لم تزدهر صناعة السياحة في عمان الا في السنوات القليلة الماضية7 فالسلطنة كانت منشغلة بحملة التطوير التي شملت مناحي الحياة المختلفة7 وعمان من مناطق الخليج العربي التي يمتد تاريخها الى قرون بعيدة7 اطلق عليها السومريون اسم مجان بسبب شهرتها في مجال صناعة السفن وصهر النحاس7 ولا يزال النحاس يشكل مصدراً هاماً من مصادر الدخل الوطني بعد اعادة حفر مناجمه في صحار الى الشمال الشرقي من منطقة الباطنة7 احتل البرتغاليون البلاد العام 1507م وبقوا فيها قرابة قرن ونصف القرن، بيد أن الامام سيف بن سلطان اليعربي حرر مسقط عام 1649م من ربقة البرتغاليين، وبعدها تهاوت جميع القلاع المحيطة بها7 لكن المؤسس الحقيقي لعمان هو احمد بن سعيد الذي تمكن من القضاء على الفتن الداخلية وتوحيد البلاد قبل أن يبايع بالامامة في 1744م، ومنذ ذلك التاريخ يتولي البوسيعديون حكم السلطنة7 تتمتع البلاد بساحل طويل يمتد على حوالي 1700 كلم من بحر العرب ومدخل المحيط الهندي وخليج عمان في الجنوب وحتى رأس مسندم المطل على مضيق هرمز شمالاً7 ويتخلل هذا الشريط تباينات بيئية وطبيعية واسعة وضيقة7 فيجد المرء رمال الوهيبة طولها 160 كلم وعرضها حوالي 8 كلم تعانق البحر، حيث تمتد من رأس الحد في المنطقة الشرقية وحتى خليج مصيرة على مشارف البحر العربي7 ويعطي هذا التنوع التضاريسي الكبير من جبال وسهول ووديان وصحارى صورة بانورامية لطبيعة السلطنة، كونها نموذجاً مغرياً بمكامنه وممكناته في ميدان السياحة ونقطة جذب يمكنها ان تغري اعداداً متزايدة في السياح المولعين بالتجول في مناطق فريدة وأخاذة الجمال، بعيداً عن صخب المدن الحديثة7 ذلك ان عمان عبارة عن جزيرة وسط بحرين من المياه المالحة والرمال7 وتقدم السلطات العمانية دعماً متواصلاً لهذه الصناعة الفتية التي ينتظر ان تدر على البلاد عائدات لا بأس بها7 وهذا ما دفع المؤسسات السياحية الرسمية والخاصة الى تبني مشاريع طموحة تشرف عليها وزارة الصناعة والتجارة وغرفة التجارة والصناعة في عمان7 وتسعى ايضاً الى استقطاب الاستثمارات العربية والاجنبية، والاستفادة من الخبرات الدولية للمساهمة في رفد القطاع السياحي وتطويره، من الخبرات الدولية للمساهمة في رفد القطاع السياحي وتطويره، من خلال انشاء فنادق ومقاصف ومطاعم ومسابح حديثة7 وتتمتع البلاد بشبكة مواصلات تحوز على المواصفات الدولية7 وأبرز مقاطعها طريق مسقط - صلالة في محافظة ظفار بطول 1100 كيلومتر تتوزع فيه الاستراحات المجهزة تجهيزاً حديثاً والمطاعم ومحطات تعبئة الوقود7 ويمكن للزائر التنقل عبر البلاد بواسطة حافلات شركة النقل الوطني العماني المكيفة او بالسيارات الخاصة في سيارة يستأجرها من شركة هيرتس العالمية التي باشرت افتتاح مكاتبها في عمان مطلع العام الحالي7 وأتى الاتفاق الموقع مع الخطوط الجوية البريطانية بقصد تسيير رحلات مباشرة من لندن الى مسقط بدءاً من 28 آذار مارس الماضي ليساهم في تشجيع السياح والسياحة7 ونص الاتفاق ايضاً على تزويد عمان خدمات واستشارات بريطانية اضافة الى انشاء مراكز ترفيهية وتنظيم رحلات جماعية داخل