تتار وألبان وبوسنيون لكن العرب لم يكونوا وحدهم مسلمين بين المهاجرين7 فبعد انهيار الامبراطورية العثمانية بدأت اعداد كبيرة من التتار والالبان والبوسنيين تصل الى الولاياتالمتحدة في فترة ما بين الحربين العالميتين7 وفي 1915 اقام الالبان مسجداً في مين، واقاموا مسجداً آخر عام 1919 في كونيكتنكات7 ومنذ الستينات بدأ الاتراك يستغلون الفرص الاقتصادية المتاحة لهم في الولاياتالمتحدة مثلما فعل مسلمو افريقيا واندونيسيا وماليزيا7 وربما كان اكثر المسلمين المهاجرين تعصباً وغيرة على دينهم هم الوافدون من الهند وباكستان وبنغلادش7 فبعدما بدأت بريطانيا تسد الباب في وجوههم بسبب قوانين الهجرة العنصرية فيها أخذوا يتوجهون بأعداد كبيرة الى الولاياتالمتحدة التي فتحت أبوابها أمام المهاجرين من العالم الثالث7 وكان هؤلاء شحذوا إيمانهم ورسخوا عقيدتهم نتيجة الحرب الدينية التي شهدتها شبه القارة الهندية7 لذلك هم أنشط الجاليات في أميركا لجهة تنظيم أنفسهم وتشكيل المنظمات الاسلامية7 المسلمون السود عام 1889 قام ادوارد بلايدن بجولة في ربوع أميركا داعياً الى الدين الحنيف7 وأعلن ان القرآن الكريم هو الذي يحمي الرجل الأسود من التحلل والتبعية7 وفي 1913 شهدت نيوآرك في نيوجيرزي تأسيس هيكل أميركا للعلوم المغربية الذي أقامه النبيل درو علي بدعوى ان سلطان المغرب كلفه ان يكون داعية لدى الأميركيين السود7 لكن أنجح الحركات الاسلامية المحلية في مرحلة لاحقة وهي أمة الاسلام لم تقم وزناً كبيراً لجهده7 أسس أمة الاسلام والاس فارد الذي أصبع اسمه والاس محمد وادعى أنه ولد في مكةالمكرمة لأب عربي وأم أوروبية7 وفي 1933 اختفى في ظروف غامضة فخلفه أليجا بول الذي غير اسمه الى أليجا محمد وركز في دعوته على القومية السوداء7 وكان يعظ في الناس أن الأجناس البيض هي الشيطان وأن السود هم العنصر الذي له السمو7 ولأنه كان ابن واعظ من أتباع الكنيسة المعمدانية كانت له موهبة في التنظيم والوعظ7 والرسالة التي نشرها لم تكن الاسلام الحنيف بحذافيره لكنها لقيت إقبالاً يعد سابقة لدى السود الذين عانوا التمييز والإذلال الفظيعين7 اكس وأمة الاسلام أما مالكولم إكس الذي اعتنق الاسلام في السجن فهو مثال على المدى الذي وصلته اليه حركة أمة الاسلام التي كانت قوية في المدن واحيائها الفقيرة وداخل السجون7 إذ أن كثيرين من السود من أمثاله وجدوا احترام الذات والاحساس بالكبرياء والكرامة في اعتناق الاسلام7 لكن مالكولم إكس ذهب الى أبعد من ذلك، فعندما أدى فريضة الحج اختبر بنفسه وحدة الاسلام، وبدأ لدى عودته الى الولاياتالمتحدة ينادي بالعودة الى التيار الاسلامي الرئيسي، واعترف به العالم الاسلامي أجمع الذي كان ينظر بريبة الى بعض جوانب عقيدة أليجا محمد7 ولذلك اعتبر بعضهم مالكولم إكس خطراً فقتله أعضاء أمة الاسلام عام 71965 لكنه حقق النصر بعد موته7 ففي 1975 تولى وارث دين محمد زعامة التجمع الرئيسي ل أمة الاسلام خلفاً لوالده أليجا7 ولما كان وارث عالماً بالعربية دارساً للقرآن الكريم، تأثر الى درجة كبيرة بتعاليم مالكولم وتنصّل من ادعاء والده النبوة ومن نزعة دعوته العنصرية7 وبقيادته تغير اسم حركة العثور على أمة الإسلام الضائعة في براري أميركا الشمالية مرات عدة حتى أصبح في عام 1980 البعثة الاسلامية الأميركية7 وبعد 5 سنوات حلت الجماعة نفسها لتندمج