لم يجف حبر تواقيع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ونائب الرئيس علي سالم البيض ورئيس مجلس النواب الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر وقادة الاحزاب والقوى السياسية على "وثيقة العهد والاتفاق"، في قصر رغدان في عمان برعاية الملك حسين... حتى سال الدم في محافظة أبين، جنوب اليمن. صدق اليمنيون وكذبت التواقيع. قالوا وهم يشاهدون حفلة التوقيع على شاشة التلفزيون "ان ما يجري ينقل الازمة الى طور اكبر وأشد خطورة". كان السيد البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي يؤكد في كلمته اثناء الحفلة ان اطراف الصراع حرصت على الحوار بالكلمات مستبعدة حوار الطلقات والعنف... وما هي الا بضع ساعات حتى كانت الطلقات الأولى على الوثيقة تدوي في زنجبار، عاصمة محافظة أبين حيث سقط اربعة قتلى وعشرون جريحاً، لتعلن بدء "حوار الطلقات" بين لواء العمالقة الشمالي ولواء مدرم الجنوبي بعدما غادر الرئيس اليمني ونائب الرئيس والقادة الآخرون العاصمة الأردنية يوم الاثنين 21 من الجاري، من دون الاتفاق على صيغة بيان مشترك، على رغم تدخل القيادة الاردنية وتطويق الحوادث العسكرية. كانت التحركات العسكرية التي رافقت التوقيع على الوثيقة وتلتها نهاية لپ"البداية السليمة والمدخل الصحيح لبناء اليمن الجديد، يمن الوحدة والحرية"... هكذا سمّت لجنة الحوار الوثيقة! عدتها "البداية"، لكن البداية كانت مخالفة. كانت عمان هادئة عصر الجمعة، الثامن عشر من شباط فبراير، وكان اهلها انصرفوا عنها الى منازلهم للافطار بعد يوم رمضاني مشمس، عندما قامت ضجة في فندق الاردن - انتركونتيننتال: بدأت الوفود اليمنية تصل الى العاصمة الاردنية، وظلت تتوافد طوال السبت وقبل ظهر الاحد. "احتلوا" الفندق جناح هنا لأهل الحزب الاشتراكي، وثان هناك لأهل المؤتمر الشعبي، وثالث للتجمع اليمني للاصلاح وحشد من قادة الاحزاب الاخرى ورجال الاعلام والصحافة في الوسط قوة عازلة "كل اليمن" حضرت، وصدّ الفندق زبائنه القدامى والجدد فتحولوا الى غيره. كان احد العاملين في الفندق يدفع عربة في البهو مثقلة بأكياس البن اليمني، ليطول سهر اليمنيين حتى السمر... ويطول سهر الاردنيين على مسرحية "اهلاً سلام" التي لم تتوقف منذ 7 اشهر مواكبة تطور المفاوضات العربية - الاسرائيلية وما يدور في فلكها. وعلّق قطب يمني من احزاب المعارضة: "لهم مسرحيتهم... ولنا مسرحيتنا". كان يصر على ان حفلة التوقيع على الوثيقة "ليست سوى مسرحية"، ومع ذلك حضر كغيره "خوفاً" من اليمنيين الذين اثقلت الازمة كاهلهم وأرهقتهم وأرقتهم... وحتى بعد التوقيع علّق باصرار أيضاً "وثيقة بناء دولة الوحدة وقعوها كما يوقعون على وثيقة طلاق!" استقبلت عمان اليمنيين باعلام توزعت في بعض شوارعها وبلافتات تحضهم على "التمسك بالوحدة صوناً للوحدة العربية"... لكن فندق الاردن كان يضج بلافتات من نوع آخر حملها معهم الآتون الى المصالحة. كانوا يجلسون حلقات حول الطاولات في مقهى البولفار في البلد الرئيسي يبثون الاخبار والاشاعات، تماماً كما كانوا يفعلون الى ساعات خلت في كل من صنعاءوعدن. انها "الحرب الاعلامية". لم تستنفد بعد آخر طلقاتها. كانوا ينتظرون ليل الجمعة - السبت وطوال السبت وصول السيد البيض. وتردد ان ثمة اشكالاً بروتوكولياً، فهو يريد ان يستقبله الملك حسين، تماماً مثلما سيستقبل الرئيس علي عبدالله صالح... لكن البروتوكول ينص على ان يستقبله ولي العهد الامير حسن. فهو نائب لرئيس الجمهورية اليمنية. وهذا ما حصل عندما حضر بعض ظهر الأحد. ... لكن "حرب الاشاعات" كانت بلغت ذروتها صباح السبت. المؤتمرون نسبة الى المؤتمر الشعبي قالوا ان البيض عرّج على المملكة العربية السعودية. وقال الاشتراكيون ان الرئيس اليمني هو الذي عرّج على جدة او الرياض. ولكن تبين لاحقاً ان الشيخ عبدالله الاحمر، رئيس المجلس النيابي رئيس التجمع اليمني للاصلاح هو الذي كان في زيارة الرياض. وأوفد الامين العام للتجمع السيد عبدالوهاب الآنسي الى عمان لينوب عنه في التوقيع. غير انه حضر بعد ذلك