قال مسؤول مصري رفيع المستوى ل "الوسط" إن القاهرة نجحت في اجهاض افكار ومشاريع تتعلق بالأمن في منطقة الشرق الاوسط، لكنه لفت إلى أن طرح مثل هذه الافكار سيستمر طالما أن المنطقة تفتقر الى رؤية عربية موحدة للأمن القومي العربي فيما يسيطر مفهوم الأمن القطري والمناطقي. وأشار الى ان روسيا سحبت اقتراح وزير الدفاع السابق بافل غراتشيف الرامي الى قيام حلف دفاعي اقليمي في الشرق الاوسط تدعمه بلاده وذلك خلال زيارته لاسرائيل العام الماضي. واقتنعت بريطانيا بأن اقتراح وزير خارجيتها مالكولم ريفكند طرحه خلال محاضرة ألقاها في أبو ظبي الشهر الماضي انشاء منظمة للأمن والتعاون في المنطقة على غرار المنظمة الاوروبية، سابق لأوانه. كما بينت لكل من ايطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال ان مبادرتها لانشاء قوة للتدخل السريع جنوب المتوسط شمال افريقيا تضر بعلاقاتها مع دول الشمال الافريقي وبمصالحها ايضاً، وذلك خلال المحادثات التي جرت بين وزراء خارجية الدول الأوروبية ونظرائهم العرب في كل من مصر وتونس والمغرب والجزائر على هامش اجتماعات قمة المنظمة الاوروبية في لشبونة مطلع الشهر الجاري. وعوّل المسؤول المصري على "دور دولتين عربيتين فاعلتين في صنع القرار العربي، هما سورية والمملكة السعودية" لجهة إبطال مفعول هذه الاقتراحات واثبات عدم جدوى طرحها في وقت تشهد عملية السلام تراجعاً، ولم تبد اسرائيل حسن النيات لجهة امكان قيام نظام أمني اقليمي. ودعا الى "حوار عربي - عربي" حول رؤية موحدة للأمن القومي والنظام الامني بالمفهوم الاقليمي الذي يضم دول جوار عدة للمنطقة العربية في مقابل الاطروحات المقدمة من الشرق والغرب. وقال: "في الوقت الذي نسجل رفضنا افكاراً من الخارج لا بد من طرح المفهوم العربي في المقابل ولا نقف مكتوفي الايدي ومبادراتنا مغلولة". واعرب المسؤول عن اعتقاده بأن "موضوع العراق لا يجب ان يمنعنا عن التفكير في المستقبل الأمني الشامل، او يغلقنا على أنفسنا بتقديم البعض أمنه القطري على الأمن الجماعي". وقال: "شهدت الفترة الماضية، طوال الاعوام الخمسة طروحات عدة وأفكاراً شتى كان محورها العراق بشكل أو بآخر تسعى إلى تحالفات معينة من جانب اطراف اقليمية ودولية او إلى اشكال من عينة اخرى للنظام الامني المطروح في المنطقة من جانب هذه الاطراف من بينها افكار اسرائيلية"، لافتاً إلى أن "كل هذا فشل بسبب غياب المنطق والواقع عنها". وقال: "إن أي تحالفات ستؤدي الى محاور مضادة، وكل فكرة تغيب عنها المصلحة الجماعية لكل الاطراف ستقابلها فكرة مضادة، وكل طرح يتجاوز الامن العربي سيواجهه طرح مضاد"، داعياً الجانب العربي الى "الانتباه الى زيادة الحديث عن الامن الاقليمي في غياب اطرافه الاصليين العرب". وأضاف: "بعض الاطراف لا تزال تسيطر على ذهنه ظروف 1951، ويتصور ان هناك فراغاً في الشرق الاوسط في حاجة الى ملئه"، في اشارة الى حلف بغداد ومشروع ملء الفراغ طرحته الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا بحجة تعزيز السلام في الشرق الاوسط عبر نظام دفاعي. ولاحظ المسؤول المصري ان العراق "يبدو أنه اصبح يمثل لهذه الاطراف المدخل التاريخي لقيام الاحلاف والمحاور سواء معه بوجود نظام مقبول لديه يتعاطى مع سياسة الاحلاف او ضده بمحاولة ايجاد مثل هذا النظام المقبول". وحدد ثلاثة عناصر تمثل رؤية مصر للأمن في المنطقة هي: وجود رؤية عربية للأمن القومي، وجعل المنطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل، واتفاق جميع الاطراف في المنطقة على اجراءات شفافة لبناء الثقة المتبادلة.