ما يصفع المرء للوهلة الاولى حين يتصفح احد اعداد مجلة "التوباد" الصادرة عن "جمعية الثقافة والفنون" في السعودية، هو الدسامة والغزارة والتنوع. فمن الاطلالة الاعتيادية على الأدب العالمي الى النصوص الابداعية والشعرية، ومروراً بالمتابعات والمقالات النظرية والنقدية، والاقسام الفنية مسرح، تشكيل ...، يجد القارئ مادة ثرية لا بد ان يخرج منها بصيد ثمين. والعدد الخامس عشر الذي يحمل غلافه لوحة للفنان السعودي عبدالحليم رضوي، لا يشذ عن القاعدة. فهر يتسع لمجموعة محاور متكاملة، تمد الحياة الثقافية الخليجية والعربية بزخم مهم. في باب الدراسات نقرأ مثلاً "مفهوم الاسلوب، دراسة نقدية" لمحمد معتوق، "الشاعر والخلود في العصر الجاهلي"، "دراسة الملامح الرومانسية في قصص الصويغ" لأحمد مختار مكي ... وفي باب الادب العالمي نقع على ترجمات ابداعية او نظرية حول "اللسانيات" وألبرتو مورافيا ومارك توين وفرانتز كافكا وفيكتور هوغو ... وتكرس "التوباد" محوراً خاصاً للفن التشكيلي العربي بقلم نبيل سليم، وآخر للمسرح بين مقالاته دراسة مكرسة لتجربة صقر الرشود عبدالرحمن شلش. ويضيق المجال عن التوقف عند جميع القصائد والقصص المنشورة في العدد لكن لا بد من الاشارة في باب الشعر الى مساهمات حمدة خميس "وقت لكل شيء وفيصل العيسى "كف عني اللوم"، وفي باب القصة الى "الحذاء" لبدرية البشر، "النزيف" لعبد العزيز مشري، "قطرت في حلق الظمأ" لهانية الخالدي ... والنصوص المشار اليها مدرجة في ملف الادب الجديد الذي يعرف بتجارب شابة لافتة. وتفرد المجلة ركناً للمتابعات والاحداث الثقافية، وزبرزها هنا "مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي" عادل سلامة والجنادرية محمد العبيد اسماعيل. وننتهي بالاشارة الى كلمة رئيس مجلس الادارة محمد بن احمد الشدي التي تتصدر العدد، وهي بعنوان "علامة على الطريق". يكتب الشدي: "يقولون" في البدء كانت الكلمة ... وأقول ان الكلمة ليست شيئاً من دون الحب والتعاون والعزيمة والطموح. بالحب تتجسد الكلمة، وبالعزيمة والطموح تصبح شيئاً واقعياً ملموساً، وفكرا وأدباً تصبح بحثاً ... وقصة وقصيدة وسياسة ايضاً. ومن هذا المنطلق يصدر "التوباد" ليجسد هذه القيم والمعاني النبيلة: حب الوطن وعزيمة الشباب وطموح العاملين".