يندر أن نقع بين المبدعين العرب، على فنان تشكيلي استطاع مثل مروان أن يخرج من الظل والهامش، ليفرض نفسه على الساحة التشكيلية العالمية. والفنان السوري الذي يعيش في المانيا، حيث يعتبر أحد أبرز ممثلي التعبيرية الجديدة، عاد الى مدينته أخيراً ليعرض - بعد غياب طال - مجموعة من زيتياته في واحدة من أنشط قاعات العرض الدمشقية: "غاليري أتاسي" حتى الخامس من أيار/ مايو. ولد مروان في دمشق عام 1934، وانتقل عام 1957 الى برلين لدراسة أصول الرسم والتلوين في "معهد الفنون الجميلة" فيها. في بداياته الدمشقيّة، كان الفنان الناشئ ينجز بعض الأعمال الأكاديمية والإنطباعية ثم راح، بعد انتقاله الى برلين، يستلهم من الزخرفة العربية ملامح أعماله الفنية الأولى. لكنه سرعان ما تحّول الى التعبيرية الحديثة ملتزماً رؤياها الانسانية المشحونة بالتوتر والحدس والانفعال. بدأ الفنان بعرض أعماله في منتصف الستينات، ولم تلبث شهرته أن ذاعت في أوروبا. أماالجمهور العربي فلم يتعرف الى أعماله كما ينبغي، إذ بقي بعيداً منه، اذا استثنينا المعرض الاستعادي الذي خصه به "متحف بغداد للفن الحديث" عام 1980، ومشاركته عاماً بعد آخر في نشاطات "موسم أصيلة الثقافي" في المملكة المغربية. في مرحلته الشكلانية الاولى 1966 - 1970 صوّر مروان أفراداً منعزلين أو أزواجاً داخل فضاء فارغ وبارد، وفي وضعيات غريبة تعبر عن ازدواجية العواطف وعن الهشاشة والعزلة الروحية. ثم اتخذ في السبعينات من "الاراجوز" نموذجاً يحركه على هواه، ويُخضعه لمختلف الحالات النفسية، وذلك من خلال استعراض تعبيري للاشكال والالوان التي أصبحت العنصر الاساسي في فضاء اللوحة. ومنذ مطلع العقد الماضي، دخل مروان مرحلة جديدة منصرفاً الى رسم الوجوه بلا كلل. فاذا ب "وجوهه" مناظر طبيعية وأمكنة للتأمل على حد سواء.