"الطيور" الضخمة ما هي مركبات الفضاء الاميركية الكبرى الموجودة الآن في الفضاء؟ * بايونير - 10 التي اطلقت عام 1972 ومرت بجوار المشتري عام 1973. وهي في طريقها الآن الى الخروج من النظام الشمسي ولكنها لا تزال ترسل اشارات. * بايونير - 11 التي اطلقت عام 1973 ومرت ايضاً بجوار المشتري في العام التالي. وفي العام 1979 وصلت الى زحل وهي ايضاً في طريقها الى الخروج من النظام الشمسي ولكن باتجاه مختلف. ولا تزال ترسل الاشارات. * فوياجر - 1 التي اطلقت عام 1977 ومرت بجوار المشتري عام 1979 وبجوار زحل عام 1980. وهي تتجه نحو الفضاء الخارجي وترسل اشارات ايضاً. * فوياجر - 2 التي اطلقت في العام نفسه مثل فوياجر - 1. وقد مرت حتى الآن على زحل وأورانوس الكوكب السابع من حيث البعد عن الشمس ونبتون الكوب الثامن من حيث البعد عن الشمس. وهي الآن في مسار منفصل الى ما وراء النظام الشمسي. * ماجلاّن التي اطلقت عام 1989 وهي تدور الآن حول الزهرة. * غاليليو التي اطلقت في العام نفسه ووصلت الآن الى طريقها ما بين المريخ والمشتري وتسير تبعاً للخطة نحو المشتري. * يوليسيس التي اطلقت عام 1980 وتجاوزت المشتري وهي في مسارها الآن نحو النظام الشمسي ثانية لتلقي تعليمات جديدة. * رقيب المريخ مارس اوبزيرفر التي اطلقت في العام الماضي. والافتراض هو انها ضاعت. فهي اما تدور الآن حول المريخ او تتجه الى الفضاء الخارجي. ومن أهم هذه البعثات الفضائية فوياجر - 1 وفوياجر - 2 لانهما اكتشفتا اول دليل مباشر على الفاصل الشمسي اي الحدّ الذي يفصل نظام الارض الشمسي عن الفضاء الواقع بين النجوم. فالشمس بالنسبة الى الارض هي مركز نظامها الشمسي. والرياح الشمسية هي اندفاع من الجزئيات المشحونة كهربائياً التي تنساب بصورة مضطردة بعيداً عن الشمس. ومع تحرك الرياح الشمسية الى الفضاء تخلق فقاعة مغناطيسية من الغاز الحار المؤيّن اي الذي يحتوي على اعداد متساوية تقريباً من الايونات والالكترونات الموجبة حول الشمس. وهذه الفقاعة الهائلة هي التي تعرف بالمجال الشمسي، وفي نهاية المطاف تواجه الريح الشمسية المتّسعة الجزئيات المشحونة والمجال المغناطيسي في غاز الفضاء الواقع ما بين النجوم. وهكذا فان الحدود بين الريح الشمسية وغاز فضاء النجوم هو الفاصل الشمسي. واكتشاف الفاصل الشمسي دليل مثير على ان الرحلات التي قامت بها مركبات فوياجر لمدة خمسة عشر عاماً تشرف الآن على تزويدنا باكتشافات جديدة ومفاجآت عن نظامنا الشمسي لا تقدر بأي ثمن. ومنذ آب اغسطس من العام الماضي وهوائيات الارسال في كلتا المركبتين تسجلان انبعاثات مكثفة منخفضة الذبذبة وفي منتهى الغرابة قادمة من وراء النظام الشمسي. ويقول الدكتور دون غيرنيت احد المحققين والمحللين الرئيسيين في البرنامج: "تفسيرنا هو ان تلك الاشارات اللاسلكية تنشأ كسحابة من الغاز المشحون كهربائياً وتتمدد من الشمس وتتفاعل من غاز الفضاء بين النجوم وراء الفاصل الشمسي". كما ان ابعد جسم من صنع الانسان وهو مركبة "بايونير - 10" التي كانت أول مركبة فضائية تتجاوز مدار بلوتو وهو أبعد الكواكب السيارة عن الشمس اصبحت الآن على بعد عشر سنوات عن بلوتو ولا تزال ترسل الى الارض معلومات من على بعد خمسة آلاف وخمسمائة مليون