وخارج المدن للتعرف على المعالم السياحية العمانية7 وعلى صعيد التعاون والاستفادة من خبرات جيرانها سعت عمان الي توثيق علاقتها مع دولة الامارات العربية المتحدة7 اذ يعقد ممثلو مجلس التجارة والسياحة في دبي وقسم الطيران المدني ووزارة التجارة والصناعة العمانية، اجتماعات دورية مخصصة للبحث في موضوع السياحة وكيفية تطويرها7 ويذكر ان خطوط الامارات تقدم للمسافر على متن طائراتها دليلاً سياحياً عن عمان يزوده المعلومات الضرورية عن البلاد وأماكنها السياحية7 والى جانب حوالي 150 مؤسسة ووكالة سياحية محلية وعالمية ستكون عمان ممثلة في المعرض السياحي الذي تحتضنه دبي في شهر ايار مايو المقبل7 وتأمل السلطنة باستضافة هذا المعرض في الخريف المقبل في مدينة صلالة7 تستقبل عمان آلاف الزوار سنوياً7 اذ قدم اليها 17.000 الف سائح خلال العام الماضي في رحلات جماعية نظمتها 7 وكالات سفر وسياحة عالمية7 كما زار 33.374 ألف سائح منطقة ظفار خلال موسم الخريف الفائت، منهم 42 في المئة من مواطني دول الخليج العربي7 وتقع محافظة ظفار في جنوب السلطنة على بعد 460 ميلاً بحرياً غرب العاصمة مسقط ومركزها صلالة المشهورة بشواطئها المزدانة بأشجار النارجيل ومناخها المعتدل حيث درجة الحرارة لا تتجاوز 30 درجة مئوية على مدار السنة، وهي محط اهتمام السياح بفضل ما تنفرد به من طبيعة جذابة وشلالات موسمية منحدرة من جبال شامخة، اضافة الى ماضيها العريق حين كان تعرف باسم أرض اللبان أو البخور اللذين صدرتهما الى مختلف انحاء العالم القديم والحديث7 وفي اطار دعمها للمشاريع السياحية اعلنت وزارة التجارة ولجنة المساعدات المالية لمشاريع الصناعة السياحية عن التزامها 20 مشروعاً سياحياً جديداً وعن تقديم قروض تشجيعية بلغت قيمتها الاجمالية 4.878.775 مليون ريال عماني7 وتشمل هذه المشاريع اقامة فنادق في صور ومسقط والبريمي، تتوفر فيها كل المستلزمات الحديثة ووسائل الراحة والترفيه7 وفي عمان 35 فندقاً عصرياً، أشهرها فندق قصر البستان الذي يعد تحفة معمارية7 وحرصت الدولة على اقامة الفنادق في محافظات وولايات السلطنة كافة7 وبلغ عدد نزلاء هذه الفنادق العام الماضي 260.611 الف نزيل بينهم سياح أتوا الى السلطة من انحاء العالم كله7 توفر عمان للزائر فرصة طبية للتعرف على عادات وتقاليد قديمة مبنية على الكرم والشهامة العربية الاصيلة، ومشاهدة المواقع التاريخية بقلاعها الأثرية المميزة، مثل بيت جزيرة وقلعة الميراني في مسقط، قلعة النخل، القلاع العديدة التي كانت تحرس الطرق والممرات الرئيسية المؤدية الى مسقط وقلعة صحار بعد ترميمها7 ويلذ للضيوف الأجانب عادة زيارة سلسة الجبال ويأتي في مقدمتها الجبل الأخضر بسفوحه الخضراء، كما يتاح للسائح مشاهدة الافلاج وهي عبارة عن اسواق صغيرة اعتمدت على مدى تاريخ عمان كنظام أساسي للري، اضافة الى الشواطئ الممتدة على طول البلاد مثل شواطئ الدقم والتي تختزن حيوانات مائية شتى فضلاً عن أنواع مختلفة من الطيور التي تلجأ لها7 اما الخلجان الهادئة ومناظرها الخلابة في مسندم فزيارتها تعود الى المرء بمتعة فريدة7