في المذهب السني وأصبح المسلمون الذين يترددون على الجوامع من كل الأعراق وأصبح العرب والباكستانيون وغيرهم يقبلون الأئمة من السود في أميركا، فيما أقبل المسلمون السود على أداء الصلاة في المساجد العربية7 لكن بعض السود الأميركيين لم يتفق مع وارث دين محمد، فانفصل لويس فرّاخان وحافظ على أمة الاسلام التي لديها حسب إيفون حداد عشرة آلاف عضو رسمي يدفعون رسوماً في صورة منتظمة، لكن أتباعه أكثر من هذا العدد بكثير، بين أفراد الطبقة المحرومة7 والواقع ان موهبة فراخان الخطابية ولباقته من الأمور التي تعطي حركته مكانة أقوى بكثير من حجم عضويتها، كما أن مبادئه الخاصة بالقومية السوداء لا تزال تجتذب اليه الشبان السود7 مرحلة نمو ضرورية ويرى أتباع وارث دين محمد ان الانحرافات المبكرة كانت مرحلة ضرورية من أجل الانتقال بالسود في أميركا الى التيار الاسلامي العام7 ويقول جبريل الذي يعمل في دائرة الاسكان في بلدية نيويورك ويحضر المناسبات المختلفة في المركز الاسلامي في المدينة: وجدت أشياء كثيرة مفقودة في طريقة تصرف الناس، فاعتنقت الاسلام مباشرة قبل عشرين سنة، وليس من خلال اتباع أليجا محمد7 كانت أول مواجهة حقيقية لي عندما زرت المسجد فاقنعني الجو الروحاني بأن هذه هي الطريقة الصحيحة7 وعلى رغم ان ما دعا اليه أليجا محمد لم يكن الاسلام بمفهومه الخالص فإن كثيراً مما قاله وفعله جعل بعض الناس يتخذ خطوات باتجاه الاسلام7 أي ان تلك الفترة كانت مرحلة نمو: تماماً مثل الرضيع الذي لا يستطيع تناول الطعام فتحضره لتناوله باعطائه طعام الأطفال7 وبالنسبة الى كثيرين من المسلمين الأميركيين السود كان أول اتصال لهم بالاسلام ثم التحول الى الدين الحنيف في السجن7 إذ أن نسبة السود بين السجناء في أميركا تفوق كثيراً نسبتهم الى السكان بسبب الفارق الذي لا يزال متأصلاً في المجتمع الأميركي ويحرمهم من التمتع بالفرص المتكافئة في التعليم والعمل7 وعندما تحدثت الى فريد نعمان، كان عاد الى واشنطن إثر محاصرة سجن في لويزفيل احتجز سجناؤه الحراس رهائن7 وكانت مهمة نعمان التوسط لأن عدداً كبيراً من هؤلاء السجناء كانوا مسلمين7 وهناك 75 إماماً يعملون الآن في السجون الأميركية ويتقاضون رواتب من سلطات الولايات7 ماتوا لتثبيت حقهم ويؤكد نعمان ان أول إمام عيّن عام 1973 إذ كان المسلمون يموتون وهم يحاولون تثبيت حقهم في ممارسة شعائر دينهم، تعرضوا للتعذيب والقتل7 أما الآن فهناك 160 ألف مسلم في السجون، أقاربهم وعائلاتهم حوالي نصف مليون مسلم، واعتنق حوالي ستين في المئة منهم الاسلام في السجن7 ويضيف: إن 44.5 في المئة من السجناء المسلمين سجنوا أكثر من تسع مرات لأسباب من بينها الطريقة التي يعاملهم بها القضاء، وان المجتمع الاسلامي في الخارج لم يطور بعد السبل الكفيلة باعادة تأهيلهم7 ومن بين المسلمين الذين يدخلون السجن في أميركا يشكل السود نسبة 98 في المئة، ويبلغ مجموع السجناء في الولاياتالمتحدة مليون وتسعمئة ألف شخص، وهو يمثل أعلى نسبة في العالم7 أما النسبة بين البيض فهي 400 معتقل لكل مئة ألف، بينما تصل الى أكثر من ثلاثة آلاف بين كل مئة ألف أسود7 ويتولى السجناء المسلمون دور تهدئة الأمور وتسوية المشاكل، وفي حصار لويزفيل هم الذين ساعدوا على احتواء الاضطراب7 ومثل كثيرين من الأميركيين السود يقول نعمان انه عاد الى الاسلام ولم