ميل. وتستغرق كل اشارة اكثر من ثماني ساعات حتى تصل الى الارض. ومن الطريف ان مصممي المركبة قدروا لتصميمها، حين اطلقت عام 1972، حياة مدتها 21 شهراً. ولكنها تواصل حتى اليوم اي بعد اكثر من عقدين من الزمن الابتعاد بسرعة يبلغ معدلها خمسين الف كيلومتر في الساعة. ولا تزال خمس من الادوات الاحدى عشرة الموجودة على متنها ترسل البيانات والمعلومات من خلال إشارة "بايونير - 10" وقوتها 7.5 واط، اي بقوة مصباح يد عادي. ولكن مع وصول الاشارة الى هوائيات شبكة الفضاء العميقة لوكالة ناسا التي يصل حجمها الى حجم ملعب لكرة القدم تكون تلك الاشارة خفقت وتلاشت الى قوة اربعة اجزاء من ألف مليون تريليون واط! ومع ذلك فان بايونير بعثت اكثر من 170 الف مليون معلومة علمية. ومهمة بايونير - 10 الرئيسية الآن هي البحث عن دليل على وجود او احتمال وجود كوكب عاشر. اذ ان هذا سيؤكد من جديد نظرية النسبيّة لأينشتاين. ومما سيساعد على هذا التحديد امواج الجاذبية التي غالباً ما تنجم عن الاصطدامات بين المجرات. يقول عالم الفيزياء الفلكية فرانك ماكدونالد من جامعة ميريلاند المسؤول الرئيسي عن تحليل منظار الاشعة الكونية: "ان بايونير - 10 بدوامها كل هذه المدة إنما جددت تلقائياً مهمتها العلمية". ويعتبر اهم اكتشاف لها على الاطلاق هو مدى المجال الشمسي الذي كان الاعتقاد السائد قبل ذلك انه ينتهي عند مداري المشتري وبلوتو. وقد اصبحت بايونير الآن على بعد عشرة اضعاف ذلك عن الارض، لكنها رغم ذلك لا تزال في المجال الشمسي. ويفترض العلماء من امثال ماكدونالد الآن ان هذا يمكن ان يمتد الى حوالي 9300 مليون ميل او حوالي مائة ضعف من مسافة الشمس عن الارض. المحطة الفضائية برنامج الفضاء الرئيسي الذي بدأ اخيراً هو المحطة الفضائية "الحرية"، التي تشهد اوثق حالات التعاون بين واشنطنوموسكو. اذ ان الروس يتفوقون على الولاياتالمتحدة بشكل طفيف على الاقل في هذا المشروع مع ان المؤلفات العلمية لا تعكس هذه الحقيقة. كما ان الروس لديهم فعلا ًمحطة فضائية خاصة بهم وهي "مير - 2" التي تفرّعت عن سويوز كما ان أفراد طاقمها امضوا في الفضاء وقتاً يزيد على أي وقت قضاه اي طاقم آخر. ومن الاهداف الرئيسية للمحطة الفضائية محاولة دراسة آثار انعدام الجاذبية - جاذبية الصفر - على "الاجسام الغريبة" او الخارجية في النظام البشري التي تسبب أمراضاً مثل السرطان. لكن لا تزال هناك اسئلة جانبية عدة لا تزال قائمة: فهل ستقوم "مركبة الجرّ الفضائية" ساليوت الروسية بنقل المحطة الفضائية الى مدارها؟ وهل ستصل الاطقم البديلة والامدادات على "باص المركبة الفضائية" الاميركي المتوقع، ام على متن مكوك "التقدم" بروغرس الروسي المجرب؟ ونظراً لأن هناك تخطيطاً لاقامة محطة روسية - اميركية مشتركة او موحدة أي إقامة محطتين متلاحقتين مثلما يشترك منزلان في جدار واحد بينهما فان من المرجح اختيار المركبة الروسية. وبمقتضى الاتفاق الذي وقعت عليه الولاياتالمتحدةوروسيا اخيراً عرضت خطط المحطة الموحدة على البيت الابيض في الاول من تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وقدمت هذه الخطط بدائل مختلفة سيتم تقديمها الى الكونغرس بتوصية من إدارة الرئيس كلينتون. "وسيحتفظ كل بديل بالترتيبات