يندفع الانسان مخيراً كان أم مرغماً الى استخدام الادوية مهما كانت اشكالها او انواعها او محتوياتها طالما انها تخلصه من عذاب الامراض وتبشر بعلاجها والشفاء منها. ومع تطور الطب والصناعة الدوائية، ونجاح العلماء في ابتداع أفضل الوسائل وأسهلها وأدقها لايصال الدواء للمرضى، ظهرت في الاسواق اخيراً لصقات علاجية تبشر بانبلاج فجر جديد لعلاج الامراض والاعراض بلا اقراص أو كبسولات أو حقن. ما هي هذه اللصقات؟ وهل يمكنها الغاء دور الادوية العادية مستقبلاً؟! أثمرت جهود الباحثين في ايجاد وسيلة فعالة لايصال بعض الأدوية الى المرضى بانتظام وتحكم يفوقان الوسائل التقليدية العادية مثل الحقن والأقراص أو الكبسولات. فقد تمكنوا من انتاج لصقات فاعلة تُثبت فوق الجلد وتستخدم التيار الكهربائي الطبيعي لدفع الادوية بصورة غير مؤلمة عبر مسام الجلد وممراته المتمثلة بالغدد العرقية وحويصلات الشعر. وكانت المشكلة الاساسية التي واجهت العلماء خلال ابحاثهم هي كيفية ادخال جزيئات الادوية الكبيرة الحجم الى الجسم بمستويات كافية ومرضية عبر تلك الممرات الضيقة. الى ان نجحت عملية المداواة الايونية Ionto Phoresis التي تعتمد على التيار الكهربائي للجسم الناتج عن ايجابية الدواء وسلبية الجلد بما يسمح بتوغل الدواء الموجود في اللصقات عبر مسامه بسهولة وانتظام وعمق. وتمتاز هذه الوسيلة العلاجية عن غيرها من وسائل المعالجة الدوائية التي يتناولها الانسان، في انها تدخل مجرى الدم مباشرة كما هو حال الأدوية التي تعطى للمرضى بواسطة الحقن أو الإبر فتتفادى المرور عبر الجهاز الهضمي وتعاريجه. بينما تتعرض الأدوية التي يتناولها الانسان بواسطة الفم لخطر التجزئة والتفكك داخل الامعاء أو الكبد وتفشل في ايصال الكمية المطلوبة الى أهدافها. وتضمن اللصقات وصول الدواء الى المريض بالتقطير وببطء يقلل من خطورة تراكم الجرعات الدوائية ويمنع تسمم المريض. وهكذا ينال المريض ما يحتاجه من الدواء من دون زيادة أو نقصان. لصقات لعلاج الذبحة الصدرية تعتبر اللصقات الخاصة بعلاج اعراض الذبحة الصدرية من أنجح اللصقات المتوافرة في الاسواق. فهي تحتوي على مادة غليسيريل تراينايتريت الكيماوية التي تتحول الى غاز أوكسيد النتريك داخل الجسم فتساعد على توسيع الاوعية الدموية لايصال كميات الدم الغني بالأوكسجين التي تحتاجها عضلات القلب المجهدة للتمكن من اداء واجباتها والتغلب على حالة الانقباض والاوجاع التي تصيبها والتي يشعر بها المريض في صدره وعبر رقبته وكتفه وساعده. والمعروف ان مرضى الذبحة الصدرية يحملون معهم اقراصاً من دواء غليسيريل تراينايتريت لوضعها تحت اللسان بحيث تذوب ببطء وتعالج اعراض الذبحة حال وقوعها. اما اللصقات فيمكن وضعها في منطقة الصدر على مدى 24 ساعة أو في أوقات معينة يومياً حسب تعليمات الطبيب، بحيث يتسرب الدواء منها مباشرة عبر الجلد فيدخل الدورة الدموية ويوسع الاوعية المنقبضة فيزود عضلات القلب المتضررة بما تحتاجه من الاوكسيجين. وتشير التعليمات المرافقة لهذه اللصقات الى ضرورة استشارة الطبيب قبل استخدامها اذا كان المريض يعاني من حساسية ضد أي