يجلّدون الموتى ... لأيام مقبلة! ثيابك كومبيوتر يفكر ويمشي في بداية العام الجديد، يتطلع انسان القرن العشرين الى ما يمكن أن تحمله له السنوات المقبلة من تطورات وانجازات في مجالات العلم والطب والتكنولوجيا، تؤهله لمعايشة القرن الواحد والعشرين والتأقلم معه. ومع ظهور أول كومبيوتر واعٍ في العالم، قادر على التفكير والاحساس بالبيئة المحيطة به، وعلى حل المشاكل المستعصية والتعلم من أخطائه دون الحاجة إلى برمجته أو تزويده بمعلومات إضافية. يتوقع البروفسور أيغور الكسندر وفريق علماء الكومبيوتر في جامعة "امبريال كولدج" اللندنية الذين اخترعوا هذا الجهاز المسمى "ماغنوس" بعد 6 ستوات من البحث المضني، أن يتمكنوا من تزويده بالقدرة على التحدث والمشي. وفي هذا السياق استطلعت "الوسط" عدداً من الخبراء وذوي الاختصاص في بعض المراكز العالمية المهمة آراءهم لمعرفة الاتجاه الذي ستسلكه التطورات المستقبلية في المسائل التي تشغل العالم: كأبحاث الفضاء والكومبيوتر والمعدات العسكرية والصناعات الأخرى، إضافة الى المشاكل الصحية كأمراض القلب والسرطان والايدز والسكري وطب الأسنان ومقاومة الشيخوخة. ونظراً إلى اتساع مخيلة الانسان وتصاعد طموحاته سيتطرق الموضوع الى سرد بعض الاحتمالات الخيالية التي يمكن أن تعصف بالكرة الأرضية ومن عليها. مختبر الأحلام التكنولوجية التزاماً بسياستها نحو التعريف بجديد التكنولوجيا واختراعات المستقبل. زارت "الوسط" معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في الولاياتالمتحدة، وأجرت لقاءً خاصاً مع مؤسس مختبر الوسائط المعلوماتية ومديره البروفسور نيكولاس نغروبونتي المعروف عالمياً بكونه أبا الوسائط الرقمية. يجمع المختبر نخبة بارزة من الباحثين من ذوي الاختصاصات المتنوعة، مهمتهم التفاعل مع المعلومات والسعي لايجاد بدائل من التكنولوجيا المعلوماتية والكومبيوترية المتوافرة حالياً. اذ أن ما يصبو اليه نغروبونتي أشبه ما يكون بمحاولة اختراع عالم جديد. فالمجموعة التي تعمل معه تريد انتاج اجهزة كومبيوتر ترى وتسمع وتخاطب وتفكر أيضاً. ولا يتردد نغروبونتي في القول بأنه يحلم بوجود برادات تطلب تزويدها علبة حليب جديدة قبل أن تنفذ العلبة الموجودة فيها. ويحلم بهواتف تعرف كيف تخاطب المتحدثين وتتفاعل معهم بصورة تلائم مزاج أصحابها غير الراغبين في الاجابة عن تلك المكالمات الهاتفية. ويحلم أيضاً بكومبيوتر قادر على تحديد اهتمامات الانسان من خلال نوعية المواضيع أو الكتب التي يقرأها. ومع أن أفكار مختبر الأحلام تبدو جريئة جداً لتتبناها أي من الشركات الكبرى، فإن المختبر يتلقى سنوياً ملايين الدولارات من شركات مهمة مثل آي بي أم، رويتر، بي تي، سوني، فيليبس، سيمنس، هيوليت باكارد، مايكروسوفت، ان إي سي، وغيرها المئات لدعم أبحاثه وتحقيق أهدافه وذلك لقناعتها بأنها تستثمر في تكنولوجيا المستقبل. ولا يشك نغروبونتي أبداً في ما سيؤول اليه مستقبل الكومبيوتر وبرامجه. فهو يتوقع أن تتحول مكونات الكومبيوتر الى