يعتنقه أو يهتدي اليه حديثاً: اعتنق والدي الاسلام أواخر الخمسينات من خلال المذهب الأحمدي، أما أنا فنطقت الشهادتين في كاليفورنيا أوائل السبعينات7 أنا مسلم منذ 21 سنة، ومعظم أفراد عائلتي مسلمون، وعدد أشقائي وشقيقاتي 157 ويرى أن ذلك من الأسباب المهمة التي تجعل الاسلام أسرع الديانات انتشاراً في أميركا: نسبة الولادات بيننا هي أعلى نسبة، والسود يمثلون 42 في المئة من المسلمين في الولاياتالمتحدة7 وكي يجتذب السود الى الاسلام يقتبس عن الإمام جميل الأمين: إن المريض هو الذي يسعى الى طلب المساعدة من الطبيب7 صحيح ان هناك عنصراً من الاحتجاج، لكن روحانية الاسلام وعدالته هما اللتان تجتذبان الأميركيين السود الى اعتناقه7 ولعل أكبر جرائم العبودية أو الرق انها جردت الرقيق من هويتهم7 لكن هذا الاحساس المجرد النظيف امتلأ في ما بعد بالاسلام7 وهذا خير مثال على رحمة الخالق سبحانه وتعالى7 وتبلغ نسبة المسلمين السود الآن 02 في المئة من السود الاميركيين7 وكلما زاد الظلم والعدوان ضد المسلمين في أي مكان في العالم زاد عدد المسلمين في أميركا لأنهم يبحثون عن العدل والانصاف7 تلفت ايفون حداد الى عدم وجود تمييز عنصري في المساجد كما هي الحال في كنائس البيض، لكنها تتحدث عن بعض التمييز غير المقصود7 وتتحرى وجود تباين في التصرف والدوافع بين المسلمين السود الاميركيين والمسلمين المهاجرين اذ أن اطفال المهاجرين المسلمين يتوقون الى الاندماج قدر الامكان في المجتمع الاميركي، بينما يبحث اطفال السود الاميركيين الذين اعتنقوا الاسلام عن ثقافة مختلفة7 لذلك فان طموحاتهم وتطلعاتهم مختلفة تماماً7 وترى ان هناك بعض الاختلافات الثقافية ففي مسجد للمهاجرين يرجح ان تكون الخطبة رصينة فيها وقار وتبجيل، أما في المسجد الذي يتردد عليه السود ممن اعتنقوا الاسلام في أميركا فان الخطبة غالباً ما تكون نارية ملتهبة7 ولاحظ كثيرون ممن اعتنقوا الاسلام هذا الاختلاف7 ولكن لوحظ ايضاً ان هناك اندماجاً بين جموع المصلين من الطرفين7 فحتى المهاجرون يرحبون بخطب الائمة الملتهبة، ويقول أنور عبدالرحمن وهو اميركي اسود يصلي في المسجد الرسمي للمركز الاسلامي في مانهاتن: نعم لنا طريقتنا الخاصة في الكلام7 وبعض الائمة المهاجرين يتحدث انكليزية ممتازة ولكن ليس بالطريقة الاميركية7 وكثيراً ما أذهب الى مساجد ائمتها سود، حيث أجد الجو مألوفا7 ويرى جبريل ان المسألة ثقافية، لذلك قد يجد المسلمون السود اسلوب خطبة إمام منهم متلائماً مع طريقتهم في النظر الى الامور، ما يعني ان هناك نوعاً من الالفة بينهم7 وحين توجد الالفة تعطي قدراً من التجانس، ولكن هناك واعظون وائمة لديهم الحماسة نفسها والغيرة نفسها حين يلقون خطبهم7 إدارة المساجد يمكن القول ان اميركا حولت المسلمين مثلما حول الاسلام الاميركيين7 فكثيرون من المهاجرين جاؤوا من دول تشرف السلطات فيها على المساجد7 أما في أميركا فالمجتمعات خارج واشنطنونيويورك، حيث لسفراء الدول الاسلامية دور مهم، عليها ان تبني مساجدها وتديرها وتنفق عليها7 وتعلق حداد قائلة: احدى المشكلات في اميركا الشمالية عدم وجود خبرة في تنظيم المساجد، وما يثير الاعجاب ان المسلمين استطاعوا على رغم ذلك ان يفعلوا كثيراً وان يقيموا المساجد من العدم ويديروها بطرق ديموقراطية جداً7 وهم ينظمون انتخابات حرة نزيهة لاختيار اعضاء الهيئة