من الادوية المضادة للذبحة الصدرية أو من انخفاض ضغط الدم أو من أمراض القلب والاوعية الدموية الاخرى. كما تحذر التعليمات الاشخاص الذين يتناولون أدوية ضد الاكتئاب والقلق والصداع النصفي الشقيقة والنساء الحوامل والمرضعات من عدم استخدام اللصقات قبل استشارة الطبيب. وقد يتعرض بعض مستخدمي اللصقات المضادة لأعراض الذبحة الى مضاعفات وآثار جانبية مختلفة كالصداع والدوار والاغماء وازدياد خفقان القلب لبضعة أيام تزول بعدها. اما اذا استمرت فيستحسن استشارة الطبيب. وتتوافر في الاسواق أنواع مختلفة من تلك اللصقات مثل نايترو ديور وترانسديرم نايترو. لصقات ضد السمنة وتمكن العلماء والباحثون في الولاياتالمتحدة الاميركية من انتاج لصقات جلدية تحتوي على عصارة من الاعشاب البحرية الغنية باليود، تساعد على حرق الحراريات واستهلاك الدهون وتزيد من قدرة الجسم على التصرف بالحراريات الاضافية في عمليات البناء من دون اضطرار مستخدميها لاتباع نظام حمية صارم أو الامتناع عن تناول ما يحلو لهم من طعام بحدود المعقول. ولصقات الرشاقة عبارة عن شرائح لا يزيد حجم الواحدة منها على 3 سم2 تحتوي على جرعة مقدارها 5 ملغ، يتسرب منها 075.0 ميكروغرام من اليود داخل مجرى الدم على مدى 12 أو 16 ساعة. ويساعد ذلك في حث الغدة الورقية على انتاج هورمون الثايروكسين الذي يزيد من سرعة عمليات البناء الفيزيولوجية داخل الجسم ويدفعه الى حرق المزيد من الحراريات والدهون. ويدّعي صانعو هذه اللصقات المسماة Le Patch" أو "Shape Patch التي تباع حالياً في الولاياتالمتحدة وأوروبا، ان مستخدميها الذين يتبعون التعليمات والارشادات بدقة يخسرون أكثر من 10 كيلوغرامات من وزنهم خلال شهرين دون الحاجة الى تغيير عادات الأكل، طالما انهم يتناولون الطعام بتعقل ويشربون 8 أكواب من الماء يومياً. ويعزو رئيس الشركة الموزعة للصقات "Le Patch" في المملكة المتحدة طوني جنسين عدم نجاح هذه اللصقات عند البعض الى استمرار هؤلاء في اتباع نظام غذائي سيئ وتناول وجبات طعام غير صحية. ما يؤدي الى تجدد الاصابة بالسمنة اثر التوقف عن استخدام اللصقات. غير ان عدداً من المتطوعين في تجارب اللصقات المضادة للسمنة أكد عدم جدوى هذه اللصقات ما لم يرافقها نظام حمية جيد وبرنامج معقول لممارسة بعض التمارين الرياضية. ويشير الدكتور أندرو لوكي مؤلف كتاب "دليل العائلة للمعالجة المثلية" الى ان الادعاء بأن اليود الموجود في الاعشاب البحرية أثبت صلاحيته كعلاج مثلي لمقاومة السمنة منذ أكثر من قرن، هو ادعاء قابل للجدل لأن اليود المُركز يستخدم أحياناً كعلاج لزيادة الوزن عند بعض المرضى. وتجدر الاشارة الى ان مبيعات هذه اللصقات في الولاياتالمتحدة تأثرت كثيراً لفشلها في تلبية شروط السلامة والفعالية التي تفرضها ادارة الاغذية والادوية الاميركية التابعة لوزارة الصحة هناك. بينما ازدادت المبيعات في أوروبا لرغبة الناس في تجربة اللصقات ولو مرة واحدة قبل الحكم عليها. من جهة اخرى تشير النشرة الارشادية المرافقة للصقات Shape Patch الى أهمية ممارسة بعض التمارين الرياضية اثناء استخدام اللصقات بعد استشارة