ان الاهمية الصحية للفيتامينات بمختلف أنواعها حقيقة واقعة اثبتتها الدراسات والابحاث على مدى السنين. فهي اساسية في تحسين اداء جهاز المناعة وزيادة قدرة الجسم على مقاومة الامراض، وحماية الانسجة من الضعف والتلف والهوان. كما انها ضرورية للمحافظة على حيوية الانسان ونشاطه وشبابه، وفعالة في مكافحة التلوث البيئي وما ينتج عنه من مواد وعناصر مؤكسدة تضر بالصحة. وحديثاً أكدت الدراسات الطبيعية دور أحد هذه الفيتامينات وهو حامض الفوليك وأهميته في تحصين المواليد الجدد من الاصابة بمرض انشقاق سلسلة الظهر وما ينجم عنه من عاهات وأعراض كالشلل والتخلف العقلي. ما هو هذا المرض وكيف نحمي اطفالنا منه؟ انشقاق العمود الفقري سلسلة الظهر أو ما يعرف طبياً بالسنسنة المشقوقة "Spina bifida" حالة مرضية خلقية يولد معها الطفل فتصيبه بالأعاقة وتتسبب في وفاته أحياناً. وقد يسلم البعض من اخطارها فلا تظهر عليهم الأعراض، بينما يستفيد قسم آخر من المصابين اذا اجريت له عمليات جراحية مباشرة بعد الولادة. وكما يبين اسمها فان هذه الحالة عبارة عن فشل التحام بعض فقرات عظام سلسلة الظهر أو انشقاقها بشكل يؤدي الى انكشاف جزء من الحبل الشوكي وانحباس سائل النخاع الشوكي داخله فينتفخ وكأنه كيس طري يظهر في موقع ما من سلسلة الظهر. أسباب هذه الحالة المرضية غير مفهومة تماماً لكنها تصيب بعض العائلات دون غيرها. ولهذا يلجأ الاطباء الى فحص بعض افراد عائلة الطفل المصاب بالسنسنة المشقوقة بمن فيهم بنات العم والخال الحاملات. وقد أظهرت الدراسات الحديثة ان غالبية الامهات اللاتي يلدن اطفالاً مصابين بهذه الحالة يعانين من نقص ببعض الفيتامينات وفي طليعتها فيتامين حاض الفوليك. وأكدت دراسات اخرى أهمية تناول الحوامل لفيتامين حامض الفوليك قبل الحمل وفي مراحله الاولى لوقاية المواليد من خطر الاصابة بانشقاق العمود الفقري. الا انه من الضروري استشارة الطبيب قبل تناول الفيتامين. كي يحدد جرعته التي لا تزيد عادة على قرص واحد يومياً. تتراوح خطورة حالات انشقاق السنسنة تبعاً لدرجة التهاب السحايا النخاعية والانفتاخ الذي يصيب الكيس الطري البارز فوق عنق أو مؤخرة سلسلة الظهر غالباً أو المحتمل بروزه في أي موقع آخر منها. فقد يتعرض الجلد الرقيق للكيس المنتفخ الى العطب أو التمزق بصورة تُعرض الجزء المكشوف من الحبل الشوكي للالتهابات والامراض. وفي هذه الحالة يستحسن علاج انشقاق السنسنة جراحياً في مرحلة مبكرة لأن احتمالات نجاحها تكون كبيرة جداً. ويمكن للطفل ان ينمو ويكبر طبيعياً من دون اي اعراض او مضاعفات. الا ان معظم حالات انشقاق السنسنة الاخرى تكون اكثر خطورة بحيث ينمو الجنين وجزء من العمود الفقري والحبل الشوكي وبعض الاعصاب تبقى مكشوفة اسفل الكيس المنتفخ الذي غالباً ما ينفجر قبل الولادة. وبالطبع يولد معظم الاطفال المصابين بهذا النوع من حالات السنسنة المشقوقة معوقين أو مشلولين. وتعتمد درجة الاعاقة هذه على جزء العمود الفقري المتضرر، ومدى العطب الذي تتعرض له الاعصاب. ونظراً لتراوح مستوى الضرر الذي يمكن ان تتعرض له الاعصاب فانه من المحتمل ان يصاب الطفل بأعاقة شديدة أو بسيطة أو يسلم منها كلياً. فاذا تأثرت منطقة عنق سلسلة الظهر تتضرر الاعصاب المستخدمة في عملية التنفس وينتج عنها وفاة الاطفال بعد ولادتهم بفترة وجيزة. واذا تأثرت المنطقة الواقعة في أقصى الجزء السفلي من السلسلة فان بعض الاعصاب الممتدة الى القدمين تتأثر مسببة