المشرفة على هذا المسجد أو ذاك7 وفي العام الماضي اجريت انتخابات لاختيار المجلس الاستشاري لمسجد أبي بكر في بروكلين، تنافس فيها 52 مرشحاً علماً أن المجلس يتألف من 7 اعضاء7 باتت المساجد في اميركا مراكز للحياة الاجتماعية والثقافية، فيها يلتقي المسلمون في مناسبات الوفيات والزواج، وينظمون جمع التبرعات7 وتجتذب المدارس المسائية او التي تنشط خلال العطلة الاسبوعية اعداداً كبيرة من الاطفال7 وتواكب ذلك مظاهر تراوح بين بيع اللحم الحلال والدعوة الى التظاهر تأييداً لمسلمي البوسنة7 وبينما يتلقى عدد من الائمة والوعاظ رواتبهم من رابطة العالم الاسلامي، هناك ائمة يمارسون نشاطهم بلا مقابل مادي او يتقاضون رواتبهم من تبرعات يجمعها المسلمون في منطقة اميركية او أخرى7 دور الإمام أوسع ودور الامام في المسجد في أميركا اوسع بكثير مما هو في العالم الاسلامي، اذ يتولى مهمة ناطق باسم المسلمين7 وتلعب المرأة دوراً مهماً في تنظيم الدعم للمساجد وتنظيم الدعم لها7 والمثال هنا عائشة شوربجي وهي اميركية اعتنقت الاسلام عام 1891 حين كانت تدرس في جامعة سيراكوس7 فهي المديرة التنفيذية للمجلس الاسلامي الاميركي في واشنطن، درست الاسلام في الجامعة ثم زارت القاهرة حيث اجرت عدداً من البحوث7 يقول عبدالرحمن عثمان، إمام المركز الاسلامي في مانهاتن الذي تأسس في 7891 وانتهى العمل فيه عام 0991: ان أي مركز ثقافي اسلامي يشمل عادة مدرسة ومكتبة ومتحفاً، لكن الافتقار الى الاموال جعل مراكز كثيرة تقتصر على مساجد7 وكان عبدالرحمن جاء بتكليف من الازهر، ومسجد المركز الاسلامي تدفع نفقاته السعودية والكويت وحكومات عربية أخرى7 ويشرح عبدالرحمن قصته فيقول: قبل ست سنوات كانت هناك جالية صغيرة من المسلمين العرب والاميركيين السود والباكستانيين، بدأوا مسجداً لهم في منزل صغير اشتروه على الطرف الغربي من مانهاتن7 كان الطابق الاول مكتباً والثاني مصلى والثالث مكتبة7 وسمعوا عن دور السفراء المسلمين في بناء مسجد واشنطن فحاولوا محاكاة ذلك بتشكيل مجلس أمناء من سفراء الدول الاسلامية لدى الاممالمتحدة7 ونجحت الفكرة فأقاموا هذا المسجد الذي كلف بناؤه 71 مليون دولار ساهمت فيها الكويت والسعودية وغيرهما من الدول بينما تتولى مصر تأمين الائمة7 التضامن والتكامل ويؤكد ان غالبية المسلمين الذين يترددون على المسجد هم اميركيون اذ ان عددهم في نيويورك يقارب مليون شخص بينما يصل عدد المسلمين في الولاياتالمتحدة الى حوالي عشرة ملايين7 وتشير التقديرات الى ان عدد الذين يعتنقون الاسلام كل سنة يتراوح بين 52 و05 الف شخص7 ويبدو ان انتشار الدين الاسلامي يزدهر في البيئة المعادية7 اذ يقول عثمان: ان أزمة سلمان رشدي اجتذبت الينا كثيرين ممن اعتنقوا الاسلام7 وتتفق حداد مع هذا الرأي وتقول: في 3791 أدت أزمة النفط الى التضامن والتكافل بين المسلمين7 وفي 3891 زاد تكاتفهم بعدماارتبطت صورتهم بالارهاب، وتعرضوا خلال تلك الفترة لهجمات عنيفة7 ولكن كلما نشأت أزمة مثل الغزو الاسرائيلي للبنان عام 2891 والغارة الجوية الاميركية على ليبيا وأزمة سلمان رشدي وحرب الخليج، اتسع نشاط المسلمين وتضامنهم وتلاحمهم، ونشطت لجانهم الاجتماعية والسياسية7 وهذه سرعان ما تتقاعس بمجرد انتهاء الازمة7 بمعنى ان الهجوم على الجالية يدفع الى توحيد صفوفها، لكنها تنقسم مجدداً بعد انتهاء