اثر اتصالات اجراها عدد من القادة اليمنيين به من العاصمة الاردنية. وتبين ايضاً ان الرئيس علي عبدالله صالح عرّج على اسمرا قبل انتقاله الى عمان. وقال قطب اشتراكي بخبث: "ان الرئيس يريد ان يستعيد ذكرياته والعاصمة الاريترية حيث اقام لبعض الوقت قبل ان يتسلم السلطة". اما السيد البيض فزار القاهرة ثم دمشق فعمّان. وعلّق مراقبون على جولته بالقول: "انه يرد على البروتوكول الاردني، فهو يجيء الى عمان بعد افطار مع الرئيس حافظ الأسد ولقاء مع الرئيس حسني مبارك". لكن مطلعين على خفايا الوضع اليمني علقوا بدهاء على الجولة: "يزور البيض القاهرة ليقول للرئيس صالح ان العاصمة المصرية تستقبله هو... ما دام بعض الافغان المصريين من اهل الجهاد يقيم في شمال اليمن ويزور دمشق ليقول للرئيس انه مع العاصمة السورية وليس مع بغداد، خصوصاً ان الاشتراكيين يأخذون على المؤتمرين وقوفهم الى جانب العراق في حرب الخليج الثانية، ما ضاعف الازمة الاقتصادية في اليمن". بيان مشترك لم يوقع وفيما كان اليمنيون يؤكدون ان كل طرف سيعود الى موقعه او "عاصمته" بعد التوقيع، كان بعضهم يردد ان العاهل الاردني الذي القى كلمة حض فيها موقعي الوثيقة على التمسك بوحدتهم، سيرافق الرئيس اليمني ونائب الرئيس في طائرة واحدة الى صنعاء. ولكن بدا واضحاً ان البيض لن يعود الى صنعاء وكذلك المسؤولون الاشتراكيون في مواقع السلطة والادارة. حتى ان نائب الرئيس اليمني ارجأ وصوله الى عمان حتى قبيل توقيع الوثيقة بساعة وكان مقرراً ان يغادرها فوراً لئلا يواجه احراجاً فيلتزم العودة الى العاصمة اليمنية. وحتى عندما قرر القادة اليمنيون ان يغادروا العاصمة الاردنية قبل ظهر الاثنين، عقدوا اجتماعاً برعاية الملك حسين في ديوانه. ووضع عدد من الحزبيين مشروع بيان مشترك يتضمن ثلاثة بنود: الأول يدعو الى وقف الحملات الاعلامية المتبادلة. والثاني يطلب وقف التداعيات العسكرية وتنشيط اللجنة العسكرية ومنحها صلاحيات كاملة لتطويق ما حصل في محافظة أبين وفي محافظة لحج. ونص الثالث على ان تجتمع لجنة الحوار لتقرر برنامج التئام الهيئات والقبض على المتهمين بشن هجمات على مسؤولين في الاشتراكي وتقديمهم الى المحاكمة. لكن الاجتماع انفض على خلاف ولم يصدر البيان المشترك. وقال مسؤول اشتراكي "ان الرئيس علي صالح رفض وأبلغهم انه لن يقبض على المتهمين حتى وان كانوا على ابواب القصر الجمهوري..." لكنّ قطباً يمنياً شارك في الاجتماع اكد ان الرئيس قال مثل هذا الكلام مضيفاً اليه "ان على الاشتراكيين الاعتراف بدولة الوحدة والمؤسسات وممارسة ذلك والايمان بالوحدة قبل المطالبة باعتقال المتهمين"، ومسجلاً اعتراضه على الجولة التي تقرر ان يقوم به البيض والامين العام المساعد للحزب الاشتراكي عضو مجلس الرئاسة السيد سالم صالح محمد على بعض دول الخليج من دون التشاور مع الرئاسة او استئذاتها والتفاهم معها. جولة ومساعدات ونفط ... وبالفعل توجه البيض الى السعودية ومنها الى سلطنة عُمان، وسالم صالح الى الكويت وقطر فالامارات العربية المتحدة. كأن الاشتراكي أراد تأكيد انفتاحه على الدول المجاورة بقدر ما اراد تأكيد العزلة التي يعانيها شريكه في الحكم والرئيس في صنعاء والتبرؤ من الموقف اليمني الرسمي اثناء احتلال العراق للكويت. وكان مسؤول اشتراكي رفيع المستوى أكد لپ"الوسط" عشية التوقيع على الوثيقة ان قيادة حزبه تؤمن بوجوب التفاهم التام مع دول الخليج المجاورة وحل كل المشاكل معها. واعترف بأن قيادته تتلقى مساعدات من بعض هذه الدول منذ بضعة شهور لمواجهة الأزمة الاقتصادية. وقال: "يتهموننا في الشمال بأننا نتلقى مساعدات من اشقائنا! ما العيب في ذلك؟ لقد ظلت صنعاء تتلقى مثل هذه المساعدات اكثر من عشرين عاماً. وكشف ان الادارة في عدن احتفظت بعائدات النفط الشهر الماضي من اجل تأمين رواتب الموظفين وتوفير الخدمات لابناء المحافظاتالجنوبية "بعدما شعرت بأن الاموال ستقطع عنها بأمر من الادارة المركزية في صنعاء". والمعروف ان حقول مسيلة في حضرموتالجنوب تنتج نحو 120 - 160 ألف برميل يومياً منذ ايلول سبتمبر الماضي، فيما تنتج حقول مأرب في الشمال نحو 140 الف برميل يومياً. لا وحدة بعد اليوم؟ في مواجهة وضع كهذا، قال أحد المقربين من الرئيس اليمني بغضب "لا وحدة مطلقاً بعد اليوم. الى الابد"! إلا ان ديبلوماسياً رفيع المستوى محسوباً على صنعاء قال بهدوء: "اذا كان لا بديل من التقاتل أو العودة الى التشطير فلماذا لا نناقش الفيديرالية او الكونفيديرالية؟". وكانت عاصفة "شمالية" هبت على عضو مجلس الرئاسة سالم صالح محمد عندما اقترح قبل نحو شهرين مناقشة فكرة الفيديرالية... فطويت. لكن مسؤولاً في الحزب الاشتراكي أبلغ "الوسط" في عمان ان سالم صالح اقترح الفكرة في عز الازمة، في محاولة لايجاد مخرج. وكشف ان البيض كان يضع امامه على الطاولة في مقره في عدن خريطة لليمن، وراح يومها يشير الى خطوط هنا وهناك، كأنه يحاول اعادة رسم مناطق ومحافظات تجمع بينها صيغة فيديرالية او كونفيديرالية! وعلق أحد اقطاب احزاب المعارضة بقوله: "ان الجرح عميق. اننا نعيش واقعياً في دولتين. وكل طرف يحكم على أرضه. ولا سلطة للرئيس على موظف صغير في الجنوب، وكذا حال النائب الذي لا يخضع لاوامره حاجب في الشمال. ان الوضع اليوم أسوأ مما كان قبل الوحدة اعلنت في 22 ايار/ مايو 1990". كان هذا التعليق لقطب معارض قبل ان تصل الى العاصمة الاردنية أنباء التحركات العسكرية لألوية شمالية وجنوبية، وقوات من الجيشين اللذين لم يتوحدا بعد. ووقع وصول خبر الصدام العسكري في محافظة أبين وقع الصاعقة. وزاد المحادثات السياسية بين اطراف الصراع قبل مغادرة عمان صعوبة وتشنجاً. حتى ان قيادتي المؤتمر الشعبي والاشتراكي تبادلتا كلاماً نابياً كان كافياً لانهاء الاجتماع الاخير بينهما... كأنه الاجتماع الاخير! وبدا القلق واضحاً على وجوه أكثر من 300 يمني امتلأ بهم بهو فندق الأردن. الجيش دخل طرفاً هذه المرة في مغامرة مكلفة لذا لم تعرف القيادة السياسية كيف ترده الى الحياد. وقد يتعرض بعض ألويته لمآسٍ اذا انفجر الوضع المتوتر. ورسم احد المسؤولين اليمنيين صورة قاتمة للانتشار العسكري للجيش. وذكر ان لواء باصهيب الجنوبي مدرعات يتمركز في ذمار شمالاً، لكنه يحكم سيطرته على الطريق التي تربط صنعاءبالمحافظات الوسطى والجنوبية، وقد لا يواجه أي مشكلة في حال اضطراره الى الانكفاء جنوباً. اما القوات الاخرى الجنوبية المنتشرة شمالاً فقد تواجه متاعب ووضعاً عسكرياً صعباً، مثل اللواء مدرعات المتمركز في عمران شمال صنعاء ولواء آخر متمركز في خدلان شرق العاصمة، ومثل الكتيبة المتمركزة في سقيان شمالاً ايضاً. وتابع المسؤول ان لواء العمالقة الشمالي في ابين جنوباً قد يتراجع تحت الضغط، لكن لواء الكبيسي الشمالي ايضاً في ردفان جنوباً وقوات الامن المركزي الشمالية في عدن... قد تواجه وضعاً صعباً. وكذلك ان لواء الوحدة المتمركز في شمال الشمال والمؤلف من قوات تدين بالولاء لعلي ناصر محمد الرئيس السابق لما كان يسمى دولة اليمن الجنوبي وخرجت من المحافظاتالجنوبية بعد احداث كانون الثاني يناير 1986، قد يواجه هو الآخر متاعب صعبة، خصوصاً ان قيادته اعلنت قبل اسابيع ولاءها لوزير الدفاع هيثم قاسم عضو قيادة الحزب الاشتراكي. ولم ينس الصحافي في هذا المجال الاشارة الى الرئيس علي ناصر وهو يعانق البيض في حفلة التوقيع على الوثيقة، في أول لقاء بين الرجلين منذ احداث 1986 التي أطاحت الرئيس السابق المقيم حالياً في سورية. ولوحظ في هذا المجال ان علي ناصر وقيادات يمنية اخرى مستقلة شاركوا في معظم الاجتماعات بين اطراف الصراع، محذرين من مغبة انتقال الأزمة الى مرحلة العنف والتقاتل. حتى ان بعضهم اقترح على اعضاء مجلس الرئاسة الاستقالة ليظل التاريخ يسجل لهم انهم صنعوا الوحدة بدل ان يسجل انهم هدموا بايديهم ما بنوه. وعلم ان علي ناصر لم يعط جواباً على عرض قدمه له في عمان الرئيس علي صالح ويقضي بتكليفه تشكيل حكومة يمنية جديدة. وتردد ان علي ناصر يفضل الاستمرار في جهوده لانهاء الازمة الحالية. انعدام الثقة واتهامات وتحفظات بعض المراقبين والمسؤولين في احزاب المعارضة توقع