في المعتقد الشعبي يشخص المرض على أنه نتاج للحسد أو "صيبة عين" وفي الكثير من البلدان هو آفة التخلف للمجتمعات الفقيرة. وفي مناطق أخرى دليل شؤم وبرهان على تعاطي المحرمات. ومهما يكن من أمر فالتهاب الكبد واليرقان او مرض الصفراء الذي يرافقه لا يزال غامضاً لم تعرف كافة أسبابه حتى الآن. في هذا التحقيق تسلط "الوسط" الضوء على أهمية الكبد ونوعية الأمراض التي تصيبه وآخر تطورات علاجه طبياً وشعبياً، بما في ذلك تجربة علاجية فريدة تحدث في دولة الامارات بطلها مداوٍ شعبي تعرفه منطقة الخليج وتشهد له بالنجاح. الكبد هو واحد من اكثر اعضاء الجسم تعقيداً وأكبرها حجماً. فهو يحتوي على 3 آلاف مليون خليّة ويقوم بتصفية أكثر من 5،1 ليتر في كل دقيقة ليلاً نهاراً. يمتاز الكبد في قدرته المتواصلة على التعرف على مستوى المواد التي تدخل مجرى الدم ومن ثم تصنيفها الى ما يجب تخزينه والمحافظة عليه والى ما يستحسن صرفه والتخلص منه. وهو قادر على امتصاص المواد السامة كالكحول والمخدرات وبعض الأدوية الكيماوية من مجرى الدم. كما انه يفرز مادة الصفراء الخضراء اللون المرة المذاق التي تختزنها المرارة والتي تحمل الفضلات الى الأمعاء ليتخلص منها الجسم. وتساعد مادة الصفراء على تفكيك وامتصاص الشحوم داخل الأمعاء الدقيقة. ينتج الكبد البروتينات التي تلعب دوراً هاماً في جهازنا المناعي بالاضافة الى الكوليسترول وعوامل تجلط الدم والغلوبين، أحد مكونات الهيموغلوبين الحامل للأوكسيجين في كريات الدم الحمراء. ويحوّل الكبد جزءاً من الطعام الذي يتناوله الانسان الى غذاء احتياطي يضمن سلامة أداء الخلايا لوظائفها. ويختزن الكبد مادة الغلوكوز السكرية التي لا يحتاجها الجسم بصورة فورية على شكل غليكوجين ليقم بإطلاقها عند الضرورة بهدف تنظيم مستوى السكر في الدم والمحافظة على توازنه واعتداله. ويقوم الكبد بتفكيك صباغ البليروبن وفرزه في القنوات الصفراوية حيث يتابع رحلته الى الأمعاء معطياً البراز لونه المميز. وعندما يصاب الانسان بالتهاب الكبد او الهيباتايتس او تختل وظائف كبده، تتوقف هذه العملية الفيزيولوجية الطبيعية ويتجمع سائل الصفراء في الجلد وبياض العيون ويميل لون البراز الى البياض لعدم وصول سائل الصفراء الى الأمعاء، وتعرف هذه الحالة باليرقان او تصفرن الدم. والكبد هو العضو الوحيد في الجسم القادر على اعادة بناء نفسه، فحتى لو تم استئصال ثلاثة ارباعه، يستطيع الكبد الاستمرار بوظائفه بصورة عادية ويعاون نموّه ليصل الى حجمه الطبيعي السابق خلال بضعة أشهر. يقول الدكتور كولن بول اخصائي امراض الكبد في معهد دراسات الكبد بمستشفى كينغز كولدج في لندن بأن الكبد هو الحكم الفاصل بين ما يأكله الانسان وما يمكن ان تؤول اليه صحته. وهذا هو سبب فداحة الأضرار الناتجة عن أي عطل يصيبه. هناك 4 انواع رئيسية لالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي على الاقل. الأول يعرف بالتهاب الكبد الفيروسي نوع A أو HAV وهو مرض يرتبط انتشاره بانخفاض مستوى النظافة في البلدان التي لا تطبق فيها القواعد الصحية اللازمة. ويصاب الانسان بهذا النوع من العدوى في مرحلة مبكرة من العمر، حيث يتعرض لها الأطفال بمعدل 75 في المئة في الدول النامية قبل بلوغهم سن الرشد، وبخاصة في آسيا وأفريقيا وبعض دول حوض البحر المتوسط وأميركا الجنوبية. اما