لم تأت الشهرة الى الممثلة الاميركية لورا ديرن بعد تمثيلها فيلم "جوراسيك بارك" الذي اخرجه ستيفن سبيلبرغ، فهي عرفتها قبل حوالى اربع سنوات عندما نال فيلم "القلب المتوحش" الذي اخرجه دايفيد لينش السعفة الذهبية في مهرجان "كان" السينمائى. وكانت لورا ظهرت قبل "القلب المتوحش" في افلام قليلة منها "بلو فيلفت" الى جوار ايزابيللا روسيلليني والذي اخرجه دايفيد لينش، وفيلم "رامبلنغ روز" حيث ادت شخصية فتاة تزرع القلق والشر والخطيئة في بيت رجل في عمر والدها. ولورا تعرف عالم السينما والمسرح منذ صغرها، فهي ابنة النجمين بروس ديرن ودايان لاد. وقد زارت باريس اخيراً في زيارة خاصة، حيث كان ل"الوسط" معها لقاء وحوار بدأناه بالسؤال الآتي: كيف ولماذا اختارك ستيفن سبيلبرغ لفيلم "جوراسيك بارك"؟ - الحكاية غريبة وايجابية في آن. انا تلقيت العرض بالخضوع لاختبار الكاميرا من اجل بطولة فيلم سبيلبرغ وتعجبت الى حد ما، اذ اعرف ان سبيلبرغ عادة ما يختار النجوم الكبار جداً للظهور في افلامه. اتمتع بشهرة سينمائية جيدة لكني لست نجمة على مستوى عالمي بعد. وعرفت فيما بعد ان سبيلبرغ تعمد اختيار ابطال فيلمه بين نجوم اقل شهرة مما يفعله في كل مرة حتى يقلل من كلفة فيلمه من ناحية، وحتى يترك البطولة الحقيقية للديناصورات التي تشكل محور احداث القصة. خضعت للاختبار وفزت بالدور، وعشت تجربة جذابة ومثمرة اعتبرها فريدة من نوعها. هذه هي الناحية الايجابية، اما لغريب فكان اختياري للدور لأني ارخص من غيري في مايخص اجر العمل. كيف كان العمل مع سبيلبرغ اذاً؟ لم اشترك سابقاً في اي فيلم من الطراز الضخم المعتمد على الخدع المرئية الماهرة والجبارة. ووجدت نفسي فجأة في وسط فريق تقني مكون من مئات الافراد يعمل كل منهم في حاله لتأسيس الديكور والجو الذي يسود الفيلم. وتوافرت الاجهزة الالكترونية المتفوقة من أجل ابتكار الايحاء بأن الممثلين يتحركون في وسط عشرات الديناصورات الضخمة. وكان على التعبير بأني محاطة بهذه الكائنات المخيفة بينما لم اكن محاطة بأي شيء في الحقيقة. وعندما شاهدت النتيجة فوق الشاشة اندهشت حالي حال اي متفرج يشهد الفيلم ولم يحضر التصوير على الاطلاق. كنت اشهر وانا امثل، بنوع من الغباء، وتساءلت في اكثر من مرة عن مدى جودة النتيجة فوق الشاشة. وفهمنت عندما رأيت نفسي اصرخ في وسط الديناصورات بأن سبيلبرغ كان على دراية تامة بما كان يصوره. ان سبيلبرغ في حد ذاته تقني ماهر انسان متفوق عقلياً في ما يخص فهم وحسن استخدام الاجهزة الالكترونية. وذكاؤه هذا يفسر براعة اعماله السينمائية. لكن من ناحية ثانية لا اعتبره من نوع المخرجين القريبين الى ممثليه، فهو لا يكرس الكثير من وقته لتفسير الادوار، ويمنح ثقته الى كل ممثل كي يعثر هذا الاخير على ابعاد دوره وحده على ضوء السيناريو المكتوب ثم يعدل الاشياء الطفيفة في الاداء التي قد لا تعجبه مئة في المئة. هل يختلف هذا الاسلوب عن طريقة دايفيد لينش الذي منحك بطولة "القلب المتوحش" منذ أربعة اعوام؟ - عملت مرتين مع لينش ولا علاقة لطريقة اخراجه بالأسلوب الذي يعتمده سبيلبرغ بمعنى، ان عالم كل منهما يختلف عن الآخر الى ابعد حد. ان جو افلام دايفيد لينش يسوده نوع من الجنون والاضطراب النفسي، عن ذلك ينتج العنف الذي تشتهر به اعماله. ومن ناحيته يتخصص سبيلبرغ في المغامرات مثل "إنديانا جونز" و"هوك" و"جوراسيك بارك". لقد عثرت عند لينش على مخرج يطلب الكثير من ممثليه ويرهقهم نفسياً وعصبياً الى ان يستخرج منهم ما يرغب فيه. وهذه الطريقة وان كانت متعبة للممثل، تأتي بنتائج ممتازة لأنها تضع ابطال كل فيلم مباشرة في الجو الجنوني الذي يخلقه لينش اعتباراً من مجموعة صغيرة من العناصر المتوافرة لديه. فرحة الجائزة ماذا كان شعورك عند حصول "القلب المتوحش" على جائزة السعفة الذهبية في "كان". - التعجب اولاً، ثم الفرحة الشديدة. التعجب لأن افلام دايفيد لينش عادة تثير ردود الفعل المتقلبة بين النقاد وأهل المهنة ومن النادر ان تتفق الاطراف المختلفة في لجنة تحكيمية على منحه جائزة ما. والفرحة لأن الفيلم في رأيي كان يستحق هذه الجائزة. ولأني كنت جزاء من هذا العمل واعتبرت ان قسماً من الجائزة اعطي الي. تلقيت الكثير من العروض المغرية عقب الحدث وانطلقت في عالم السينما الهوليوودية. انا محظوظة بالعمل في افلام تلاقي الرواج الكبير على المستوى الدولي. وكان فيلم "بلو فيلفت" الذي اخرجه لينش عرف نجاحاً جديداً ايضاً. وبين صفات لينش التي تعجبني اخلاصه تجاه ممثليه، فهو يميل الى معاودة العمل مع الافراد الذين يثيرون اهتمامه ويجيدون ادراك طريقته في تنفيذ افلامه. يعد "رامبلنغ روز" من افلامك الجيدة الناجحة ودورك فيه يختلف عما قمت في اعمالك الاخرى. هل اعجبك هذا الدور اكثر من غيره؟ - اعجبني مثل دوري في "بلو فيلفت" او "القلب المتوحش" واكثر بلا شك من "جوراسيك بارك". افضل الادوار العميقة المعقدة المبنية على حالة نفسية محددة. وان كان عملي في فيلم ستيفن سبيلبرغ جلب لي اكثر من متعة. وللعودة الى "دامبلنغ روز"، أمثل فيه دور فتاة مهزوزة الكيان يتسقبلها رجل في عائلته فتقع في حبه ولا ترتاح الا بعد ما تدمر حياته وبيته. الفيلم اخرجته مارتا كوليدة وهي المرة الاولى التي عملت فيها تحت ادارة امرأة. وكانت التجربة مثيرة حيث عثرت عند مارتا على حساسية نسائية قريبة الى ساعدتني في ادراك ابعاد دوري. عملت الى جوار امك الممثلة دايان لاد في فيلمين. هل تحبين العمل العائلي؟ - اعتدت منذ صغري الظهور في التلفزيون الى جوار امي او ابي وذلك في اطار المسلسلات التي عملا فيها. فالامر ليس بجديد علي والواقع اني فعلاً احب العمل العائلي. ان مشاركة امي في بطولة بعض افلامي هو شيء يعجبني واتمنى استمراره. الفن اذاً وراثي في عائلتك؟ - تضحك اميل الى تصديق ذلك، فالواقع ان عرفت منذ سن الصبا ان التمثيل لا بد من ان يكون مهنتي في الحياة وانا لا أجيد اي مهنة ثانية فماذا أفعل؟.