سلفاً فشل المصالحة أو ما سمي التوقيع على "وثيقة العهد والاتفاق"، معدداً اسباباً كثيرة أبرزها انعدام الثقة بين الرئيس ونائب الرئيس، وبين احزاب الائتلاف الحاكم الثلاثة. فالمؤتمريون يتهمون الاشتراكيين بأنهم يرغبون في العودة الى التشطير، ويقولون ان الرئيس قدم تنازلات كثرة، حتى ان الوثيقة اساسها النقاط ال 18 التي قدمها الحزب الاشتراكي ويشككون في نيات شركائهم، ذلك انهم كلما تجاوزوا عقبة باستجابة مطالب معينة طرحوا مطالب اخرى... وهكذا. ويرد الاشتراكيون باتهامات مماثلة تصل الى حد اتهام شركائهم بالتخطيط مع تجمع الاصلاح لعرقلة تنفيذ بنود الوثيقة. وكل هذه الاتهامات واضحة من عناوين الصحف اليمنية والتصريحات التي سبقت التوقيع وتلته، وتلت الاشتباكات العسكرية يوم الاثنين 21 الجاري. صحيفة "22 مايو" الناطقة باسم المؤتمر الشعبي كتبت مقالاً في عددها الصادر في 16 من الجاري، قبل 4 أيام من توقيع الوثيقة ما حرفيته: "... ان لجنة الحوار للقوى السياسية ليست سوى دكان لبيع الأوهام والشعارات وورشة متخلفة لانتاج الضجيج والخزعبلات. وان وثيقة العهد والاتفاق ما هي إلا كلمة حق ضعيفة يراد بها باطل وفتنة، وما هي إلا وثيقة مكر وخداع والتفاف، وان التوقيع على هذه الوثيقة لن يكون غاية للأزمة الراهنة أبداً، بل سيكون فاتحة شهية وبداية خطيرة لأزمة جديدة قادمة"... وعبر البيض عن موقف حزبه وبوضوح في الكلمة التي ألقاها في حفلة التوقيع التي رعاها الملك حسين وحضرها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الدولة العماني للشؤون الخارجية السيد يوسف بن علوي والأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد وسفراء أجانب وعرب. فهو ذكّر ب "شهداء" الحزب وسمى ثلاثة منهم هم ابن شقيقته وشقيق المهندس حيدر أبو بكر العطاس رئيس الحكومة وأحد الضباط الجنوبيين البارزين قتل في صنعاء، داعياً الى الترفع فوق الجروح، كأنه يشير الى مسؤولية شريكيه في الحكم عن مقتلهم، معتبراً ان جرح اليمن أكبر وان البلاد "أغلى من كل الشهداء". وشدد على أهمية تطبيق بنود الوثيقة "على رغم تحفظنا واحساسنا بصعوبة التنفيذ"، مشيراً الى التجارب السابقة. وهكذا سلط في كلمته الضوء مجدداً على موضوع الأمن، وسجل تحفظاً واضحاً مشككاً سلفاً في التنفيذ. وما سجله البيض من تحفظ شفهي في كلمته، سجله الشيخ عبدالله الأحمر خطياً الى جانب توقيعه على الوثيقة فكتب بالحرف "شرط أي ان توقيعه مشروط ب انهاء الأزمة وعودة المسؤولين الى مواقع أعمالهم". وعندما سأله صحافي إثر التوقيع ما المقصود بعبارته، قال: "لن ينفذ الاتفاق إلا بعد العودة"، وهو يقصد عودة نائب الرئيس والمسؤولين الآخرين من الاشتراكي الى صنعاء. هذه المواقف الثلاثة أكدت مجدداً ان الخلاف على حاله وان الوثيقة ستظل حبراً على ورق، وان حفلة التوقيع ولقاء المتصارعين لم يزيلا التناقضات ويبددا المخاوف. ذلك ان عنوان الأزمة الكبير الذي رفعه الاشتراكيون هو الأمن. وكانت قضية الأمن أول بند في مطالبهم ال 18 وأول بند في "وثيقة العهد والاتفاق". فهم يصرون على اعتقال المتهمين في قضايا الاخلال بالأمن والاغتيالات التي تعرض لها بعض قادتهم وعناصرهم وعلى محاكمتهم. ويلحون على افراغ المدن من القوات المسلحة. راجع البند الخاص بهذه القضية كما ورد في نص الوثيقة في مكان آخر. لذلك أصر الاشتراكيون على جدول زمني لتطبيق الوثيقة. ورفعوا شعار "التطبيع التدريجي مترافقاً مع خطوات التنفيذ". أي ان التئام الهيئات والمؤسسات مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ومجلس النواب يتم تدريجاً وخطوة خطوة على مدى 5 - 6 شهور مترافقاً مع خطوات تنفيذية للوثيقة. وقدموا الى لجنة الحوار عشية التوقيع في عمان مشروعاً للتطبيع والتطبيق على مراحل وفق جدول زمني. لكن المشروع لم يقر. واقترحوا في الاجتماع الأخير صباح الاثنين، أي غداة التوقيع، ان ينص البيان الختامي المشترك على أن تجتمع لجنة الحوار لتضع برنامج التئام الهيئات والقبض على المتهمين في قضايا أمنية... وسقط البيان وانفرط عقد المجتمعين