في الدول الصناعية فإن انتشار هذا المرض مرتبط بالحالة الاجتماعية والاقتصادية وبعمر الانسان. ففي شمال وجنوب أوروبا وفي أميركا الشمالية وأوستراليا يحمل ما بين 5 و20 في المئة من الناس أجساماً مضادة للفيروس عند بلوغهم الخمسين. ونظراً لعدم وجود علاج متكامل أو لقاح خاص بهذا النوع من التهاب الكبد الوبائي الذي ما زال يهدد العديد من الدول النامية، قام العلماء في قسم الابحاث التابع لشركة "سميث كلاين" البريطانية في بلجيكا بتاريخ 15 كانون الثاني يناير 1992 بإنتاج أول لقاح فعّال ضده. أما النوع الثاني فيعرف باسم التهاب الكبد الوبائي الفيروسي نوع B أو HBV هو أشد الأنواع خطراً واكثرها انتشاراً. اذ يقدر عدد الاشخاص الحاملين له بحوالي 300 مليون تقريباً. وتشير احصاءات منظمة الصحة العالمية الى ان اكثر من 40 في المئة من المصابين به الذين تتكرر اصابتهم بصورة مستمرة حتى بلوغهم سن الرشد مهددون بالموت نتيجة اصابتهم بالعدوى. اما أكثر الناس تعرضاً للاصابة بهذا الفيروس فهم المرضى والعاملون في المجال الصحي داخل المستشفيات وعيادات الأسنان والمختبرات الطبية ومتعاطو المخدرات بالحقن الوريدي وهواة الوشم وكل من يستخدم ابراً ملوثة، والمومسات وأصحاب الشذوذ الجنسي والأشخاص الذين يعيشون في أماكن تفتقد للنظافة، وقاطنو المصحات العقلية والسجون. ويبدو ان نسبة توزيع حاملي هذا الفيروس هي أكبر في المناطق الاستوائية منها في المناطق المعتدلة، وهي أكثر انتشاراً بين الرجال من النساء، وبين الأطفال مقارنة بالبالغين. وبين المجموعات التي تعيش داخل المدن مقارنة بسكان القرى والريف. وعلى الرغم من تشابه أعراض هذا المرض بأعراض مرض HAV الا ان مضاعفات الاصابة به قد تتراوح بين عدم ظهور أية اعراض وبين الخطورة البالغة، بخاصة عندما ينقلب المرض من حاد الى مزمن. وفي هذه الأحوال تتدهور حالة الكبد ويصيبه التليّف أو التشمع، وقد تصاب خلاياه بالسرطان في 25 أو 50 في المئة من الحالات. لهذا فإن التحليل المخبري لوجود المرض وتحديد نوعيته يساعد كثيراً في عمليتي التشخيص والعلاج ويساهم في انقاذ العديد من المرضى. وتستغرق حضانة هذا المرض أشهراً عدة وتنتقل عدواه عن طريق نقل الدم المخموج بواسطة الابر الملوثة او البلازما المخموجة على الرغم من الاحتياطات الكبيرة والصارمة التي تتخذها المستشفيات. كما يمكن انتقال الفيروس عن طريق شفرات الحلاقة وسائل المني واللعاب والافرازات المهبلية. وبإمكان الفيروس ان يعدي الأطفال قبل ولادتهم وذلك باختراقه مشيمة الأم الحامل ودخوله مجرى دم الجنين. وعلى الرغم من وجود لقاح ضد التهاب الكبد الوبائي الفيروسي من نوع B أو HBV منذ عام 1980 وقدرة هذا اللقاح على اعاقة انتشار المرض بتخفيضه نسبة الأشخاص المعرضين الا انه لا يستطيع وقف حالات حمل المرض. لهذا فإن الحاجة قائمة لاستخدام عقاقير اخرى لمقاومة المرض ودرء خطره مع العمل على وقف تطوره باتجاه تليّف الكبد أو اصابته بالسرطان وقد استخدمت أدوية عدة في السابق لمثل هذه الحالات كدواء "ألانين مونوفوسفات أرابينوزيد" ودواء "آيسيكلوفير" المضاد للفيروسات الا انها لم تثبت فعاليتها ضد مرض HBV. اما أهم الأدوية المستخدمة حالياً في علاجه فهو دواء الانترفيورون بأنواعه الثلاثة "ألفا وبيتا وغاما". وقد ساهم هذا الدواء في القضاء على المرض عند 30 الى 