الهجوم7 التمييز والارهاب بدأ الاميركيون يلتزمون الحرص في نظرتهم الى المسلمين الاميركيين اكثر مما كانوا يفعلون في الماضي7 ويعود الفضل الى منظمات عدة مثل اللجنة العربية - الاميركية لمكافحة التمييز العنصري التي نجحت هذه السنة في وقف شريط فيديو رسمي لتدريب جنود البحرية، يصور العدو باعتباره ارهابيي الشرق الاوسط7 وأشارت اللجنة الى ان تقرير وزارة الخارجية الاميركية يؤكد ان ثمانية حوادث معادية لاميركا وقعت في الشرق الاوسط من اصل 223 حادثاً سجلت عام 70991 وأعرب 365 مسلماً شملتهم دراسة خاصة اجريت بين عامي 3891 و4891 عن اعتقادهم بأن أميركا لا ترحب بالمسلمين7 لكنهم لم يستطيعوا اعطاء مثال شخصي على التمييز ضدهم7 ذلك أن المشكلة هي المعايير العامة للمجتمع ونظرته العامة7 وفي دراسة اعدها جون زغبي للمجلس الاسلامي الاميركي أخيراً وجد أن 62 في المئة من الاميركيين ينظرون نظرة سلبية الى الاسلام في مقابل 32 في المئة اتخذوا موقفاً ايجابياً7 لكن المثير للاهتمام ان 14 في المئة ممن اشتركوا في استطلاع الرأي كانوا غير متأكدين من مشاعرهم، في حين ابدى 25 في المئة نظرة ايجابية الى اليهودية وعارضهم 02 في المئة وأعرب 82 في المئة عن عدم تأكدهم7 ومثلما تلقى الامام وهاج دعوة الى افتتاح مجلس النواب الاميركي بالصلاة والدعاء في 0991، تلقى وارث دين محمد دعوة الى افتتاح الجلسة الاولى لمجلس الشيوخ7 اذ يدرك السياسيون ان عليهم كسب تأييد المسلمين مثلما يفعلون مع المسيحيين واليهود7 وفي هذا ما يشكل الخطوة الاولى على طريق الاعتراف او القبول الرسمي7 وتتلقى المنظمات الاسلامية الآن دعوات من المنظمات والهيئات المسيحية واليهودية في مناسبات مختلفة، وكثيراً ما تشترك في العمل من اجل قضايا محلية او دولية7 من ذلك مثلاً ان المسلمين واليهود في اميركا نظموا احتجاجات ومسيرات مشتركة لمصلحة مسلمي البوسنة7 لكن هيئات الحوار بين الاديان في الولاياتالمتحدة تشكل معظمها بين المسيحيين واليهود، ومبدأها الاساسي، بناء على اصرار اليهود، هو قبول دولة اسرائيل وتأييدها الامر الذي يرفضه المسلمون عموماً7 ويقول جيمس زغبي الأميركي اللبناني الأصل الذي يرأس المعهد العربي الأميركي، إن استطلاعات الرأي العام تظهر أن الاسلام يحظى بأدنى نظرة ايجابية لدى البيض مقارنة بالديانات الرئيسية الأخرى7 وما زاد نظرة الأميركيين البيض السلبية الى الاسلام أن الادارة الأميركية شجعت مشاعر الخوف من التطرف الاسلامي وجعلت الاسلام العدو الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الشيوعية7 وتشعر السفارات الأوروبية في واشنطن بالقلق مما يمكن أن يقود اليه ذلك7 إذ تشير الدوائر الديبلوماسية في العاصمة الأميركية الى البحث الذي نشره البروفسور الاسرائيلي ليون هادار من الجامعة الأميركية في واشنطن في مجلة الشؤون الخارجية وقال فيه ان جعل الاسلام العدو الجديد للعالم المتقدم ينطوي على خطر لأنه يشبه العمل على تحقيق نبوءة ذاتية7 لكن هناك عاملاً آخر يساعد على تشكيل الموقف من الاسلام وهو إعادة تقويم العملية العسكرية لتحرير الكويت التي رفعت شعبية الرئيس السابق جورج بوش بتوجيه من صحافة المؤسسة الأميركية الى نسبة تعد سابقة وهي 92 في المئة7 لكن بوش مني بعد سنة واحدة بهزيمة منكرة في انتخابات الرئاسة7 من ذلك مثلاً أن كتاباً جديداً ألّفه النائب