في أحد القصور الجمهورية التي تبعد قرابة 25 كلم عن الخطوط الأمامية التي تتمركز فيها قوات حركة "الطالبان"، التقت "الوسط" الرئيس الأفغاني البروفسور برهان الدين رباني، وأجرت معه الحديث الآتي نصه. العاصمة كابول محاصرة اقتصاديا وعسكريا، كيف يمكن لكم التعاطي مع هذا الواقع؟ - هذا المعيار ليس جديداً علينا، والحصار الذي تعرضت له كابول في السابق كان أشد وأقسى، ومع ذلك استطعنا مواجهته. لكننا لا نريد لهذا الوضع ان يستمر، اننا نريد أرضية للاخاء والمصالحة بين الأفغان ونأمل في وقف القتال والتدخل الاجنبي في البلاد. ماذا تقصد بالتدخل الاجنبي؟ - هناك جهات في الخارج تسعى باستمرار، لا سيما بعد اعلان الدولة الاسلامية في افغانستان، الى تنفيذ أهداف سيئة لضرب الدولة الاسلامية وزعزعة استقرارها. فبعد اعلان الدولة الاسلامية وسجن المجاهدين وسقوط النظام الشيوعي تعرض الشعب الافغاني لمؤامرات ظالمة من جهات مختلفة. والقتال الدائرة في افغانستان ليس بين المجاهدين وأبناء الشعب الافغاني، لكنه قتال بين المجاهدين والقوات التي تستخدم من الخارج لتحقيق أهداف غير اسلامية، هناك جهات خارج افغانستان تجمع قوات مرتزقة وتسلحهم وتمولهم وترسلهم الى افغانستان من خلال تحالفات مختلفة. يفشل ائتلاف فيتكون آخر، وهذه حقيقة المشكلة، التدخل الاجنبي والعداء للدولة الاسلامية. ان الحروب والمشاكل لا تنبع من افغانستان بل هي تدخل اجنبي سافر. لكن بالتحديد، ما هي الدول التي تتدخل في افغانستان اليوم؟ - لا اسمي كثيراً من الأطراف. الدولة التي لم نكن نتصور ان تتدخل بهذه الصورة في افغانستان. اننا نقدر دور الشعب الباكستاني والزعماء الذين كانوا أيام الهجرة والجهاد. نقدرهم ونقدر وقوف الشعب الباكستاني معنا، لكن في الأوضاع الراهنة الزعماء الجدد في باكستان بدأوا التدخل وبشكل سافر. وأعلنا مرات كثيرة ان هذا ليس في مصلحة باكستان او الشعب الباكستاني، لكن ربما تكون وراء الزعماء الجدد أطراف أخرى تشارك في المؤامرة، ومن أجل ذلك ادعو القائمين على السلطة في باكستان الى الكف عن سياستهم التي تتسم بالتدخل المباشر في البلاد، ويجب أن أفرق بين الشعب والأحزاب الدينية والشعبية الباكستانية التي نكن لها كل تقدير وبين القيادة السياسية الجديدة التي تتدخل في شؤوننا خصوصاً اولئك القائمين على السياسة الخارجية في البلاد الذين يقفون وراء معظم المؤامرات بالتمويل والتخطيط. لكن هناك تكتلات افغانية في شمال البلاد يقودها عبدالرشيد دوستم، واخرى يقودها قلب الدين حكمتيار في جنوب البلاد اضافة الى "طالبان" في الغرب والجنوب الغربي؟ - العنصر الأساسي هو التدخل الخارجي فإذا توقف التدخل الخارجي لن يكون هناك قتال وسينضم الجنوب الى الشمال. هناك تدخل اجنبي سافر وهذا اساس المشكلة في افغانستان وكلما حاولنا تهدئة الأمور تستأنف المؤامرات من جديد. كنتم تقدرون مواقف تنظيم "طالبان" في المساجد؟ - "طالبان" الذين ظهروا فجأة في الأفق معلنين عزمهم تنفيذ الشريعة الاسلامية كنا نحسن الظن بهم، لكن بعد مرور الوقت تبين ان "طالبان" ليسوا طلاب مدارس الشريعة، والذين هم من مدارس الشريعة يستخدمون كأداة وراء "طالبان". هناك أهداف سيئة لضرب الاسلام، فهم يريدون القضاء على كل شيء باسم الجهاد والمنظمات الجهادية. انهم يريدون التخلص من الاحزاب الجهادية. وبعد ان شعر اعداء الاسلام بأن مؤامراتهم مكشوفة أرادوا ان يستخدموا عنصراً آخر له جذور بين المسلمين، هذا الاتجاه ليس من علماء الدين أو طلاب المدارس الدينية. علماء الأمة وزعماء العالم الاسلامي بذلوا محاولات متكررة لحل الأزمة الافغانية هل تعتقد بأن المجال لا يزال يسمح للقيام بدور جديد لحل الأزمة؟ - لا شك في ان علماء المسلمين عليهم ان يؤدوا دورهم لأن هذا واجبهم، وواجب الدول الاسلامية ان تتعاون معنا لحل مشاكلنا. وحينما صدرت نتائج شورى الحل والعقد في السابق ورفضها البعض، ومنهم حكمتيار، قلت وأعلنت انه لا بد أن يجتمع علماء المسلمين داخل افغانستان وخارجها وان يصدروا رأيهم في شورى الحل والعقد وما أسفرت عنه من نتائج وإذا حكموا ببطلان شورى الحل والعقد فأنا لا أجلس يوماً واحداً في رئاسة الدولة. وفي قمة منظمة المؤتمر الاسلامي في المغرب طلبنا من الدول الاسلامية ان تلعب دورها، وقلت ان حل المشكلة الافغانية ليس أمراً معقداً، واعتقد بأن كتاب الله حدد أسلوباً لمعالجة مشاكلنا، كما ورد في سورة الحجرات "وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله". على علماء المسلمين من الدول الاسلامية النظر في من هو على حق ومَن على باطل وان يصدروا حكمهم إذا كانت الدولة على باطل فنتنازل عن السلطة فوراً. مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الوزير محمد المستيري قام بجولات تفاوضية بين الأطراف الافغانية لحل الأزمة، ما مدى تجاوبكم مع خطة الأممالمتحدة من أجل السلام في افغانستان؟ - نحن رحبنا بالأممالمتحدة وبجهود المستيري وكذلك جهود منظمة المؤتمر الاسلامي ووقفنا معهم جميعاً ولا زلنا نؤيدهم. ودائماً كنا نطالبهم ببذل جهود أكبر وتبني أدوار أكثر فعالية والتأكيد المستمر على وقف القتال والتدخل الخارجي في البلاد. نحن لا نريد بقاء السلطة في أيدينا، لا بد أن تكون هناك جهة تنقل اليها السلطة. ويوم يتحقق ذلك سيكون يوم عيد لي. انني مستعد لنقل السلطة من الآن إذا ما توافرت الآلية التي تنقل اليها السلطة. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ - الهدف الأساسي وقف القتال ووقف التدخل الأجنبي وايجاد "ميكانيزم" تنقل اليه السلطة حتى يتسنى للشعب الافغاني ان يحدد حكومته في المستقبل، وتعاون الأممالمتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي أساسي في هذا الشأن، لكن اؤكد مرة أخرى ان وقف التدخل الاجنبي والقتال في البلاد سيسهل من هذه المهمة، ولن تكون هناك مشاكل في البلاد.