50 في المئة من المصابين الذين عولجوا به وذلك بإيقافه لتكاثر الفيروس داخل الكبد. ويعرف النوع الثالث بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي نوعD أو HDV الذي غالباً ما يتواجد كعنصر مساعد لالتهاب الكبد الوبائي نوع B HBV. وهو موجود بكثرة في جنوبايطاليا وينتقل عن طريق الزواج او داخل محيط الأسرة او بتعاطي المخدرات بالحقن الوريدي. وينتشر هذا النوع ايضاً في منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من افريقيا وحوض الأمازون وبعض الجذر جنوب المحيط الهادئ. حيث وجد ان ما بين 30 الى 90 في المئة من حاملي فيروس مرض HBV مصابون بفيروس مرض HDV أيضاً. أما أفضل دواء متوفر لعلاجه فهو الأنترفيرون. النوع الرابع لالتهاب الكبد الوبائي يعرف بالتهاب الكبد الفيروسي المختلف عن A وB. وتتفرع منه أنواع أخرى أهمها التهاب الكبد المعوي نوع E HEV الذي ينتقل الى الانسان عن طريق المياه الملوثة بالبراز الحامل للفيروس كمياه المجارير. والتهاب الكبد غير المعوي نوع C HCV الذي ينتقل بنسبة 95 في المئة عن طريق عمليات نقل الدم. وقد لاحظ العلماء ان الاصابة بالتهاب الكبد المعوي مرتفعة جداً في المناطق التي تفتقر الى النظافة والتي تتشارك في مصادر المياه الملوثة، وهي منتشرة بشكل وبائي في مناطق واسعة تشمل جزءاً كبيراً من جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية وأميركا الشمالية والمكسيك. اما التهاب الكبد غير المعوي فينتشر في الدول النامية نتيجة لنقل الدم بنسبة 90 في المئة، وأكثر الناس تعرضاً للاصابة بهذا المرض هي المجموعة ذاتها المعرضة للاصابة بمرض HBV اضافة الى مرض الناعور الهيموفيليا ومدمني المخدرات عن طريق الحقن الوريدي ومرضى غسيل الكلى. التجربة العلاجية الفريدة في الامارات في لقاء خاص مع المعالج الشعبي علي محمد سعيد أو المداوي كما يطلق عليه أهل الامارات قال: "نحن نعتبرها نعمة من الله تعالى وتاريخ عائلتنا في هذا النوع من العلاج طويل يعود الى أجيال عدة. وقد علمت انها بدأت بتضرع احدى جداتنا الى الله ان يلهمها طريقة لعلاج ابنها المصاب بداء الصفراء. كان ذلك في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك وقد صادف أنها ليلة القدر. وهكذا منحت الجدة هذه القدرة وكل ذريتها من بعدها. فهذا أصغر أحفادي سعيد عمره 5 سنوات ومع ذلك يتمتع بالقدرة العلاجية نفسها. انها تولد معنا ولا تفسير لدينا لذلك لكننا وباستمرار نسخّرها لفعل الخير ونقدم العلاج مجاناً لكل من يقصدنا. حتى أنهم يأتونا من خارج الامارات خاصة دول مجلس التعاون الخليجي. وأحياناً نرسل لهم الماء الدواء مع أقرباء لهم إذا تعذّر عليهم الحضور شخصياً". وبسؤاله عن طريقة العلاج التي يتبعها قال: "لم تتغير هذه الطريقة منذ 80 عاماً. فإذا ما حضر المريض الي بنفسه، وهذا أفضل، أطالبه بخلع ملابسه والابقاء على ما يستر عورته. ثم آتي بوعاء مملوء بالماء النظيف أبدأ بقراءة الفاتحة ثم المعوذات وسورة الأعراف وآية الكرسي وآيات أخرى من كتاب الله في الوقت الذي أقوم فيه بغسل يدي مرات ومرات في الماء وأتبعها بمسح جسم المريض ببعضه ثم أبقيه في بيتي لمدة يومين ليرتاح ويتناول دواءه بمقدار فنجان قهوة ثلاث مرات يومياً من غسول يدي. وبإذن الله يتعافى وتفارقه الصفراء، ثم يقبل على الطعام فنقدمه له. وتجدر