الطبيب، والى ضرورة تخفيف كميات الطعام المستهلكة دون تغيير عادة الأكل جذرياً. فاللصقات تعطي مستخدميها شعوراً بالشبع والاكتفاء الذاتي، ما يضطرهم لأكل كميات أقل من الطعام اثناء تناول الوجبات. وغالباً ما يكتسب هؤلاء عادة الأكل الخفيف فيحافظوا على أوزانهم جراء استخدامهم اللصقات، بعكس ما يحصل عند اتباع وسائل الحمية الغذائية المتوافرة الاخرى. وتؤكد الارشادات على ضرورة وضع اللصقات فوق الجلد الناعم الذي يغطي الذراع أو الساق أو الفخذ والرسغ أو غيرها من اجزاء الجسم. على ان يتم ذلك قبل تناول وجبة الافطار الصباحية، ولا يتم تغيير اللصقة الا بعد مرور 24 ساعة عليها. ويمكن الاستحمام بها دون الخوف من دخول الماء اليها. وفي حالة ظهور أية حساسية جلدية جراء استعمالها، ينصح بنزعها والتوقف عن استخدامها لحين استشارة الطبيب المعالج. لصقات لأعراض سن اليأس بعد نجاح العلاج الهورموني للأعراض الجسدية والنفسية الناجمة عن انقطاع الطمث أو سن اليأس بما فيها من فورات وهبات حرارية وصداع وانتفاخ وانحباس للسوائل داخل الجسم، وتقلبات للمزاج وجفاف المهبل والبرود الجنسي وهبوط مستوى الكالسيوم والتعرق الليلي، التي يعاني منها معظم النساء خلال تلك المرحلة من العمر، نتيجة الهبوط المفاجئ في مستوى هورمون الاستروجين الانثوي المسؤول جزئياً عن ظهور الدورة الشهرية عند النساء. وبعد اللجوء الى استخدام الاقراص والحقن الحاوية لهورمون الاستروجين لتعويض جسم المرأة عما يفقده من هذا الهورمون. حقق العلماء انجازاً آخر في توصيل هورمون الاستروجين الذي تحتاجه النساء في مرحلة سن اليأس بواسطة لصقات توضع فوق الجلد ويتسرب منها الاستروجين ببطء واتزان فتعوّض المفقود منه بأقل قدر ممكن من الآثار أو المضاعفات الجانبية التي ربما سببتها الأقراص أو الحقن. وينصح الاطباء النساء اللاتي يعانين من اعراض سن اليأس بعدم استخدام اللصقات اذا كن يعانين من ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري أو التهاب الكبد، وكذلك المدخنان ومن لهن تاريخ عائلي بالاصابة بأمراض القلب. لأن استخدام اللصقات من قبلهن ربما أدى الى تكوين حصى المرارة والاصابة بالجلطة الدموية. اما في حالة تعرض بعض مستخدمي اللصقات لتضخم الثديين وطراوتهما أو الاصابة بالصداع الشديد والدوار، أو الشعور بثقل في الساقين واحتقان في الصدر، فانه من الضروري مراجعة الطبيب المعالج بشأن تلك الأعراض. ويمكن للنساء اللاتي يخضعن لعمليات استئصال المبايض اللجوء لاستخدام هذه اللصقات لتعويضهن عن هورمون الاستروجين الذي يتوقف افرازه نتيجة هذه العمليات الجراحية وما ينجم عنها من أعراض مشابهة لأعراض سن اليأس. اكتئاب ما بعد الولادة واستفاد الاطباء من استخدام لصقات الاستروجين في علاج حالات الاكتئاب الشديد المزعج والمؤلم الذي تتعرض له 10 في المئة من النساء في السنة الاولى التي تلي الولادة. وأكد الجراح جون ستد استشاري امراض النساء والولادة في مستشفى "تشلسي ووستمنستر" في لندن ورائد هذا الاسلوب العلاجي، ان استخدام لصقات الاستروجين يجب ان يكون الخيار الاول للنساء اللاتي يعانين