بكين - أ ف ب - تعزز سلطات الدعاية في الصين سيطرتها ورقابتها على الإنترنت، بعدما أعرب الحزب الشيوعي، الذي يكرّس جزءاً من مؤتمره العام الذي بدأ أمس لوسائل الإعلام، عن قلقه من أخطار حصول اضطرابات يروّج لها هذا المنبر الحر كثيراً بنظره. ويصل عدد مستخدمي الإنترنت في الصين إلى نصف بليون شخص، ما يثير قلقاً متزايداً لدى بكين من قدرة «الشبكة العنكبوتية» على التأثير على الرأي العام، فيما تبقي بموازاة ذلك على رقابة صارمة على وسائل الإعلام التقليدية. وفي الأسابيع الأخيرة التقى مدير شؤون الدعاية في الصين لي تشانغتشون، الذي يحتل المرتبة الخامسة في تراتبية الحزب، مدراء محرك البحث «بايدو» الأكبر في البلاد. وفي بكين، دعا لي أيضاً كبار المسؤولين الصينيين إلى التحرك أكثر من أجل السيطرة على الرأي العام، في وقت يزداد استياء الحكومة من تفاقم نفوذ خدمات المدونات الصغرى. وتعتمد الصين نظاماً متطوراً جداً للرقابة على الإنترنت ملقباً باسم «غريت فايروول» (جدار الحماية العظيم)، وهو تلاعب على الكلام بالإنكليزية يجمع بين «غريت وول» (سور الصين العظيم) و «فايروول» وهو برنامج حماية من أمور غير مرغوب بها عبر الإنترنت. إلا إن خدمات المدونات الصغرى المشابهة ل «تويتر» أرغمت السلطات على تحسين جهودها من أجل مراقبتها. فبعد حادث قطار أدى إلى وقوع 40 قتيلاً في تموز (يوليو)، وجّه مستخدمو المدونات الصغرى ملايين الرسائل المنتقدة لردة فعل السلطات على الكارثة. وباغت سيل هذه الرسائل السلطات، إذ إن الارتفاع الكبير جداً في عدد مواقع المدونات الصغرى يجعل الرقابة أقل فعالية أو يبطئ من سرعتها، فقد زاد عدد مستخدمي خدمة المدونات الصغرى أكثر من ثلاث مرات منذ نهاية العام 2010 وفقاً لأرقام الحكومة. ودعا لي الصحف الرسمية، التي وُضعت اثنتان منها تحت اشراف بلدية بكين قبل فترة، إلى «ايجاد ساحة معركة جديدة» في وجه ازدهار الإنترنت. وأتت هذه التعليقات في وقت وعدت فيه الصين بالاقتصاص من «الإشاعات» التي تسري عبر الإنترنت، وهي عبارة تُستخدم عادة للإشارة إلى الانتقادات التي تطاول الحكومة. والكثير من الشركات الناشطة عبر الانترنت هي مؤسسات خاصة، فتطرح الشبكة الافتراضية تحديات جديدة للسلطة المعتادة على تعطيل المحتويات التي تعتبرها حساسة سياسياً. ويلفت الخبير في شؤون وسائل الإعلام الصينية شياو كيانغن، إلى أن المدونات الصغرى تشكل شبكة واسعة يمكن أن تُبث المعلومات عبرها «بسرعة لا سابق لها». ويوضح الأستاذ في كلية الصحافة في بيركلي في كاليفورنيا: «هذا يشكل تحدياً كبيراً لسيطرة الحزب الأيديولوجية والاجتماعية». ويضيف: «ثمة ارتفاع في عدد الاضطرابات الاجتماعية في صفوف طبقات المجتمع المختلفة وفي كل منطقة تقريباً من الصين». ويوضح متابعاً: «مع ان رقعة الحوادث محدودة، إلا أنها قد تؤدي غالباً إلى نشر دوافع الاحتجاج لتطاول طبقات أخرى من المتجمع عبر الإنترنت، ولا سيما المدونات الصغرى». وفي الشهر الماضي، أعلن رئيس «سينا» مالكة أكثر خدمات المدونات الصغرى شعبية في الصين، أن شركته وضعت «آليات» لمواجهة «المعلومات الخاطئة والإشاعات». وكان مسؤولون كبار من الحزب الشيوعي زاروا قبل ذلك الشركة، فضلاً عن موقع «يوكو» لتبادل أشرطة الفيديو. ولا تتوقع آن-ماري برادي الخبيرة في شؤون الدعاية في الصين، أيَّ تساهل من السلطات في هذا الإطار، بل أن «تحافظ دائرة الدعاية المركزية على إشراف صارم على وسائل الإعلام في الفترة التي تسبق المرحلة الانتقالية في زعامة البلاد (نهاية العام 2012 مطلع العام 2013) وبعد الربيع العربي».