كان أيمن شوقي من أشد المعجبين بالأهلي، وكم كانت سعادته كبيرة عندما انتقل الى هذا النادي العريق منذ 11 عاماً. يومذاك لم يتوقع أبداً ان يأتي يوم ينتقل فيه من الأهلي الى الزمالك. مر أيمن شوقي في الفترة الأخيرة بظروف نفسية سيئة جداً، لدرجة أنه أقسم ألا يرتدي القميص الأحمر مرة أخرى، حتى لو اضطر للاعتزال. لم يلعب أيمن شوقي خلال عامين تولى فيهما الانكليزي آلان هاريس تدريب الأهلي الا 7 مباريات فقط، وبضع دقائق في لقاءات متناثرة ولأسباب قاهرة اضطرارية مثل اصابة حسام حسن أو فيلكس أو غيرهما من مهاجمي الأهلي. ويعتبر أيمن شوقي ان هاريس نجح في القضاء عليه كلاعب لدرجة أنه فقد الثقة في نفسه التي هي سر تألق أي لاعب. والغريب... ان هاريس لم يكن يوماً مقتنعاً بأيمن شوقي لذا لم يشركه الا في الأزمات وذلك نتيجة ضغط من الجماهير أو بعض اعضاء الجهاز الفني، ومع كل يوم يمر، كان أيمن يفقد حماسته. واليوم... بعد 11 عاماً قضاها أيمن شوقي مع الأهلي قرر أن يحزم حقائبه ويرحل، ولكن الى أين؟ الدلائل تشير الى أن الرحيل سيكون الى الزمالك... وأياً كان العرض الزملكاوي، فإن أيمن يهمه جداً ان يلعب لفريق كبير ليثبت لمسؤولي الأهلي وجماهيره ان هاريس تسبب في "تطفيش" لاعب ساهم من قبل في فوز فريقه ببطولات افريقية ومحلية عدة، كما كانت له مشاركات ايجابية مع المنتخب الوطني. "الوسط" التقت أيمن شوقي... ودار معه الحوار الصريح الآتي: هل قررت ان ترحل من الأهلي فعلاً؟ - نعم. لماذا؟ - لأنني لم ألعب منذ عامين تقريباً، في وقت أشعر فيه بأنني قادر على العطاء، وأصعب ما يعانيه لاعب هو أن يشعر في داخله بأنه يملك طاقات جبارة من دون ان يجد متنفساً لتفجيرها. هل هاريس هو سبب الرحيل؟ - تعلمت في النادي الأهلي أشياء كثيرة، منها احترام كلمة الجهاز الفني... وكم تعرضت لمهانة من البعض وتعرضت أيضاً لعدم الاحترام من هاريس... ومع ذلك ظللت طوال العامين الماضيين اكتم الأمر في نفسي لدرجة انني فكرت في الاعتزال لأنه من غير المنطقي ان أتدرب صباحاً ومساء من دون ان أشارك في مباريات. ولكنك لعبت في بطولة الأندية العربية في اذار مارس الماضي؟ - ما يحزنني ان اشتراكي كان باعتباري احتياطياً، أو من الصف الثاني، وأذكر ان هاريس دفع بكل الصف الثاني في مباراة العربي القطري، ويومها أحرزت الهدف الأول وظهرت بمستوى عال، وتساءل الناس لماذا لا يلعب أيمن شوقي ولكنهم لم يتلقوا اجابة شافية. هل هو موقف شخصي؟ - ربما... ولكن لا أدري لماذا؟.. انني لاعب ملتزم أحرص على التدريب، وعلاقاتي مع كل زملائي ممتازة، لا أتحدث عن غيري ولا أذكر الادارة بسوء. كدت أصاب بالجنون مع كل مباراة لا أشارك فيها، فأقسمت ألا استمر مع الأهلي. هل نجح هاريس في أن يجعلك تكره الأهلي؟ - قبل أن انتقل الى الأهلي من نادي الكروم لم أكن اسما معروفاً، وداخل النادي الأهلي أصبحت لاعباً مشهوراً، وحققت ذاتي، وأصبحت لاعباً في المنتخب... فكيف أكره الأهلي، انني لا أطيق هاريس فعلاً... ولكن حبي كبير للأهلي وجماهيره. لماذا لم تعتزل اذن؟ - قلت انني فكرت في الاعتزال... وأعلنت أكثر من مرة انه لم يعد بمقدوري ان استمر في الملاعب، ولكن بعد أن خلوت بنفسي ادركت انني ما زلت قادراً على العطاء... ويكفي ان هاريس اسقط من عمري عامين، حتى أصمم على تعويضهما قبل أن أتخذ قراري بالاعتزال. ولكن هاريس... سيمضي الى حال سبيله؟ - نعم... هاريس سيرحل، ولكن كما أشرت فانني لم أعد مؤهلاً من الناحية النفسية لأن أعطي الأهلي الا اذا حدثت معجزة، وأتصور اننا لسنا في زمن المعجزات. ما هي أحسن أيامك مع الأهلي؟ - انتقلت الى الأهلي العام 1984. وكنت لاعبا اساسيا، أنعم بالاستقرار، فتم اختياري للمنتخب وشاركت في سلسلة من المباريات والبطولات. ولكن ما ان جاء هاريس حتى تغير مسار حياتي من دون ان ادري السبب... وأقسم انني حاولت ان اكسب ثقته وثقة الجهاز الفني ولكن من دون جدوى. وماذا لو طلب الأهلي استمرارك؟ - لم أتعود ان اتخذ قرارات أو خطوات وأتراجع عنها، أنا أخطرت ادارة النادي رسمياً عدم رغبتي في اللعب للفريق الموسم المقبل، وبهذا أطرح نفسي للبيع. يقولون انك اتخذت هذه الخطوة قبل أن يطردك الأهلي؟ - هذا كلام فارغ. ويقولون ان صالح سليم رئيس النادي قال للجهاز الفني: لا حاجة لأيمن شوقي... فما تعليقك؟ - استبعد ان يكون صالح سليم قال هذا الكلام. اذن... هل يعقل ان تترك الأهلي بعد كل هذه السنين. - هذه مسألة نفسية... اضافة الى انني أشعر الآن بعدم حاجة الأهلي اليَّ. وما هي حكاية الزمالك بصراحة؟ - كنت أود ان ارجئ الحديث في هذا الموضوع، ولكن بعض الأسرار خرجت الى السطح، والحكاية تبدأ بلقاء رجل الأعمال الزملكاوي هاني زاده، الذي تحدث معي بشأن امكان الانتقال الى الزمالك، ونظراً للظروف التي أعاني منها فقد قلت له انني أرحب باللعب لناد كبير مثل الزمالك. كان اللقاء في مكتب المهندس هاني زاده، والواقع انه لم يكن هناك أي حديث عن المادة، لأن كرة القدم هي الأساس، وهي حياتي، فأنا لم ألعب لكي أحصل على المال رغم أنني محترف، والسبب هو حبي لكرة القدم ولا أخفي سراً عندما أقول انني التقيت المستشار جلال ابراهيم رئيس نادي الزمالك في وجود مجموعة من أعضاء مجلس الادارة ووجدت ترحيباً شديداً وهو ما شجعني. هل انتقالك الى الزمالك نهائي؟ - الاتصالات تمت... ولكن الانتقال غير نهائي، وما زالت هناك جلسات أخرى، وهناك أيضاً مفاوضات مع أندية أخرى كالاتحاد السكندري مثلاً. متى توافق على الاستمرار في الأهلي؟ - قلت ان حالتي النفسية لم تعد تسمح بأن ارتدي قميص الأهلي مرة أخرى، وانني أشعر بعدم حاجة الأهلي الى خدماتي، ومع ذلك من الممكن ان أبقى إذا ضمن مستقبلي الكروي أولاً... وهذا غير مضمون. ما هي علاقتك بلاعبي الأهلي؟ - ممتازة... انني أقضي في النادي وقتاً أكبر مما أقضيه في بيتي... و11 عاماً تمثل عمراً. وما هي علاقتك بلاعبي الزمالك؟ - معظم لاعبي الزمالك اصدقائي. لماذا لا تفكر في إنهاء حياتك الكروية في الاسكندرية... مسقط رأسك؟ - أنا لاعب محترف... وكما قلت اللعب للأهلي أو الزمالك له طعم خاص. هل تذكر مبارياتك أمام الزمالك؟ - كثيرة... والحمد لله كانت لي أهداف، ولعل أبرز وأهم المباريات التي أذكرها هي نهائي كأس مصر 91/92... عندما سجلت للأهلي هدفاً بضربة رأس ثم عادل الزمالك بهدف لرضا عبدالعال، وفي الثواني الأخيرة أحرزت هدف الفوز للأهلي في مرمى حسين السيد حارس الزمالك، يومذاك كنت أسعد انسان في الدنيا لأن مصر كلها كانت تتحدث عني، وكم أشاد بي مسؤولو الأهلي... كما أشاد بأدائي رجال الاعلام... ولم أكن أدري ان هاريس سيأتي ليعزلني. هل تعتقد ان الأهلي يريد أن يتخلص من اللاعبين الكبار؟ - نعم... وهذا من حق الأهلي... ان لجنة الكرة بدأت في انتهاج سياسة تحديث الفريق بغض النظر عما إذا كان اللاعب الذي سيتم استبعاده مفيداً أو غير مفيد. وهنا أتذكر أنه بعد فوز الأهلي بكأس مصر 91/92 تم الاستغناء عن خدمات أربعة من النجوم المشاهير جداً هم طاهر أبو زيد وربيع ياسين ومحمود صالح وعلاء ميهوب واليوم لا استبعد ان تكون هناك محاولة أخرى هذا الموسم للاستغناء عن لاعبين آخرين وأنا منهم، خصوصاً أنني تجاوزت الثلاثين بقليل. وعلى من تخشى من زملائك؟ - من هم في عمري كثيرون مثل اسامة عرابي وعلاء عبدالصادق وابراهيم وحسام حسن وشوبير أكبر سناً منا جميعاً. ماذا أخذت من الكرة؟ - الحمد لله على كل شيء، لكنني لم أحقق كل ما أتمنى من الكرة وأرى نفسي غير محظوظ، لأن بعض اللاعبين الذين يقلون مستوى عني أخذوا أكثر مني، وهنا لا أعني المادة ولكن أعني فرص اللعب. وهل تستطيع الآن ان تحقق طموحاتك؟ - لا... لسبب بسيط وهو ان الناس في مصر ينظرون الى اللاعب الذي يصل الى الثلاثين على أنه "عجوز"، ولا بد له ان يعتزل ويترك الساحة. ومن هذا المنطلق أرى ان فرصتي في تحقيق آمالي وطموحاتي قليلة جداً، ان لم تكن معدومة. أنت تبدو محبطاً؟ - هذه حقيقة... أجمل عامين في عمري قضيتهما جالساً على الخط بطريقة مهينة... وحتى عندما كان هاريس يريد أن يشركني كان يضعني تحت الاختبار وأكثر ما أكرهه هو ان ألعب احتياطياً للاعب بعينه. هل تمنيت ان تشارك في مباراة الأهلي والزمالك الأخيرة؟ - ليس هناك لاعب في مصر لا يتطلع لأن يشارك في مباراة الأهلي والزمالك، ولكني في تلك المباراة كنت حريصاً على عدم اللعب لأنها كانت ستكون نهايتي، كان يتعين علي أن أقامر في المباراة، فاذا أبليت بلاء حسنا قالوا ان هاريس عرف كيف ومتى يدفع بأيمن شوقي واذا فشلت فسيقولون انه أخذ الفرصة ولم ينجح، لهذا فضلت الابتعاد مبكراً. بعضهم فسر عدم اشتراكك في المباراة بأنك أصبحت من أبناء الزمالك؟ - لن أقف أمام أي كلام من هذا القبيل. وبعضهم قال انك حاولت ان تلعب في أميركا؟ - ليس صحيحاً. لماذا لم تفكر في اللعب في احدى الدول العربية؟ - بمنتهى الصراحة... أين الفريق الذي يتعاقد مع لاعب لم يشترك مع ناديه في الدوري. ان المنطق يفرض نفسه، وأقولها بصراحة لم أتلق أي عرض من الخارج، وإذا كانت العروض من مصر فهذا لأن مسؤولي الأندية المصرية يعرفون من هو أيمن شوقي. من يعجبك من أبناء الجيل الحالي؟ - الزمالك هو صاحب أكبر رصيد من اللاعبين الممتازين صغار السن، ولا أدري كيف لا يفوز هذا الفريق بالدوري، وعموماً يعجبني محمد صبري وخالد الغندور ومدحت عبدالهادي ومعتمد جمال وحازم امام... ومن الأهلي هشام حنفي. هل استحق الأهلي الدوري؟ - نعم. وهل استحق الزمالك المركز الثاني؟ - كان يجب ان يفوز بالبطولة لأن مجموعة لاعبيه أفضل. هل تجامل الزمالك؟ - لا. والاسماعيلي؟ - عندما يكون في حالته الطبيعية يقدم أحلى كرة في مصر. ما هي الأمنية التي تتمنى تحقيقها؟ - ان أنهي حياتي الكروية بمزاجي، أي من دون أن يجبرني أحد على انهائها.