تشهد الساحة السياسية في مصر اتصالات مكثفة بين الحزب الوطني الحاكم واحزاب المعارضة المصرية بشأن الاعداد لانعقاد الحوار الوطني الذي دعا اليه الرئيس المصري حسني مبارك ومن المقرر البدء في أولى خطواته في منتصف شباط فبراير المقبل. وعبر هذه الاتصالات اجمعت احزاب المعارضة على ابلاغ القيادة السياسية في مصر ان الاولوية الأولى من وجهة نظرها ينبغي ان تكون للاصلاح السياسي. وبينما أبدى الحزب الوطني الحاكم ترحيبه بمناقشة مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية تراجعت في الآونة الأخيرة احتمالات مشاركة الأخوان المسلمين كفريق مستقل. فقد اعتبر الحزب الحاكم ان توجيه الدعوة اليهم بصورة رسمية تعني الاعتراف بشرعيتهم الا ان المراقبين يؤكدون مشاركة "الاخوان" من خلال مشاركة النقابات المهنية المكتظة بممثليهم في الوقت الراهن وكذلك من خلال اختيار لجنتهم للمشاركة من بين المثقفين والمفكرين الذين ستوجه اليهم الدعوة للمشاركة في الحوار. وعن تطورات عملية الحوار الوطني قال السيد خالد محيي الدين رئيس حزب التجمع "ان احزاب المعارضة اعلنت رسمياً موافقتها وترحيبها بالمشاركة في هذا الحوار الذي دعا اليه الرئيس مبارك واتفقنا كأحزاب معارضة خلال سلسلة لقاءات بيننا على ان تكون الأولوية للاصلاح السياسي والقضايا الخاصة بمحدودي الدخل والقضايا الاقتصادية عموماً". وأضاف: اجتمع كل حزب منا على حدة مع الحزب الوطني وأكدت لنا قيادات الحزب الوطني بأنها ترحب بمناقشة مختلف القضايا والمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على قدم المساواة خلال عملية الحوار واتفقنا جميعاً على ان الاحزاب السياسية خاصة الفاعلة تتفق في ما بينها على جدول الحوار وعلى توسيع دائرة هذا الحوار لتشمل النقابات والمفكرين بحيث تصل الى اتفاق عاجل بشأن مختلف القضايا حتى لا تكون المسألة مجرد اقلية واغلبية. ونحن نرى ان البلاد تمر في الوقت الراهن بظروف صعبة وكل الناس تريد الخروج من الأزمة ولا بد من تقديم تنازلات من جانب الجميع للوصول الى صيغة مشتركة للتفاهم. قانون مباشرة الحقوق السياسية وعن وجهة نظر حزب الوفد في هذا الحوار وما يمكن ان يطرح فيه قال اللواء عبدالمنعم حسين عضو الهيئة العليا للحزب ان حزب الوفد يرى ان تكون الاولوية للاصلاح السياسي باعتباره المدخل لحل كل القضايا الأخرى في مختلف المجالات. واتفق حزب الوفد مع باقي احزاب المعارضة على ان الاصلاح السياسي يتمثل في تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بحيث يتم توفير الضمانات الكافية لحسن سير العملية الانتخابية ليشارك الشعب في انتخاب ممثليه وهذه هي النقطة الأولى التي يمكن ان نقضي بها على ظاهرة خطيرة تفشت في المجتمع المصري والمطلوب الآن تعديل جداول الانتخابات. وأبلغت احزاب المعارضة الحزب الوطني بحقها في المشاركة في اعداد ملف الحوار والاتفاق على الاسبقيات وتحديد مكانه وزمانه واسلوب ادارة الحوار على ان يكون ذلك الأمر علنياً باستخدام أجهزة الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الاذاعة والتلفزيون. وحاولت شخصيات من الحزب الوطني تجنب هذه المطالب وأدلت بتصريحات تعكس رغبتها في الانفراد بتحديد مكان الحوار وزمانه وجدول أعماله الا انها عادت ونفت التصريحات ما أوجد نوعاً من التناقض. وحول وجهة نظر حزب الاحرار من المشاركة في الحوار والقضايا التي ينبغي ان يناقشها قال عبدالفتاح الشوربجي وكيل الحزب: ان احزاب المعارضة اتفقت على ضرورة البدء بالاصلاح السياسي ثم الاصلاح الاقتصادي فالاصلاح الاجتماعي ونحن في حزب الاحرار نرى ان الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي يشكلان دعامتين لأي نظام وانه من خلالها معاً يتم خدمة الاصلاح الاجتماعي. ومن هنا فان القضايا الملحة للاصلاح السياسي تتمثل في تعديل الدستور وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وأيضاً ضرورة انهاء حالة الطوارئ لثبوت فشلها الذريع في مواجهة ما شهدته مصر من احداث دامية كاغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ومحاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء وكذلك الشروع في اغتيال السيد صفوت الشريف وزير الاعلام واللواء حسن الالفي وزير الداخلية ولم تر مصر مواكب كبيرة لحماية الوزراء خشية الاعتداء عليهم الا في ظل العمل بقانون حالة