لو طلب من المخرج ألفرد هيتشكوك ومن المدرب اليكس فيرغسون ان يعدا معاً سيناريو للقاء القمة في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ، لما تفتقت مخيلتهما عن سيناريو أشد غرابة وإثارة لعشاق كرة القدم، وأكثر ملاءمة لنادي مانشستر من وقائع سيناريو المباراة التي أقيمت بين الناديين العريقين مساء السادس والعشرين من أيار مايو في ملعب نوكامب في برشلونة وانتهت بفوز مانشستر 2/1. وبهذا الفوز أنهى فريق مانشستر صياماً طويلاً عن احراز كأس دوري الأندية الابطال في اوروبا دام 31 عاماً وحقق ثلاثية نادرة لم يحققها من قبل سوى ثلاثة اندية هي سلتيك الاسكتلندي 1967 وأياكس الهولندي 1972 وايتدهوفن الهولندي ايضاً 1988. وجاء فوزه بهذه الكأس تتويجاً لموسم حافل بالانجازات اذ تسنى له خلال احد عشر يوماً ان يحسم بطولة الدوري الانكليزي وأن يحرز كأس الاتحاد الانكليزي، وان ينتزع كأس دوري الأندية الأوروبية الأبطال من أشداق بايرن ميونيخ بعدما هزمه في المباراة النهائية. وقد حفل لقاء القمة بين الفريقين العملاقين بالندية والاثارة ولا سيما في الوقت بدل الضائع، وفي وقائع اللقاء ان فريق بايرن سجل هدفاً مبكراً في الدقيقة السادسة من ركلة حرة نفذها ماريو بازلر. وعض لاعبوه بالنواجذ للحفاظ على هذا الهدف العزيز، في حين حاول لاعبو مانشستر احتواء الصدمة، وتعديل النتيجة فنجحوا في الشق الاول واخفقوا في الشق الثاني رغم سيطرتهم على مجريات اللعبة في الشوط الاول من دون ان تشكل سيطرتهم خطورة على مرمى الفريق الألماني. وفي الشوط الثاني اندفع لاعبو مانشستر في الهجوم بغية احراز هدف التعادل على الاقل، وهذا ما أتاح للاعبي بايرن من خلال الهجمات المرتدة ان يخترقوا دفاع مانشستر كما تخترق السكين قطعة من الزبدة في يوم قائظ، ولولا تدخل القائم الأيمن لصد كرة سددها محمد شول، وتولي العارضة صد مقصية كارستن يانكر الرائعة، لضاعف بايرن غلته من الاهداف. وفي حين كان مشجعو بايرن فوق المدرجات يستعدون للاحتفال بالعرس بعد انقضاء الوقت الاصلي وفريقهم متقدم بفضل هدف المباراة اليتيم الذي سجله بازلر، وفي حين كان الوجوم يسيطر على مشجعي مانشستر وهم ينتظرون معجزة لم يكن في الأفق ما يشير الى انها ستأتي، جرت وقائع تفوق بغرابتها افلام الخيال العلمي، وما طالعناه عن الشاطر حسن في حكايات ألف ليلة وليلة، فسجل اللاعب الاحتياطي تيدي شيرينغام هدف التعادل بعدما تلقى الكرة من ركلة ركنية رفعها دايفيد بيكهام، وفي حين راح اللاعبون يعدون انفسهم لخوض وقت اضافي، فجّر لاعب مانشستر الاحتياطي الآخر أولي غونار سولسكيار مفاجأة لها وقع الزلزال مسجلاً هدف الفوز للفريق الأكثر حظاً في مرمى الفريق الافضل في المباراة. واعتبر بعض المعلقين ان الفضل في فوز مانشستر يعود الى براعة أليكس فيرغسون في توقيته تبديل اللاعبين، والى الروح القتالية لدى الفريق، وهما أمران لا يمكن انكارهما، واعتبر بعضهم ان مدرب بايرن أوغار هيتسفيلد اخطأ في اخراج لوثر ماتيوس وماريو بازلر، فماتيوس 38 عاماً ولو مقعداً في الملعب يثير الرهبة في نفوس اخصامه لما له من وهج تاريخي وهيبة، علماً انه تألق في المباراة ودافع بضراوة عن حياض فريقه. ولا يمكن انتقاد لاعبي بايرن فأداؤهم كان رائعاً في المباراة، وهم لم يتقوقعوا بعد تسجيل هدف الفوز بل خاضوا المباراة ولا سيما في الشوط الثاني مهاجمين وشكوا خطورة دائمة على مرمى شمايكل، لكنهم كانوا يلعبون ضد فريق قوامه 13 لاعباً لاعبي مانشستر + القائم الأيمن + العارضة. وعلى أي حال ما كتب مساء السادس والعشرين من أيار مايو في برشلونة قد كتب، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة الى الوراء. وقد علق احد الظرفاء على المباراة التاريخية بين مانشستر وبايرن قائلاً ان على اليكس فيرغسون الذي حقق لناديه انجازات عظيمة توجها بثلاثية نادرة ان يغير تاريخ ولادته وأن يعتبر نفسه من مواليد برج الحظ والنجاح، فالحظ في تلك الليلة أغدق عليه النعم فأعطاه اكثر مما كان يطلب، وفوق ما كان يتوقع. اذ كان يعتبر نفسه محظوظاً جداً لو قدر له ان ينتزع التعادل في الوقت بدل الضائع. فانتزع التعادل وحقق الفوز. وكان يطلب معجزة واحدة