الاشارة الى اننا لا نتقاضى أجراً عما نفعله فهذه هبة الله ولا يجوز استغلاله في أمور الدنيا". ويستدرك محدثنا مضيفاً: "لا أعالج السيدات بل أرسلهن الى بناتي اللاتي يقمن بالمهمة. ولم تلمس يدي أنثى تعدت 5 سنوات من العمر أبداً. فمن حباه الله بقدرة غير عادية لا بد وان يبتعد عن كل المحرمات". وقبل مغادرة منزل المداوي العجوز الذي يعمل كمؤذن لمسجد قريته مصفوت سرد المرافق سالفة لم يقلها مضيفنا وهي ان ملابس هذه العائلة التي يتعرقون بها تستخدم كوسيلة للعلاج ايضاً. فمن يرتديها من المرضى يمكن ان يشفى. فأجسامهم تفرز مادة لم يستطع احد تفسير كنهها حتى الآن. وأن أطباء الأمراض الباطنية وأخصائي علاج الكبد في احد اكبر مستشفيات دولة الامارات، يرسلون اليه بعض مرضاهم عند تململهم من طول فترة العلاج فيستقبلهم بطيبة خاطر. وبسؤال الدكتور أحمد صالح طبيب الأمراض الباطنية في مستشفى راشد في دبي عن هذا المرض أجاب بأن مرض التهاب الكبد الوبائي معروف عالمياً وهو مستوطن في الكثير من الدول النامية نتيجة لقصور شديد في وظائف الكبد والمرارة. اما المسببات الرئيسية له فهي تناول الكحول وبعض الأدوية الخاصة بتنشيط الهورمونات وعلاجها وانسداد القنوات المرارية التي تفرز مادة الصفراء وأشار الدكتور صالح الى ان هذا المرض ليس قاتلاً وأن الشفاء التام منه قد يستغرق 6 أشهر أحياناً في ظروف علاجية دقيقة داخل المستشفيات لأن الطب الحديث لم يتوصل الى علاج مباشر له وان كان هناك دواء وحيد يسرع في عملية الشفاء يسمى "انترفيرون" إلا انه مكلف وتبلغ نسبة الشفاء فيه 90 في المئة. وبسؤاله عن رأيه في ما يفعله المدوي الشعبي في مصفوت أجاب: "ان التداوي بالقرآن معروف بعد الأخذ بالأسباب ولا أملك تفسيراً محدداً لذلك ولكن كما أسلفت فإن الطب الحديث يحوم حول المرض ليحاصره ولم يستطع حتى الآن علاجه بصورة مباشرة. كما أن فترة العزل الطويلة قد تؤثر نفسياً على المريض. والبحث مستمر لايجاد علاج شاف لهذا المرض الآفة". المعالجة النباتية يؤكد الأب متى مطران في كتابه "قاموس الطب البيتي في الامراض ومداواتها" على أهمية وفعالية استخدام النباتات والأعشاب في علاج مرض التهاب الكبد واليرقان. ويقترح الأب متى استعمال نبات شلش الروباص على النحو التالي لعلاج التهاب الكبد: تنقع قطعة صغيرة من شلش الروباص لا يتجاوز حجمها حجم الجوزة في كأس ماء بارد لمدة ساعتين. ويستحسن تناول كأسين من نقوعها في اليوم الواحد. كأس في الصباح وكأس في المساء قبل تناول الطعام. ويمكن تكرار نقع القطعة مرات عدة الى ان تذهب مرارتها. يستمر المريض باستخدام هذا العلاج حتى يشفى، وفي حالة اصابته باسهال اثناء العلاج ينصح بالتوقف عن تناوله لفترة محددة ثم يعاود علاجه مرة اخرى. وبالامكان استخدام بضع حبات محلب بعد تكسيرها في قدح ماء وتصفيتها وتحليتها بالسكر ومن ثم شرب سائلها خلال النهار لتقوية الكبد وتخفيف أوجاع البطن وطرد الغازات. كما يمكن تناول قرص عنّة لافادة الكبد وتقويته أيضاً. اما الصغار فيمكنهم شرب فنجان صغير او فنجانين من خليط ملعقة دبس خرنوب وماء الورد خلال النهار بدل شلش الروباص. وفي حالات اليرقان أو الصغيرة يمكن نقع قطعة صغيرة بحجم جوزة من شلش الروباص في كأس ماء لمدة 3 ساعات يؤخذ نقعها كل 3 ساعات على مدى 24 ساعة ويستمر العلاج لمدة 3 أيام ثم يؤخد