من هذه المشكلة لأن الابحاث التي اجراها اثبتت فاعليتها وقلة الاعراض الجانبية الناجمة عنها. وأشار الى ان بوادر التحسن تظهر على المرضى بعد اسبوعين او ثلاثة اسابيع من استخدام اللصقات. غير انه ينبغي الاستمرار في استعمالها لمدة تتراوح بين 3 أو 6 أشهر. لصقات لدرء خطر الولادة المبكرة ان التطبيقات العلاجية للصقات الجلدية لا حدود لها. فقد اكتشف الاطباء البريطانيون ان اللصقات المستعملة لعلاج الذبحة الصدرية وآلامها والحاوية على دواء غليسيريل ترايناتريت الذي يوّلد غاز أوكسيد النتريك الذي يوّسع الاوعية الدموية داخل الجسم، تساعد أيضاً في ايقاف التقلصات أو الانقباضات التي تؤدي احياناً الى ولادة الاطفال الخدج قبل اوانهم عند النساء الحوامل اللاتي يعانين من مشكلة الولادة المبكرة والمخاض المبكر. وأكد الاطباء في مستشفى "كينغز كولدج" في لندن النجاح الباهر لتلك اللصقات في اطالة فترات الحمل عند اولئك النساء لفترة تزيد على 3 أسابيع. وبيّنت الدراسة التي نشرتها مجلة "لانست" الطبية البريطانية الموثوقة أهمية هذا الاكتشاف بالنسبة الى الامهات اللاتي سبق لهن وعانين من تقلصات اثناء الحمل واشتد عليهن المخاض بطريقة أدت الى ولادة اطفالهن الخدج قبل الاوان. اذ يبدو ان غاز اوكسيد النتريك يساعد في وقف التقلصات الناتجة عن بدء المخاض في مراحل مبكرة من الحمل، ما يساهم في تهدئة المرأة الحامل ويعينها على متابعة الحمل لأسابيع عدة اضافية تقلل من خطورة الولادة المبكرة. وهذا بدوره يعطي فرصة أكبر لنمو الجنين لحين قرب موعد الولادة الطبيعية أو قبل ذلك بفترة معقولة. لصقات ضد الغثيان ودوار السفر ونجح العلماء أيضاً في صنع لصقات تحتوي على مادة "هايوسين" أو "سكوبولامين" التي تستخدم كأدوية مسكنة ومنومة ضد حالات الغثيان والقيء ومقاومة دوار السفر، التي يتناولها المرضى عادة على شكل أقراص أو حقن أو قطرات في العيون. ويحذر الاطباء المصابين بمرض الفلوكوما أو الزرق من استخدامها، مع ضرورة التزام المصابين بأمراض القلب والامعاء والكلى الحذر الشديد واستشارة الطبيب المختص قبل تناولها. وقد يعاني البعض من أعراض الدوخة والدوار وجفاف الفم وربما من غشاوة البصر وصعوبة التبول عند تناول الادوية الحاوية لمادة هايوسين أو سكوبولامين. الا ان اللصقات تزود الجسم بكميات موزونة من تلك المادة تقلل من خطورة الاصابة بأعراض جانبية ضارة. لصقات النيكوتين من جهة اخرى ركزت الحملات الاعلامية الواسعة النطاق التي رافقت نزول لصقات النيكوتين التي تساعد في الاقلاع عن التدخين الى الاسواق، على النقاط الايجابية لهذه الوسيلة الجديدة والسهلة، وكالت لها المديح من دون ابراز النقاط السلبية ومن دون اللجوء الى دراسات علمية وصحية طويلة الأمد تُمكّن الناس من الاطلاع على الآثار والمضاعفات الجانبية لتلك الوسيلة العلاجية. لهذا اضطر الباحثون الطبيون الى التحذير من مغبة استعمال هذه اللصقات ومن الخطورة الصحية الناجمة عن استخدامها لفترة طويلة، خصوصاً بعدما لاقت رواجاً كبيراً عند مئات الألوف من المدخنين الراغبين في الاقلاع عن هذه العادة الضارة، وبعدما