اجزاء من ملابس الانسان مصنوعة من القماش ترافقه أينما كان عوضاً عن تركها في المنزل أو المكتب. فقد أظهر آخر التطورات في صناعة البوليمرات الموصلة والوسائط الضوئية المعكوسة ان احتمال تحويل بعض الأقمشة الى شاشات عارضة أمر ممكن. إذ يمكن استخدام شبه الموصلات غير المبلورة لصنع خلايا شمسية تزود الأقمشة الطاقة التي تحتاج إليها. مما يشير الى أن شبه الموصلات البوليمرية مرشحة لتكون كومبيوترات طيعة يمكن ارتداؤها كملابس يومية. وهذا أنسب وأكثر فاعلية من استخدام الكومبيوترات والهواتف المنقولة. وقد يتيح ذلك للانسان فرصة استقبال الاتصالات عبر أقراط الأذن أو بواسطة أزرار القميص. ويلفت نغروبونتي الى عدم جدوى الكومبيوتر القماشي الذي يمكن ارتداؤه اذا كان حامله سيسير به كأنه متن طاولة. فمن حسن الحظ أن القطع الرقمية الصغيرة لمعلومات الكومبيوتر عميقة عمق الجلد. وبالامكان استخدام التوصيل غير الملموس بين جسم الانسان والحقول الكهربائية الضعيفة لتوليد تيارات كهربائية داخل الجسم تعمل لبناء شبكة اتصالات جسدية تتفاعل عبر الجلد، بصورة تشبه الارسال الاذاعي. وسيكون ذلك سليماً كاستخدام سماعات الرأس. مع فوائد اضافية أهمها حفظ المعلومات داخل جسم الشخص من دون أن يتمكن أحد من تشويشها أو الدخول اليها أو التجسس عليها. وهكذا يمكن الجمع بين الكومبيوتر المصنوع داخل حذاء مثلاً والمعلومات المخزونة داخل الجسم للاتصال بشاشة عرض موجودة في ساعة اليد أو بالنظارات مما يعني أن تفعيل الجسم بهذه الطريقة يجعل كل ما نلمسه قابلاً للاتصال الرقمي. فالمصافحة تصبح عملية تبادل رقمية لبطاقات التعارف والعناوين. ووضع اليد فوق كتف صديق تعني نقل معلومات مهمة أو استقبال معلومات واردة. ولمس مقبض الباب يعرّف عن هوية صاحب اليد. ورفع سماعة الهاتف يرسل معلومات وأرقاماً تعرّف إلى صاحب الصوت. من جهة أخرى لا يستبعد نغروبونتي ان يتمكن العلماء من صنع أطراف ورقاقات قابلة للزرع داخل جسم الانسان بواسطة عمليات جراحية خلال 4 أو 5 سنوات، أي في القرن الواحد والعشرين. وسيؤدي ذلك الى تركيب انسان نصف آلي يمكنه التحكم آلياً بخصائص خارقة تفوق قدرات الانسان العادي، مثل زرع رقاقة تحمل مخازن من الذكاء الاصطناعي داخل الدماغ، أو تزويد اليد أو الساق خصائص أوتوماتية وقوى خارقة لتأدية مهمات معينة يعجز عنها البشر. التكنولوجيا العسكرية بعد كارثة الأعراض الصحية المعقدة التي تعرض لها آلاف الجنود الأميركيين والبريطانيين نتيجة تناولهم أقراصاً مضادة لغازات الأعصاب ورشهم مبيدات الحشرات فوق مناطق شاسعة من الصحراء، وتدميرهم مخازن عراقية تحتوي على أسلحة كيماوية وجرثومية، أدرك الخبراء العسكريون في وزارات الدفاع التابعة للدول العظمى وغيرها، ان تطوير المعدات والأسلحة التقليدية تقنياً والابتعاد عن خيارات الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية قد تشكل أفضل الحلول لربح الحروب وتحقيق الأهداف العسكرية بأقل عدد من الخسائر البشرية. فحرب الخليج أثبتت