الحياة هذين. التحديث سائر في مجالات عدة وفي المقابل يدب ذعر في الأوساط التقليدية سببه انهيار صروح الماضي التي حملها أبناء البادية والريف معهم الى المدينة.. البيئة التي يكثر فيها هذا النوع من الجرائم ليست بيئة ريفية بل هي تتركز في المدن. جرائم الشرف ظهرت في مختلف الطبقات ومختلف المستويات التعليمية لكنها تتزايد في مجتمعات محددة. يبدو ان المجتمعات الهجينة والمتفاوتة التقاليد هي بيئة خصبة لأنواع من العنف. جريمة الشرف هي أحد وجوهها. أبناء المجتمعات التقليدية الذين وفدوا الى المدن وخضعوا لعملية تمَدَن سريعة ولم يندمجوا بالمتغيرات التي غلبت على المجتمع هم في الغالب مسرح هذا العنف وهذه الجرائم. في العقد الماضي قتلت أكثر من مئتي امرأة وفتاة في قضايا وضعت تحت عنوان "جرائم الشرف" واحتلت هذه الجرائم المرتبة الأولى بين جرائم القتل. بنات أم محمد منعن من الخروج من المنزل بعد مقتل شقيقتهن، والصغرى منهن منعت من الذهاب الى المدرسة. إنه قرار الأقارب، أما الأب فهو متزوج من أخرى منذ زمن ولم تعد تربطه صلة بالعائلة. نوال البنت الصغرى وعمرها خمسة عشر عاماً بدت رافضة لأسلوب قتل شقيقتها ومحبطة من جراء منعها من الذهاب الى المدرسة. هي ترى أن الملامة تقع على شقيقتها المخطئة. يروي سالم طبيعة تشابك العلاقات العائلية ومدى تأثيرها. "قاطعنا أخوالي منذ أن حدثت المشكلة، الموت أنهى المشكلة. وبعده طبعاً أتى أقربائي كلهم وقالوا لي سلمت يداك وكثر الله خيرك. لقد وقفوا معي". سالم مسؤول عن عائلته ومسؤول بالتالي عمن بقي من شقيقاته الفتيات. يقول إنهن الآن عبء عليه. "أنا لا أكره أخواتي لكن أتمنى ان يتزوجن بأسرع وقت ممكن حتى لو تقدم لهن شخص لا يملك المهر الكافي فأنا مستعد أن أزوّج أختي له المهم أن أنهي هذا الهم الجاثم على قلبي". القانون في الأردن وفي دول عربية أخرى، ينظر بتسامح الى قضايا جرائم الشرف ويقدم أسباباً مخففة للقاتل. وتشرح المحامية أسمى خضر ذلك: "الآن الحد الأدنى للعقوبة في حالة العذر المخفف 6 أشهر سجن أو سنة.. إذا كانت هناك أسباب مخففة تصبح العقوبة بضعة أشهر وبالتالي هي ليست بعقوبة. وفي كثير من الأحيان يكون هناك تشاور ومساندة من أفراد العائلة. ويمكن ان يكون التواطؤ عبر إسقاط الحق الشخصي.. لم يحدث ان طلبت عائلة تعويضاً عن قتل فتاة بجريمة شرف..". بات سالم مدركاً للثغرات القانونية التي يمكن التسلل منها فيقول: "في القضاء يكون الحكم 15 سنة. لكن هناك ملابسات رد شرف وغضب. كنت غبياً في البداية وحين سألني القاضي لم أقل أنني وجدتها فجأة وقتلتها. قلت له حاولت ان أحضر الفاعل لكن الحكومة حمته فاضطررت الى أن أدع أبي يكفلها كي أقتلها. تدخلت وساطات، وهذا الكلام ليس لصالحي وأصبح الأمر، كأنني أتيت بالصدفة فوجدتها فثار دمي وقتلتها. وحينها أصبح الحكم 6 أشهر". تلجأ السلطات في الأردن الى سجن النساء المعرضات لأن يكن ضحايا جرائم شرف فيتم حجزهن لحمايتهن وذلك تحت قانون يعرف بقانون حفظ الأمن والسلامة. هناك مجموعة من الفتيات مضى على احتجازهن سنوات لأن خطر قتلهن لا يزال قائماً. إنعام من الناشطات في الحقل الاجتماعي وهي تقوم بزيارات دورية للسجون حيث تلتقي الفتيات المحتجزات، تقول: "هؤلاء البنات موجودات تحت عنوان حفظ الامن والسلامة. هن لسن سجينات لكنهن في السجن. إنهن شريحة مهزومة ومحبطة. إنهن ميتات.. مجرد ان ندخل عليهن نعتقد أنهن بنات ميتات..". تقول المحامية خضر "مأساة هؤلاء الفتيات أنه لا يوجد حكم بحقهن أو مدى منظور لبقائهن خلف القضبان. في حالتهن، لا يودع المهدد بالقتل في السجن إنما تودع المهددة لمنع ارتكاب جرم ضدها.. هذا منتهى القسوة فحتى لو بلغت سن الرشد لا يمكن ان تخرج من دون موافقة ولي أمرها، أي من دون أن يأتي الشخص الذي يهددها ليوقع على خروجها، وحدث ان نساءً أودعن وطالب ذووهن بإخلاء سبيلهن ووقعوا على تعهدات ثم قتلوهن بعد ذلك". تشير بعض الأرقام الى تواجد أكثر من 50 امرأة قيد الاحتجاز في السجن في الأردن خوفاً على حياتهن، وتتفاوت أعمار هؤلاء النساء ما بين الخامسة عشرة والأربعين عاماً، معظمهن لا زلن يتلقين تهديداً بالقتل من ذويهن حتى وهن داخل السجن. يقول سالم إنه كي يرضي أقرباءه عليه ان يقتل أخته الثانية وزوجها، "لو رأيتهما سأقتلهما. طالما أنا أعيش في هذا المجتمع يجب أن أقتل".