أصبحت متوافرة لعامة الناس ويمكن شراؤها من دون الحاجة الى وصفة طبية. وقد استند الباحثون الى أكثر من 40 تقرير طبي وردت من الولاياتالمتحدة الاميركية تحدثت عن اصابة عدد من المدخنين الذين يستخدمون هذه اللصقات بنوبات قلبية. هذا اضافة الى الدراسة التي قام بها البروفسور كولن كارو والباحثان كريست ريسي ونيكولاس واتكنز في مركز الاجهزة البيولوجية والطبية في جامعة أمبيريال كولدج في لندن، والتي عرضت نتائجها في المؤتمر السنوي للجمعية الفيزيولوجية في مدينة لستر البريطانية. حيث أظهرت النتائج ان الصور المأخوذة بالتموجات الصوتية لشريان الفخذ عند الاشخاص الذين تناولوا النيكوتين عن طريق المضغ أو العلك أو بواسطة اللصقات تبين حصول تغيرات هامة في مجرى الدم اضافة الى تصلب جدران الشريان. وتحدث هذه التغيرات عادة نتيجة لتدخين السجائر وتؤدي الى تصلب الاوعية الدموية والاصابة بأمراض القلب. يقول الدكتور كارو والباحث كريس ريس ان هذه النتائج تضيف حقائق جديدة الى الاعتقاد السائد بأن غاز أوكسيد الكربون هو الرابط المسبب لأمراض الاوعية الدموية عند المدخنين. اذ يبدو ان النيكوتين ايضاً لا يقل خطورة أو أهمية في بروز هذه الامراض. وشدد الباحثون على ان استخدام النيكوتين لفترات قصيرة كعلاج تعويضي للمدخنين الراغبين في الاقلاع عن هذه العادة لا يشكل خطراً كبيراً. الا انهم حذروا من استخدامه لفترات طويلة. من جهة اخرى صرّحت الدكتورة غوين بار، وهي واحدة من المسؤولين في شركة سيبا غايجي المصنعة للصقات النيكوتين وبعض انواع لصقات العلاج الاخرى انه يتوجب على المدخنين الذين يعانون من مشاكل في الدورة الدموية أو الاوعية ان لا يباشروا باستخدام لصقات النيكوتين قبل استشارة الطبيب أو الصيدلي المختص. وبيّنت تجارب علمية عدة ان أقل من ثلث عدد المدخنين الذين استخدموا لصقات النيكوتين نجحوا في الاقلاع عن التدخين. وفي بعض التجارب الاخرى كانت نسبة النجاح أقل من ذلك بكثير. وركزت هذه الابحاث على المدخنين الذين شاركوا في برامج مكلفة بتقديم العون والنصح والارشاد لهم. ولا توجد أدلة مستقلة تؤكد ما اذا كانت هذه اللصقات قادرة على توفير المساعدة والفائدة للاشخاص الذين يستخدمونها من دون المشاركة في مثل تلك البرامج. وبينما سمحت السلطات الصحية البريطانية ببيع ثلاثة أنواع من لصقات النيكوتين Nicabate, Nicorette, Nicotinell في الصيدليات من دون الحاجة الى وصفة طبية ومن دون الزام مستخدميها بالاشتراك في البرامج الصحية المخصصة لتلك الغاية والتي يمكنها متابعة تطورات العلاج وتقويم نسبة النجاح، قامت السلطات الصحية في الولاياتالمتحدة الاميركية بوضع سياسة مختلفة وفرض قيود صحية مشددة لمراقبة استخدام لصقات النيكوتين. تحتوي اللصقات على كميات محددة ومتفاوتة من النيكوتين القادر على التسرب داخل الجلد بسرعة منتظمة وثابتة، ويقوم المدخنون باستخدامها عند شعورهم بالحاجة الشديدة للنيكوتين أو الرغبة الجامحة للتدخين. ويختار المدخنون في بداية الأمر اللصقات الحاوية على كميات مرتفعة من النيكوتين لأسابيع عدة 3 أو 4 يقومون بعدها باستبدال هذه اللصقات