الأميركي العام السابق رمزي كلارك عن الصراع في حرب الخليج وعن السياسة الأميركية التي مهّدت لهذا الصراع، لم يحظ حتى بمراجعة في صحف المؤسسة الرسمية7 وبالمثل تجاهلت وسائل اعلام المؤسسة الأميركية الكتاب الذي وضعه جورج بول المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي عن تاريخ العلاقات الأميركية - الاسرائيلية، على رغم ان الكتاب حقق مبيعات قياسية في أوروبا7 أما سبب هذا التجاهل فهو أن المؤلف رفض التشهير بالعالمين العربي والاسلامي7 وتقول المصادر الديبلوماسية في واشنطن ان تشويه صورة الاسلام بدأ يشهد تصعيداً كبيراً عندما أعلن الرئيس بوش الذي كان يعتبر صديقاً للعالم العربي، نظامه العالمي الجديد7 والآن بعدما أخفقت ادارة الرئيس بيل كلينتون في تحقيق نجاح يذكر في جهودها لحل مشكلات التأمين الصحي والتعليم والجريمة وحتى البطالة، تسير على نهج إدارة بوش في احياء الحرب الباردة بتشجيع من اسرائيل7 ويقول ديفيد هوفمان مراسل صحيفة واشنطن بوست في تل أبيب: تحاول اسرائيل إقناع الولاياتالمتحدة بأن المتطرفين الاسلاميين وبرنامج التسلح الايراني هم أعظم خطرين على الشرق الأوسط واستقراره وعلى مصالح الغرب7 ويضيف هوفمان وهو يهودي مؤيد عادة لاسرائيل: إن انهيار الاتحاد السوفياتي جعل اسرائيل عديمة الأهمية بالنسبة الى الولاياتالمتحدة، ومن هنا جاءت الفكرة الجديدة ومفادها ان اسرائيل هي الحصن المنيع ضد التطرف الاسلامي والأطماع الاقليمية الايرانية7 ومع انتهاء المظلة النووية السوفياتية في الشرق الأوسط بدأت إيران والعراق ودول أخرى تسعى الى امتلاك رادعها الخاص ضد الترسانة النووية الاسرائيلية7 وتسعى اسرائيل الى تصوير هذا السعي الى امتلاك الرادع بأنه تهديد تماماً مثلما تصور مقاومة الاحتلال بأنها إرهاب7 والآن بعدما التقت اسرائيل وفلسطين هل سيعني هذا أيضاً ربط المسلمين الأميركيين بالتطرف؟ إذ أن ليبيا التي لا تتمتع بسمعة طيبة في الولاياتالمتحدة كانت الدولة الاسلامية الوحيدة التي أظهرت اهتماماً بمساعدة أمة الاسلام7 القوة السياسية؟ وليس مرجحاً على المدى القريب ان يحظى الاسلام في الولاياتالمتحدة بالقوة السياسية التي تحظى بها اليهودية7 فالمسلمون منقسمون على أنفسهم بين آلاف المنظمات المستقلة، والفقر المدقع بين الاميركيين السود وحرمانهم من السلطة والقوة هما من أهم الاسباب التي تدفعهم الى اعتناق الاسلام بأعداد كبيرة7 ومع ذلك فان الالتقاء والاختلاط بين اتباع الديانات المختلفة يكشفان المساواة في الاسلام ويعطيان المسلمين فرصة لممارسة النفوذ السياسي7 فالمساجد في اميركا والمجتمعات الاسلامية حولها خير مثال على ممارسة الديموقراطية ومساعدة الذات وتقديم العون الى الآخرين، ما يساعد بالتالي على محاربة الحرمان وتنظيم العمل لترسيخ هوية المسلمين في المجتمع الاميركي7 ولا شك في ان اطفال المسلمين هم الذين سيقررون هل تقبل اميركا دينهم كعقيدة معترف بها اسوة بالعقائد الاخرى أم لا7 فاذا حافظوا على دينهم ورسخوا دعائمه كقوة ذاتية سيفرضون قبوله لأنهم سيصحبون قوة محلية ذات وزن كبير على الساحتين الاجتماعية والسياسية في الولاياتالمتحدة7 ايزنهاور افتتح المركز الاسلامي في واشنطن أرسل الازهر أول إمام الى نيويورك عام 70591 وفور وصوله بدأ بالعمل مع مسلمي المدينة الماليزيين والهنود والكاريبيين لاقامة