فتمت له معجزتان. وكان أشبه بمن اشترى ورقة في اليانصيب الانكليزي فأصاب الارقام الستة الرابحة فضلاً عن رقم "البونوس". وللحظ مع من يختارهم من عباد الله ومدربيه حكمة نجهلها نحن معشر الناس البسطاء، فسبحان من جعل لاعبي مانشستر يبكون فرحاً ولاعبي بايرن يبكون حزناً. أجرت صحيفة الايكيب الفرنسية حواراً مع كل من القيصر فرانتز بكنباور رئيس نادي بايرن ميونيخ والسير بوبي تشارلتون مدير نادي مانشستر يونايتد عشية لقاء القمة بين الناديين العريقين في برشلونة، وكلاهما يقود حملة بلاده الدعائية لاستضافة مونديال 2006. ونقتطف في ما يلي بعض ما جاء على لسان كل منهما. فرانتز بكنباور * ما هي طبيعة علاقتك ببوبي تشارلتون؟ - يطيب لي دائماً ان التقي السير بوبي تشارلتون هذا "الجنتلمن" العظيم. وقد التقيته منذ فترة وجيزة في نيجيريا في بطولة العالم للشباب دون عشرين عاماً، خلال العشاء الرسمي. بوبي صديق بكل معنى الكلمة. * تعرف جيداً تشكيلة مانشستر إذ سبق لكما ان تواجهتما في المجموعة الرابعة ذهاباً وإياباً وانتهى اللقاءان بالتعادل. فما هي توقعاتك لمباراة القمة؟ - الأمر هنا يختلف تماماً، والمباراة ستعتمد بصورة اساسية على الخطة التكتيكية. في المرحلة التمهيدية يمكنك ان تخسر مباراة، وتعوض الخسارة لاحقاً، اما هنا فلا مجال للتعويض. ان مانشستر فريق كبير يضم مجموعة من النجوم قادرة على تحويل مسار المباراة في كل لحظة. والفريق يمتاز بأدائه الجماعي، وهو على غرار ريال مدريد وبرشلونه ويوفنتوس يشكل تحدياً لأي فريق يواجهه. بوبي تشارلتون * كيف تنظر الى علاقتك بفرانتز بكنباور؟ - إننا نعرف بعضنا منذ زمن طويل، ونحن نلتقي باستمرار، لكن وتيرة اللقاءات خفت بعدما تولى كل منا قيادة حملة بلاده الدعائية لاستضافة مونديال 2006. نحن صديقان جمعنا حب كرة القدم، وأياً كانت النتيجة فإنها لا يمكن ان تنعكس سلباً على صداقتنا. * ما هو دور كانتونا في نهضة مانشستر الجديدة؟ - انه دور لا يستهان به، ولكن دور أليكس فيرغسون على المدى الطويل هو الدور الأهم، لأنه وراء الانجازات التي حققها مانشستر. * أحرزت انكلترا سبع كؤوس من اصل عشر في دوري ابطال اوروبا قبل كارثة هيسل، فهل تعتقد ان العام 1999 سيكون انطلاقة جديدة للأندية الانكليزية؟ - انه انطلاقة جديدة بكل تأكيد وستنظر اوروبا الى الأندية الانكليزية بكل جدية. واذا فزنا بدوري الأبطال، فإن فوزنا سيمهد امام أندية أرسنال وتشلسي وليدز طريق العودة الى الساحة الأوروبية. بعد الفوز التاريخي صرح اليكس فيرغسون مدرب مانشستر بما يأتي: "لا استطيع ان اصدق ما حصل. انها كرة القدم، ثم ان لاعبي لم ييأسوا ابداً وكافحوا حتى النهاية ولذا فقد كان الفوز حليفهم. انه امر رائع وانا فخور بهم جميعاً خصوصاً اننا بدأنا المباراة بشكل سيء. لم نتمكن من دخول اجواء المباراة بسهولة. انه اجمل يوم في حياتي. شعرت في نهاية الوقت الاصلي بأن الحلم اندثر لكن الحظ ابتسم لنا في النهاية. غامرنا في الدقائق العشرين الاخيرة وكدنا ندفع الثمن. استطيع ان اؤكد بأن اللاعبين لن يكتفوا بما فعلوه هذا الموسم بل سيحاولون قصارى جهدهم لتكراره في المستقبل". أما اوتمار هيتسفيلد مدرب بايرن ميونيخ فقال: "خضنا مباراة رائعة وخضعنا لضغط كبير بعد ان تقدمنا بهدف وكان مانشستر يونايتد الافضل في الشوط الاول. تحسن اداؤنا في الشوط الثاني وكاد شول يحسم الامر نهائياً في مصلحتنا لكن القائم تدخل. لم ييأس مانشستر يونايتد وقد شكل هدف التعادل صدمة للاعبين. انها الخسارة الاكثر مرارة في مسيرتي لكنها ستكون بلا شك درساً للأجيال القادمة، لأن عليهم ان يدركوا ان الحكم هو الذي يقرر نهاية المباراة. آمل في ان يتخطى اللاعبون وقع الهزيمة". ريال مدريد يحتل مركز الصدارة يحتل ريال مدريد مركز الصدارة في الدوري الاوروبي للأندية الأبطال فقد احرز الكأس ست مرات منها خمس مرات على التوالي 1956، 1957، 1958، 1959، 1960 و1966 ويأتي في المركز الثاني آ. سي. ميلان الذي فاز بالكأس 5 مرات 1963، 1969، 1989، 1990 و1994 أما المركز الثالث فهو من نصيب ليفربول الذي احرز اللقب 4 مرات 1977،1978، 1981 و1984، ومن نصيب أياكس امستردام 1971، 1972، 1973 و1995.