بأخرى تحتوي على كميات أقل من النيكوتين لفترة مماثلة، الى ان يعتاد الجسم على قبول أقل كمية ممكنة من النيكوتين. وخلال 3 أشهر يصبح المدخن في وضع صحي ونفساني يسمح له بالاقلاع عن عادة التدخين. وتزداد فرص النجاح اذا توافرت عناصر النصح والارشاد والدعم والمتابعة. ان اللصقات تعالج مشكلة أساسية واحدة فقط تواجه الراغبين في الاقلاع عن التدخين، وهي مشكلة الاعتماد الجسدي أو الادمان على النيكوتين. لكنها لا تعالج العامل الاجتماعي النفساني الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة المعقدة للمدمنين على التدخين. وهذا ما يؤكده الدكتور مايكل فيوري، مدير مركز أبحاث التبغ والتدخل في كلية الطب في جامعة ويسكنسون في الولاياتالمتحدة الاميركية. اذ يعتبر العامل الاجتماعي النفساني، الذي تعجز لصقات النيكوتين عن علاجه، أهم عامل في صعوبة الاقلاع عن عادة التدخين عند معظم المدخنين. فالرغبة الجامحة في تدخين السجائر تراودهم عادة بعد الانتهاء من وجبات الطعام أو عند شرب القهوة أو عند الاستيقاظ من النوم واثناء قيادة السيارة والمشي في الحدائق وفي جلسات السمر مع الاصدقاء. كل هذه التصرفات مرتبطة بالعامل الاجتماعي النفساني الذي يجب معالجته عن طريق الحوار والتشجيع والدعم والمشاركة. يقول الدكتور مارتن جارفيس، أحد أخصائيي الطب النفسي في مركز ابحاث السرطان الامبراطوري في بريطانيا، ان اكثر الناس استفادة من هذه اللصقات هم المدخنون الذين يعانون من مشكلة الادمان الجسدي على النيكوتين. اما اولئك الذين يعانون من مشكلة الاعتماد الاجتماعي النفساني فهم أقل الناس افادة منها. من جهة اخرى، تؤكد الدكتورة غاي صذرلاند، اخصائية الطب النفسي في وحدة ابحاث الادمان التابعة لمعهد الطب النفسي في لندن، على أهمية الدعم والتشجيع والنصح والارشاد من قبل الاطباء العموميين القائمين على برامج مكافحة التدخين، لأن ذلك يوفر الحوافز ويكافئ الراغبين في الاقلاع عن التدخين، خصوصاً عندما يبينوا لهم الفوائد الصحية التي تم تحقيقها تدريجاً ويحذروهم من عواقب العودة الى التدخين. وقد أظهرت الدراسات ان نسبة نجاح لصقات النيكوتين في تحقيق الاقلاع عن التدخين تتضاعف اذا كانت ضمن برامج داعمة ومدروسة. ولا يكفي ان تكون العلب الحاوية لتلك اللصقات مزودة بلائحة فيها معلومات ونصائح لمن يستخدمها لانه لا يوجد بديل من النقاش والحوار والاستشارة كلما اقتضت الحاجة ذلك. لهذا قام بعض الشركات المصنعة لتلك اللصقات، مثل شركة كابي فارماسيا التي تصنع لصقات Nicorette وشركة سيبا غايغي التي تصنع لصقات Nicotinell بتوفير خطوط هاتفية تعمل على مدار الساعة في تقديم النصح والارشاد وتدعو الى ضرورة اللجوء للاستشارة الطبية قبل الشروع باستخدام اللصقات. فالمعروف ان المدخنين هم من الفئات المعرضة للاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، لهذا يستحسن ان يقوم المدخنون الذين يعانون من مشاكل في القلب أو الدورة الدموية، وغيرهم ممن يعاني من اضطرابات في ضغط الدم، باستشارة الطبيب قبل البدء باستخدام لصقات النيكوتين. كما انه يحظر عليهم التدخين