وغادروا عمان. وبات قادة احزاب المعارضة يخشون ان تتحول الوثيقة الى "قميص عثمان" يرفعها كل طرف في وجه الآخر مكيلاً الاتهامات يميناً وشمالاً. وبدا واضحاً من هذا التعثر ان الاشتراكيين ليسوا مستعدين للعودة الى صنعاء ما لم يتوافر جو أمني مطمئن، لذلك أصروا على عودة تدريجية تترافق مع بدء تنفيذ الوثيقة، خصوصاً البنود الأمنية والعسكرية. في حين يلح قادة المؤتمر الشعبي والاصلاح على عودتهم فوراً الى مواقع أعمالهم. وتساءل أحد قادة احزاب المعارضة: "لم يجدوا مكاناً آمناً في كل اليمن لعقد لقاء المصالحة والتوقيع على الوثيقة فاختاروا عمان لما بذلته من جهود طيبة مشكورة، فكيف واين سيجتمعون في اليمن لتقرير خطوات التنفيذ؟!". أسباب الفشل لماذا انفضت المصالحة في العاصمة الأردنية على خلاف؟ يعتقد مراقبون محايدون ان الرئيس علي عبدالله صالح قدم تنازلات كبيرة في الوثيقة، حتى بدا كأن نده السيد البيض حقق نصراً سياسياً عليه لذلك كان بعض الذين حضروا الى عمان يبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف، فلا يشعر المؤتمرون كأنهم حشروا في الزاوية، خصوصا ان الاشتراكيين سعوا ويسعون أو يشترطون في ما يطرحون تقاسم السلطة والثروة بين المحافظاتالجنوبية والشمالية. لذلك يصرون على استعجال الحكم المحلي، معبرين عن شكواهم من "المركزية المطلقة في صنعاء ومن انعدام الأمن والمساواة بين المواطنين ومن التوزيع غير العادل للثروة"، كما قال قيادي بارز في الحزب. ولاحظ هؤلاء المراقبون ان الاشتراكيين ظلوا على مواقفهم خصوصاً ان اعضاء بارزين في قيادتهم رفضوا فكرة التوجه الى عمّان للتوقيع على الوثيقة امثال العميد صالح منتصر السييني محافظ عدن، وزير الداخلية السابق في اليمن الجنوبي قبل الوحدة. وأشار بعضهم الى قدرة البيض على الامساك بقرار الحزب حتى بات عدد من قادته يخشى الضغط على الأمين العام من اجل التنازلات لئلا يؤدي ذلك الى ذهابه بعيداً في الأزمة. لكن أحد قادة الاشتراكي البارزين عبّر عن ايجابية حيال الرئيس علي عبدالله صالح ووجوب التوصل الى تفاهم معه، لأن أي تغيير في القيادة الشمالية قد يؤدي الى وصول متصلبين. وعندما وقع الاشتباك العسكري في أبين لم يتردد الاشتراكيون من اتهام الشيخ عبدالله الأحمر بالتنسيق مع العقيد علي محسن الأحمر اخ غير شقيق للرئيس قائد الحرس الجمهوري "لتفجير الموقف عسكرياً ووأد الوثيقة". والحديث عن متشددين يقود الى ما يسميه اطراف الصراع "مراكز القوى" التي تعارض هنا وهناك الحل والمصالحة، والى الذين اثروا سريعاً مستفيدين من الأوضاع القائمة. فضلاً عن ان الطرف الثالث في الائتلاف يعارض أي محاولة للعودة الى الثنائية أو حكم القطبين، المؤتمر الشعبي والاشتراكي، بعدما دفعته الانتخابات في نيسان ابريل الماضي الى قلب السلطة شريكاً ثالثاً فيها. ويرى مطلعون ان حضور الشيخ عبدالله الأحمر الى عمّان لم يكن من اجل التوقيع بل من أجل تأكيد الشراكة الثلاثية التي يبطلها اقرار نظام يتمتع بلامركزية واسعة تعطي الجنوبيين السلطة والاشراف على أكثر من نصف مساحة البلاد وثرواتها، في حين يشكلون نسبة عشرين في المئة من مجموع السكان. ويعترف الاشتراكيون علناً بأن تجمع الاصلاح قادر على تعطيل تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق. ويخشى اليمنيون ان تنتقل الأزمة الى مواجهات واقتتال، اذا سقطت الوثيقة وعجز السياسيون عن ضبط العسكر، خصوصاً ان نحو 700 دبابة تتقابل على الحدود السابقة للشطرين، وثمة الوية ووحدات تتداخل في المواقع والمراكز. ويعتقد قيادي يمني بارز ان الانزلاق الى العنف سيدمر البلاد وقيادتي الحزبين المتصارعين. ونبّه الى ان لجوء القيادة في صنعاء الى الحسم العسكري قد يودي بها أولاً ويغرق اليمن في بحر من الدماء. كما ان انكفاء الجنوبيين الى عدن سيقود الى خلافات في صفوف قيادات الاشتراكي خصوصاً ان نصفها من ابناء الشمال وعندها قد يجر الانقسام الى اكثر من دويلة. فضلاً عن ان مدن الوسط قد تعاني اوضاعاً صعبة لوقوعها على خطوط التماس… سياسياً وعسكرياً. ولاحظ هذا القيادي ان العامل الذي يضاعف الأزمة هو غياب الثقة، فالمؤتمريون مثلاً يخشون ان يغتنم الاشتراكيون اخراج العسكر من المدن من اجل تحريك التظاهرات وأعمال العنف واسقاط القيادة في الشمال. كما ان الاشتراكيين يحاذرون العودة الى صنعاء خوفاً من الاغتيالات، مشيرين الى ان الهجمات التي تعرضوا لها منذ الوحدة الى الآن بلغت ضحاياها نحو 150 قتيلاً. هدنة ما قبل الطلاق؟ ما الحل اذن؟ يقول مراقبون وديبلوماسيون يتابعون ما يجري في اليمن، ان اطراف الصراع تدرك جيداً ان ميزان القوى العسكري المتكافئ يشكل رادعاً يحول دون الانزلاق الى التقاتل. كما ان الولاياتالمتحدة التي توظف شركاتها النفطية الكثير من الاستثمارات في الشمال والجنوب تحرص على استتباب الوضع وتحذر من اللجوء الى القتال. وكان الرئيس اليمني اشاد في كلمته اثناء حفلة التوقيع بدور الولاياتالمتحدة والمجموعة الأوروبية وتشجيعهما على الوحدة والهدوء والحوار. لذلك يعتقد هؤلاء المراقبون والديبلوماسيون بأن الضغوط التي يمارسها الغرب والعرب على أطراف النزاع قد تبقي الأوضاع في ما يشبه حال الهدنة التي قد تطول خصوصاً اذا استقلت عدن مالياً عن صنعاء… لكن خطأً عسكرياً مفاجئاً بين قوات متقابلة تقف على أهبة الاستعداد قد ينسف كل الحسابات وامكان البحث عن خيارات أو تسوية مرضية لاطراف تتصارع تحت شعار واحد هو الحفاظ على الوحدة ودولة الوحدة… وعندها قد تكون الهدنة مرحلة التقاط الأنفاس للجولة الأخيرة التي تؤدي الى… طلاق محتوم. الجيش اليمني قبل الوحدة الجنوب - 28500 جندي - 45000 الاحتياط العام - 500 دبابة روسية الصنع - 500 عربة قتال مدرعة - 350 مدفعاً من عيار 130 و122 و85 - 60 راجمة صواريخ - 200 مدفع مضاد للطائرات سلاح الجو - 2500 جندي - 120 طائرة مقاتلة ميغ 23 و21 و17 وسوخوي - 45 طائرة هيليوكوبتر - 3 طائرات انطونوف للنقل سلاح البحرية - 1000 جندي - 8 زوارق هجومية صاروخية - 6 زوارق دورية - 7 بواخر انزال ومساندة الشمال - 36500 جندي - 40000 احتياط - 664 دبابة روسية الصنع وغير روسية - 440 عربة مدرعة - 412 مدفعاً - 65 راجمة صواريخ - 252 مدفعاً مضاداً للطائرات سلاح الجو - 1000 جندي - 73 طائرة مقاتلة أف 5 وميغ 17 و21 وسوخوي. - 40 طائرة هيليوكوبتر - 12 طائرة للنقل سلاح البحرية - 500 جندي - 8 زوارق دورية - 4 زوارق برمائية - 3 كاسحات الغام الأمن ... الأمن تنص "وثيقة العهد والاتفاق" في أول بند من بنودها على وجوب معالجة الوضع الأمني الذي كان البند الأول في النقاط ال 18پللحزب الاشتراكي. وهنا نص البند الأول في الوثيقة: 1 - المتهمون في قضايا الأمن: 1 - اتخاذ الاجراءات الحازمة لالقاء القبض على المتهمين الفارين من حوادث الاغتيالات ومحاولات الاغتيالات والقتل وغيرها من الحوادث المخلة بالأمن. والبدء الفوري في محاكمة المقبوض عليهم في الأعمال التخريبية محاكمة شرعية وعلنية تضمن فيها اجراءات العدالة للمتهمين وتنفيذ العقوبات دون تباطؤ. 2 - تؤكد لجنة الحوار ما تضمنه بيان الحكومة بالنسبة للاجراءات الخاصة بمناهضة الارهاب وضرورة الالتزام بسياسة اليمن المناهضة للارهاب المحلي والخارجي، وابعاد العناصر غير اليمنية التي تتوفر بحقها دلائل كافية لمزاولتها لأعمال تخالف سياسة اليمن وقوانينها أو تروج أو تحرض على مثل هذه الأعمال وابعاد من تثبت ادانتهم بعد محاكمة شرعية وعلنية تضمن فيها اجراءات العدالة وتنفيذ العقوبة القانونية ويتم ذلك عبر الأجهزة المختصة ومنع استقدام أو دخول أو توظيف و ايواء العناصر المتهمة بالارهاب. 2 - تعلن لجنة الحوار للقوى السياسية وقوفها ضد أي تهاون أو تلكؤ عن اتخاذ الاجراءات القانونية الصارمة من قبل الأجهزة المعنية ضد المتورطين بالأعمال الارهابية والتخريبية. 4 - يعتبر كل من يأوي متهماً أو يتستر عليه تعلن الأجهزة الرسمية اسمه او هارباً من السجن، مخالفاً للقانون وتتخذ ضده الاجراءات القانونية. 5 - توضع خطة لالقاء القبض على الفارين… والمطالبة عبر الانتربول أو عبر القنوات الديبلوماسية بتسليم المتهمين من غير اليمنيين او الفارين الى الخارج من اليمنيين او اجراء محاكمتهم غيابياً. 