المَجْدُ.. وَطنِي    نيابةً عن سمو ولي العهد.. سمو وزير الخارجية يترأس وفد المملكة في قمة شرم الشيخ للسلام    ترمب: ولي العهد السعودي يقوم بعمل رائع.. وثيقة توقف حرب غزة وتعيد الإعمار    سوء الطقس يضرب الأمريكتين: فيضانات المكسيك وعواصف ألاسكا والساحل الشرقي    رينارد يختار هجوم المنتخب السعودي أمام العراق    ارتفاع أسعار الفضة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود    روسيا تحذر أمريكا    بيئة جازان تبحث تعزيز الشراكة مع اللجنه القطاعية للبيئة والمياه والزراعة بغرفة جازان لدعم الاستثمار الزراعي    السعودية تتسلم رسميا راية إكسبو من اليابان    الأباتشي والشبح إلى النهائي    32 مدرسة بعسير تحقق مستوى التميز    جامعة جازان تطلق معرض التعافي لتعزيز الصحة النفسية    "مدرب العراق": المنتخب السعودي سيلعب تحت ضغط كبير    ترمب من قمة شرم الشيخ يشيد بإنجازات ولي العهد السعودي    فريق طبي بمستشفى أبو عريش العام ينقذ مريضًا عشرينيًا من مضاعفات فطريات الجيوب الأنفية    رئيس جامعة الملك سعود يدشن الدورة الخامسة لجائزة جستن للتميز    أمير المدينة يدشن مشروعات صناعية ولوجستية بقيمة تجاوزت 455 مليون ريال    انطلاق البرنامج التأهيلي "الأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز" بمحافظة أحد المسارحة    انطلاق أعمال ورشة العمل الثانية لأندية السلامة المرورية بجامعات وكليات المنطقة الشرقية    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الخامسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ينظم برنامجًا علميًّا في أستراليا    أمير حائل يرعى توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التنمية ويطلع على مستجدات ملتقى "دراية 2"    الحربي: ثقة القيادة دافع لمسيرة جديدة ومشرقة في التايكوندو السعودي    التخصصي" يرسّخ ريادته في العلاجات الجينية بإنتاج الخلايا التائية محليًا    رئيس جمعية حقوق الإنسان يستقبل وفد هيئة حقوق الإنسان    "التحالف الإسلامي" يعقد ندوة فكرية حول التطرف الفكري في البيئة التعليمية في المالديف    مؤسسة سلطان للتسويق تتبنى تدريب بناتنا الأيتام على مهارات التسويق    أمير الرياض يستقبل سفير الإمارات المعين حديثًا لدى المملكة    جمعية القلب السعودية تختتم مؤتمرها السنوي السادس والثلاثين    أنامل العطاء.. حكاية تبدأ بالإيمان وتنتهي بالأثر الجميل    ISSA تعتمد السعودية مركزا إقليميا لتأهيل وتدريب خبراء التأمينات الاجتماعية    لبنان يقدم شكوى لمجلس الأمن ضد إسرائيل    متهم يدهس خصومه بسيارته عقب «المحاكمة»    الأخضر يكثف تحضيراته لمواجهة العراق.. ورينارد يتحدث للإعلام    الإصابة تغيب حارس الاتحاد عن منتخب صربيا    باستخدام أحدث التقنيات الجيو مكانية.. هيئة التراث: تسجيل 1516 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني    لقاء الخميسي تعود للدراما ب «روج أسود»    أم تتهم روبوت دردشة بدفع ابنها للانتحار    اجتماع سوري- تركي رفيع لتعزيز التعاون الأمني    30 تخصصاً بالتحكيم التجاري    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    