عوضاً عن شلش الروباص كأس من مستحلب التمر الهندي كل 3 ساعات لمدة 3 أيام. يقتصر طعام المريض خلالها على المواد النشوية والخضار مع الامتناع عن أكل المقالي واللحم والسمك والبيض والالتزام بالراحة الجسدية التامة. ويمكن شرب عصير الليمون الحامض المحلى بالسكر بدل مستحلب التمر الهندي شرط أن يكون عصير الليمون فاتراً. ولتنقية الوجه من جراء الاصابة بمرض اليرقان ابو صفار يحرق في النار قتّ الحمار ويستنشق من دخانها فيخرج من الأنف مادة صفراء وينقي الوجه والعينين من الصفار. ويقول خبير الأعشاب محمد غازي مظهر انه تمكن من علاج حالات مستعصية كثيرة بعد ان يئس الاطباء من علاجها. وكانت احدى هذه الحالات تتعلق بالتهاب الكبد الوبائي حيث وصل المريض الى مرحلة التليّف وأصبح على مشارف الاصابة بالسرطان. ولكن بعد اعطائه جرعات من بعض الأعشاب التي لم يحددها شفي المريض وأصبح انشط وأقوى من ذي قبل. عمليات زراعة الكبد ان أغلب حالات التهاب الكبد يمكن تداركها والشفاء منها بمجرد اتخاذ الاحتياطات والتدابير المناسبة. أما حالات تشمع او تليّف الكبد فهي غير قابلة للشفاء التام ويمكن ان تؤدي الى الوفاة او الاصابة بالسرطان. ويعود سبب تليّف الكبد غالباً الى ادمان شرب الكحول او تطور حالة الهيباتايتس او لأسباب أخرى غير محددة. ويقول الدكتور إيان ماكفارلين استشاري الكيمياء الحيوية في معهد دراسات الكبد بمستشفى كينغز كولدج في لندن ان الدلائل تشير الى أن تطور حالة تليّف الكبد الى السرطان قد تستغرق 20 عاماً. الأمل الوحيد لمن يتعطل كبده بصورة تامة نتيجة المرض أو التشوه الخلقي هو الخضوع لعملية زراعة الكبد التي تطورت كثيراً خلال الثلاثين سنة الماضية، حيث وصلت نسبة النجاح فيها الى اكثر من 90 في المئة. الا أن ايجاد متبرعين مناسبين والحصول على اعضاء متوافقة لا يرفضها جسم المريض تبقى عقبة رئيسية في طريق مثل تلك العمليات. وتجدر الاشارة الى ان عمليات زرع الكبد للأطفال الذين يعانون من تشوهات خلقية في اكبادهم قد ساهمت بصورة فعّالة في انقاذ حياتهم نتيجة الخطوات الجبارة التي خطاها جراحو زراعة الاعضاء. فبالامكان حالياً زراعة الكبد لأطفال لا يتعدى عمرهم 16 يوماً. وعلى الرغم من أن هذه العمليات تشبه في تعقيدها عمليات زراعة القلب الا ان ميزتها الأساسية عن سائر اعضاء الجسم تكمن في قدرة الكبد على اعادة استكمال نموه. وهذا ما ساعد الجراحين على استخدام كبد مستخرج من متبرع واحد وتقسيمه بحيث يصلح للزرع داخل شخصين مختلفين. وتتيح هذه الميزة ايضاً الفرصة للأهالي كي يتبرعوا بجزء من أكبادهم لأطفالهم الذين يحتاجونها دون التأثير على وضعهم الصحي العام. ونظراً لكثرة الطلب وانخفاض عدد المتبرعين بدأ الأطباء والجراحون تجارب جديدة للتأكد من صلاحية استخدام أكباد الحيوانات لزرعها عند البشر. وكانت أول عملية لزرع كبد قرد داخل انسان تمت العام الماضي في الولاياتالمتحدة الاميركية وأسفرت عن وفاة المريض. غير ان الدكتور جيمس نيوبرغر استشاري الامراض الباطنية في وحدة الكبد بمستشفى الملكة اليزابيث في مدينة بيرمنغهام البريطانية صرّح بأنه متفائل جداً بأهمية نجاح مثل تلك العمليات في المستقبل نظراً لما يمكن ان توفره الحيوانات من اعضاء هامة يحتاجها المرضى وبخاصة الكبد، شريطة التغلب على المشاكل المناعية التي تعترض عمليات الزرع هذه.