6 مراحل تاريخية مهمة أسست ل«قطار الرياض».. تعرف عليها    النصر يتغلّب على ضمك بثنائية في دوري روشن للمحترفين    القادسية يتغلّب على الخليج بهدف قاتل في دوري روشن للمحترفين    المملكة تفوز بعضوية الهيئة الاستشارية الدولية المعنية بمرونة الكابلات البحرية    محرز يهدي الأهلي فوزاً على الوحدة في دوري روشن    الحمزي مديرًا للإعلام بإمارة جازان وسها دغريري مديرًا للاتصال المؤسسي    نعيم قاسم: حققنا «نصراً إلهياً» أكبر من انتصارنا في 2006    النصر يكسب ضمك بثنائية رونالدو ويخسر سيماكان    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من (2.4) مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    ابن مشيعل يحصل على درجة الدكتوراة    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    المياه الوطنية و sirar by stcيتفقان على تعزيز شبكة التكنولوجيا التشغيلية في البنية التحتية لقطاع المياه    وزارة الرياضة تُعلن تفاصيل النسخة السادسة من رالي داكار السعودية 2025    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    تعزيز حماية المستهلك    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    العروبة يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    بالله نحسدك على ايش؟!    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    كابوس نيشيمورا !    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث تجارب فنية من السودان تلتقي عبر بوابة النيل حسين شريف ، حسان علي أحمد ، وأسامة حسن خليفة : موسم آخر للهجرة الى الشمال 777
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 1994

يعيش في العاصمة المصرية اليوم عدد ملفت من المثقفين والمبدعين السودانيين7 وربما وقف في طليعة هؤلاء بعض الفنانين التشكيليين الذين ضاقت بهم المنافي الاوروبية، أو استدرجهم هوى النيل الى القاهرة لفتح صفحة جديدة في مسيرتهم الابداعية7 من هنا كان خيار الوسط زيارة ثلاثة محترفات قاهرية لرسامين سودانيين ينتمون الى أجيال وحساسيات مختلفة، وتوحد بينهم الاسئلة والمراهنات ومعاناة المنفى7 وها نحن نسلط الضوء على تجارب كل من حسين شريف، حسان على احمد، وأسامة حسن خليفة، الموزعين بين تساؤلات الغربة وهواجس الابتكار وانتزاع اعتراف الوسط الفني المحيط777
ظلت القاهرة، لسنوات طويلة، مكاناً لا يخطر على بال التشكيليين السودانيين حينما يفكرون بعرض أعمالهم في الخارج، وذلك على الرغم من القرب الجغرافي والثقافي بين مصر والسودان7 فحين ينظر المرء في سيرة أغلب التشكيليين السودانيين، يلاحظ انهم، في غالبيتهم الساحقة، عرضوا في معظم المدن الغربية الكبرى، حتى ان بعضهم وصل الى اليابان والولايات المتحدة، غير ان قلة بينهم قدمت تجاربها في معارض قاهرية!
ربما عاد الأمر في جانب منه، الى موقع التشكيل من حركة الثقافة المعاصرة في مصر، والى محدودية الحيز المتاح له7 وربما عاد في جانب آخر، الى ضعف الاهتمام المصري أساسا، بنتاج الفنانين السودانيين7 فالمعارض القليلة التي أقيمت حتى الأمس القريب هنا، أشرف على تنظيمها أجانب، أو استضافتها مراكز ثقافية أجنبية... واذا وضعنا جانباً مشاركة مجموعة من الفنانين في بينالي القاهرة، نجد أن الحضور التشكيلي السوداني اقتصر علي رسامين قلال من أمثال حسان علي أحمد الذي يواظب على العرض في رجب غاليري، منذ العام 71988