اثناء استخدامهم لتلك اللصقات، لأن ارتفاع نسبة النيكوتين في مجرى الدم يؤدي الى ضيق الاوعية الدموية وربما الى الاصابة بنوبات قلبية قاتلة. وهذا ما دفع الدكتور ألفرد مونذر مدير الطب الرئوي والعناية المركزة في مستشفى أدفنتيست في واشنطن، والرئيس المنتخب لجمعية الرئة الاميركية، الى انتقاد قرار السلطات الصحية البريطانية بالسماح ببيع لصقات النيكوتين في الصيدليات من دون وصفة أو اشراف طبي. وتجدر الاشارة الى ان لصقات النيكوتين تباع في الولاياتالمتحدة الاميركية منذ العام 1991 تحت اشراف طبي، وتمثل هذه المبيعات ثلاثة أرباع السوق العالمي البالغ مليار دولار. وتصرّ ادارة الاغذية والادوية الاميركية على عدم بيع هذه اللصقات من دون وصفة طبية. كما انها تحذر من المضاعفات الصحية التي يمكن ان يسببها ارتفاع مستوى النيكوتين نتيجة لاستخدام اللصقات، كالتقيؤ واضطراب حاستي البصر والسمع والاصابة بالغثيان والصداع والتعب. وحديثاً أكدت نتائج الابحاث التي اجراها الدكتور ديفيد مانت والدكتور جيفري فاولر من مستشفى رادكليف في اوكسفورد في بريطانيا، أهمية الاستشارة الطبية والعناية الاجتماعية في تحقيق نجاح لصقات النيكوتين في اقلاع الناس عن التدخين. وهذا ما أكده ايضاً البروفسور راسل وفريق من الباحثين في معهد الطب النفسي في لندن، حيث تبين لهم ان تقديم الدعم والمشورة الى المدخنين اثناء استخدامهم للصقات النيكوتين يحقق نجاحاً جيداً عند أشد المدخنين ادماناً على النيكوتين. ان مراقبة المضاعفات الصحية والآثار الجانبية التي يمكن ان تسببها لصقات النيكوتين أمر ضروري منوط بالاطباء. واذا استمر بيع هذه اللصقات من دون وصفة طبية ومن دون مراجعة الطبيب عند الحاجة أو اثناء فترة العلاج، فانه سيكون من الصعب جداً تقديم هذه المضاعفات وتحديد أسبابها وابداء الرأي الصائب فيها. لذلك ننصح بضرورة الرجوع الى الطبيب قبل البدء باستخدام لصقات النيكوتين ومراجعته في حالة الاصابة بأي عارض صحي اثناء فترة استخدامها. وهذا كفيل بنجاح التجربة وتفادي الاخطار في المستقبل. لصقات المستقبل لقد تطورت وسائل العلاج بلصقات الجلد كثيراً خلال فترة وجيزة منذ نزول لصقات الاستروجين المستخدمة في علاج أعراض سن اليأس واكتئاب ما بعد الولادة، ولصقات النيكوتين المضادة للتدخين. ويتوقع العلماء ظهور مجموعة متنوعة من اللصقات العلاجية الجديدة التي تصلح كوسيلة موثوقة وفعالة لايصال الدواء ضد أمراض وعلل واسعة النطاق. اذ يقوم الباحثون في الولاياتالمتحدة الاميركية بالعمل على انتاج لصقات تحتوي أدوية مسكنة ومخدرة مثل "لايدوكين" لعلاج الاوجاع الناتجة عن أمراض التهاب المفاصل والحلاء النطاقي Shingles والهربس. وتشمل الابحاث ايضاً انتاج لصقات "الانسولين" لعلاج مرض السكري، ولصقات "فايوسوتيغمين" لعلاج الخرف الشيخوخي الزهايمر ولصقات مضادة للهيستامين لعلاج أمراض الحساسية، ولصقات "ألبيوتيرول" لعلاج نوبات الربو والتهاب الشعب الهوائية، ولصقات مضادة للالتهابات، ولصقات مضادة للحمل وغيرها الكثير مما قد يؤمن للانسان طريقة تعوضه عن استعمال أقراص وكبسولات وحقن الأدوية.