نفسها التي تشتمل على مشاركة وكالة الفضاء الاميركية ووكالة الفضاء الاوروبية ومختبرات الفضاء اليابانية ونموذج الاستيطان في الفضاء ونظام الترتيب الكندي والمشعات الشمسية". ومن المتوقع ان يستخدم الجميع مركبتين روسيتين من طراز سويوز لنقل الاطقم والامدادات. وهاتان المركبتان من النوع نفسه الذي استخدمه الروس حتى الآن في رحلاتهم الفضائية الكونية الاربع وفي صيانة وامداد محطة الفضاء مير - 1 عام 1989. وسوف يتم استخدام انظمة شمسية لشحن بطاريات بالطاقة الشمسية. واذا ما سار كل شيء تبعاً للخطة فسيبدأ بناء المحطة عام 1998. وبعد 19 رحلة مكوكية من المفروض ان تكون اكتملت بحلول العام 2003. وتقول مجلة "الطيران" الاسبوعية في تقرير لها من مركز تدريب رواد الفضاء في موسكو ان قرار الاشتراك مع روسيا في المشروع جاء في موعده ووقته. إذ وجد مراسل المجلة كريغ كوفالت ان اجهزة المحاكاة في المركز تعود الى ما قبل عشرين سنة كما ان المباني على وشك التداعي. إلا أن مهندسي الفضاء الاوروبيين والكنديين واليابانيين يشعرون بالقلق من احتمال عدم استطاعة الروس مجاراة البرنامج الذي تحدد موعده النهائي عام 1998. ومن البديهي أن اي تأخير او تأجيل سيزيد من التكاليف. لكن ما تقدمه روسيا اكثر من غيرها لهذا المشروع هو التفاني لا سيما في البعثات التي تحمل بشراً وهي بعثات اخذت تتخلف في اميركا. فهناك مثلاً أربعة من رواد الفضاء الاوروبيين يتدربون الآن في "مدينة النجوم" الروسية على بعثة اوروبية - روسية مشتركة في ايلول سبتمبر من العام المقبل وبعثة اخرى لشهر آب اغسطس 1995. وسوف تدوم البعثة الاولى ثلاثين يوماً بينما تدوم الثانية 135 يوماً. وستكون هذه هي أول مرة يسبح فيها رواد فضاء اوروبيون في الفضاء من مركبة روسية وهي مير. ومع ذلك فان وكالة الفضاء الاوروبية ووكالة الفضاء الالمانية اقل تحمساً بالنسبة الى القدرات الروسية من الاميركيين الذين ينظرون الى التعاون نظرة سياسية ايضاً بينما يخشى الاوروبيون من تحول هيمنة اميركا على الاستكشاف الفضائي الى "تحالف دولتين عظميين". لهذا رد الروس على مشاعر الارتياب الاوروبية بخطة جريئة جديدة لاعادة تصميم مركبة الامدادات "التقدم" التي سيتم استخدامها للاتصال مع مير الروسية - الاوروبية. وسوف تترك هذه المركبة الفضائية في الواقع في مدارها لمدة عام او حوالي ذلك لاختبار قدراتها واستخدام ما يترتب على ذلك من نتائج لتحسين مكوك سويوز الى "الحرية". وسيبدأ الطريق نحو "الحرية" عدد لم يسبق له مثيل من اطلاق المركبات، وهي جميعاً تهدف الى الوصول الى مرحلة تصبح معها محطات ابحاث الفضاء التي يديرها الانسان أمراً دائماً. ففي شهر كانون الثاني يناير الماضي اطلقت مركبة قامت بمهمة المشي في الفضاء واستخدام معدات ثقيلة للاصلاح. وتلا ذلك بعثة اميركية - ألمانية ورحلة مكوك "ديسكفري" في آذار مارس التي كانت تحمل مختبراً فضائياً ورحلة "انديفور" في نيسان ابريل لنقل جزء من نموذج الاستيطان البشري في المحطة الفضائية واسترجاع مركبة فضائية اوروبية. وقامت "ديسكفري" وعلى متنها طاقم يضم بين أفراده روسياً برحلة اخرى في تشرين الثاني نوفمبر حاملة جزءاً آخر من اللوازم الحياتية للمحطة الفضائية بينما تقوم "انديفور" برحلتها في كانون الاول ديسمبر لاكمال عملية اصلاح منظار هابل. ونظراً للتكاليف الباهظة التي تنطوي عليها حالات الفشل ومطالبة الكثيرين بانفاق اموال الفضاء على البرامج الاخرى مثل الضمان الصحي فان ادارة كلينتون تواجه معارضة قوية في الكونغرس. ولهذا ينبغي عليها ان تركز على اهمية الدور الاميركي في بعثات الفضاء وتخفف من اهمية حقيقة كون اكثر من نصف المحطة الفضائية في هيوستن جهداً دولياً. وفي الآونة الاخيرة صوتت لجنة مخصصات الفضاء في الكونغرس الى جانب خفض موازنة "الحرية" الى 2100 مليون دولار كجزء من التخفيضات العامة على موازنة برامج الفضاء لعام 1994. ولهذا اوصت اللجنة ان تكون الموازنة 14.600 مليون دولار. ومن الجوانب المهمة جداً الآن من الناحيتين التكنولوجية والاقتصادية التجارب التي تجري على جهاز تعزيز "ديلتا سي إكس" المعروف في عالم الفضاء باسم صاروخ المرحلة الواحدة الى المدار. اذ انه سيحل مكان صواريخ المرحلتين او المراحل الثلاث المستخدمة حتى الآن وسيساعد على خفض التكاليف وتقليل احتمالات الفشل. وكان صاروخ المرحلة الواحدة ديلتا اطلق من صحراء كاليفورنيا في شهر آب اغسطس فارتفع خمسين متراً ثم انحرف حوالي مائة متر الى اليسار وبعدئذ وجه نفسه الى الصحراء مع ظهور اربعة اكياس من ذيله لتسهيل عملية هبوطه والتعويض عن عدم استواء التضاريس. وفي ايلول سبتمبر جرت عملية اطلاق اخرى ناجحة للصاروخ. ويجدر بالذكر انه يمكن اعادة استخدام صاروخ التعزيز هذا. وحتى هذه اللحظة كانت الصواريخ المتعددة المراحل تستخدم في رفع المركبات الفضائية، ويتم التخلص من كل مرحلة بعد ان تؤدي غرضها. وكان السبب في استخدام هذا الاسلوب هو تخفيف الوزن من اجل تمكين المركبة الفضائية من الابتعاد عن نطاق الجاذبية الارضية. اما صاروخ التعزيز ديلتا فهو صاروخ واحد كبير خفيف الوزن. وهو مصنوع من العنصر المركب نفسه الذي استخدمه بيرت روتان في بناء "فوياجر" بدلاً من استخدام الغلاف السميك المصنوع من الالومينيوم كما هي الحال في الصواريخ الاخرى. ويستطيع ديلتا ان يحمل من الوقود عشرة اضعاف وزنه. ونظراً لرقة وخفة غلافه فان طاقماً من ثلاثة اشخاص فقط يستطيعون اطلاقه علماً بأن اطلاق السفينة الفضائية المكوكية يحتاج الى الف وسبعمائة شخص! ويستطيع ديلتا نقل عشرة اطنان من الحمولات الصافية الى مدارها بكلفة تتراوح ما بين 250 و500 دولار للكيلوغرام الواحد بالمقارنة مع كلفة خمسة آلاف دولار للكيلوغرام الواحد في حالة المكوك. وتقول شركة ماكدونال دوغلاس صانعة ديلتا انه يمكن استخدامه بالاضافة الى رفع المركبة الفضائية في اطلاق "الطائرة الفضائية الوطنية" التي ستقوم برحلات فضائية لأغراض منها السياحة ونقل النفايات النووية بعيداً عن الارض وحتى للاعلانات التي ترتكز على الفضاء. وبدأ الآن استبدال النموذج التجريبي الذي يزن عشرين طناً ويبلغ طوله 13 متراً بنموذج آخر طوله ثلاثون متراً ووزنه 640 طناً سيكون جاهزاً للخدمة عام 1998. ويقول وليام غوباتز من شركة ماكدونال دوغلاس ان كلفته ستبلغ خمسمائة مليون دولار. وهو يتوقع تقاضي عشرة ملايين دولار مقابل كل عملية اطلاق اي عشرين في المئة فقط من كلفة استخدام صاروخ إريان الفرنسي الذي يهيمن الآن