غير أن الوضع بدأ يتغير في السنوات الأخيرة، بعد أن تدفق على القاهرة عدد ملحوظ من المبدعين والمثقفين، الهاربين من بطش السلطة في الخرطوم7 بين الفنانين الذين جرفتهم الى العاصمة المصرية موجة الهجرة الشمالية هذه، توقفنا عن تجارب ثلاثة فنانين سودانيين يمثلون أجيالا مختلفة، ارتبطوا في القاهرة بعلاقات تفاعل وتبادل خبرات وبحث مشترك عن الاجابات والحلول7 حسين شريف، حسان علي أحمد، وأسامة حسن خليفة، يعيشون اليوم في هذه المدينة المضياف التي لا تشبه مدينتهم في ايقاعها وحياتها، لكنها ترتبط بها عبر بوابة النيل، مستعيدين أجواء عاشوها بالأمس في الخرطوم7 انهم هنا، يرفدون المدينة بدم ورؤى جديدة، يقيمون المعارض الفردية والجماعية، ويخلقون حالات من التواصل والتفاعل مع الحركة التشكيلية المصرية، قلما توافر من قبل777 كيف تبدو هذه التجربة لأصحابها؟ والى أي مدى نجحوا في التكيف مع الوضع الجديد؟ طرحنا السؤال على كل منهم، فكان هذا الحديث الثلاثي الابعاد7
حسين شريف: الوصول الى الناس
حسين شريف رسام وسينمائي وشاعر يكتب بالانكليزية بدأ بدراسة التاريخ الحديث في جامعة كمبردج7 وتركها بعد عام ليتحول الى دراسة الهندسة المعمارية في جامعة شيفيلد حيث عبر أيضا تاج السر احمد والرشيد أبو بكر7 غير انه لم يلبث أن ترك المعمار لينصرف هذه المرة الى دراسة الرسم والفن الزخرفي في مدرسة إسليد للفنون الجميلة في لندن، محققاً بذلك حلمه الاول ورغبته الاساسية التي طالما لاقت معارضة العائلة7 فوالده، مثل أغلب أبناء جيله، كان يرى أن الفن ليس وظيفة لائقة، وان كان لا بد منه 777 فليكن هواية الى جانب وظيفة أخرى جديرة بالاحترام!
كان والدي يفضل أن أكون طبيباً أو محامياً على اقل تقدير!، يقول حسين شريف الذي أمضى سنواته الحاسمة متنقلاً بين الرسم والسينما7 اذ درس الفن السابع بين 976 و1980، وكتب واخرج ستة افلام ولا يزال يعمل على مشروعين أحدهما عن المغني السوداني الراحل عبدالعزيز داوود7 عن علاقته بالمكان وبالفنانين المصريين يقول: علاقة الانسان بالمكان قائمة على فهم الضرورة في كل الحالات7 لا بد من ايجاد صيغة تعايش مع الكان7 لكنني اعتقد أن علاقتي بمصر سطحية7 فأهل الفن هنا ينظرون الى أعمالنا بدهشة! حتى أنهم يجهلون وجود حركة تشكيلية في السودان، وكلية فنون عمرها خمسون عاماً!7
زارتني صاحبة غاليري محترمة - يواصل شريف - وبعد مشاهدة أعمالي قالت: شغلكم انتو السودانيين حلو، حلو!7 وأكدت أنها تحب الشغل ال"Strong" 777، ولا اعتقد أنها نفذت الى عمق تجربتنا وأعمالنا بحق7 ولكن هناك في المقابل نقاداً جادين، وأصحاب رؤيا وثقافة، أذكر منهم على سبيل المثال ماري تيراز عبدالمسيح، وهي أستاذة أدب مقارن في جامعة القاهرة ومنشغلة بالعلاقة بين الفنون7
عاش حسين شريف لسنوات طويلة، قبل عودته الى السودان، في لندن، حيث درس وعمل7 وحين نسأله ان يقارن بين المدينتين يجد أن لندن 777 مختلفة جداً عن القاهرة7 الوسط الذي كنت أتحرك ضمنه في لندن، من كتاب ورسامين وغيرهم، كان يعتبرني رساماً فقط7 أما هنا في القاهرة، فأنا رسام سوداني!! وحتى حين كنت في الخرطوم، على الرغم من أني في بلدي، كنت بعيداً كرسام عن الحياة نفسها7 ولعل هذا ما دفعني بعد سبع سنوات من العمل في الخرطوم، وجدت خلالها أني كنت أرسم للخواجات والصفوة، الى التحول للسينما7 اذ أنها وسيلة اتصال اكثر فعالية، كنشاط مواز لما أقوم به777 فأنا مشغول بايصال عملي الى الناس7
