المتابع لنشرات الاخبار والتعليقات الصحافية يلمس تعالي وتيرة التهديدات التي يطلقها المسؤولون الاتراك ضد سورية، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا الآن وما خلفية وأسباب هذه التهديدات ضد هذا البلد الجار؟ إن نظرة متفحصة على خلفية النزاع التركي - السوري تقودنا بالتأكيد الى محورين أولهما عدم الاستقرار الداخلي الذي تعاني منه تركيا بسبب المشكلة الكردية والصراعات بين الاحزاب التركية المختلفة، وثانيهما الصراع على مصادر المياه وأقصد هنا نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا، والمؤكد ان تركيا تحاول استعمال هاتين الورقتين للضغط على سورية لأن سورية تتعاطف مع حزب العمال الكردي الذي يحارب من أجل الحصول على حقوق الشعب الكردي الثقافية والسياسية في تركيا، معتمداً على وجود حوالي 20 مليون كردي يعيشون في تركيا لا يتمتعون بهذه الحقوق، وفي المحصلة فإن هذه مشكلة تركية داخلية. أما في ما يتعلق بالمحور الثاني وهو مصادر المياه فإن تركيا تتصرف في هذه المصادر من دون الأخذ في الاعتبار مصالح الجيران وهما سورية والعراق، وتقوم ببناء شبكة ضخمة من السدود في تركيا وقامت سابقاً بقطع المياه عن البلدين العربيين لمدة شهر بحجة ملء هذه السدود من دون التشاور والتنسيق معهما، وفي خضم هذه المعمعة يأتي الدور الاسرائيلي الذي لا يمكن تغييبه في تعالي وتيرة التهديدات التركية ضد سورية. فلإسرائيل مصلحة حيوية في اضعاف سورية من أجل ابتزاز مواقف منها في ما يتعلق بمفاوضات السلام. ما يلفت النظر في التهديدات التركية هذه أنها جاءت بعدما أعلن حزب العمال الكردستاني عن هدنة من طرف واحد ومحاولته البحث عن بدائل تفاوضية كما يعلن ويفهم من خطوته، ولكن يبدو إن المسؤولين الاتراك غير معنيين بذلك لأسباب داخلية محضة مؤداها استغلال فزاعة حزب العمال الكردستاني لاستمرار القمع القائم في تركيا واستمرار سيطرة العسكر على الحكم وان من وراء حجاب. ويستغرب المتابع للاحداث اعلان اسرائيل عن تخفيض جاهزية قواتها في هضبة الجولان ولسان حالها يقول عليك يا سورية بالرد ولا تخشي جانبنا، لكن ما يثلج الصدور هو وعي وحكمة القيادة السورية لهذه الألعوبة وعدم الانجرار وراء تصعيد التوتر من جانبها، بضبط النفس والتأكيد على ان النزاع يحل بالطرق الديبلوماسية... النائب المهندس جمال قارصلي داسلدورف - المانيا