القيادة تعزّي أمير قطر في ضحايا الحادث المروري بشرم الشيخ لمنتسبي الديوان الأميري    إسرائيل: بدء إطلاق سراح المحتجزين.. اليوم    أكد أنها تهدد مصالح مصر والسودان.. السيسي يحذر من تصرفات إثيوبيا على النيل    القهوة السوداء «دواء طبيعي» يذيب دهون الكبد    «تطوير محمية الملك سلمان» يوعّي بالطيور المهاجرة    "سيف" يضيء منزل المهندس عبدالرحيم بصيلي    وكيل إمارة الرياض يستعرض المستهدفات الزراعية    بيع ثلاثة صقور منغولية ب420 ألف ريال    منجزات «الدرعية الصحية» أمام فهد بن سعد    المنتخب وآخر خطوة    «طبية مكة» تنجح في زراعة سماعة عظمية    تداول يبدأ الأسبوع بانخفاض 88 نقطة    ممرض من تجمع تبوك الصحي ينقذ حياة مواطن على متن رحلة جوية    أمانة العاصمة المقدسة تكرم بالبيد    خطيب المسجد الحرام: اتركوا فضول الكلام في غير فنه وتخصصه    13 مليون قاصد للحرمين خلال أسبوع    محافظ الطائف يقدم التعازي لأسرة الزهراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعماله الكاملة تصدر عن "دار الجديد" جورج شامي : الحياة أو ما يشبهها
نشر في الحياة يوم 07 - 09 - 1998

إذا كان صحيحاً ما يقال عادةً من أن فنّ القصّة القصيرة هو من الصعوبة، ومن الافتقار إلى القرّاء، بحيث يجوز التساؤل: لماذا يمارس أصلاً، فإن قيام جورج شامي باعادة نشر أعماله القصصيّة عن "دار الجديد" في بيروت، يأتي ليقدّم ولو اجابة مواربة على هذا السؤال. في مجموعاته "قديشات آلهو"، "أبعاد بلا وطن"، "وطن بلا جاذبيّة"، "النمل الأسود"، "ألواح صفراء"، أعصاب من نار"... يكتب شامي القصّة القصيرة، كما يعيش الحياة: مجزّأة، سوداويّة النهايات، عبثيّة المساعي، حافلة بالشهوات، بالملذّات المحظورة، بالجهود اللامجدية. يكتب هذا الأديب قصصه كما يبوح صديق لصديقه في مقهى، حين يحكي ما حدث له، أو يتراءى أنّه حدث له ليفاجئه في النهاية بخاتمة إمّا غير متوقّعة كالفكاهة السوداء، وإما بخاتمة متوقّعة لدرجة تجعل توقّعها في حدّ ذاته أمراً عبثيّاً.
حكواتي حقيقي جورج شامي، يتنقّل بين المدن والأرياف، بين باريس وبيروت وحوران، مثل دونكيشوت معاصر يبحث بدلاً من دولسينييا عن سبب للعيش. وهكذا يبدو نصّه مرآةً فوريّة للتجربة المعاشة، وتضيع الحدود الفاصلة بين الأدب والحياة.
واضح أن "العصر الذهبي" لكتابة جورج شامي القصّة القصيرة، كان في الخمسينات والستينات، حتّى وإن كان معظم قصصه يشي بأساليب تعود في واقعيتها أو انطباعيّتها إلى ما قبل ذلك بكثير. بمعنى أن قصص شامي لا تنتمي إلى حداثة شكليّة سادت بعد ذلك، ولا إلى حداثات ما قبل الحداثة. فقصصه مثل روايات توفيق يوسف عوّاد، وإلى حدّ مثل محمد عيتاني، تنتمي إلى ذاتها، إلى عالمها الخاص. والحقيقة أن من كان قرأ شامي خلال فترته الذهبيّة، ثم تعرّف إلىه صحافيّاً مجتهداً بعد ذلك بسنوات... أدرك كم انّه وقصصه يتشابهون. من هنا لم يكن غريباً أن تحمل قصص كثيرة من الأعمال الكاملة التي أعيد اصدارها في بيروت، تاريخين: أحدهما يعود إلى بيروت الستينات، والثاني إلى باريس الثمانينات، من دون أن يعني ذلك بالطبع أنّه عدّل كثيراً في تلك القصص بين ذينكم التاريخين.