على خمسة وسبعين في المئة من السوق التجارية لاطلاق الاقمار الاصطناعية. وفي هذه الاثناء تنهمك شركة لوكهيد في اعداد صاروخ منافس لديلتا كما ان وكالة الفضاء اليابانية والوكالة الالمانية وشركة بريطانية تجري جميعاً دراسات مماثلة. تعاون دولي تم التوقيع على الاتفاق الاساسي الذي يضفي الصبغة العالمية على عمليات الولاياتالمتحدةوروسيا في نيسان ابريل. اذ فوض هذا الاتفاق روسيا باستخدام اثنتين من الادوات الاميركية التجريبية للمريخ في بعثة المريخ الروسية في تشرين الثاني نوفمبر 1994. وستقوم هذه البعثة بانزال اول "طوافات" في التاريخ على سطح المريخ. وفي ايلول سبتمبر من العام الحالي وقع نائب الرئيس الاميركي ألبرت غور ورئيس الوزراء الروسي شيرنوميردن على اتفاق جديد أشمل للتعاون الفضائي. ونص الاتفاق بشكل محدد على استخدام البدلة الفضائية الروسية وانظمة السلامة والانقاذ التي طورها الروس. وكجزء من التعاون اجرى علماء ناسا تجارب على توجيه وقيادة طوافات الانسان الآلي الروسية عن طريق التحكم فيها من بعد من كاليفورنيا باستخدام شاشة فيديو موصولة بالاقمار الاصطناعية. وكانت تلك الطوافات من النموذج الذي تأمل روسيا في انزاله على المريخ عام 1996. اذ وضع الدكتور بتلر هاين كبير العلماء الاميركيين في البرنامج سماعات فيديو على اذنيه كتلك التي يستخدمها الاطفال في العاب الكومبيوتر والفيديو، واستخدم حركات الرأس لتوجيه الكاميرا المركبة على الطوافات. اما القيادة الفعلية للطواف فقد تمت بعمود للتحكم يشبه ذلك المستخدم في الطائرة. ويشرح ذلك بقوله: "ان قيادة العربة عن طريق النظر في الكاميرات التي تحملها تعني كأنك موجود فيها مع انك بعيد. وقيادتها باستخدام المحاكاة التي يولدها الكومبيوتر اشبه في الواقع بقيادتها الحقيقية". أما التعاون مع المانيا فكان باتفاق رسمي مع وكالة الفضاء الالمانية في تموز يوليو. اذ ستشترك الولاياتالمتحدة وألمانيا في اربع بعثات فضائية باستخدام قمر المكوك الالماني باليت. وكانت بداية هذا التعاون في الثاني عشر من ايلول سبتمبر حين اطلق الجانبان قمراً متطوراً للاتصالات التكنولوجية بمساعدة "ديسكفري" من اجل وضع قمر المراقبة الالماني أورفيوس في الفضاء واسترجاعه. وقبل ذلك كان هناك تعاون مشترك مع المعهد الياباني لعلوم الفضاء والفلك لاطلاق مختبر اشعة سينية من صنع ياباني. اذ ان اليابان زودت معظم الحمولة العلمية والمركبة الفضائية نفسها ومركبة الاطلاق والادارة العامة للبرنامج. وسوف تشتمل اهداف المناظير الفضائية الاربعة مراقبة بقايا النجوم المستعرة وهي النجوم التي يتعاظم ضوؤها بقوة مفاجئة ثم يخبو لأشهر عدة ونجوم النيوترون وغيرها من النجوم والثقوب السوداء والمجرات. واليابان لديها برنامج خاص للفضاء. اذ انها ستطلق في العام المقبل مركبة صغيرة يمكن استردادها، وستطلق قمرها العلمي السادس عشر عام 1995، وقمر التجارب الهندسية على الرسو والهبوط وتكنولوجيا الانسان الآلي عام 1997، وقمرها الذي سيدور حول المريخ عام 1998. كما ستبدأ اليابان في العام المقبل في تطوير جيل جديد من المركبات الفضائية لمراقبة الارض. ومن الواضح ان اليابان لا تسعى الى مجرد اللحاق بالغرب بل والى التفوق عليه. وفي اول