أيضاً ان الأسلحة المطورة الكترونياً بصورة تجعلها قادرة على خداع أجهزة العدو الاستطلاعية كالرادارات، هي الخيار الأسلم للحفاظ على سلامة العتاد والمعدات وكل من يستخدمها. لذا فإن هذه المعدات العسكرية المتطورة لن تقتصر على سلاح الطيران والقوات الجوية فحسب بل انها ستشمل القوات البحرية والبرية ايضاً. وتعقيباً على ذلك قال خبير الشؤون العسكرية والاستراتيجية البريطاني بول بيفر ل "الوسط": "ان التكنولوجيا العسكرية في السنين المقبلة ستكون أكثر حنكة وأكثر خفية وأقل تكلفة. فانتهاء الحرب الباردة واستمرار عدد من الأزمات السياسية المحدودة غيّر مفهوم تطوير التكنولوجيا العسكرية تغييراً جذرياً. وسوف يستمر هذا التغيير بشكل أوسع في المستقبل. فالقوى العظمى لم تعد قادرة مادياً على بناء ترسانات ضخمة من السفن الحربية والطائرات المقاتلة والدبابات. لهذا ستتمتع الأسلحة الجديدة بأنظمة متطورة أكثر ذكاء وبقدرات كمبيوترية أفضل من دون المبالغة بأسعارها إذا سوقت. ومن المتوقع ان يطالب زبائن القرن الواحد والعشرين الشركات المصنعة للأسلحة بأن تتحلى منتجاتها بمواصفات أساسية تجعلها أسهل استخداماً وأقل صيانة مع تمتعها بالقدرة على العمل في كل الظروف والأحوال المناخية، ليل نهار. فالطائرات والسفن الحربية أصبحت أكثر تمويهاً وأكثر خفية من ذي قبل، وحتى الدبابات ستزود تقنية تجعل اكتشافها على أيدي القوات المعادية أمراً في غاية الصعوبة وذلك بتغيير الاشارات الالكترونية والتحركات الآلية الصادرة عنها في ساحة المعارك وتخفيفها. وتقوم وكالة الأبحاث الدفاعية التابعة للحكومة البريطانية منذ أكثر من 10 سنوات بالعمل على انتاج مركبات الكترونية مصفحة تتمتع بقدرات خفية تحول دون اكتشافها بواسطة اجهزة الرادار. ونظراً إلى احتمال استخدام القوات المعادية أسلحة الليزر ضد تلك الآليات، فإن العربات المصفحة الجديدة ستكون معزولة تماماً عن العالم الخارجي المحيط بها وسوف تعتمد كلياً على الأجهزة الالكترونية الموجودة داخلها لمعرفة ما يدور حولها واكتشاف آليات العدو ومواقعه من دون أن تصدر عنها أي اشعاعات تكشف مواقعها. مما سيوفر حماية لطاقمها أو ركابها. فهي تتمتع بأنظمة الكترونية متينة ومعقدة لا توجد عادة إلا داخل الطائرات الحربية المقاتلة". وعن أهمية تطوير سلاح الطيران في المستقبل، قال بول بيفر: "ان أوسع مجال لتطوير المعدات العسكرية هو المجال الجوي. اذ يعتقد كبار الضباط الأميركيين انه بحلول عام 2025 سيصبح 50 في المئة من سلاح الجو الأميركي مكوناً من طائرات لا يقودها طيارون. وستكون هذه الطائرات غير المأهولة عالية الكفاءة وهادئة جداً يصعب على القوات المعادية اكتشافها. إلا أن المشكلة الرئيسية بالنسبة إلى وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون تكمن في أن تحقيق ذلك سيتطلب مبالغ طائلة لأن الطائرة الواحدة تكلف ملايين الدولارات، على رغم صغر حجمها. بينما يعتقد الخبراء العسكريون اجمالاً انه يمكن تطوير الطائرات الحربية