"دفعنا ثمناً باهظاً وكبيراً لما جرى في المنطقة منذ بداية التسعينات... وندعو الى فهم الموقف الأردني وإعادة قراءة التاريخ لفهم موقف الأردن الذي كان دائماً في طليعة المدافعين عن قضايا أمته وحق الشعب العربي بالعيش في أمن واستقرار بعيداً عن سياسات التأجيج واشعال المنطقة في صراعات تؤدي الى البلقنة وتقسيم المنطقة الى دويلات على أسس طائفية وعرقية". هكذا خاطب الأمير حسن ولي عهد الأردن نائب رئيس الوزراء الكويتي عبدالعزيز الدخيل الذي زار الأردن حاملاً رسالة للأمير حسن من ولي عهد الكويت الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بعد تسع سنوات من القطيعة بين البلدين بسبب موقف الأردن من الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج الثانية. الهدف المعلن للزيارة وفق الوزير الدخيل ومضمون رسالة الشيخ سعد للأمير حسن هو "تثمين الكويت" لمضمون خطاب ولي عهد الأردن في افتتاح المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي في عمان قبل اسبوعين في شأن قضية الأسرى الكويتيين في العراق. وفي خطوة ذات مغزى تناول الوزير الكويتي طعام الافطار على مائدة الأمير حسن التي كان دعا اليها مسبقاً افراد العائلة الملكية ورؤساء الوزارات السابقين وأعضاء مجلس الأعيان والنقابات المهنية والسلك الديبلوماسي والأسرة الإعلامية الأردنية. وجاءت زيارة المسؤول الكويتي عقب الدعوة التي وجهها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح لنظيره الأردني عبدالاله الخطيب والتي ينتظر ان تتم عقب عيد الفطر ويتم خلالها الاعلان عن استئناف العلاقات الديبلوماسية الكاملة بين البلدين والتي خفضت الى مستوى القائم بالأعمال بمبادرة من الكويت منذ العام 1990. الخطوة الكويتية باتجاه الأردن طرحت السؤال عن مستقبل العلاقات الأردنية - العراقية، خصوصاً انها جاءت وسط ثلاثة تطورات مهمة على هذا الصعيد. فقبل يوم واحد من زيارة الدخيل للأردن كان أمين عام وزارة الطاقة الأردنية يعلن في بغداد عن تجديد الاتفاق السنوي لتزويد الأردن بالنفط العراقي الذي يحصل الأردن بموجبه على ما قيمته 250 مليون دولار من النفط مجاناً هي نصف فاتورته النفطية السنوية. اما النصف الآخر فيحصل الأردن عليه بأسعار تفضيلية ومن دون ان يدفع ثمنه بالعملات الصعبة بل يسدد لتجار اردنيين وبالعملة المحلية بدل ديونهم السابقة على الحكومة العراقية. وبموجب الاتفاق الجديد زيدت كمية النفط التي سيتم تزويد الأردن بها خلال العام الحالي بنسبة 3 في المئة بحيث يحصل على 3.75 مليون طن من النفط الخام اضافة الى 950 ألف طن من المشتقات النفطية الأخرى. وفي الوقت ذاته يستعد وزير الصناعة والتجارة الأردني للسفر الى بغداد من أجل تجديد البروتوكول السنوي بين البلدين والبالغ حجمه حوالي 250 مليون دولار. والتطور الثاني هو استئناف الملك حسين نشاطه السياسي بعد رحلة العلاج الطويلة التي دامت حوالي ستة أشهر بلقاء مع الرئيس الأميركي في اليوم ذاته الذي كان فيه الوزير الكويتي يزور الأردن. وقد بحث الملك مع الرئيس كلينتون تطورات الأوضاع في المنطقة، حسب وكالة الأنباء الرسمية الأردنية، والتي لا بد أن يكون العراق في مقدم هذه القضايا. اما التطور الثالث فهو خطاب الرئيس العراقي في اليوم ذاته والذي هاجم فيه عدداً من الزعماء العرب من دون أن يسميهم، داعياً الشعوب العربية الى الثورة من أجل اقصائهم. وعلى الصعيد الشعبي الأردني لا تثير العلاقات مع الكويت حماس المواطنين ووسائل الاعلام سوى ما تثيره من اسئلة حول مستقبل العلاقات مع العراق، بل ومستقبل العراق نفسه. وعلى رغم التدهور الواضح في العلاقات الرسمية بين عمانوبغداد الا أن المواطن الأردني ما زال يبدي مشاعر ايجابية وتضامنية مع العراق، خصوصاً ضد الضربات الأميركية والبريطانية وضد الحصار المفروض على شعبه. ولكن الموقفين الرسمي والشعبي يلتقيان عند نقطة جوهرية وهي ان أي انفجار في العراق سيكون الأردن في مقدم المتضررين منه وسيدفع الثمن من جديد.