عملية اطلاق من كورو في غيانا الفرنسية ارسلت ناسا، باستخدام أريان، قمر بوسيدن الفرنسي - الاميركي المشترك في شهر حزيران يونيو وهو قمر لقياس المحيطات ومراقبتها ويستطيع قياس التغييرات في سطحها بدقة تصل الى سنتيمترات. وهي تغييرات يمكن ان تنذر بحدوث العواصف العاتية والاعاصير التي تضرب آسيا واميركا كل عام. ويقول لي ونغ فو مسؤول وكالة ناسا عن بوسيدن ان مستوى سطح البحر الى الشرق من اليابان انخفض حوالي ثلاثين سنتيمترا في الاشهر الخمسة ما بين تشرين الاول اكتوبر 1992 وآذار مارس من العام الحالي نظراً لبرودة المحيط في فصل الشتاء الناجمة عن كتل الهواء القارية الباردة من شمال القارة الاميركية وشمال آسيا. ومع انه لا يوجد اعتراض في الكونغرس على التعاون الاميركي مع اليابان وألمانيا والجماعة الاوروبية بشكل عام وكندا فان هناك الكثير من الارتياب بالنسبة الى التعاون مع روسيا رغم رغبة الادارة الاميركية في التزلّف الى موسكو. وهذا الشك متبادل بعد ان ذكرت الصحافة السرية في روسيا ان جنرالات متقاعدين لديهم معلومات سرية يبيعون معلومات عن قنوات الاتصال الفضائي الاميركية واجهزة تحليل الشيفرة وحتى اجهزة كمبيوتر روسية مبرمجة سلفاً وفي كل هذا ما يمكن الاميركيين من التجسس على أداء المركبات الفضائية الروسية. وأهم اولئك الجنرالات هو الجنرال فلاديمير ليونتوفيتش ايفانوف مدير الدفاع الفضائي الروسي الذي اعتقل اخيراً بعد ان جلب الانتباه الى نفسه حين قام برحلات باذخة الى الولاياتالمتحدة مع زوجته واتضح ان شركات اميركية ورجال اعمال مشبوهين من روسيا دفعوا نفقاته، على ذمة مجلة "نازافيسينايا" الروسية. برنامج انتقائي اطلقت الولاياتالمتحدة حتى الآن 670 مركبة فضائية من نوع او آخر ووضعتها في مدارها أو ما وراء المدار. ولكن نظراً لأن معظم المركبات الفضائية لا يحمل بشراً فان الجزء الاعظم من العمل الفضائي الفعلي يتم على الارض. يعرف الجميع ان بوصلة الطائرة او السفينة تشير الى "الشمال المغناطيسي" لا الى "الشمال الحقيقي". كما ان كل طيار او ربان يكيف ويعدل اتجاهه تبعاً لذلك. والآن ها هم العلماء في لوس ألاموس حيث ولدت القنبلة الذرية يستخدمون ثلاثة اقمار اصطناعية للحصول على صورة كاملة للغطاء الواقي المغناطيسي الذي يغلف الارض. ويقول احد خبراء المختبر القومي في لوس ألاموس، مايكل تومسون: "ينتفخ المجال المغناطيسي الى الفضاء المجاور ويفصل البيئة التي تهيمن عليها الارض عن تلك التي تهيمن عليها الشمس. وتضرب الريح الشمسية وهي عاصفة من الجزئيات المشحونة المندفعة من الشمس باتجاه الخارج، المجال المغناطيسي ثم تتحول حوله - مثلما يشطر مجداف القارب المياه. وعلى الطرف الآخر يمدد انسياب الريح الشمسية المجال المغناطيسي الى الخارج على شكل ذيل يمتد الى ما بعد مدار القمر بكثير". وجميع الاقمار الثلاثة في مدارات متزامنة، اي انها جميعا فوق البقعة نفسها من سطح الارض عندما تدور الارض حول الشمس وحين تدور حول نفسها ايضاً. وبتوزيع الاقمار الثلاثة على تلك المدارات يمكن للعلماء التعرف على عينات من المجال المغناطيسي كل ثماني ساعات تقريباً ما يساعدهم بالتالي على رسم النماذج الشاملة. كذلك اكتشف علماء ناسا ما يلي: * وجود حزام