الموجودة حالياً لتتكيف مع السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين. وأتاحت التطورات في كل من فرنساوبريطانياوالولاياتالمتحدة فرصة للقوات الجوية كي تجهز طائراتها بمعدات وأنظمة دفاعية اضافية قادرة على كشف الصواريخ المعادية بتكلفة ضئيلة ومناورتها. إلا أن عدداً كبيراً من القادة العسكريين يحبذ اضفاء الخصائص الشبحية التي تجعل أجهزة الرادار غير قادرة على كشف الطائرات والسفن الحربية والدبابات، وذلك عن طريق تغيير الاشارات والرموز الالكترونية بشكل يخدع مشغلي الرادارات مهما بلغت مهاراتهم التقنية. وحتى الطائرات الحربية المقاتلة من الجيل الرابع، كطائرة "يوروفايتر 2000" الأوروبية ومنافستها الفرنسية "رافال" فقد زودت التقنية الشبحية الخفية وجيلاً جديداً من الأنظمة الالكترونية المصممة خصيصاً لتخفيف اعباء الطيارين فلا تحتاج الطائرة لأكثر من طيار واحد بدل طيارين كما هو الحال في طائرات "تورنيدو" و"سترايك إيغل"... كل هذه التطورات تبدو رائعة إذا أدت المهمات المرجوة منها في ساحة المعركة أو عندما تتطلب الضرورة استخدامها والافادة منها. وهذا بالطبع سيبقى التحدي الأكبر الذي يواجه مصممي المعدات العسكرية في القرن المقبل". ان التقنية الشبحية التي طبقت بنجاح على طائرات "اف 117 أي" واستخدمت في حرب الخليج ستنقل بحذافيرها الى صناعة جيل جديد من السفن الحربية لمساعدتها على خداع اجهزة الرادار والتحكم بحجم هيكلها وسرعة مناورتها. ونجحت التجارب الأولية على اجهزة الكومبيوتر اذ عجزت اجهزة الرادار عن تحديد نوع السفينة الخفية وتوهمت أنها سفينة صيد صغيرة. وتأمل شركة "فوسبر ثورنيكرافت" في بريطانيا ان تنتج نموذجها الأول الذي يحمل اسم "سي ريث ستيلث كورفيت" قريباً. وستكون السفينة مجهزة بألواح معدنية عاكسة للرادار، وبهوائي خاص للاتصالات قادر على تغيير حجم السفينة وبخاخات لرش المياه حولها لخداع الرادار وتبريد عادم المحرك حتى لا تكتشفه صواريخ العدو التي تلاحق مصادر الانبعاث الحراري. أبحاث الفضاء تستعد الولاياتالمتحدة لارسال مزيد من السفن والمركبات والبعثات الى الفضاء والكواكب الأخرى بعد النجاحات الهائلة التي حققتها برامج ادارة الفضاء والطيران الوطنية ناسا. وقد اتصلت "الوسط" بعدد من علماء الفضاء الأميركيين لمعرفة المزيد والاطلاع على آخر التطورات وما قد يحمله مستقبل الأبحاث من مفاجآت. وكان أول الاتصالات مع مدير وكالة الفضاء الأميركية الدكتور دانيال غولدن الذي قال: "ان مهماتنا الفضائية تهدف الى أمور عدة: أولاً، نريد أن نكتشف هل هناك أدلة تثبت وجود حياة في الماضي على تلك الكواكب. وثانياً، نريد الاستفادة من دراسة مناخ المريخ في الماضي والحاضر كي نأخذ هذا في حساباتنا عندما ندرس تطورات المناخ وتقلباته على الأرض. وثالثاً، نريد أن نتعرف إلى الموارد الطبيعية الموجودة هناك، ولا سيما منها الماء نظراً إلى أهميته في مساندة البعثات الفضائية في المستقبل. ونحن نواجه تحديات كبيرة. فقد اكتشفنا ان على