المركز الاسلامي عام 72591 أما المركز الاسلامي في واشنطن فأنشأته الدول الاسلامية الثلاث الوحيدة التي كان لها آنذاك تمثيل ديبلوماسي في اميركا وهي مصر وافغانستان وايران7 وبمبادرة من البعثة المصرية في واشنطن ارسل الملك فاروق للمشروع عام 4491 مبلغاً يعادل 46 الف دولار7 واللافت ان الجالية العربية المسيحية في اميركا الشمالية جمعت تبرعات بلغت حوالي خمسين الف دولار اضيفت الى ذلك المبلغ7 وتم تأمين المكان بشراء قطعة ارض قيمتها 69 الف دولار7 ومرت سنوات قبل ان تشرف وزارتا الهندسة والاوقاف في مصر على وضع تصميم للمركز على غرار مسجد في الاسكندرية7 وفي 7591 اكتمل البناء وافتتحه الرئيس ايزنهاور رسمياً7 وظل المركز يعاني من نقص في الدعم المالي حتى عام 1891 حين بدأت السعودية بتقديم المساعدات السخية اليه، وما زالت حتى اليوم7 ميثاق لاصلاح السود قال الدكتور عبدالعليم محمد زعيم أمة الاسلام في واشنطن لالوسط ان لويس فراخان زعيم حركة أمة الاسلام هو المستشار الروحي للرئيس الغاني جيري رولنغز الذي ولد لأب بريطاني وأم غانية7 ورولنغز ليس مسلماً7 وأضاف ان فراخان مثل لجنة الأديان السماوية في المؤتمر الديني الدولي الذي عقد في مدينة شيكاغو أخيراً7 لكن أهم نجاح حققته أمة الاسلام في أميركا كان في تشرين الأول اكتوبر الماضي عندما وقعت هيئة أعضاء الكونغرس السود المؤلفة من واحد وأربعين عضواً هم أربعون من الديموقراطيين وجمهوري واحد على ميثاق مع أمة الاسلام للعمل من اجل إصلاح مجتمع السود في البلاد7 وإثر ذلك استشاطت المنظمات اليهودية غضباً7 لكن رئيس الهيئة أعلن أن زعماء السود السياسيين في أميركا سيتعاونون مع أمة الاسلام من أجل تحقيق المساعدة الذاتية وتمتع السود بنصيبهم من السلطة7 وحين قال أبراهام فوكسمان، المدير العام للرابطة اليهودية لمحاربة التشهير ان جماعته لن تتعاون مع منظمات السود إذا كان فراخان ضمنها، رد عليه رئيس الهيئة كواسي كفومي: كما هي الحال بالنسبة الى رابين مع عرفت أو فردريك دو كليرك مع نيلسون مانديلا، على اليهود في أميركا أن يلحقوا بالقرن العشرين قبل أن يصل القرن الحادي والعشرون7 ويعلق أحد المراقبين اليهود قائلاً: واضح ان أمة الاسلام حققت نجاحاً كبيراً لأن اليهود من ذوي العقليات القديمة في حال من الاضطراب، خوفاً من انحسار سيطرتهم على الرأي العام الأميركي7 وكفومي، أقوى الأعضاء السود في مجلس النواب، هو حليف طبيعي لأمة الاسلام7 اذ عاش حياة صاخبة وكان أبا لخمسة أطفال من دون زواج قبل أن ينضم الى الحركات الراديكالية للسود في الستينات7 وفي نهاية المطاف أصبح جزءاً من المؤسسة السوداء في أميركا، فعمل مديراً لإحدى الكليات ثم مقدماً لبرنامج اذاعي، وعضواً في أحد المجالس البلدية7 وهو يقول أن اسمه من اصل أفريقي باللغة السواحلية معناه الصبي الذي ولد في آخر أيام الاسبوع! تعاون المسلمين والنواب السود يزعج اللوبي اليهودي 7 اف7بي7اي لاحق المسلمين وجورج واشنطن حذر من تغلغلهم يرى الدكتور عبدالعليم محمد زعيم أمة الاسلام في واشنطن ان الاسلام هو القوة التي ستنقذ اميركا السوداء وتمكنها من العمل على انقاذ افريقيا7 ويقول ان محاولات كثيرة جرت لادخال الدين الاسلامي الى اميركا الشمالية، من دون جدوى، الى ان جاء فريد محمد من لبنان عام 1930 ثم تأسست أمة الاسلام بجهود اليجا محمد7 وأكد