في مشهد مؤثر انحفر في اذهان الملايين على الشاشة الصغيرة ترقرقت الدموع في عينين نورالدين مرسلي وهو على منصة التتويج في اتلانتا خلال عزف النشيد الوطني الجزائري، علماً ان مرسلي ليس طارئاً على الامجاد الرياضية فهو بطل العالم ثلاث مرات في سباق ال1500 متر وصاحب اربعة ارقام عالمية في الجري، ومدمن انتصارات يصعب تعدادها، لكن ذهبية الاولمبياد التي احرزها هي اجمل جوهرة في تاج انجازاته الرياضية العظيمة. دموع أتلانتا دورة اتلانتا ابكت الكثيرين، بعضهم بكى حزناً امثال الجزائرية حسيبة بولمرقة لأنها فشلت في الدفاع عن لقبها بعدما تعثرت في الدور نصف النهائي لسباق ال1500 متر، وبكى المغربي هشام القروج البطل الواعد 21 عاماً والمنافس الخطير لنورالدين مرسلي حظه العاثر لأنه تعثر بدوره بعدما اصطدم بهذا الاخير فأطاح الآمال الوردية التي داعبته ردحاً من الزمن قبل اتلانتا وخلالها. اما نورالدين مرسلي فقد بكى فرحاً لأن الذهبية التي ضاعت منه في برشلونة بسبب الاصابة قد عادت الى صاحبها الشرعي وأسقط اسمه بالتالي عن لائحة الابطال الكبار الذين عاندهم الحظ وطاردتهم لعنة الاولمبياد ومنهم الاسترالي رون كلارك والاميركي جيم ريان. سيطر نورالدين مرسلي على سباقات المسافات المتوسطة في هذا العقد على غرار العداء المغربي سعيد عويطة في العقد الماضي، ويعترف العداء الجزائري قائلاً: "كان عويطة مثلي الأعلى، وهو بطل خارق الى كونه اول عداء عربي يفرض سيطرته عالمياً على المسافات المتوسطة. وكان طموحي ان أسير على خطاه" في الوقت ذاته لا يخفي مرسلي اعجابه بالعداء البريطاني سباستيان كو. ولئن وجد كو في ستيف اوفيت منافساً جدياً ووجد عويطة في ستيف كرام غريماً خطيراً، فقد كان على مرسلي ان يتحدى نفسه باستمرار لتسجيل ارقام عالمية في غياب بطل من مستواه قادر على ان يشعل نار الاثارة والتحدي. حلم تحقق "في العام 1984 - يذكر مرسلي - كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما احرز سعيد عويطة ذهبية ال5000 متر في لوس انجليس، وعندما وقف على منصة التتويج رحت أحلم بأن اعيش هذا المشهد يوماً ما. وها أنا بعد اثنتي عشرة سنة احقق ذلك الحلم". ولم ينس مرسلي ان يعبر عن اسفه لسقوط منافسه العداء المغربي هشام القروج "فقد كانت لديه الامكانات لينهي السباق ثانياً على اقل تقدير، وأنا اعتقد ان مستقبلاً باهراً ينتظره". وفي الواقع لن يعرف ابداً اذا كان مرسلي مصيباً أم لا عندما رفض مواجهة القروج قبل ألعاب اتلانتا، كما انه لن يعرف ابداً هل كان القروج قادراً على ان يحرم مرسلي من ذهبية الاولمبياد لو أكمل السباق، ولكن ما نعرفه حق المعرفة هو ان مرسلي يستحق بكل تأكيد ذهبية اتلانتا وان هذه الذهبية التي تأخرت اربع سنوات جاءت تتويجاً لحياة رياضية حافلة بالانجازات الخارقة. التفرغ للأرقام العالمية والآن بعدما ارتاح مرسلي من هاجس الذهب الاولمبي اصبح بمقدوره ان يتفرغ الى انجاز ما وعد به قبل فترة من الزمن اذ قال: "سأحطم جميع الارقام العالمية بين ال800 متر وال5000 متر. ومع انه حالياً يحمل اربعة ارقام عالمية هي ارقام ال1500 متر 3.27.37 دقائق والميل 3.44.39 دقائق وال2000 متر 4.47.88 دقائق وال3000 متر 7.25.11 دقائق ومع انه خاض بعد دورة برشلونة 55 سباقاً فاز بها جميعاً باستثناء سباقين فقط هما سباق الميل في برلين 1992 وسباق ال800 متر في كولون 1994، فان بعض ارقام مرسلي مهدد بالسقوط وهذا ما كان على وشك ان يتم في لقاء موناكو الدولي لألعاب القوى في العاشر من آب اغسطس اذ سجل العداء الكيني في سباق ال3000 متر 7.25.11 دقائق اي بفارق خمسة اجزاء في المئة من الثانية عن رقم مرسلي. على اي حال أثار مرسلي في حوار اجري معه في اتلانتا بعد احرازه اللقب الاولمبي الى انه بعد سنتين قد يتحول الى سباق ال5000 متر وهو يضع نصب عينيه بطولة هذا السباق ورقمه العالمي. ويمكن لعشاق رياضة ألعاب القوى ان يتصوروا منذ الآن ما ستحمله المواجهة بين مرسلي والامبراطور هايله جيريسيلاسي من اثارة ومتعة...