المريخ جبلاً بركانياً أعلى من جبال إيفرست ووادياً يزيد طوله على طول روسيا من بحر البلطيق حتى المحيط الهادئ. ومركبة "باث فايندر" التي أطلقناها الى المريخ كانت آخر مركبة فضائية نطلقها لكنها ستصل قبل المركبات الأخرى، وعلى وجه التحديد 4 تموز يوليو من العام 1997، أي في عيد الاستقلال الأميركي. أما المركبتان الاخريان اللتان سبقتا "باث فايندر" فسوف تصلان في 11 و12 أيلول سبتمبر المقبل. وفي العام 1999 سننزل جهازين على المريخ لفحص التربة هناك ودرس غبار عواصفه. ومما يساعدنا على ذلك أن الجهازين سيهويان على سطح المريخ بسرعة تزيد على 700 كيلومتر في الساعة مما يعني أنهما سيغوصان مسافة مترين تحت السطح مع أن وزن كل منهما لا يزيد على كيلوغرامين. وفي العام 2001 سنشترك مع روسيا في بعثة مهمة. اذ سيرسل الروس "حوّامة" يحملها صاروخ أميركي يساعدها على تحديد مدارها". وأضاف غولدن: "بفضل الانجازات التي توصلنا اليها من خلال منظار "هابل" وسفينة غاليليو الفضائية التي وصلت الى نقطة لا تبعد سوى 250 كيلومتراً عن المشتري أصبح في مقدورنا الآن أن ندرس سطحه وطبيعة أقماره الأربعة. وفي أوائل القرن المقبل ستنطلق سفينة "كاسّيني" الفضائية الى زحل. ومع أننا سنطلقها في شهر تشرين الأول اكتوبر من العام 1997 فانها لن تصل اليه إلا عام 2004. وأخيراً هناك البعثة الخامسة لمكوك "ديسكفري" التي ستنطلق في أيلول سبتمبر عام 2002. لكننا لم نحدد مهمتها حتى الآن". وسألت "الوسط" البروفسور مايك ديزني، عالم الفضاء في جامعة ويلز في واشنطن هل يوافق البروفسور ستيفن هوكنغ على أن التركيز في هذا المجال يجب أن ينصب على النيازك والشهب؟ فأجاب: "الكثيرون منا يؤمنون بذلك، خصوصاً بعدما ساعد منظار هابل على تسهيل درسها. فالنيازك والشهب ليست أكبر من النظام الشمسي لكنها تهوي بالمئات على الأرض، كما أنها تبعث من الضوء أكثر مما تبعثه مجموعة مؤلفة من ألف مليون من النجوم العادية. وهناك من يقول انها تستقي طاقتها من هوة سوداء مظلمة هائلة الحجم. ونحن نعرف الآن أنه لم يكن في وسعنا فهم الكثير عنها لولا منظار هابل. لكن المشكلة التي لا نستطيع ايجاد حل لها حتى الآن أشبه بقضية البيضة والدجاجة وهي: هل تكونت تلك الهوة المظلمة السوداء الهائلة أولاً وبدأت المجرات تدور حولها، أم هل تكونت المجرات قبل الهوة التي بدأت تتشكل نتيجة الصدامات بين النجوم والتقائها واندماجها معاً؟". أما الناطق باسم وكالة الفضاء الأوروبية إيان برايك فقال: "نحن نعتقد بأننا تغلبنا الآن على مضاعفات كارثة تحطم الصاروخ الأوروبي "اريان" في أوائل العام 1996. ولهذا قررنا أن نطلق الصاروخ الجديد في أواسط نيسان ابريل المقبل، على أن يليه صاروخ ثان في أيلول. ونحن نعرف أيضاً ان الولاياتالمتحدة قررت المضي قدماً في اطلاق صاروخها اكس - 34 المؤلف من مرحلة واحدة والذي يمكن استرداده واعادة استخدامه. لكن وكالة الفضاء الأوروبية نفذت مشاريع مشتركة مع روسيا عامي 1995 و1996. كذلك قررت ايطاليا