البدايات السينمائية مع علي المك
ويستعيد الفنان أحلام بداية السبعينات: كنا نأمل مع المرحوم علي المك، بتأسيس حركة سينمائية في السودان7 ولكن المشروع فشل7 ثم كانت هناك بداية ثانية مشجعة مع ابراهيم الصلحي في مصلحة الثقافة7 وأول فيلمين انجزتهما في تلك المرحلة، جاء قبل بدء دراستي السينمائية 777 بعدها ترك الصلحي مصلحة الثقافة، وتبهدلت الوزارة، فتركت أنا أيضا...7
آخر مرة التقيته في مرسمه السوداني، التابع للبيت العائلي في الخرطوم، كان حسين شريف محاطاً بلوحات عديدة بعضها مكتمل، وبعضها الآخر لا يزال في مراحله الأولى. كان ذلك في حزيران يونيو 1991، ولم يكن هناك ما يشير الى كونه سيترك ذلك المرسم بعد شهرين، ليؤسس محترفاً آخر في حي المهندسين القاهري7 فما الذي حدث؟
جئت أساسا لمواصلة العمل على فيلم الواثق وهو شريط يمزج بين الاسلوب التسجيلي والبنية الروائية، عن شخصية الواثق صباح الخير الذي صلب وأعدم في عهد النميري، ابان تطبيق قوانين أيلول/ سبتمبر 19837 فحتى الاشارة الى هذا الموضوع في مراسلة خاصة كان مستحيلاً في الخرطوم7 والقاهرة قاعدة عمل مثالية في العالم العربي، تسهل فيها الحركة تبقى مجالات التواصل مفتوحة7 وما كان الا أن بقيت7 فرحت ارسم، وأقمت معارض عدة، بينها واحد في نقابة الفنانين التشكيليين، وآخر جماعي في المركز الثقافي البريطاني، ومعرض ثالث بالاشتراك مع حسان علي احمد في صالة شموع7
أما عن ظروف حياته وعمله كفنان متفرغ في القاهرة، فيذكر انه لا توجد خيارات أخرى. كنت موجوداً باختياري في لندن، وكنت حراً في العودة إلى السودان متى أشاء. الآن الوضع مختلف7 فأنا مجبر على البقاء في الخارج7 وهذا يسبب لي قلقاً فظيعاً لا يقعدني عن العمل والانتاج7 وعزائي أن معارضي لاقت اقبالاً من الجمهور المهتم7 أما الذين يقدمون على شراء لوحاتي، فبعضهم من السودانيين، وقلة من المصريين7 أما المعرض الذي أقمناه في صالة شموع، فكان اغلب المشترين من الألمان7
وهل تركت الغربة أثرا على العمل نفسه؟ نسأل حسين شريف7
- بالتأكيد، المسافة تعطيك بعداًَ جديداً، وليست سلبية بالضرورة7 يمكن لمثل هذه الغربة أن تصقل التجربة7 وتبقى القضية مرتبطة بوعي الرسام نفسه، بعمله الابداعي7 أضف الى ذلك ان هناك ارتباطاً ثقافياً بيننا وبين مصر7 فالنقلة إلى أوروبا، يمكن أن تكون أشد وطأة وأكثر حيوية، باعتبار المسافة الثقافية والاختلاف7 ولكنني لا أستطيع تحديد ملامح التغيير الذي طرأ على تجربتي7
حسان علي أحمد: لو أنني هناك 777
أما الفنان التشكيلي حسان علي احمد، فتحدث الينا عن تجربته قائلاً: كنت أبحث عن مكان أتفرغ فيه للرسم كلياً7 وبما ان هناك علاقة تربطني بالقاهرة منذ 1985، كان من الطبيعي أن يقع خياري على تلك المدينة كي أقيم مرسمي7 واعتقد أنها تقدم للفنان إضافات عديدة من الناحية المصرية، وتوفر له فرصة ثمينة لمتابعة أحداث مهمة، ومشاهدة أعمال جديدة من مختلف دول العالم7 هذا ما كنت افتقده في الخرطوم777 غير أن شعوراً يخامرني، لا أحسن تفسيره، بأنني كنت سأنتج بشكل افضل لو أنني هناك7 هذا هو احساسي7
