يعترف كل المهتمين بالشأن الباكستاني والأفغاني بأن الجنرال حميد غل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية لمدة ثلاث سنوات الذي عمل في دوائر أمنية مختلفة تابعة للجهاز قبل وصوله إلى أعلى منصب أمني في البلد، يعتبر مستودعاً كبيراً للأسرار. ومنذ تقاعده بقي يخطط لاطلاق حركة سياسية جماهيرية بعد أن نجح في اقناع بطل الكريكت الباكستاني السابق عمران خان بخوض غمار السياسة، وكانت للجنرال غل جولات في عالم السياسة، أبرزها دوره في المشاركة في جمع قادة الفصائل الأفغانية في محاولة لاقناعهم بالتوصل إلى اتفاق يضع حداً لحربهم الأهلية. زارت "الوسط" الجنرال غل في منزله الفسيح توكشف لها خلال الحديث الذي أجرته معه عن قضايا، لم يتطرق إليها أحد في السابق، خصوصاً ملابسات تغيّر الموقف الأميركي من القضية الأفغانية، ومكاشفته للبريطانيين حول خططهم لتقسيم أفغانستان، وكيفية حصول إيران على صواريخ ستنغر الأميركية من المجاهدين، وقدرات باكستان النووية، وحذر من الخطر الهندي النووي الذي قد يهدد المنطقة العربية. في ما يأتي نص المقابلة التي أجرتها معه "الوسط": تعتزم اطلاق حركة شعبية في باكستان ، ما هو الهدف منها؟ - نعم سيتم ذلك قريباً. والهدف توحيد الشعب الباكستاني، باعتبار اننا بلد مقسم، كما أن هناك الكثير من القضايا التي تحتاج إلى حل في باكستان، بعضها اجتماعي، والآخر اقتصادي. لذلك سنسعى إلى أن ننطلق موحّدين لحل هذه القضايا. كما أن الاجهزة التي تتولى تسيير حياتنا تكاد تعرقل التطور الطبيعي لمجتمعنا، ولهذا لا بد من إعادة هيكلتها، لتصل بشكل يلبي متطلبات العصر الحديث. في بلدنا عدد قليل جداً من العائلات، البعض منهم انخرط في هذا الحزب أو ذاك، وهم يحكمون البلد مما يتناسب مع مصالحهم واهوائهم، والسؤال: هل يمكن تغيير هذا الواقع ديموقراطياً! واجابتي: نعم، بدليل انه إذا كان القضاء في بلدنا مستقلاً، فإن لا شيء يمنع ان نجبر الاحزاب على خوض انتخابات نزيهة تعطي الفرص لمستحقيها. أي فئات ستلبي دعوتك إلى تأسيس هذه الحركة؟ - الطبقة الوسطى والمثقفون، والمجموعات المنتجة والناخبون الذين يعتبرون أنفسهم مجبرين على اختيار هذا الحزب أو ذاك. إن جهودنا ستتركز أيضاً على تقديم قيادة شابة جديدة تعطي الأمل للشعب الباكستاني وتقوي عزيمته وتوحد باكستان. وهل بدأتم خطوات جدية؟ - عمران خان بطل العالم السابق في الكريكت بدأ نشاطاً عملياً، ونحن نراقب كيف يترجم طموحاتنا وأفكارنا، وننتظر نتائج تحركه. أسسنا مجموعة أو فريقاً متحركاً يجوب كل أرجاء البلاد، ونحاول أن نتجنب ان نكون على شاكلة الأحزاب الأخرى. إذن صحيح ما يقال عن انك الرجل الذي يوجه عمران خان ويخطط له تحركاته السياسية؟ - أنا متعاطف معه وادعمه، وليست هناك صحة أو عدل في القول انني احركه، لأن عمران شخص معروف وله شعبيته، وآمل أن يُقنع قطاعاً كبيراً من الناس بقدرته على قيادتهم وتحقيق طموحاتهم. لماذا لا تتصدر القيادة إلى جانبه إذن؟ - أنا صاحب ماضٍ، وقد يؤثر ذلك في مستقبله السياسي ومستقبل الحركة. لي نشاطات سابقة معروفة في مجالات كثيرة، في أفغانستان وداخل البلد، ولا أود بدخولي حلبة السياسة زيادة الشرخ وتقسيم البلد. أنت والجنرال اسلام بيغ رئيس الاركان السابق الذي أسس حزباً منذ حوالي عام من المدرسة نفسها، المؤسسة العسكرية. لماذا لم تتعاونا؟ - هناك خلاف في التوجهات بيننا، لأن الجنرال بيغ يطمح إلى تشكيل حركة سياسية، وأنا لا أطمح لأن أعمل بهدف الوصول إلى الحكم والسلطة. ما هي الأحزاب أو التحركات الموجودة التي تعتقد ان حركتك ستكون مشابهة لها؟ - لكل بلد ظروفه التي تختلف بالطبع عن ظروف بلدنا، شخصياً أفضل ان تكون حركتنا عبارة عن حركة ضغط أو حركة اصلاحية للجهاز القائم. هل تعتزمون المشاركة في الانتخابات النيابية؟ - ليس في المراحل الأولى. لأن الانتخابات في المرحلة الحاضرة أمر لا معنى له. ضغوط ومحاولات استبعاد هل تتعرضون لضغوط من حكومة بنازير بوتو أو من أحزاب المعارضة الأخرى؟ - بالطبع، هناك الكثير من الضغوط، وقد تعرض عمران خان لضغوط كبيرة، ومنعوه من الاستمرار في حملته لجمع التبرعات، ومنعوه من الظهور على شاشة التلفزيون وأصدروا بيانات ضده، وآخر الاشياء الجديرة بالذكر تعرض المستشفى الذي يشرف عليه لاعتداء أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. أما أنا شخصياً فلا توجد أشياى توجه ضدي باستثناء محاولة استبعادي عن الساحة السياسية والنشاطات العامة وهذا لن يؤثر في قناعاتي. وكيف تقوّم ما حققه عمران خان حتى الآن على صعيد نشاطه العام؟ - يجب ألا يكون صاحب رد فعل سريع، ويجب ألا يركز على انتقاد الحكومة بنفس القدر الذي يركز فيه على انتقاد الجهاز الأساسي للدولة ومؤسساتها الحالية. ما هو حجم اعتمادكم على دعم التنظيمات الاسلامية في باكستان خصوصاً انك قلت في السابق انك وراء جمع التحالف الذي قاد نواز شريف إلى الحكم؟ - لا نعتمد على أي تنظيم، وإنما على ايمان الناس بالبرنامج الذي نطرحه للتغيير. ان محاولتي كسب دعم تنظيم أو حزب، كفيل باستفزاز الاحزاب الأخرى وهذا ما لا أطمح إليه. هل استشرت أحزاباً أو تنظيمات قبل وضع برنامجك؟ - استشرت أشخاصاً أثق باخلاصهم لبلدهم، بعض هؤلاء الاشخاص له آراء وانتماءات مختلفة، والآخرون مستقلون. يقال ان انطلاق حركتكم في مجال النشاط العام قد يؤثر على شعبية نواز شريف رئيس الرابطة الإسلامية؟ - لا اعتقد ذلك، لأن برنامجنا لا يدعو إلى مشاركة في الانتخابات. وما نسعى إليه ان يمارس الناس ضغوطاً على أحزابهم للمطالبة بتطبيق برنامجنا. اننا لا ننوي دخول لعبة الاحزاب بهدف الوصول إلى الحكم. إلى أي مدى استفدت من خبرتك السابقة رئيساً لجهاز الاستخبارات الباكستاني في اطلاق حركتك؟ - اكتسبت خبرات كثيرة ومعرفة لا تقدر بثمن، على الأقل أعرف حقيقة كل شخص في باكستان وماذا يمثل، لأن كثيراً من الوجوه المعروفة يعتقد بعض الناس أنها شعبية وهي لا تكاد تجد من يقف ليرحب بها. انني اعرف من جراء هذه الخبرة إلى أين اذهب، ومع من اتحالف، وأعرف الطريق لتحقيق ما أطمح إليه لتحقيق التغيير في اداء الاجهزة العاملة. ما هو الدور الذي لعبه جهاز الاستخبارات الباكستانية في الحياة السياسية الباكستانية خلال توليك لقيادته؟ - كان للجهاز منذ تأسيسه دور في الحياة السياسية الباكستانية، أي منذ العام 1949، ولكن في العام 1958 بعد أن طبقت الأحكام العرفية في عهد أيوب خان، أضحى رئيس الدولة يعتمد على جهاز الاستخبارات العسكرية، ولما امتدت فترة الأحكام العرفية لوقت طويل، عزز ذلك اندماج جهاز الاستخبارات في الحياة السياسية الباكستانية حتى ان رئيس وزراء باكستان ذو الفقار علي بوتو اعطى الجهاز في العام 1975 دوراً في الحياة السياسية، وطلب منه تشكيل خلايا سياسية، ثم أعقب ذلك فترة للأحكام العرفية تعزز خلالها دور الجهاز أيضاً. ما الذي كان وراء قرار بوتو في تلك الفترة؟ - كان رئيس الوزراء الراحل يؤمن بقدرة الجهاز وفعاليته، وكان يعتمد على ادائه وتقديراته أكثر من الأجهزة الأمنية الأخرى. عندما تقول إن الجهاز اعطي دوراً محدوداً في الحياة السياسية، ماذا تقصد؟ - كانت لنا نشاطات واسعة على الصعيد الخارجي والداخلي، وعلى صعيد الأمن العسكري، ومكافحة التجسس. ذكرت في وقت سابق انك كنت وراء تحالف الاحزاب الإسلامية التي هزمت بنازير بوتو العام 1990، كيف؟ - لم أقل ذلك علناً، ولن اقوله لأسباب آمل أن تقدرها. كان من المهم بتقديري تحول السلطة من ممثلي الجانب المدني في الحياة السياسية. وكل شخص عايش الأوضاع يقدر الحاجة الى انتهاج السياسة التي انتهجتها في الفترة الماضية. في العام 1971 مثلاً لم يكن بقدرة ذو الفقار على بوتو تحويل السلطة، وبسبب ذلك الفشل، خسرنا نصف بلدنا وتقسمت باكستان، وفي العام 1990 واجهنا تحدياً مماثلاً وهو اجراء انتخابات، وأجريت فعلياً وكسبها تحالف لم يحصل على غالبية تتيح له تسلم السلطة، الأمر الذي أثبت أن الديموقراطية تعمل في بلدنا ولو بشكل محدود. باكستان تتبع اميركا هل حاولت حكومة بنازير بوتو التعاون معك؟ - لا. قمت بجهود مع الفصائل الأفغانية لاقناعها بوقف القتال. لكن ذلك تم بشكل شخصي وبدافع مني. وليس سراً القول انه لا بنازير بوتو ولا نواز شريف كانا مسرورين للجهود التي أقوم بها لحل القضية الافغانية. ما السبب؟ - لان الحكومة الباكستانية تسير وفقاً لسياسات الولاياتالمتحدة في هذا المضمار. وعندما انتهجت سياسة مستقلة عن تلك السياسة ابتعدوا عني على رغم معرفتهم بأنني خبير في الشأن الافغاني، والدول المعنية بذلك تعترف لي بذلك. لقد نجحت في أكثر من مناسبة في جمع الأطراف الافغانية، وفي اقناعهم بالتوصل الى اتفاق لوقف النار. لكن اتفاقات وقف النار التي تتحدث عنها لم تعمر طويلا؟ - لن أكون قادر بمفردي على ممارسة نفوذ إذا كانت توجهات الحكم في بلدي تتعارض مع ما أقوم به. أضف الى ذلك أن الدول المعنية ليست مهتمة لأن لها مصالح مختلفة، وكل دوله تشد الحبل باتجاهها. الأمر الذي يعني استمرار القتال والصراع على مواقع النفوذ. هل حاولت شرح ذلك للمسؤولين الاميركيين؟ - لا. لكن يقال كان لك تحليل أو تصور خاص لحل مسألة افغانستان، وأن هذا هو سبب الخلاف. هل ذلك صحيح؟ - كان لي تصور لاستراتيجية عدد من الدول المهتمة والمعنية بالقضية الافغانية، مثل ايرانوباكستان، بهدف ايجاد قاسم مشترك يحمي دول المنطقة ومصالحها في حال حاول السوفيات مد نفوذهم باتجاه الخليج الشرق الأوسط. اضافة الى ذلك اقترحت مراقبة التحرك الهندي لأن للهند طموحات لا تخفى. لماذا تقلص أو اختفى الاهتمام الاميركي بحل القضية الافغانية؟ وبماذا تبرر عدم نجاح عدد من الدول المهتمة بالقضية الافغانية في تسويتها؟ - اثبتت الولاياتالمتحدة من خلال تجربة افغانستان أنها حليف لا يعتمد عليه، لأنها لا تهتم إلا بمصالحها، ونحن لا نمانع في انتهاج الدول سياسات من هذا النوع، لكن في الوقت نفسه لا أعتقد ان هناك دولاً تقبل بأن بمصالحها من أجل عيون الولاياتالمتحدة فقط. ماذا تقصد؟ - في افغانستان مثلاً من مصلحة باكستانوايران ودول المنطقة ان يسود سلام، وهذا السلام كان يمكن التوصل اليه لو اجتمع حكمتيار ورباني والآخرون وافقوا على اقامة حكم اسلامي، لأن طرد الروس واقامة حكم اسلامي هما أبرز أهداف الجهاد الافغاني. عندما خرج الروس، لم يعد للأميركيين أي اهتمام، وبدأوا يعملون ضد قيام حكومة اسلامية في افغانستان. ما هي الوسائل التي لجأت اليها الولاياتالمتحدة للحيلولة دون قيام حكم اسلامي افغانستان؟ - وجهوا اتهامات مختلفة الى حكمتيار، ثم حاولوا دعم مسعود، وانقلبوا عليه واتهموه بأنه متطرف، ولم يكن الاميركيون وحدهم الذين يمارسون هذا النوع من التصرفات، الألمان والفرنسيون والبريطانيون كانوا مثلهم أيضاً. ماذا يريد الفرنسيون؟ - كانوا يسعون الى عدم انفتاح دول آسيا الوسطى على مناطقنا، ويريدون أن تتجه تلك الدول في تعاملها التجاري الى أوروبا، خصوصاً أن الصناعة الأساسية في روسيا تعتمد على المواد الخام التي تنتجها آسيا الوسطى. وأي نجاح لاستقلال جمهوريات آسيا الوسطى اقتصادياً يعني تضرر الاقتصاد الروسي، الأمر الذي يهدد الاستقرار فيها ويقلل من فرص العمل ما سيؤدي حتماً الى هجرة روسية كثيفة باتجاه غرب أوروبا مما سيضر باقتصاد المانيا وفرنسا والآخرين على حد سواء. مواجهة مع السفير وماذا عن بريطانيا؟ - كان البريطانيون يسعون الى تقسيم افغانستان، ويعتقدون انه من خلال نفوذهم واتصالاتهم الدولية ممكن أن يحصدوا نتائج ذلك. وما الذي يثبت ذلك؟ - استدعيت السفير البريطاني نيكولاس بارنغتون العام 1988 الى مكتبي وحذرته من مخططات من هذا القبيل تجاه افغانستان. وماذا كان رد فعله؟ - لم يكن سعيداً على الاطلاق. هل اعترف بوجود خطط من هذا النوع؟ - أنا أعرف لماذا كانوا يشجعون تارة مسعود وتارة الآخرين، وباستثناء جهودهم الديبلوماسية فإن دعمهم المادي للجهاد الافغاني كان شبه معدوم. وكيف تتعامل باكستان مع الموضوع الافغاني؟ إذ انها في وقت سابق كانت تفضل حكمتيار والآن تدعم حركة الطالبان. لماذا هذا التغيير في التوجهات؟ - لأن باكستان لا تعمل ما هو في صالحها، وبتقديري ما هو جيّد لافغانستان مفيد لباكستان، لوهذا فإن مصلحة بلدنا هو محاولة ايجاد قاسم مشترك بين القادة الافغان، لقد عارضت صيغة الحل الذي اعتمد في جنيف للأزمة الافغانية لأنه لم يكن يعمل لتعيين حكومة انتقالية تمهد لاجراء انتخابات عامة في البلاد. ان بامكان باكستان المساعدة في حل الأزمة الافغانية. تقصد القول ان باكستان غير مخلصة في جهودها لحل تلك الأزمة؟ - بعد موت الرئيس محمد ضياء الحق باتت الحكومات الباكستانية تخشى من اتخاذ مواقف لا تتفق مع سياسات الدول الغربية. ماذا عن مواقف الدول الاسلامية المهتمة بالقضية الافغانية؟ - كانوا يدعمون كل سياسة تنتهجها باكستان، وباستثناء ايران التي كانت تسعى الى الحصول على حصة للأحزاب المؤيدة لها في الحكم، وهي حصة أكبر بكثير مما تستحق كان بالامكان التوصل الى حل وسط واقناع كل الفرقاء به. لم يكن القادة الايرانيون الميدانيون في افغانستان يتصرفون بحكمة تدفع باتجاه التوصل الى حل. وأقصى ما يسعى اليه القادة الافغان في الوقت الحاضر ألا يتعرضوا للعزل. في ما يتعلق بكشمير، هل التوتر الذي يسود الحدود مع الهند بشكل شبه دائم سيقود الى مواجهة عسكرية؟ - لا أتوقع نشوب حرب جديدة في ضوء المعطيات المتوافرة حالياً، لأن الهند حريصة على ان تجري انتخاباتها بهدوء، كما ان باكستان أضحت قادرة على ردع أي عدوان هندي. بماذا تبرر حرص باكستانوالهندس على التسابق لشراء الأسلحة، خصوصاً تطوير قدراتهما النووية؟ - على العرب والباكستانيين ان يكونوا واعين، وأن يتعلموا الدرس من اسبانيا حيث أخرج العرب منها بسهولة. لقد عشنا مع الهنود وخرجنا بدروس. ان باكستان تشكل حاجزاً يحمي العرب من خطر قيام تعاون هندي - اسرائيلي يشكل تهديداً لكل مكوناتهم. ان الهند تطمح للسيطرة على مصادر المياه حتى الخليج العربي. وما أقوله تعبر عنه عملياً المساعي الهندية الى بناء اسطول يقوم بهذه المهمة. كما ان تطوير الصواريخ لتبلغ مدى يصل الى 2500 كيلومتر، تعني بكل تأكيد ان الهند تتطلع الى تهديد يتخطى حدود باكستان ليصل الى المنطقة العربية، إذ لا مبرر لدولة فقيرة مثل الهند عندما تخصص موازنة عسكرية ضخمة إذا لم تكن لديها طموحات لتكون بقوة الصين، ومثل هذا الطموح لن يتحقق لهم إذا لم يمتد نفوذهم الى المنطقة العربية، عندئذ يقع العرب وباكستان بين فكي كماشة اسرائيلية - هندية. وهل لديك ما يؤكد هذه الاتهامات؟ - بالطبع هناك الكثير من الوثائق. وما الذي تقوم به باكستان لدرء هذا الخطر؟ - باكستان دولة لديها قدرات نووية، وإن لم يسبق ان اعترفت بها رسمياً. ومثل هذه القوة لباكستان تجعلها في مأمن من التعرض لعدوان هندي او حرب رابعة قد تشن ضدها. وأنا شخصياً لا أرى مانعاً من أن تعلن باكستان اهتمامها بتطوير برنامجها النووي او اجراء تجربة تفجير نووية، إذ اننا دولة فقيرة، ولا نريد مجاراة الهند في صنع العدد نفسه من القنابل التي تملكها. هل نجحت خلال توليك رئاسة الاستخبارات الباكستانية في القبض على عناصر تعمل لصالح الاستخبارات الاسرائيلية الموساد كانت تخطط لجمع معلومات عن قدرة باكستان النووية؟ - اعتقلت عناصر عدة. وما هي الوسائل التي لجأوا اليها للتجسس ضد بلادكم؟ - بعضهم حاول من خلال موظفين في سفارات أجنبية، وعبر أقمار التجسس الأميركية، ومن خلال منظمات دولية. وليس سراً ان أحد مسؤولي جهاز الاستخبارات الأميركية في سلاح البحري استقال من منصبه لرفضه تزويد اسرائيل معلومات عن قدرات باكستان النووية. ومبرر رفض المسؤول الأميركي لهذا الطلب الاسرائيلي ان الاتفاقيات المبرمة بين اسرائيل والولاياتالمتحدة تسمح لاسرائيل بالحصول على صور لأهداف مختلفة في منطقة قطرها لا يتجاوز 250 كيلومتراً في منطقة الشرق الأوسط. وماذا عن عناصر اعتقلت في الأراضي الباكستانية؟ - كثيرون. بعضهم ضباط في سلاح الجو، وأحد الملحقين العسكريين الغربيين وقد أبعد اثر القبض عليه متلبساً بجرمه. صحيح انه ألماني؟ - لا أود التعليق على ذلك. ما هي معلوماتك عن انتقال صواريخ ستنغر الأميركية من المجاهدين الافغان الى ايران؟ - حدث ذلك العام 1987، وقبل أسابيع من تسلمي رئاسة جهاز الاستخبارات الباكستانية العسكرية. لقد دفعت وكالة المخابرات المركزية الأميركية 75 مليون دولار أميركي لشراء أسلحة للمجاهدين الافغان، منها صواريخ من طراز ستنغر. ولا يزال عدد من هذه الصواريخ مجهول المكان وذلك لعدم وجود سلطة مركزية في افغانستان. وكيف وصلت الصواريخ الى ايران؟ - في منطقة سيستان على الجانب الايراني من الحدود حيث كانت قافلة عسكرية افغانية في المنطقة المحاذية للحدود الايرانية، ورأى بعض قادة القافلة من الافغان ان الطريق طويلة، فأرادوا اختصارها بالعبور في أراضي ايرانية، لكن موقعاً عسكرياً ايرانياً اعترضهم وصادر صواريخ ستنغر منهم، قبل ان يسمح لهم بمواصلة سيرهم. وهل جرت اتصالات لاستعادتها؟ - لا أريد الخوض في ذلك!