تعتبر كاثلين تيرنر احدى ألمع نجمات السينما الهوليوودية منذ حوالي 15 عاماً. وقد لفتت الأنظار الى موهبتها في أفلام عدة جادة وأخرى مرحة كما ان صوتها ذي النبرة الخشنة يشكل جزءاً لا يتجزأ من جاذبيتها. جاءت كاثلين اخيراً الى فرنسا لتروج لفيلمها "سريال موم" من اخراج جون واترز حيث تؤدي فيه شخصية زوجة وأم لا تتردد عن اغتيال جيرانها لمجرد انهم لا يتصرفون حسب ما تشتهي. وكانت مناسبة لپ"الوسط" للقائها وإجراء حوار معها. ان من يشاهد كاثلين تيرنر في "سريال موم" لا يصدق ما يراه. فهي التي اعتادت الادوار المستقيمة نوعاً ما أو المعتمدة على المغامرات المثيرة العادية سينمائياً تتصرف هنا بطريقة غير لائقة على الاطلاق، بل جنونية الى ابعد حد. انها تقتل ببرودة اعصاب عجيبة ومن ناحية ثانية تشرف بجدية تامة على تربية أطفالها وتحب زوجها. لو عدنا الى الوراء في حياة كاثلين الفنية لوجدناها بطلة في أفلام مثل "حمى الجسد" و"حرب آل روز" و"مغازلة الماس" و"جوهرة النيل" و"شرف آل بريزي" و"جوليا وجوليا" و"بيغي سو تزوجت" و"سائح بالمصادفة" وأخيراً "بلوز تحت الستار"، لذا كان سؤالنا عن دورها الجديد: كيف واجهت دور القاتلة الجديد عليك؟ - ان الدور جديد فعلاً بالطريقة المكتوبة في هذا النص. أما حكاية القتل في حد ذاته، وأقصد فوق الشاشة، فهي ليست جديدة عليّ. أنا كنت مجرمة في "شرف آل بريزي" وكنت أحلم طوال الليل والنهار باغتيال زوجي في "حرب آل روز". وفي فيلمي الأول "حمى الجسد" كنت أدفع بعشيقي الى اغتيال زوجي. ان الطريف فعلاً في "سريال موم" هو كوني أؤدي شخصية امرأة مجنونة تماماً مقتنعة بأنها تفعل الشر في صالح الخير لعائلتها ومحيطها بأكمله. فلو راح ابنها يشكو من احد زملائه او معلميه في المدرسة، تخلصت الأم منه لتريح ابنها. ولو عاد زوجها الى البيت في حالة من التعب الشديد بسبب احد المرضى في عيادته الطبية عجلت من موت المريض كي يرتاح الزوج. انها فاقدة الرشد تماماً. وأنا واجهت الدور بسعادة كبيرة لما هو عليه من اختلاف بالنسبة الى ما اعتاد جمهوري مشاهدته حتى الآن. شاهدت الفيلم لأول مرة بصحبة زوجي وشعرت به وهو يجلس الى جواري يتساءل عن مدى التمادي الذي سوف أصل اليه في مجال الاجرام وأنا محتفظة بابتسامة عريضة فوق وجهي. وفي النهاية سألني زوجي سؤالك نفسه "كيف واجهت الدور؟" وأجبته قائلة ان المخرج جون واترز يتميز بشيء جنوني في شخصيته وطريقة تصرفه وعمله ويعرف كيف ينقل عدوى جنونه الى ممثليه. مميزة في أفلام المغامرات بالنسبة الى أفلامك السابقة أنت تأرجحت دائماً بين الجدية والمرح فأين موقعك من السينما الأميركية؟ - السؤال طريف. أنا لا أعرف أين موقعي لكننا لو نظرنا الى مشواري بشيء من الدقة لوجدنا ان المغامرات تحتل مكانة مميزة في أفلامي. أنا امرأة رياضية وأهل السينما يستفيدون من هذه الميزة ليضعوني في وسط حكايات تسودها الحركة. وبعد ذلك تأتي الحبكة من حول المغامرات وقد تكون مرحة أو مأسوية او تدمج بين الاثنين. ولأرد على السؤال أقول ان موقعي من السينما في هوليوود عامة هو الحركة. هناك فئة من الاستثناءات طبعاً الا ان الطابع العام لا يخلو من المغامرات العنيفة. وسأرد على السؤال بشكل تكميلي لأتكلم عن موقعي من السينما الأوروبية فأنا عملت خارج الولاياتالمتحدة الأميركية وفي ايطاليا خاصة. وهناك تحولت الى ممثلة عاطفية رومانسية في فيلم "جوليا وجوليا" من اخراج بيتر ديل مونتي وكم اعجبني الأمر تضحك. فأنا في حياتي اليومية إمرأة عاطفية اكثر مما أنا مغامرة ولأول مرة عشت أمام الكاميرا حكاية حب لم تتخللها اللقطات العنيفة المبنية على الخطر وإطلاق النار وعبور الغابات المليئة بالمطبات. لم يعرف الفيلم رواج افلامي الأميركية نفسه لكنني سعدت بالعمل فيه الى درجة لا يمكنك ان تتخيلها أبداً. تقولين انك تحبين الرياضة ولذلك تؤدين أدوار المغامرات في الأفلام. كيف تفسرين اذن الشائعات التي تؤكد بأنك لجأت الى بديلة في اللقطات الجريئة والخطيرة في فيلم "مغازلة الماس" مع مايكل دوغلاس؟ - الخطيرة نعم أما الجريئة فلا. تضحك. أقصد اني لا أتردد عن أداء المشاهد العاطفية الخفيفة طبعاً أمام الكاميرا بينما ألجأ الى بديلة محترفة بشأن كل ما هو خطير مثل القفز وتسلق الجبال والاشجار. انا رياضية في حياتي وهناك الكثير من الحركات أؤديها بنفسي في الافلام. اما التمادي فلا مبرر له اذ قد يؤدي الى خطر حقيقي على حياتي والشركات المنتجة عامة لا تسمح للممثلين بالمجازفة الا في حالات نادرة يكون الممثل من النوع المخضرم رياضياً على نحو الاحتراف. تدعين تمثيل المشاهد الجريئة بنفسك. هل يعني الأمر ان ما كتب في الصحافة حول لجوئك الى بديلة في المشاهد الجريئة من "جوليا وجوليا" فيلمك الايطالي العاطفي، لم يكن اكثر من شائعات؟ - أنت تقرأ كل ما يكتب عني. انا قلت تواً انني لا ألجأ الى بديلة في اللقطات العاطفية الخفيفة. وصحيح ان "جوليا وجوليا" تضمن لقطات اكثر من خفيفة رفضت ان أظهر فيها بنفسي وطلبت حذفها اساساً من السيناريو. لكن مخرج الفيلم أصر على الاحتفاظ بها لأهميتها في رأيه من اجل حسن وصف العلاقة بين البطلين. رحت أطلب بديلة اذن لتحل مكاني في اللقطات التي لا يظهر فيها وجهي بوضوح وهكذا عثرنا على الحل بالنسبة الى مشكلتي. أنا لا احب التمادي في الكلام عن حكاية البديلة عامة لأن الجمهور اذا عرف هذا الشيء شعر بأننا نخدعه الى حد ما. والخدع هي من الأمور الطبيعية جداً في السينما، وأقول انها تصنع سحر الافلام ومن المهم ألا يدري المتفرج بها أبداً كي لا تفقده طعم الفيلم عند مشاهدته فوق الشاشة. وبالنسبة الى "سريال موم" فهو مليء بالخدع طبعاً تضحك اذ اني لا أقتل الجيران جدياً أمام الكاميرا. أنت معروفة بصوتك ذي النبرة المميزة المتأرجحة بين الخشونة والنعومة. هل تدرين بمفعول صوتك على الجمهور إذن؟ - من الأفضل ألا يدري أي فنان بمفعوله على جمهوره سواء كان الصوت أو أي عنصر آخر هو سر هذا المفعول. أنا لو أخذت صوتي بعين الاعتبار الى درجة ما، سوف ألعب به على الرغم مني، وربما يضيع مفعوله الطبيعي ان وجد. أنا أدري بكون صوتي من مزايا نجاحي وأحرص على تدريبه مثلما يتدرب أي فنان على الصوت والحركة لكن من دون مبالغة. ومن ناحيتي أرجوك ألا تفسر لي ما هو مفعول صوتي على الجماهير حتى لا تكبر المسألة في عقلي وأصدق اني نجمة جذابة تضحك. مسألة معنوية أنت عملت مع كبار السينمائيين فمن منهم ترك بصمات قوية أثرت فيك بشكل فعّال في حياتك المهنية؟ - لورانس كاسدان بلا شك. أول من وضع ثقته فيّ ومنحني بطولة فيلمه "حمى الجسد". كيف أنساه؟ وأود ذكر الممثل ويليام هارت الذي شاركني بطولة هذا الفيلم فهو كان معروفاً وواثقاً في نفسه في ذلك الحين بينما كنت أنا مجرد مبتدئة. انه ساعدني في حسن أداء دوري ولم يدخل في لعبة النجم الذي يتكبر على من يعملون من حوله. أتكلم عن هذه النقطة لأنها هامة وكثيراً ما يحدث ان يحطم الفنان المعروف معنوية المبتدئ أمامه وفي بعض الأحيان يتم الأمر بطريقة لاشعورية نتيجة كبرياء النجم وثقته العمياء في امكاناته فضلاً عن غيره. أنا تعلمت الكثير أيضاً من الراحل جون هيوستون حيث أدارني في فلاء "شرف آل بريزي". وأنا مثلاً في هذا الفيلم شاركت جاك نيكولسون البطولة وأشكر السماء على كونه لم يحل مكان ويليام هارت في فيلمي الأول. ان نيكولسون من نوع النجوم الذي يحتاج الى من ينافسه في أثناء العمل. وإذا شعر بأن الذي أمامه أقل منه قوة دمره تماماً. لم يحدث ذلك معي لأني كنت حينذاك توصلت الى مرحلة من النضوج الفني سمحت لي بمواجهته. وهذا المثال يوضح ما قلته بشأن ويليام هارت أساساً