زيادة موازنة أبحاث الفضاء لكي تصل الى حوالي ألف مليون دولار في العام بعد عشرة أعوام. وبهذا أصبحت ايطاليا تحتل الآن المرتبة الثالثة في أوروبا بعد كل من روسياوفرنسا. كما أنها أقامت محطة لاطلاق الصواريخ في ماليندي في كينيا. وهناك برنامج ايطالي أيضاً للتعاون مع كل من فرنسا والمانيا ووكالة الفضاء الأميركية ناسا. وعلينا أن نتذكر انه مثلما تتخصص دولة صغيرة مثل النمسا في الأعمال المصرفية والبنوك، وبريطانيا في صناعة التأمين، فإن هناك احتمالاً قوياً لأن تصبح دولة صغيرة متقدمة سيدة في دنيا الفضاء. واتفقنا أخيراً مع الصين ومنحناها رخصة لبناء صاروخ "اريان - 5 العملاق". مع العلم بأن برنامج الفضاء الروسي تعرض لكارثة بعد انفجار الصاروخ الروسي الأخير وضياع مئات الملايين من الدولارات". وقالت الدكتورة فرانس - آن كوردوفا، كبيرة علماء وكالة ناسا أن الأدلة التي حصلنا عليها من خلال دراسة تركيب الصخور في جزيرة "أكيليا" قبالة سواحل غرينلاند تشير الى أن الحياة على الأرض بدأت قبل 3850 مليون سنة على الأقل، أي قبل 400 سنة مما كنا نعتقد في السابق. وانفصلت الأرض عن الشمس قبل حوالي 4500 مليون سنة. ولهذا السبب فنحن نرى أن وجود علامات على الحياة المبكرة في المريخ تطور مهم جداً. كذلك سيقيس القمر الاصطناعي الياباني الذي أطلق لدرس الأرض والتربة، الرياح المحيطية وطبقة الأوزون بالتعاون مع "ناسا" باستخدام أجهزة قياس أميركية. وأهم المواضيع التي نركز على بحثها الآن هو تآكل مستويات الأوزون وانخفاضها فوق القارة القطبية الجنوبية حيث ظهرت فجوة في الأوزون مساحتها حوالي عشرة ملايين ميل مربع في السابع من أيلول الماضي لكنها أصبحت الآن حوالي 8.5 مليون ميل مربع، أي أكبر من مساحة أميركا الشمالية. ومن البديهي أن يهتم برنامج الفضاء الياباني بدرس الأعاصير. أما القمر الاصطناعي الأميركي - الفرنسي "توبكس - بوسايدون" فيركز على قياس مستويات المياه في المحيطات وتحرك تلك المياه واتجاهاتها، علاوة على درس حياة الحيتان وأعدادها والعواصف الساحلية وتآكل تربة الشواطئ وحرائق الغابات خصوصاً في الولاياتالمتحدة. وفي العام 1998 ننوي اطلاق طائرة بلا طيار أربع مرات، وستصل الى ارتفاع سبعين ألف قدم فوق ارتفاع الأقمار الاصطناعية. وستستخدم هذه الطائرة الهيدروجين كوقود. وفي كل هذا ما يبين لنا أن جميع البعثات الفضائية لها فوائدها الجمة في درس البيئة والمناخ والعناصر والمواد المختلفة والجاذبية وما الى ذلك. ولم تغفل ناسا المجال الطبي. اذ أن الأشعة السينية اكس التي نستخدمها أقوى مئة مرة من الأشعة التقليدية المعروفة. وفي هذا ما يمكن أن يساعدنا في الدراسات الطبية". وأضاف الدكتور دانيال غولدن مدير وكالة ناسا: "أبحاث الفضاء ضرورية ومهمة جداً في التعامل أيضاً مع الزلازل والهزات الأرضية. إذ أننا بدأنا بتعقب الضغوط والتوترات الجيولوجية التي لا يمكننا اقتفاء آثارها بالطرق المألوفة. وهذه الدراسة عالمية شاملة لأننا نتابع تلك التوترات سواء أكانت