منذ انشاء محكمة رجال الدين في إيران في العام 1985 حوكم 2700 رجل دين لأسباب مختلفة، أدين منهم حوالي 400 بأحكام مختلفة، منها الاعدام، كما حصل مع الشيخ مهدي هاشمي. لكن نادراً ما أثارت أحكام هذه المحكمة ضجة أو خلافاً علنياً نظراً إلى اهتمامها بشؤون "أهل البيت"، كما يقال. إلا أن الحكم على حجة الإسلام أسدالله بيات بالسجن سنة بتهمة "الاحتيال والفساد" ودفع مبلغ مئة ألف تومان، أثار عاصفة احتجاج في مختلف الأوساط، خصوصاً لدى الراديكاليين من رجال الدين والمقربين من الرئيس محمد خاتمي، لأن جبهة الاصلاحيين وجدت في تنفيذ الحكم، وفي هذا الوقت بالذات، "عملاً سياسياً"، هدفه إبعاد كل الرجال المقربين من خاتمي عن تولي المناصب الحساسة. فأسدالله بيات هو ممثل المرشد علي خامنئي في مجلس تشخيص مصلحة النظام، لكنه أساساً، أحد مؤسسي تنظيم "روحانيون مبارز"، وهو التنظيم الراديكالي لرجال الدين الذي يمثل خاتمي داخله تيار الاعتدال، إضافة إلى ان بيات ظل نائباً في مجلس الشورى لفترة 12 سنة، وشغل طوال دورة كاملة منصب نائب رئيس المجلس. ومنذ تركه مجلس الشورى، تولى إمامة جامع "نارماك" قرب طهران وأقام حوزة ومصنعاً صغيراً للاكتفاء الذاتي. والمعروف عنه أنه من القريبين من مرجعية آية الله منتظري، وهو لم يتنكر لذلك علناً. ويبدو ان تصريحات ضد المرشد صدرت عنه في مجالسه الخاصة أو في أثناء دروسه. والحكم الذي نفذ ضد بيات، كان قد أصدره ضده حجة الإسلام ريشهري مدعي عام محكمة رجال الدين، إلا أن الأخير تباطأ في تنفيذ الحكم حتى استقالته سراً قبل أسابيع. ولم يتم الاعلان عن هذه الاستقالة إلا لدى الاعلان عن تعيين حجة الإسلام غلام حسين محسني ايجئه، الذي قاد محاكمة عمدة طهران غلام حسين كرباستشي وحكم عليه. ولا شك في أن استقالة ريشهري التي لم يعلن عن أسبابها تثير الأسئلة حول مستقبل آية الله مشكيني رئيس مجلس الخبراء واحتمال استقالته من هذه الرئاسة ليخلفه هاشمي رفسنجاني، لذلك يتردد في طهران ان ربشهري الذي أصبح مع ابنه من كبار رجال الأعمال، شعر بانقلاب الرياح ضد والد زوجته مشكيني وقرب رحيله، فاختار الابتعاد عن المسرح والاكتفاء بإدارة أمواله. ويرى أنصار خاتمي ان الحكم على أسدالله بيات ومصادرة أموال حوزته، محاولة لتشويه صورة رجال الدين البارزين المؤيدين للحكومة أمام الرأي العام، و"خطة مشبوهة" كما صرح مصطفى تاج زاده لمنع تولي رجال مؤيدين لخاتمي مناصب حساسة في الدولة. وبعيداً عن شخصية أسدالله بيات والاعلان عن الحكم في التلفزيون والاذاعة بعد اجراء المحاكمة سرياً، فإن مسألة وجود محكمة رجال الدين التي لا علاقة لأحد بها ولا حتى بالقانون العام، هي موضع تساؤل في وقت يطالب فيه خاتمي بأن يكون كل شيء تحت القانون وليس فوقه.