بعد قطيعة امتدت سنتين، تستعد وزارة الشؤون الثقافية في المغرب للاعلان عن موعد انعقاد "المعرض الدولي الخامس للنشر والكتاب". فدور النشر المغاربية والعربية بدأت، شأنها شأن الموزعين وأصحاب المطابع والمكتبات، باستلام ملفات ومطبوعات تدعوها الى حجز أجنحتها في المعرض الذي يتوقع تنظيمه في الدار البيضاء بين 11 و20 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وكان توقف هذه التظاهرة التي نجحت خلال سنوات قليلة في احتلال موقع الريادة على مستوى المغرب العربي - على الرغم من نقاط ضعف وتعثرات لا مفر منها - ترك فراغاً ملحوظاً في الحياة الثقافية المغربية، ما انعكس على حركة النشر والكتاب. ومعرض الكتاب في المغرب، عرف انطلاقته بمبادرة من وزير الشؤون الثقافية الاسبق محمد بن عيسى الذي استهل عهده بالدعوة الى الاهتمام بالكتاب في المغرب. وكان أن شهدت المملكة منذ "مناظرة تارودانت" الشهيرة، انعقاد أكثر من حلقة بحث ودراسة من أجل الارتقاء بصناعة الكتاب وتحقيق رواجها وازدهارها. كما أقرت الوزارة بعض التشريعات التي تدعم هذا الهدف، وأشرفت على اصدار "الثقافة المغربية" وعلى إنشاء مطبعة "المناهل"... اضافة الى اجراءات عدة الغاية منها التغلب على أزمة النشر في المغرب. ولاحظ المعنيون تقلصاً تدريجياً في الاهتمام بالكتاب، منذ تولّي محمد علال سيناصر منصب وزير الثقافة. فمع وصوله الى الوزارة، أعلن الاخير عن برنامجه الرامي الى الاهتمام بالتراث والمعمار... مدشناً سياسة جديدة لا تقيم اعتباراً كافياً للجانب الحي المتحرك من الحركة الثقافية، من الفنون البصرية والمشهدية الى النشر والكتاب. واستغرب عدد ملحوظ من المثقفين خيارات الوزير الجديد المعروف بمكانته الاكاديمية والثقافية المرموقة، والذي يعرف عن كثب مشاكل الثقافة والكتاب بحكم عمله الطويل في منظمة اليونيسكو. واستقبل المثقفون المغاربة بكثير من الارتياح قرار استعادة هذه المناسبة الحيوية، واحياء تقليد ثقافي بأهمية معرض الكتاب. ولا يزال ينتظر المعنيون بصناعة الكتاب وحركة النشر، أن تعمد الوزارة الى تحقيق وعود قديمة تتعلق بسن بعض التشريعات المتعلقة بنشر الكتاب وتوزيعه في الداخل والخارج. واذا كان من المتوقع أن تعقد الدورة المقبلة من معرض الدار البيضاء تحت شعار "الثقافة والتكنولوجيا"، فان هذه المناسبة ستكون الاطار الامثل لمواجهة المشاكل التي يعاني منها النشر في المغرب، من صعوبة تداول الكتاب، وكلفته، وواقع القراءة نفسها... والتصدي لمعالجتها من خلال حلول عملية وجذرية. فهل تترك الوزارة هذه الفرصة تفلت من يدها؟