6 - تستكمل التحقيقات مع المتهمين في قضايا الارهاب والتخريب بعد اجراء التحريات وجمع المعلومات وفي اطار تكامل التحقيقات والربط بين القضايا ويتولى التحقيق في هذه القضايا محققون مختصون وأكفاء تتوفر فيهم الحيدة، وعلى ان تحال القضايا الى النيابة أولاً بأول. 7 - تؤكد لجنة الحوار للقوى السياسية على سرعة اصدار لائحة حمل السلاح وتنظيم العمل بها والنظر في القانون الحالي لجعله اكثر صرامة للحد من حمل السلاح وانتشاره والاتجار به. 8 - يتم التحري والتأكد من وجود معسكرات او مقرات للاعداد والتدريب على أعمال العنف واتخاذ الاجراءات المناسبة حيالها. 9 - لا تتجاوز خطة التنفيذ واجراءاته مدة ثلاثة اشهر. 10 - كل الاجراءات المذكورة في البنود السابقة تتم وفقاً للقوانين النافذة وقواعد العدالة. التنفيذ: 1 - تضع وزارة الداخلية خطة لالقاء القبض على المتهمين الفارين أو الهاربين من السجن، أو الذين يقفون وراء المتهمين وباسناد عسكري من قبل وزارة الدفاع عند الحاجة، تحت قيادة وزير الداخلية وتقدم الخطة لمجلس الوزراء خلال اسبوع للمصادقة عليها. 2 - يقدم وزيرا الداخلية والعدل كشفاً بأسماء المحققين والمختارين للتحقيق في هذه القضايا لمصادقة رئيس الوزراء. 3 - تجري المحاكمات في مواقع حدوث الجريمة، وتنسق النيابة العامة مرافعاتها للربط بين القضايا في حالة ان المتهمين في قضية ما شركاء ايضاً في قضايا حدثت في مواقع اخرى، وتقدم النيابة العامة وممثلوها في المحافظات القضايا للقضاء أولاً بأول. 4 - وزيرا الداخلية والعدل تقريراً نصف شهري لمجلس الوزراء عن سير القضايا والوقوف بحزم أمام أي تلكؤ أو تباطؤ من أي جهة. 2 - الجانب الأمني والعسكري 1 - ازالة جميع النقاط داخل المدن وخارجها سواء كانت تابعة لوزارة الداخلية أو لوزارة الدفاع أو مشتركة. 2 - تتولى وزارة الداخلية تحديد الأماكن التي تقتضي المصلحة الأمنية اقامة نقاط فيها على ان تتعاون مع وزارة الدفاع لتحديد النقاط العسكرية والأمنية المشتركة، وتشكل لذلك الغرض لجنة بقرار من مجلس الوزراء خلال اسبوعين وتقدم هذه اللجنة مقترحاً بالنقاط المقترح اقامتها ويصدر مجلس الوزراء قراراً في ضوء ذلك يحدد الآتي: أ - النقاط التي تقع تحت مسؤولية وزارة الداخلية. ب - النقاط التي تقع تحت مسؤولية وزارة الدفاع. ج - النقاط التي تقع تحت المسؤولية المشتركة. ويبدأ التنفيذ فور اصدار هذا القرار. 3 - يعقد صلح عام بين القبائل. الغرض منه حقن دماء اليمنيين. ويتم بموجبه انهاء الثأر، واعتبار كل من يمارس الأخذ بالثأر خارجاً عن القانون، وتتولى أجهزة الدولة المختصة اتخاذ الاجراءات القانونية الحازمة ضده. وحصر معالجة قضايا الثأر التي حدثت قبل تاريخ اصدار الاعلان، وتتحمل الحكومة أي نفقات يستلزمها ذلك. ويتم عقد هذا الصلح مع الأخذ بعين الاعتبار المسائل الأساسية التالية: أ - تعلن الدولة صلحاً عاماً عبر مؤتمر وطني تدعو اليه كل القوى السياسية والاجتماعية والعلماء، ويتم التوقيع على الاعلان من الجميع. ب - يشكل المؤتمر لجنة لحصر ومعالجة قضايا الثأر التي حدثت قبل الاعلان. ج - يتم اعلان الصلح خلال شهر، ويعمل به من يوم الاعلان ويصدر قانون يعزز هذا الاعلان، ويعتبر كل من يأخذ بالثأر مخالفاً للقانون وتتخذ ضده العقوبات التي يجب ان يحددها القانون. 4 - حفاظاً على مكانة القوات المسلحة في نفوس ابناء الشعب، وصوناً لرصيدها النضالي العظيم المخلد في وجدان الشعب وذاكرة التاريخ، يتم نقل الوحدات فيما كان يسمى بالأطراف في بعض مناطق محافظات تعز ولحج ورأب وأبين وشبوة والبيضاء ومأرب، واعادة تمركزها في مناطق يتفق عليها من قبل لجنة فنية من القوات المسلحة بما يؤمن متطلبات الاستراتيجية الدفاعية للدولة وحماية الاهداف الحيوية وتتخذ وزارة الدفاع الاجراءات المنفذة لذلك. ويصدر بذلك قرار خلال اسبوع ويبدأ التنفيذ فوراً. 5 - عدم تسيير أي دوريات عسكرية في المدن، او على الطرقات وتتولى ذلك الشرطة طبقاً لمقتضيات الأمن. 