كل ما في الأمر أن التاريخين يأتيان ليؤكدا ذلك الانسجام والتوحّد بين ذات الكاتب في الستينات وذاته في الثمانينات. ففي الحالين، يشكّل الاحباط الجنسي والفقر والنزعات الانسانية، والتمسّك بمعايير الشرف، والعلاقات العائليّة، محاور عالم جورج شامي. من الشاب الذي يلتقي بفتاة عند محطّة باص، فيغرم بها قبل أن يكتشف، أو يخيّل إليه أنّه اكتشف أنّها متزوّجة قصّة "أمل صعب"، مجموعة "قديشات آلهو"... إلى هند التي تتهم بالعقم من قبل حماتها، وحين يموت زوجها تتزوّج، فتحمل بسرعة من زوجها الجديد من قصّة "يا ريت..." في المجموعة نفسها... إلى وديع الذي يهاجر مع شقيقتيه ساعياً وراء لقمة العيش، متنقّلاً بين حوران وبيروت، حتّى يموت وتموت شقيقتاه خاسرين كلّ شيء ما عدا الشرف الذي دافعوا عنه قصّة "ألواح صفراء"، من مجموعة تحمل الاسم نفسه.
يقول أنسي الحاج في تقديمه لمجموعة "أعصاب من نار" ثالث مجموعات جورج شامي، أن القصّة عند هذا الأخير "مسمومة تطلّ من الورق وجوهاً صفراويّة وابتسامات لئيمة. هي تمتصّ نفسها. تمتدّ من جذور السخرية والقرف والكراهية... حين نقول هذه القصة لشامي ضعيفة - يضيف الحاج، يعني إلى حدّ بعيد أن سلطان السخرية والقرف والكراهية فيها ضعيف". ينطبق هذا الكلام على قصص جورج شامي كلّها، وكأن الرجل، في كلّ ما كتب، يحاول التأكيد على تلك القاعدة الذهبيّة التي أعجبته.
غير أن التنويع الأساسي عند الكاتب هو في اللغة. اللغة عند شامي شاعريّة، عصبيّة، مندفعة، لا يهمّ إن كانت وعظيّة أحياناً، خصوصاً حين يختار عناوين فقرات من نوع: "أجل أين هي النعمة؟"، أو "الموت لكم يا كلاب"، أو "كان التعب لا يرحمهم"، أو "النعمة لا تنزل من السماء".... لأن للغة هنا دوراً يتجاوز الدلالة الموضوعيّة، ليحمل شحنة روحيّة، شحنة انفعاليّة، كما في قصّة "أعصاب من نار" حيث يصوّر الكاتب، وبثراء لافت، الصراع بين زوجة ولدت لتوّها، وزوجها الذي يريد - وليس لسبب ظاهري - أن يشارك في المعركة باذاعة تعليق خلال أحداث 1958 عبر اذاعة تنتمي إلى فريق هو غير الفريق الذي يعيش في منطقته. هنا يحمل الصراع، عن طريق اللغة، بين الرجل الراغب في الخروج، وزوجته التي تتمسّك به، مقداراً من القوّة العاطفيّة التي تشي بعلاقة شامي مع الكتابة. وهي علاقة صدق أوّلاً وأخيراً، فإذا قلنا أن جورج شامي حكواتي حقيقي، نضيف أن الفارق الأساسي بينه وبين الحكواتية الآخرين، أنّه يحكي لنفسه عن نفسه.
وهذا ما يجعل جوزيف أبو جودة، يقول في تقديمه لمجموعة "ألواح صفراء": "إن خلق القاص لأشخاصه، حاجة ملاصقة لذاته، بل إنّما هي ذاته التائقة إلى أن تحوي فيها النقيضين: الجمال والقبح، الخير والشرّ، المحبّة والكره. ولولا هذا التوق لما وجدت القصّة. هذه، قد تكون نقل قطعة من الحياة، فترة، حقبة، أو حالة نفسيّة... المهمّ أن تنقل هذه الحالة، أو الحقبة، أو الفترة، لا في سبيل نقلها فحسب، بل في سبيل تحميلها المعاني الانسانيّة الكاملة، في وقوفها بين المتناقضات، من دون أن نعتبر هذا الوقوف سكوتاً أو جموداً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.