اشعاع من الأشعة الكونية - اي جزئيات من وراء النظام الشمسي - ما يؤكد بالتالي التكهنات التي تحدث عنها ملاحو الفضاء الروس في كوزموس. * دليل من دوران بايونير حول الزهرة على ان كوكب الزهرة تغطيه مياه يتراوح عمقها ما بين 10 امتار وخمسة وعشرين متراً وتؤدي الى عواصف وبرق. والزهرة اكثر شبهاً بالارض من المريخ مع ان الزهرة ابعد عن الارض. ولا بد انها كانت في الماضي باردة ولكنها الآن جافة وحارة كالنار. وقد دخلت المركبة مجال الزهرة في 8 تشرين الاول اكتوبر 1992 بعد رحلة دامت 14 عاماً والتهمتها النيران. * كذلك يعطي آيو وهو الاسم الذي اطلق على قمر المشتري وهو الكوكب الوحيد في النظام الشمسي الذي فيه اضافة الى الارض نشاط بركاني مكثف كميات كبيرة من الجليد. * اكتشاف جليد النيتروجين على بلوتو. * في وسع المركبة الفضائية ان تبطئ مستفيدة من "انجرار" جسم نجمي: وهكذا تم "تغطيس" مركبة ماجلاّن في المحيط الجوي للزهرة ثم ابطاء حركتها ما ساعدها على تخفيض مدارها. وهذا هو ما يعرف باسم "الفَرْمَلة الفضائية". * استخدمت ناسا الانسان الفضائي الآلي دالتي لاستكشاف داخل بركان في جبل اروباس في القارة القطبية الجنوبية. لكن ابحاث الفضاء لا تعتمد جميعها على المركبات الفضائية. اذ ان ناسا كيّفت طائرة التجسس الشهيرة "بلاكبيرد" - 71 للاستطلاع الاستراتيجي فأصبح في مقدورها أن تطوف حول العالم ثلاث مرات في اليوم لاجراء دراسات فلكية على ارتفاعات عالية جدا وبسرعة تبلغ ثلاثة اضعاف سرعة الصوت. وتقول جاكلين غرين من مختبر ناسا للاندفاع النفّاث في كاليفورنيا: "ان المسألة في الواقع هي اشبه بتحويل السيوف الى محاريث. اذ ان امامنا نافذة فوق بنفسجية جديدة كاميرا للأبحاث". وبخلاف الاقمار الاصطناعية تتميز "بلاكبيرد - 71" بوجود عقل بشري عليها، كما ان هذا العقل سيعود الى المكتب في اليوم نفسه". اما مهندسة الرحلة في الطاقم المؤلف من شخصين فهي مارثا بوم ماير وهي اول امرأة تقود بلاكبيرد. كذلك بدأت ناسا في استخدام الطائرة المقاتلة الهجومية "ف - ب/18" لاختبار الانظمة التي ترسل تعليمات الى اسطح الاشراف والتحكم في القمر الاصطناعي. بل وأقامت ناسا هذه السنة معرضاً في اوشكوش بولاية ويسكنسون جمعت فيه الطائرات التجريبية الخفيفة لتشرح ما الذي تقوم به الوكالة من اجل جعل طائرة الركاب التي تفوق سرعتها سرعة الصوت كثيراً امراً ممكناً لابناء الجيل المقبل. كما تم استخدام تكنولوجيا ناسا في بناء سفينة "سي شادو" اي الظل البحري وهي سفينة حربية لا يستطيع الرادار اكتشافها والمعادل البحري لطائرة ستيلث الشبح. ولكي تكون ناسا جزءاً من اميركا الحديثة فانها بدأت في تقديم عقود الى مصالح الاعمال الصغيرة ورعاية الدراسات الفضائية في المدارس. كما ان هناك حالات لا حصر لها من التعاون بينها وبين الصناعة. ولا شك ان كل شخص يعرف الآن انه يتم تتويج اسناننا بالمادة التي انتجت للمخروط الامامي من اول سفينة فضائية تذهب الى القمر. لكن المساعدة التي تقدمها ناسا في بناء المعادن الأقوى وفي علم الضبط الدقيق اعظم من ذلك كثيراً. وتساعد ابحاث الفضاء ايضاً في العمل على ايجاد علاج لمرض فقدان المناعة المكتسبة المعروف باسم الايدز باستخدام بلوريات الأشعة