في حديث الى الوسط ان أول رئيس اميركي، جورج واشنطن، حذر مواطنيه من السماح للاسلام بارساء موطئ قدم في اميركا خصوصاً بين العبيد السود، خشية ان يفرضوا حقوقهم على الآخرين7 واشار الى ان وسائل الاعلام في اميركا استخدمت بطريقة اعتمدت على الافتراء لتشويه سمعة الاسلام والمسلمين والعرب7 واضاف: كانوا يسخرون منا لأننا مسلمون سود، وهو وصف استخدامه للمرة الأولى مايك والاس في برامجه الاذاعية والتلفزيونية عام 1959 للدلالة على أننا منبوذون، وباشرت وسائل اعلام البيض حملة للتشهير بنا واهانتنا7 على رغم ذلك نجحنا في فرض احترام الاسلام في اميركا، واليجا محمد كان له الفضل في نشر القران الكريم بين الناس، ونشر اول ترجمة له بالانكليزية في اميركا7 وتدل بالاحصاءات الى ان الاسلام هو أسرع الديانات انتشاراً في الولاياتالمتحدة، خصوصاً بين السود، ويواجه مقاومة واسعة من البيض7 قبل نحو ثلاث سنوات سئل الذين التحقوا بجامعة هارفارد عن انتمائهم الديني فأجاب 51 في المئة انهم مسلمون7 وروى عبدالعليم محمد ان نجاح امة الاسلام بدأ في احياء السود البائسة في ديترويت وشيكاغو واتسع بين السجناء خصوصاً ان عدداً كبيراً من القادة الاسلاميين كان في السجن بتهمة المساهمة في جنوح الاحداث وغيابهم عن المدارس7 فهؤلاء أرادوا لاطفالهم تعليماً اسلامياً لذلك ابقوهم خارج المدارس الحكومية7 كل من له علاقة بأمة الاسلام كان يتعرض للمضايقات على يد الشرطة ومكتب التحقيقات الفيديرالي اف7بي7آي الذي اعتقل رجاله مرة رواد مسجد ديترويت ومئات اخرين لمجرد انهم مسلمون7 وأشار الى ان لويس فراخان بات يلقى قبولاً لدى الناس الذين يكتشفون انه ليس ذلك البعبع الذي تصوره وسائل الاعلام، وهو يود ان يكون احد قادة اميركا، لجميع الناس مسملين وغيرهم7 وذكر بأن فراخان كان له الفضل في اطلاق طيار اميركي حين رافق جيسي جاكسون الى دمشق قبل سنوات7 وقال عبدالعليم محمد ان امة الاسلام ستعقد مؤتمراً عالمياً في العاصمة الغانية اكرا في تشرين الاول اكتوبر، يشترك فيه مسلمون من كل انحاء العالم، ويخصص للبحث في الحاجات الاساسية للقارة الافريقية ومشكلاتها الاقتصادية والسياسية7 ويؤكد ان رئيس غانا جيري رولنغز يعتبر فراخان بمثابة مستشار روحاني له ونريد ان نساعد على انعاش الثورة الاقتصادية والروحية للقارة لنساهم في تحقيق تقدمها7 نحن نعتقد انه كانت هناك ايجابيات مما حدث لنا نحن السود خلال اربعمئة سنة، اذ ان زعماء القبائل الافارقة باعونا رقيقاً، واكتسبنا كنزاً من المهارات البشرية7 وفي هذه البلاد منعونا من ممارسة نعرف بسبب العنصرية ومشكلات اخرى7 وتابع عبدالعليم محمد الذي يدير العيادة الرئيسية لمعالجة المرضى المصابين بالايدز في واشنطن، ان ازدياد التأثير في حل المشكلات التي تنعكس على الحياة اليومية للناس يقلص اهمية الاعتراضات المستندة الى عوامل دينية او ثقافية او عرقية او عنصرية لذلك نحن حلفاء لجميع المسلمين، وهدا ما يفسر الغيظ الشديد الذي يشعر به اللوبي اليهودي في واشنطن حيال التعاون بين امة الاسلام والاعضاء السود في الكونغرس، ويفسر ايضاً الحملة الاعلامية للتشهير بنا7 لكن كل ما استطاعت صحيفة واشنطن بوست الخروج به بع بحث وتنقيب هو ان فراخان وصف هتلر باعتباره شخصية تاريخية عظيمة7 وسارعت مع كثيرين الى وصف زعيم المسلمين في اميركا بأنه معاد للسامية7