غير أن البقاء في للخرطوم - يستدرك حسن علي أحمد - تلك المدينة الصحراوية على الرغم من أنهارها الثلاثة، والأشد عزلة مما يبدو للوهلة الاولى، يصبح مستحيلا بالنسبة الى فنان يتعاطى مع عمله بدرجة من الجدية7 اذ لا يمكنك ان تعيش هناك كرسام متفرغ7 أما في القاهرة، فأحاول الاقتراب من هذه الوضعية. ولا أظن أن الأمر سيكون سهلاً على أية حال7 لكن الفنان يحتاج الي مناخ مساعد7 هذا المناخ يصنعه من حولك أشخاص منتجون، وتغذية حركة فنية مزدهرة، غنية بالمعارض وبسبل التواصل مع العالم الخارجي7 هنا وجدت فضاء فنياً أرحب، ومساحة خصبة للانتاج والتفاعل7 لكن هذا لا يمنع أنني أحس بشيء من الململة، وأنظر إلى المسألة كلها كتجربة، معتبراً أن المكان ليس محطة نهائية7 ولا شك ان وجود أسامة حسن خليفة وحسين شريف ساعدني كثيراً، فمن دونهما كانت المسائل مختلفة جداً على الارجح7
ويؤكد حسان على أحمد بدوره، أن أغلب رواد معارضه في القاهرة من الأجانب: حتى في تيليه القاهرة اقتصر الجمهور على التشكيليين انفسهم، وعلى بعض الكتاب7 ليس هناك في مصر اهتمام حقيقي بالفن التشكيلي، واقتناء اللوحة يتم في اطار المعارض والصداقات7 كل لوحاتي تقريباً بعتها لأجانب، الا واحدة اشتراها طبيب مصري، وأخرى اشتراها فنان تشكيلي 777 الجمهور العادي ليس له اهتمام، على عكس الخرطوم حيث هناك جمهور متابع للحركة التشكيلية من خارج الدائرة المحصورة لأهل الفن7
وعن اثر الانتقال الي القاهرة، وانعكاس ذلك على عمله، يقول حسان علي احم: من المهم جداً للمبدع، في اعتقادي، ان يتحرك ويعرض نفسه لتجارب وخبرات جديدة7 ربما كان لذلك بعض التأثيرات السلبية أحيانا، لكن ما هم، فهي ستتحول الى عنصر ايجابي مع مرور الوقت7 فهذه المسألة في غاية التعقيد7 لا أستطيع بعد أن المس التغيير الذي طرأ على عملي منذ المجيء الى مصر، لكن نظرياً هناك تغيير بلا شك7 وربما كان المتلقي الآخر هو الذي يستطيع ترصد والتقاط هذه التغييرات أكثر مني7
أسامة حسن خليفة : طرف أساسي في المعادلة
أما أسامة حسن خليفة، وهو رسام ومصمم غرافيكي سوداني يقيم في القاهرة منذ أكثر من عامين ونصف، فقصد المدينة عابراً، واذا به يبقى فيها: لم أرتب أموري للبقاء هنا كانت القاهرة محطة عبور إلى مكان آخر، ليبيا ربما7 ولكني عدلت عن الفكرة لأسباب عدة، أولها أني وجدت فرصة للعمل فيها7 ثم ارتبطت تدريجياً بالحركة التشكيلية، وأخذت أتابع نشاطاتها وأنخرط فيها طرفاً منتجاً، وذلك على الرغم من تحفظاتي عن أمور كثيرة77777
ويتابع أسامة: عشت هنا تجربة جديدة، وعرضت أعمالي، أنا المتخرج من كلية الفنون في الخرطوم عام 71988 ودفعني ذلك الى محاولة تقويم تجربتي، ومعرفة موقعي من الحركة التشكيلية7 لم يكن ذلك ممكناً في السودان، قبيل خروجي، بسبب كثرة المشاكل المتعلقة بتوفر المواد وبأسعارها7 إذ كنا نعتمد على مواد أولية بسيطة في العمل، كما أن الجو العام نفسه لم يكن يساعد، والمعارض لم تكن تتم إلا في الفنادق!7 خلافاً لزميليه، لا يسعى هذا الفنان الى التفرغ، ولا يجد أن القاهرة هي المكان الانسب للاقامة على ضوء مشاريعه الخاصة: لا يمكن للفنان التشكيلي أن يتفرغ لفنه وأن يعيش منه في القاهرة7 شخصياً، لا انوي التفرغ للرسم، بل سأرسخ معرفتي وخبرتي ومهارتي في مجال التصميم الغرافيكي7 ولهذا أفكر في مواصلة الدراسة في مكان آخر، خلال الفترة المقبلة7