في كاليفورنيا أو في سهل البقاع. فسطح الأرض في تحرك مستمر مما يضغط على قشرتها الخارجية. ومن هذا المنطلق يمكننا القول اننا نتوقع حدوث زلزال كبير خلال السنوات المقبلة في المنطقة الواقعة بين سهل البقاع شمالاً مروراً ببحيرة طبريا وغور الأردن والبحر الميت حتى خليج العقبة". السيارات وعن مستقبل صناعة السيارات في السنين المقبلة قال ريتشارد كليميش، نائب رئيس الجمعية الأميركية لصانعي السيارات ل "الوسط": "من المؤكد أن بواعث القلق البيئية ستفرض قيوداً أكثر من أي تطور آخر على تصميم السيارات خلال السنوات العشر المقبلة. ولهذا سنرى المزيد من السيارات التي تعمل بالكهرباء والسيارات التي تعمل بمزيج من الكهرباء والوقود التقليدي من أجل تحقيق كفاءة الأداء من جهة وخفض نسبة التلوث من جهة ثانية. فالمحرك سيعمل بالكهرباء بينما يشحن الوقود البطارية التي تساعد على قيادة السيارة. لكن هذا التطور سيكون باهظ الكلفة. ولهذا فانني أتوقع أن ينصب التركيز على تحسين تصميم السيارات الحالية ورفع مستوى أدائها مع خفض التلوث الذي ينجم عن استخدام السيارات عموماً. ومن المحتم ان يتغير تصميم سيارات الاجرة في أوروبا فتشتغل بالطاقة الغازية كما هو الحال في اليابان وكوريا. لكن أصحاب السيارات الخاصة سيعترضون على فقدان حيز التخزين ووضع الأمتعة في سياراتهم، كما انهم سيجدون صعوبة في الوصول الى محطات الغاز الطبيعي. لكن المشكلة التي تواجهها جميع دول العالم هي بالطبع الازدحام الشديد في حركة المرور عموماً مما يعني ان الحكومات ربما لجأت الى تحديد مبلغ الضريبة على السيارة تبعاً لطولها ونوع الوقود الذي تستخدمه". عالم الطيران وسألت "الوسط" رئيس تحرير مجلة "اسبوع الطيران" العالمية ديفيد نورث عن رأيه في الاتجاه المحتمل ان يسير فيه عالم الطيران في السنين المقبلة فأجاب: "من المؤكد أن الطيران العسكري سيصبح طيراناً مختلفاً كلياً عما نعرفه اليوم. اذ سنرى طائرات من دون ذيل وبحجم أصغر كثيراً وسيكون في مقدور تلك الطائرات تفادي شبكات الرادار بسهولة. أما الطائرات المدنية فلا أتوقع أن نرى تغييراً فيها باستثناء زيادة سرعتها وكبر حجمها. وكل ما يمكن صناعة الطيران المدنية أن تحققه في الواقع هو التحسين بنسبة 2 في المئة فقط نتيجة أبحاث وجهود ربما استمرت عشرين عاماً. ولكن من المؤكد أن الولاياتالمتحدةوروسيا ستدخلان عالم الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، مثلما فعلت أوروبا بالكونكورد. واعتقد أن الاتجاه في صناعة الطائرات المدنية والخاصة في المستقبل سيركز على أن يكون للطائرة محرك واحد. اذ أن الطائرات ذات المحركين تفوقت على الطائرات القديمة ذات المحركات الأربعة. وأصبحت طائرة المحرك الواحد ملائمة لأي غرض في الواقع كما أنها اقتصادية. ومن ميزات هذه الطائرة أنها لن تتوقف أثناء الرحلة إذا لقيت صيانة جيدة. وفي هذا ما يجعل هذه الطائرة مناسبة جداً لجميع مصالح الأعمال كما أنها فتحت الباب أمام الاشتراك في ملكية الطائرات".