6 - انشاء جهاز استخبارات طبقاً لقانون يحدد كيفية تشكيله ومهامه وصلاحياته في حماية السيادة الوطنية، وتشكل لجنة من الحكومة والحوار لاعداد القانون وتقديمه الى مجلس الوزراء خلال فترة اقصاها شهر من تاريخه. 7 - البحث عن وسائل لانهاء الوجود المسلح غير الرسمي ومنع توزيع الاسلحة على المواطنين تحت أي مسمى، واعتبار ذلك جريمة مخلة بالأمن. 8 - اعادة تنظيم وزارة الداخلية بحيث تدمج وحدات الأمن المختلفة بها بما في ذلك الأمن المركزي وتكون لها السيطرة عليها. وتحصر أي نفقات امنية من خلال وزارة الداخلية ويشكل مجلس الوزراء لجنة لتقديم مقترح بهذا الشأن في مدة اقصاها اسبوعان. 9 - يتم اخلاء المدن من القوات المسلحة واعادة تموضعها خلال فترة زمنية اقصاها شهران، ضمن خطة مركزية واحدة لتموضعها تمهيداً لدمجها وتنظيمها وتصحيح اوضاعها. تقدم من قيادة وزارة الدفاع وتقر من رئاسة مجلس الوزراء، ويصادق عليها من قبل مجلس الرئاسة، على ان لا تتجاوز عملية دمجها الاربعة اشهر بعد تنفيذ عملية الاخلاء واعادة التمركز في سياق بناء جيش وطني حديث، يعبر عن الوحدة الوطنية، ويواكب النهج الديموقراطي، متحرراً من كافة التأثيرات المناطقية والاسرية والقبلية والعرقية، مستوعبة كافة الوحدات العسكرية دون تمييز او استثناء ويبدأ التنفيذ بعد اقرار الوثيقة والتوقيع عليها من قبل اطراف الوفاق الوطني. 10 - الالتزام بعدم تحريك أي وحدات عسكرية او تعزيزات بشرية أو مادية وتجميد تنفيذ المشروعات التدريبية حتى تستقر الاوضاع ويصدر باستئنافها قرار من مجلس الوزراء ومصادقة مجلس الرئاسة وتبلغ وزارة الدفاع بهذا القرار وتتولى اللجنة العسكرية متابعة التنفيذ. 11- يقتصر دور الشرطة العسكرية على أمن وانضباط الوحدات العسكرية وتمنع من القيام بأي نشاط ودوريات يتداخل مع اختصاصات الأمن العام. 12 - يحظر ممارسة أي مظهر أو اجراء او تصرف من شأنه ان يوحي بالتمايز او التفاضل في التعامل بين افراد القوات المسلحة. 13 - يمنع ضباط وجنود القوات المسلحة من التدخل في قضايا المواطنين وشؤون السلطات القضائية والتنفيذية. 14 - - يوقف التجنيد والتسليح والتعبئة للوحدات والميليشيات وحرس الحدود والحرس الشعبي وما يشابهها والغاء ما تمّ استحداثه. 15 - على وزارتي الدفاع والداخلية القيام بالامداد والتموين للقوات المسلحة والأمن من خلال اجهزتها المختصة. 16 - تلغى جميع الترقيات غير القانونية التي تمت منذ بداية عام 1993. التنفيذ: تشكل لجنة من مجلس الوزراء وبعض الشخصيات العسكرية والسياسية للاشراف على تنفيذ هذا القسم - وتضع اللجنة جدول عمل زمني لاعمالها يقر من مجلس الوزراء. زوجة البيض تنام في الطائرة ثم نزلت رافقت السيدة ملكي عقيلة السيد علي سالم البيض زوجها في رحلته الى القاهرةودمشقوعمان. وأكدت مصادر يمنية انها باتت ليلة الاحد - الاثنين في الطائرة في مطار الملكة علياء الدولي، ولم تغادرها منذ وصول نائب الرئيس الى العاصمة الأردنية نحو الساعة الثانية والنصف بعد ظهر السبت وحتى مغادرته اياها ظهر الاحد. وقالت هذه المصادر ان البيض أرجأ وصوله الى عمان حتى قبيل توقيع الوثيقة بساعتين او أقل، وكان قرر ان يغادرها بعد التوقيع مباشرة ليتحاشى إجراء اي محادثات مع الرئيس علي عبدالله صالح، او أي ضغوط للانتقال معه الى صنعاء… لذلك فضّل إبقاء زوجته في طائرة "اليمدا" التابعة لشركة الطيران اليمنية الجنوبية التي تقف على بعد أمتار منها طائرة الرئيس علي صالح التابعة ل "اليمنية" الشركة الشمالية. غير ان الجهود الاردنية لطيّ صفحة الازمة غيّرت حسابات البيض فبات ليلته في عمان. وعلم من مصادر مطلعة ان كل الجهود التي بذلت ليل الاحد - الاثنين فشلت في جمع الرئيس اليمني ونائبه، علماً انهما تعانقا عناقاً فاتراً بعد التوقيع على الوثيقة! بكيل على الحياد عندما وقع الاشتباك العسكري في زنجبار عاصمة أبين تحرك مشايخ بكيل، كبرى القبائل اليمنية، وأوعزوا الى ابنائهم وانصارهم بالبقاء على الحياد. واتصل الشيخ سنان ابو لحوم عضو لجنة الحوار من عمان بوجهاء بكيل مشدداً على هذا الحياد.