السينية المتقدمة في تحري المرض في مرحلة مبكرة جداً وانتاج اللقاح المطلوب. ويقول الدكتور دانيال كارتر رئيس قسم الفيزياء الحيوية في مختبر علوم الفضاء في هانتسفيل بولاية ألاباما: "ان اي مجموعة أبحاث تعتبر محظوظة اذا ما تمكنت من الوصول الى بروتين واحد من فيروس فقدان المناعة المكتسبة لأغراض تكنولوجيا البلوريات. أما نحن فسوف يكون لدينا فرصة للوصول الى كميات منها جميعاً. وسوف نستخدم قدراتنا الفريدة لزراعة بلوريات البروتينات ثم نستخدم بعد ذلك التكنولوجيا التحليلية والكمبيوترية المتوافرة لدينا لمحاولة تحديد التركيبات الثلاثية الابعاد للجزئيات البيولوجية بدقة". ويجدر بالذكر ان البروتين هو المادة التي تبني الجسم وهي اساسية للمناعة. ويقول الدكتور رأفت الانصاري من مركز ابحاث ناسا في كليفلاند بولاية اوهايو: "ان بين النتائج الفرعية التي نجمت عن تطوير المراكب الفضائية جهازاً من الألياف للسبر البصري يمكن استخدامه ايضاً لتحري بلورات البروتين في السائل الموجود داخل عدسة العين البشرية. فاذا كان السائل غير صاف أو دون بريق فانه يحذّرنا بإعتام عدسة العين وهو مرض منتشر في انحاء كثيرة من العالم. وهذا الجهاز أداة للتشخيص تساعدنا على تحقيق شفاء إعتام العدسة في المراحل الاولية من حدوثه". أما الدكتور تشارلز ريدموند من المقر الرئيسي لوكالة ناسا فيقول: "ان المادة نفسها التي تمنع احتراق المكوك الفضائي عندما يعود من الفضاء يمكن ان تساعد على حل كثير من المعضلات الطبية على الارض. والفكرة هي استخدام القرميد الخزفي للمكوك في زراعة العظام البشرية بما في ذلك زراعة الاسنان". وخلال الفيضانات الهائلة التي اجتاحت بعض الولايات الاميركية هذا العام نتيجة فيضان نهر الميسيسيبي وروافده قدمت ناسا مجسّات خاصة جداً تم استخدامها عند التحليق فوق المناطق المنكوبة لتقرير مستويات ومعدلات الانخفاض والارتفاع في منسوب مياه الأنهار - وهي المجسّات نفسها التي استخدمتها المركبات الفضائية في حالة الزهرة ومركبة بوسيدن في دراسة المحيطات الأرضية. وفي المختبر القومي في لوس ألاموس يقوم العلماء الآن باحداث عواصف مصغرة جداً داخل حاويات بلاستيكية لا يتجاوز ارتفاعها ثلاثة سنتيمترات للتعرف بشكل افضل على كيفية بداية العواصف. وربما تقوم شركات خاصة في المستقبل بعمليات استكشاف في الفضاء. فقد ظل البحث في الولاياتالمتحدة مقصوراً بشكل عام حتى الآن على الشركات الكبيرة التي يسهم دافع الضريبة في تقديم الاعانات المالية لها. اما الآن فهناك شركات صغيرة نسبياً تحقق ارباحاً كبيرة مثل شركة أوربيتال ساينز شركة علوم المدارات قرب مطار دالاس نجحت في تطوير منصات الاطلاق الخاصة بها، وتعتزم ايضاً تطوير مركبتها الفضائية الخاصة. وكان سبق لهذه الشركة ان ساهمت في مساعدة سلاح الجو الاميركي في اطلاق قمر أليكسيس. وهي تخطط الآن للبدء في نظام اتصالات القمر الاصنطاعي الرقمي العالمي بالتعاون مع مؤسسة تيليغلوب. علاوة على ذلك تعتزم الشركة عرض "خدمة التجارب المدارية المخبرية الدقيقة" على الجامعات والمختبرات. كما ان ناسا ستطور بالاشتراك مع هيئة سوبرا الطبية "ادوات قياس فوق صوتية متقدمة". كما ستقدم ناسا منحاً وبعثات جامعية في ابحاث الفضاء.