بعد إقامته القاهرية الطويلة نسبياً، يحاول أسامة حسن خليفة ان يحدد لنا صلة الفنانين السودانيين بأقرانهم المصريين: قادتنا التجربة الى الاحتكاك بأبرز الفنانين المصريين: بعضهم متحمس لوجودنا، وترجم هذه الحماسة عبر المساهمة في إتاحة فرص العرض لنا، وفي تقديمنا لأهل المهنة والنقد والجمهور على الساحة الثقافية7 هكذا تطورت العلاقات من مجرد مشاهدة المعارض، الى زيارة المراسم وما يترتب عليها من نقاش وحوار، من تواصل وتفاعل7 ولا شك أن وجودنا هنا، أتاح للمصريين فرصة التعرف على تجارب فنية من السودان7 فالبعض لم يكن شاهد أي عمل تشكيلي سوداني من قبل7
وهل هناك اختلاف واضح، على مستوى التوجهات الفنية، بين الفن السوداني الراهن ونظيره المصري؟ أعمالنا مختلفة كلياً، بالمقارنة مع نتاج الحركة التشكيلية المصرية7 إنها وليدة تجربة خاصة، وذات ملامح محددة بشهادة بعض الاختصاصين الأجانب الذين يتمتعون بالمسافة النقدية اللازمة للحكم على هذه الفروقات7 رأى البعض هنا أن أعمالنا تشبه أعمال الاوروبيين7 وسوء التفاهم هذا أساسه الاصرار على رؤية السودان في أعمال السودانيين، كما أن هناك تياراً في مصر يحاول التأكيد على خصائص جمالية مصرية7
وننهي الحديث مع أسامة حسن خليفة، بسؤاله عن تأثير الاقامة القاهرية على أعماله بالنسبة الى، حملت هذه التجربة انعكاسات مباشرة على فني، وجوانب التأثير واضحة7 أشير مثلاً الى مساحات العمل، ولها علاقة ربما، بمساحات العرض: رأيت أعمالا كبيرة الحجم، وأثرت في كثيراً7 هناك في مصر حالياً، حركة تشكيلية مزدهرة لا وجود لما يعادلها في السودان7 وكل ذلك يدفع الفنان الوافد، على الرغم من بعض التحفظات، الى الابتكار والعطاء، وتشحنه بطاقة ابداعية أكيدة. هكذا يتحول كل واحد منا، الى طرف في المعادلة الفنية يشارك، ولو بالمشاهدة والنقاش، في غنى وازدهار الحركة الفنية المصرية والعربية7777
حسين شريف:
| ولد في أم درمان، ودرس في كلية فيكتوريا في الاسكندرية، ثم في جامعة كمبريدج البريطانية، ومدرسة إسليد للفنون الجميلة في لندن، فالمعهد القومي البريطاني للسينما في لندن7
| اقام سبعة معارض فردية، وشارك في ستة معارض جماعية بين الخرطوم، القاهرة، لندن، بيروت، اوكسفورد، ساوباولو وليفربول7
| اشترك مع الفرنسي هنري هرفي في فيلم كانيبال فلاور عن المرتزقة البيض في أفريقيا 19717
- أخرج أفلاما عدة، منها: جدع النار وثائقي - 1972، انتزاع الكهرمان روائي / وثائقي - 1974 الذي عرض في عدة مهرجانات منها غرونوبل 1976 وأدنبرة 1978، النمور أجمل روائي/ وثائقي - 1979، لست مياه القمر لمنظمة اليونيسيف 19857 كما اخرج مع السينمائية المصرية عطيات الأبنودي فيلم يوميات في المنفى وثائقي - 1993 لالمنظمة السودانية لحقوق الانسان7
حسان علي أحمد:
| ولد في السودان، تخرج من كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم عام 71976 ثم حاز دبلوماً عالياً في التخطيط الثقافي من القاهرة عام 71986
| امتهن الرسم عن طريق الممارسة والبحث والتجربة، بعيداً عن أي اعداد أكاديمي منتظم7
| أقام اثني عشر معرضاً فردياً ما بين 1976 و1992، كما شارك في معارض جماعية، في الخرطوم، القاهرة، دمشق، طوكيو، برلين، الكويت، باري ايطاليا، موسكو، لندن، وأسمرا7
| بعض أعماله معروضة ضمن مجموعات دائمة في كل من السودان ومصر وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة واسبانيا وانجلترا7
أسامة حسن خليفة
| تخرج من كلية الفنون الجميلة في الخرطوم عام 71988
| شارك في معارض جماعية في الخرطوم والقاهرة، وأقام معرضه الفردي الاول في القاهرة عام 71989


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.