تستمد معركة انتخابات المتن الشمالي في لبنان اهميتها هذا الصيف من بضعة عوامل من شأنها حسم جزء اساسي من نتائجها باكراً: - في هذه الدائرة تقع بعبدات مسقط رأس رئيس الجمهورية إميل لحود، وفيها يترشح ايضاً نجله البكر إميل لحود الابن. ولذا تكتسب الاهمية من كونها الدائرة التي سيكون فيها رئيس الجمهورية معنياً، من غير ان يتدخل في مسار اجرائها بالضرورة، خصوصاً ان ترشيح ابنه يعوّل على القوة الناخبة التي يمتلكها المر في هذه الدائرة، والكفيلة بتأمين مقومات فوزه. وفي كل الاحوال لم يكن ليغامر رئيس الجمهورية بخيار ترشيح ابنه لو لم يكن متأكداً من فوزه من جهة، فضلاً عن عدم رغبته في المجازفة في انتخابات يخسرها الابن في مسقط رأس ابيه، ليدفع ثمنها السياسي لحود الأب والرئيس من جهة اخرى. - وفيها يترشح وزير الداخلية ميشال المر على رأس لائحة من ثمانية نواب يرغب في حصيلتها في تأكيد زعامة متينة كان قد اظهرها في انتخابات 1996، علماً ان المر يتحدث عن ان ترشيحه لهذه الانتخابات هو الاخير ليفسح في دورة 2005 المجال لابنه الياس المر. - وفيها يترشح النائب نسيب لحود قريب رئيس الجمهورية على رأس لائحة لم يكشف بعد شركاءه فيها وان بدا يميل الى التعاون مع النائب السابق أوغست باخوس. الا ان الاهمية المضاعفة في المنافسة تكمن في ترشح اثنين من بيت لحود من جيلين متباعدين في العائلة، تكراراً لتجربة تقليدية في انتخابات المتن الشمالي عندما كان يتنافس والد نسيب النائب الراحل سليم ووالد الرئيس لحود اللواء الراحل جميل لحود عمّ سليم. لكنها تشير ايضاً الى استعادة تنافس هذين البيتين على زعامة العائلة منذ الستينات. وفي الواقع فإن نسيب لحود يخوض انتخابات من باب وجود برنامجين سياسيين متعارضين: الاول يمثله هو، والثاني يمثله خصمه الوزير المر. وبمقدار ما يظهر لحود اصراراً على ديموقراطية الانتخابات ونتائجها، الا انه يحاول ان ينأى برئيس الجمهورية عن اي تدخل فيها، من غير ان يكتم تحفظه عن ترشح ابن الرئيس لأسباب تتصل بإعلان رئيس الجمهورية سابقاً ان لا مرشحين له ولا يدعم احداً. والواضح ان قسماً اساسياً من معركة نسيب لحود في هذه الانتخابات على غرار انتخابات 1996 يكمن في صراعه السياسي مع المر. - وفيها ايضاً منطقة نفوذ الرئيس السابق أمين الجميّل المقيم في منفاه في باريس، والتي يخوض فيها نجله بيار معركة اثبات وجود اكثر منها معركة فوز بنيابة ممنوعة على هذا البيت في ظل واقع ابعاد الرئيس السابق. ومع ان الجميل الابن يمتنع الى اليوم عن تأكيد ترشحه، الا ان الاكيد في المقابل هو مضيه في ادارة حملة لاستقطاب الناخبين المؤيدين لوالده اليه للمشاركة في الاقتراع وتقديم عرض قوة لحجم القوة الانتخابية، للدخول من ثم شريكاً في الزعامة على المتن الشمالي. علماً انه لا يخفي ميلاً الى احتمال التعاون مع نسيب لحود. - وفيها ايضاً نفوذ حزب الكتائب المشتت القوى والمنقسم بين حزبيين مؤيدين للقيادة ولرئيس الحزب منير الحاج وآخرين مؤيدين للرئيس الجميل. وفي كل الاحوال يقبل الحزب على هذه الانتخابات وهو في ذروة ضعفه. ومع ترشح الحاج بقرار من القيادة الحزبية للدخول في لائحة المر، فإن الرجل اضحى يشكل مكمن الضعف في هذه اللائحة بفعل انقسام الكتائبيين على الموقف من ترشحهم. الواضح ان دائرة المتن الشمالي مقبلة على معركة انتخابية قاسية يترشح فيها على لائحة المر، اليه، كل النواب الحاليين، شاكر أبو سليمان وأنطوان حداد وسيبوه هوفنانيان عن حزب الطاشناق وغسان الأشقر عن الحزب السوري القومي الاجتماعي وإميل لحود الابن ومنير الحاج عن حزب الكتائب ومرشح أرثوذكسي لم يسمّه بعد. وتنطلق لائحة لحود من حليفه النائبين السابقين ميشال سماحة وأوغست باخوس وبيار الجميل اذا تفاهما ومرشح أرمني. الا ان الابواب لا تبدو بعد مقفلة لمعاودة نسيب لحود تعاونه الانتخابي مع النائب السابق ألبير مخيبر، العازم مجدداً على الترشح للانتخابات وهو على أهبة الدخول في عقده التاسع الذي يظهره دائم الحماسة حيال هذا الاستحقاق.