تجري الاستعدادات في العاصمة الأردنية لاستضافة مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي سيبدأ أعماله برعاية الملك عبدالله الثاني في 30 نيسان ابريل الجاري، وسط جدل سياسي بين وجهتي نظر، الأولى يتبناها البرلمان الأردني والحكومة وتسعى الى انجاح المؤتمر وتعظيم الاستفادة منه، والثانية تتبناها النقابات المهنية وأحزاب المعارضة التي تعترض على السماح لوفد الكنيست الاسرائيلي بالمشاركة في أعمال المؤتمر الذي سيرأس جلساته الرسمية رئيس مجلس النواب عبدالهادي المجالي. وتوقعت المصادر الرسمية ان تشارك في المؤتمر 130 دولة سيترأس 70 في المئة من وفودها رؤساء تلك البرلمانات. وتسلمت اللجنة التحضيرية تأكيدات من 115 دولة بالحضور، منها ايران والعراق الذي يطمح الى استغلال هذا الحدث لشرح قضية الحصار. واستنكر رئيس مجلس النواب عبدالهادي المجالي اثارة بعض القوى والنواب قضية مشاركة الوفد الاسرائيلي وقال: "لقد حضر هذا الوفد جميع الدورات السابقة للاتحاد وبحضور الوفود العربية والاسلامية، بل ان الوفود العربية والاسلامية حققت انتصارات في دعمها للموقف الفلسطيني، خصوصاً قضية القدس". ويؤكد المجالي ان الدعوات وجهت الى جميع الدول الاعضاء في الاتحاد، والأردن كبلد مضيف لا يملك حق منع أي عضو في الاتحاد من المشاركة لأنه بلد مضيف وليس داعياً له، وقال: "هل يمكن ان نبقى نفكر في سياسة الانعزال، بل يجب على اسرائيل في هذا المؤتمر ان تسمع قوة المنطق العربي لأننا يجب أن لا نترك الجو خالياً لها". ويضيف المجالي: "ليس لدينا تخوف على الاطلاق من وجود المقاطعة، فقد سمعنا كل الدعم من الدول العربية والاسلامية، وستعقد المجموعة العربية اجتماعاً على هامش المؤتمر، ولم تصل لنا رسالة اعتذار واحدة من أي دولة عربية ولا أتوقع ان تقاطع دولة عربية واحدة أعمال المؤتمر". وتسعى أحزاب المعارضة والنقابات المهنية والقوى المناهضة للتطبيع مع اسرائيل لمنع مشاركة وفد الكنيست، ودعت الى مقاطعة أعمال المؤتمر أو مضايقة الوفد الاسرائيلي والتظاهر امام الفندق الذي ستقيم فيه الوفود المشاركة. وعلى رغم ان قدوم الوفود الاسرائيلية الى العاصمة الأردنية أصبح ظاهرة عادية بحكم العلاقات الديبلوماسية القائمة بين الأردن واسرائيل منذ العام 1994، الا ان القوى المعارضة تعتبر ان مشاركة الوفد الاسرائيلي في مؤتمر يستضيفه البرلمان يشكل "استفزازاً للمشاعر الوطنية الرافضة للتطبيع مع العدو"، ولأن البرلمان لا يزال من المؤسسات التي لا تقيم أية علاقات مع جهات اسرائيلية. وتستبعد جميع المصادر ان يكون لهذه النشاطات أي تأثير على اعمال المؤتمر. واستغرب رئيس مجلس النواب السابق سعد هايل السرور، ان تبدأ أصوات بالدعوة للمقاطعة وقال: "لقد وجهت الدعوة لاستضافة المؤتمر العام 1998 في مؤتمر ناميبيا وقت كنت رئيساً للمجلس، وقد بذلت جهوداً كبيرة لإقناع اعضاء الاتحاد بعقد المؤتمر في الأردن". ورفض النائب سلامة الحياري مشاركة الوفد الاسرائيلي وقال: "نحن لا نرحب بوجود برلمانيين يمثلون الكيان الصهيوني بيننا، وأنا كممثل للشعب الأردني أرفض هذا التعاون مع البرلمانيين الاسرائيليين بكل صوره وأشكاله". أما النائب منصور مراد فطالب بعدم دعوة الوفد الاسرائيلي لأنه يمثل "دولة الارهاب الصهيوني" واكد انه لن يحضر اعمال المؤتمر في حال وجود الوفد الاسرائيلي. ودعا النائب خليل حسين عطية "المواطنين الشرفاء للتصدي ومضايقة الوفد الاسرائيلي والرد على مضايقة الحاخامات والمستوطنين اليهود في الخليل للوفد البرلماني الأردني" الذي زار السلطة الوطنية الفلسطينية في تشرين الأول اكتوبر الماضي، وقال: "لا بد من رد الصاع بصاعين". من جهته بعث نقيب المحامين صالح العرموطي برسالة خطية الى جميع أعضاء مجلسي النواب والأعيان ناشدهم فيها العمل على عدم توجيه الدعوة لوفد الكنيست، وقال في رسالته: "في حال الإصرار على دعوتهم، فإننا نناشدكم عدم المشاركة في الجلسات وتبني موقف الشعب والتصدي لكافة محاولات الاختراق حفاظاً على أمن البلاد"، وهدد نقيب المحامين بإحالة أعضاء مجلس الأمة من المحامين الى مجالس تأديبية بسبب المشاركة خلافاً لقرارات الهيئة العامة للنقابة التي تحظر على اعضائها إقامة علاقات مع الاسرائيليين. واستهجن النائب الأول لرئيس مجلس النواب النائب بسام حدادين دعوة نقيب المحامين واعتبرها "قاصرة تفتقر الى المسؤولية وتتعارض مع مصالح الوطن، وتعتبر تجاوزاً سافراً للقانون وشكلاً من أشكال الارهاب والتطاول على أعضاء مجلس الأمة". واعتبر حدادين عقد المؤتمر في عمان "مكسباً سياسياً مهماً للاردن وللأمتين العربية والاسلامية ومناسبة ثمينة لعرض ابرز قضايا العرب والمسلمين". رئيس لجنة فلسطين في مجلس النواب الدكتور عبدالمجيد الاقطش اعتبر ان عقد المؤتمر في عمان يأتي لمصلحة العالم العربي والاسلامي، ودعا الى طرح القضايا العربية وكشف اوراق اسرائيل الزائفة امام البرلمانات العالمية لأن اي موقف تستغله الدول العربية سيكشف زيف اسرائيل وبالتالي يصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية. ويسعى المسؤولون الاردنيون على كافة المستويات لانجاح اعمال المؤتمر من اجل تسويق الاردن سياحياً وسياسياً خصوصاً ان المشاركين الذين سيصل عددهم الى الفي شخص ستدفع بلادهم نفقات اقامتهم في فنادق خمس نجوم، وفي المقابل لا يبدو ان محاولات المعارضة بعرقلة دخول الوفد الاسرائيلي او اعاقة اعمال المؤتمر ستجدي نفعاً، انما تأتي في اطار حملة اعلامية ضد الوجود الاسرائيلي في المؤتمر