ما يعرف بالاقدام المدبسة. وهذه حالة يمكن الشفاء منها بالمعالجة الطبيعية كالتدليك أو بجراحة العظام. وأحياناً يتأثر بعض الاعصاب التي تتحكم بالمثانة ما يؤدي الى اصابة الطفل بالعجز عن استمساك البول. اما اذا تأثرت المنطقة الواقعة في منتصف العمود الفقري أو أي جزء فوقها فان الاضرار الصحية تكون اكثر خطورة تؤدي غالباً الى تعطيل الساقين أو اصابتها بالعجز. وقد يفقد بعض الاطفال القدرة على المشي ويضطر الى ملازمة الكراسي المتحركة والاعتماد عليها كلياً. بينما ينجح البعض في المشي بعد اجراء عمليات جراحية عدة على عظامهم وأوتار عضلاتهم شريطة لبسهم أطقم معنية تثبت حول أرجلهم تساعد على تحريكها. وتصاب نسبة كبيرة من هؤلاء الاطفال بالعجز عن استمساك البول والبراز. ما يتطلب تزويدهم بقثطار لتصريف البول. كما يتعرض الاطفال المصابون بحالات انشقاق السنسنة الشديدة الى انحناء عمودهم الفقري في سن البلوغ، مع امكانية معالجة وتصحيح هذا الانحناء بواسطة احدى العمليات الجراحية. وغالباً ما يتبع هذا النوع من الاصابات انحباس الماء في الدماغ أو ما يعرف بالاستسقاء الدماغي. ويتطلب ذلك اجراء عملية جراحية لتصريف السائل الزائد عبر انابيب وصمامات خاصة في الصدر أو البطن. ومن المؤسف ان بعض هؤلاء الاطفال يصاب بالتخلف العقلي بدرجات متفاوتة. الوقاية خير من العلاج عند ولادة طفل مصاب بانشاق سلسلة الظهر يتم عرض الحالة مباشرة على الطبيب المختص الذي ينقل الطفل الى احد المراكز المختصة بجراحة الاطفال. حيث يقرر فريق من الخبراء ما اذا كان المولود الجديد سيستفيد من عملية جراحية معينة أم لا. وفي حال اقرار مثل هذه العملية لا بد من انجازها قبل مرور 24 ساعة على ولادة الطفل لتحقيق أفضل النتائج والتقليل من احتمال اصابته بعدوى جرثومية أو فروسية خطيرة. أو اذا لاحظ الجراحون ان الطفل سينمو معاقاً بدرجة كبيرة مع اصابته بسلس البول والاستسقاء الدماغي، فانهم لا يوصوا باجراء تلك العملية الجراحية الا اذا أصر الوالدان عليها. وقد تختلف توصيات الاطباء بين نقل الطفل الى المنزل ومحاولة اطعامه والاعتناء به. فاما ان يموت الطفل نتيجة اصابته بالتهاب السحايا الدماغية بعد بضعة اسابيع. واما ان يرفض الطفل الطعام فيموت خلال 6 أشهر. واما ان يتقبل الطعام ويتابع حياته فيشفى بعد 8 أسابيع مع ظهور كيس كبير فوق سلسلة ظهره يزيله الاطباء في عملية جراحية بعد بضعة أشهر مع اجراء عملية اخرى لتصريف السائل الزائد في الدماغ خلال 3 أو 6 أشهر. اما الحل الامثل والاسلم فهو ان تطلب المرأة الحامل التي سبق ان ولد لأحد اقربائها طفل مصاب بانشقاق سلسلة الظهر، اجراء فحص مخبري على عينة من الدم للتأكد من سلامة الجنين. وقد يضطر اخصائي امراض النساء والولادة الى اجراء فحص آخر على عينة من سائل السلى Amniotic Fluid الموجود داخل المشيمة والى تصوير الجنين بالسونار للتأكد من عدم اصابته بهذه الحالة. وقد اثبتت الدراسات والابحاث الاخيرة ان تناول المرأة الحامل لفيتامين حامض الفوليك قبل الحمل وخلال الايام الاولى منه يحمي الجنين من الاصابة بالسنسنة المشقوقة بنسبة كبيرة جداً. لذلك يتوجب على النساء الراغبات في الحمل سواء وجد بين عائلاتهن اطفال مصابون بهذه الحالة أم لم يوجد، عدم التردد في تناول الفيتامينات التي يصفها لهم الاخصائيون لأن في ذلك سلامة لهن ولأطفالهن من شر هذا المرض ومضاعفاته الخطيرة. فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.