نسمع بين وقت وآخر عن اجتماع خجول بين مثقفين عرب - لم يستطيعوا تحمل مسؤولية التخلف عن قطار المتوسطية أو العولمة لا سمح الله - ونظرائهم الاسرائيليين... وعندما يحدث ذلك نرفع عقيرتنا بالصراخ يا غيرة الدين... لانهم سواء في كوبنهاغن أو برشلونة أو روما أو اي مكان حضاري آخر "خرجوا" عن "الصف العربي" وباشروا عملية التطبيع اياها في اخطر مفاصلها: "النخاع العربي". نعم نسمع عن تلك التجاوزات الخطيرة الي درجة ان مؤتمر اتحاد الكتاب العرب الذي عقد اخيراً في دمشق تحت شعار لا للتطبيع لم يترك "الخوارج" يمرون دون عقاب. البارحة استضافت شاشاتنا الصغيرة معالي الوزير ايلي حبيقة الذي كتب الكثير عن علاقته باحداث صبرا وشاتيلا ولكن ماذا نفعل مع الظروف الدولية المتغيرة: يا أخي لازم نكون براغماتيين هكذا قالوا. المشكلة ان وزير الخارجية القطري لم يقل اكثر من ذلك فقالوا له يا غيرة الدين والوطن وبهذه المناسبة سأروي لكم قصة طريفة ولكنها في الوقت نفسه مؤلمة: في اعقاب محاضرة، استضافتها كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، استعرض الاستاذ فولكر بيرتس الخبير الالماني في منطقة الشرق الاوسط مبررات مواقف الغرب مما يجري في منطقتنا، طلبت الكلمة واتهمت الغرب بالنفاق، وفي رده قال شيئاً لم افهمه في حينه ولكني فهمته وأنا اتابع ما حدث البارحة في دمشق عبق التاريخ عندما تتجمع وسائل اعلامنا المناضلة امام وزير الموارد المائية وهو ينظر للتعاون السوري اللبناني. السؤال لماذا انطوان لحد خائن؟ ولماذا سمير جعجع في السجن؟ ولماذا أنا هنا؟ السؤال الأشد شراسة ماذا سيقول الدكتور يحيى العريضي لجيل الشباب في برلمانهم القادم عن هذا الموضوع؟ وكيف سيواجه خير الدين الوادي أو الدكتور صادق العظم أو باقي مثقفينا الطلائعيين حقيقة ان رحلة "الألف تطبيع" تبدأ بخطوة صغيرة على غرار ما حدث البارحة في شاشاتنا الصغيرة... يا أخي لازم نكون براغماتيين... وبعد ذلك نزعل اذا لم تأخذنا اوروبا أو أي جهة اخرى مأخذ الجد بل نلومها كثيراً، طبعاً بعد ان نتهمها بالنفاق. ويبدأ شهر رمضان العبور وأنا اطالب بالرجوع الى محرابه: محراب رمضان... محراب العبور. حسان زين الدين دمشق - سورية