من النادر جداً أن لا يعرف طفل بريطاني "البرنس" أو نسيم حامد بطل العالم في الملاكمة في وزني ما فوق الديك والريشة، خصوصاً بعد ان نجح الملاكم البريطاني، اليمني الأصل، في ان يتحول الى اسم عالمي ورياضي يحسب له حساب. ولا يوحي مظهر نسيم حامد ابن ال 22 ربيعاً بالقسوة أو البدانة على الرغم من قوة ضرباته التي لا ترحم. واذا كان لقاؤه الأخير مبعثاً للفرح والسرور لانصاره ومؤيديه، حيث استطاع على حلبة مركز المعارض في مدينة غلاسغو الاسكتلندية حسم المعركة لصالحه في 35 ثانية من بدء المباراة ضد النيجيري سعيد لوال، فانه كان مخيباً لآمال ستة آلاف مشاهد حضروا من كل انحاء بريطانيا. فصبوا جام غضبهم على "لوال" الذي راح يترنح بعد أول لكمة تلقاها من نسيم في الثواني الثماني الأول من المباراة. ويقول برندن انجل مدرب نسيم، إن "البرنس" سيرفض من الآن فصاعداً منازلة اي ملاكم لا يحمل لقباً عالمياً. وإذا كان نسيم اعتذر للمشاهدين عن سرعة حسمه اللقاء بعدما توقع قبل المباراة ان يكون في الجولة الثانية او الثالثة، فانه اضاف ان كل مبارياته في المستقبل لن تستغرق وقتاً طويلاً. ولا يبدو على وجه والد نسيم، سالم حامد ابن محافظة البيضاء اليمنية الذي هاجر الى بريطانيا في العام 1956 ليحط الرحال في مدينة شيفيلد المعروفة بصناعة الحديد والصلب، غير الاعتزاز بما حققه نجله، ويقول ان كل هذه الانجازات في الحقل الرياضي هي مفخرة لليمن بلده الاصلي ولكل عربي. ولا يفارق سالم حامد ابنه في المباريات التي يخوضها وحتى في معظم رحلاته الداخلية والخارجية ويقول سالم ل "الوسط": "ان نسيم ابني وصديقي في آن معاً". ويشعر برندن انجل مدرّب نسيم منذ كان في السابعة من عمره، بالسعادة، لأن تلميذه النجيب خطا خطوات كبيرة في عالم الملاكمة، وسيشكل نوعاً جديداً مميزاً في السنوات القليلة المقبلة، ويضيف برندن ل "الوسط" انه كلما كان خصمه اكثر قوة، كلما ابدع في فن الكلامة. ولا يتردد انجل في القول "ان نسيم سيترك اثراً في عالم الملاكمة كالذي تركه ارمسترونغ في الثلاثينات". وعلى رغم وصف خبراء في فن الملاكمة نسيم أو "برنس الحلبة" كما يحلو لبعضهم تسميته، بأنه يتميز بقوة غير عادية ودقة في التصويب اضافة الى الايقاع والتوازن والمرونة التي تجعل من الصعب على خصمه النيل منه، فانه يبدو خجولاً ومتواضعاً، وان كانت عروضه على الحلبة قبل بدء كل مباراة توحي عكس ذلك. أوزان مختلفة تحدث نسيم الى الوسط بعد فوزه على لوال وقال : "بعد اليوم لن أنازل الا من يحمل لقبا عالميا في اوزان ما فوق الديك والريشة. هل تنوي خوض مباريات في أوزان اخرى ؟ طموحاتي كبيرة وسأخوض بطولات في اوزان مختلفة. هل ستصل الى الوزن المتوسط؟ - لا تعليق. ما سر هذه القوة في لكماتك؟ - موهبة من الله، وسأحقق معجزات. هل هي القوة نفسها التي كان يتمتع بها بطل العالم السابق محمد علي كلاي؟ - البطل محمد علي كلاي من الابطال الذين احترم قدراتهم وقوتهم، لكن لي اسلوبي الخاص والذي اطلق عليه اسلوب نسيم حامد في اللعب. هناك من تساءل عن الهدف من اختيارك للاعبين ليسوا في مستواك؟ - يجب ان لا تستهين بأبطال مثل "لوال"، فهو لعب 19 مباراة في السابق، فاز في 17 منها، وخسر مباراة وتعادل في اخرى. والارجنتيني سيرجيو ليندو الذي لعبت ضده العام الماضي، خاض 50 مباراة عالمية من قبل، وفاز فيها جميعها او تعادل. لكنه سقط ارضاً على يدي. ان انتصاري في 21 مباراة من المباريات التي خضتها لا يعني ان الذين يلعبون ضدي ليسوا بالمستوى المطلوب. ماذا عن خصمك المقبل؟ - لم يتحدد بعد يتوقع ان يكون توم جونسون بطل جمعية الملاكمة العالمية أو أزوما نيلسون حامل لقب المجلس العالمي للملاكمة. وحالة يدك الصحية؟ - لقد تماثلت للشفاء بشكل ممتاز، بدليل ان اللكمات التي وجهتها الى لوال كانت فاعلة وقوية. ربما اصبحت اقوى من السابق. اسلوب خاص معظم الذين راقبوا المباريات التي خضتها، تحدثوا عن اسلوب خاص بك، ما سرّه؟ - هذا صحيح، أنا كما قلت لك قبل قليل، لا أقلد أحداً. اسلوبي في الملاكمة مميز وفريد. ومن أين أتيت به؟ - تدريباتي طوال الخمسة عشر عاماً الماضية، صقلت هذه الموهبة التي اتميز بها. وهل كل ذلك على يد المدرب نفسه؟ - كان براندن انجل مدربي منذ الصغر ولا يزال. وكيف تعرفت عليه؟ - كنت في ملعب المدرسة وكان عمري سبع سنوات، حين كان يمر براندن قرب الملعب الذي كنت اتعارك فيه مع رفاقي في الصف، وقف براندن ليراقبني وأنا اواجههم في اللعب، وبعد وقت قصير، دخل ليسأل الناظر عني وعن أهلي بعد أن أخبرهم عن هويته، وقدموه لأهلي الذين رحبوا بفكرة تلقي التدريب على يده كل هذه السنوات. البداية . . . والطموح ومتى بدأت المشاركة في مباريات معروفة؟ - بدأت بخوض مباريات مدرسية وأنا في الثانية عشرة من عمري، ودخلت مرحلة الاحتراف رسمياً في العام 1991. وما هي المهن التي عملت فيها قبل احترافك الملاكمة؟ - فني متخصص في تصليح اجهزة الهاتف، وقد مارست هذه المهنة لمدة عامين، لكن عيني بقيت على الملاكمة. كيمني الأصل وبريطاني الجنسية ألا تشعر بازدواج في الشخصية؟ - أنا فخور بأصلي العربي واليمني، وأشعر بسعادة واعتزاز عندما أرى اشقائي وأبناء بلدي يلوحون بعلم اليمن الى جانب علم بريطانيا خلال المباريات التي اخوضها. ان جميع الذين يهتمون بالرياضة ويتابعون مبارياتي يعرفون أصلي اليمني، ومع ذلك فهم يبادلونني الحب والتشجيع. وأود الاشارة الى ان كل مباراة اخوضها أتوكل على الله قبل خوضها. وكيف ينظر اليك اهالي شيفيلد؟ - ان اهالي المدينة يعاملونني كابن لمدينتهم حقق انجازات مهمة في حقل الرياضة، كما انهم يعتزون بي على رغم معرفتهم بأني من أصل يمني. وكذلك يشعر أفراد الجالية اليمنية بالفخر لأنني رفعت اسم اليمن عالياً، بعد ان وضعته على خريطة الرياضة العالمية. وأود أن أشير في هذه المناسبة الى ان نواب منطقة شيفيلد وضواحيها في البرلمان البريطاني هم الذين اقاموا على شرفي حفلة تكريم داخل مجلس العموم قبل اكثر من عامين واطلقوا عليّ خلالها لقب "برنس"، لاعتقادهم بأنني أسيطر دائماً على الحلبة مهما كان الخصم الذي يواجهني. وماذا عن الدعم الذي تتلقاه من الحكومة اليمنية؟ - لقد ابدت الحكومة اليمنية كل اهتمام ممكن وتشجيع، ويكفيني فخراً ان يكون الرئيس علي عبدالله صالح في مقدم المهنئين لي بانتصاراتي. وهل تعتزم خوض مباراة دولية على أرض عربية؟ - ان هذا جزء من طموحي، لأنني أود أن ألعب بين مشجعين عرب. هل كلامك يعني ان هذا قريب التحقيق؟ - ان ذلك يعتمد على نشاط اللجنة المنظمة والخصم. ما هي اصعب مباراة خضتها؟ - كانت ضد لاعب ايطالي انتزعت منه لقب بطولة اوروبا في العام 1994، وقد استمرت المباراة 12 جولة. وماذا عن المباريات التي خضتها؟ - شاركت في 21 مباراة محترفاً، 20 منها في وزني الديك وما فوق ومباراة على اللقب في وزن الريشة. وقد فزت فيها كلها 19 بالضربة القاضية، كما خضت 66 بطولة كهاوٍ.