لدي قناعة شخصية أن سن الأربعين للناقد الرياضي وما زاد عليها من السنوات هي السن التي في حدها الحد بين الحكمة والتهور وبخاصة في سنوات الشباب الأولى. فما يكتبه الكاتب بعد هذا العمر من المفترض أن يختلف كلية عما كان يؤمن به قبل عقد أو عقدين .لا يستثنى من هذه القاعدة إلا متعصب جداً أو ضعيف عقل أو كاتب لا يزال يبحث عن مزيد من الجماهيرية بين أنصار فريقه المفضل. لهذا وعندما تلقيت اتصالات عدة يوم أمس من مجموعة من الاتحاديين الغاضبين من أداء الحكم عبد الرحمن العمري في مباراة الاتحاد والشباب والذين طالبوني بتقريع الحكم أشد تقريع وانتقاده أشرس انتقاد للأخطاء التي ارتكبها في المباراة، وجدت نفسي متمنياً بأن يعود بي الزمن سنوات قليلة لكي أنفذ رغباتهم وأنفس من غليلهم وأكتب مطالباً بضرورة إيقافه وأوصي لجنة الحكام بحسن اختيار الحكم المناسب لكل مباراة (وهي إحدى ديباجاتنا المضحكة) بل والسخرية منه كأن أتلاعب مثلاً بكلمات الأغنية الشهيرة: قدك المياس يا (عمري) وكنت بالتالي سأتصدر إشاداتهم وأصبح بطل المنتديات الاتحادية في ذلك اليوم. والحق لم أستطع فعل ذلك البارحة، فالحق أيضاً أن الزمن غير الزمن والإنسان لابد وأن يتغير وأن يرى الأمور من زاوية أكثر نضجاً وهي ضريبة جماهيرية باهظة الثمن ولكنها في المقابل أكثر راحة لضمير الكاتب ولقد اخترت والحمد لله راحة الضمير. فالحكم العمري ومن وجهة نظري (الأربعينية) على أدائه الأخير هو رجل قد اجتهد وفق إمكاناته التحكيمية خلال المباراة ولكنه ربما لم يوفق في قرار أو قرارين وهذه هي كل الحكاية وهي القصة التي تحدث لكل الحكام على وجه الأرض ولنا مع الحكام الأجانب خير دليل وبرهان. فلا للتعمد وألف لا للدخول في نية الحكم. ألم يكن باستطاعته طرد رضا تكر منذ الشوط الأول؟ ولكن من يقنع الاتحاديين ومن يوقف هجوم النصراويين على الحكام ومتى يكف الهلاليون من اتهام التحكيم ومتى يؤمن الأهلاويون بأن فريقهم ليس مستهدفاً؟ [email protected]