الطوارئ. اننا لا يمكن ان نتصور اي دولة تعيش قرابة العقدين من عمرها في ظل قانون الطوارئ لذا يجب ان يكون من نتيجة الحوار الغاء كل القوانين الاستثنائية وان يستخدم الجميع على المستوى الرسمي والشعبي الحوار الهادف البناء كبديل للحوار بالرصاص. "الاخوان" والشيوعيون وعن موضوع مشاركة "الاخوان" المسلمين والشيوعيين او عدم مشاركتهم قال عبدالفتاح الشوربجي ان مشاركة هذين التيارين ضرورية لانهما قوتان سياسيتان ولا يمكن ان ننكر وجودهما لمجرد ان قانون تكوين الاحزاب وضع قيوداً عليهما لا بل انه يجب السماح لهما بتكوين الاحزاب الخاصة بهما من اجل سلامة البلاد والعباد. وحول اولويات الحوار من وجهة نظر الحزب الناصري قال ضياء الدين داوود رئيس الحزب الناصري ان الحوار عملية متشابكة ويجب ان نعلم ان هناك أزمة في المجتمع ويجب ان نبحث عن علاج شامل لها من كل الجوانب ومن الخطأ ان يقال ان الاولوية للاصلاح السياسي فقط لأن هذا مجرد مدخل للمناقشة ولكنه ليس حلاً كاملاً لأنه لا بد في الوقت نفسه من معالجة الخلل الاجتماعي الذي أدى الى الارهاب ومناقشة الفقر ومعاناة الجماهير نتيجة عدم التناسب بين الدخل والأسعار وهذه الجوانب تحتاج الى مواجهة شاملة كما ان مسألة الاصلاح السياسي فقط غير كافية لأن الممارسة السياسية ذاتها في حاجة الى ارادة حرة ومواطن ليس لديه مشاكل اجتماعية. الهضيبي: حق المشاركة وعن موقف جماعة الأخوان المسلمين من الحوار قال المستشار مأمون الهضيبي المتحدث باسم الجماعة: ان الرئيس مبارك كان اعلن عن الدعوة لانعقاد الحوار الوطني وأعلنت الاحزاب والقيادات السياسية المختلفة ترحيبها بهذا الحوار وشارك الاخوان المسلمون بناء على دعوة من الاحزاب المعارضة في لجان التنسيق لهذا الحوار وتم بالفعل استطلاع وجهة نظر الاخوان المسلمين من هذه القضايا من خلال مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في "الاهرام" وأعلن المسؤولون عن المركز بعد ذلك عن تقديرهم وثنائهم على ما أبديناه من آراء. وأضاف: "سمعنا بعد ذلك تصريحات على لسان بعض كبار المسؤولين في الحزب الوطني تؤكد رفضهم مشاركة الأخوان في هذا الحوار اتفقنا مع وجهة نظر احزاب المعارضة خلال جلساتنا معهم على أهمية الاصلاح السياسي وان تكون هناك ديموقراطية متكاملة الاركان من خلال تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لضمان صحة الانتخابات وتعديل قانون الاحزاب لكي يكون انشاؤها من خلال الشعب وبموافقته وليس من خلال موافقة الحكومة". وقال الهضيبي انني اتساءل وليست لي اجابات محددة هل سيكون هناك نتيجة تنفيذية لما تسفر عنه عملية الحوار وماذا فعلت الدولة بنتائج حوارات ومناقشات المجالس القومية المتخصصة ومجلس الشورى وآلاف الرسائل والابحاث العملية التي تصدرها الجهات البحثية في مصر. وعن امكانية مشاركة الأخوان من خلال حزب العمل في هذا الحوار قال الهضيبي ان هناك اتفاقاً معلناً مع حزب العمل على ان لكل منا قيادته وكيانه المستقل وحزب العمل اكد على حق الاخوان في ان يكون لهم تمثيلهم المستقل ونحن نؤيده في ذلك. وبشأن امكانية التزام الاحزاب مجتمعة بما يمكن ان تسفر عنه نتيجة الحوار من أعمال قال المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل: اننا نرفض اصدار بيان يقيد الاتجاهات المختلفة بأن يكون لها كلها رأي واحد محدد في كل القضايا والموضوعات تحت زعم ان الاغلبية رأت ذلك ولأن في هذا الأمر عودة الى نظام الحزب الواحد والتنظيم الواحد ذلك لأن التعددية الحزبية تقر ان تكون الاحزاب مختلفة في وجهات نظرها في أمور كثيرة. وأضاف: ومع ذلك فيمكن ان تكون هناك خطوط عامة يتم الاتفاق عليها بين كل الاحزاب والقيادات من خلال هذا الحوار وفي الوقت نفسه يكون لكل حزب رأيه غير الملزم للآخرين بشأن تفاصيل معالجة كل القضايا والموضوعات. دور النقابات وفي ما يتعلق بموقف النقابات المهنية المختلفة من المشاركة في هذا الحوار عقدت لجنة التنسيق بين النقابات المهنية سلسلة من الاجتماعات بشأن الاعداد لورقة عمل موحدة شارك في الاجتماعات عدد من الشخصيات المهنية النشطة التي ينتمي معظمها الى جماعة الاخوان المسلمين وأبرزهم احمد سيف الاسلام حسن البنا أمين عام نقابة المحامين والمهندس أبو العلا ماضي أمين صندوق نقابة المهندسين ومحمد عبدالقدوس عضو مجلس نقابة الصحافيين والدكتور عصام العريان عضو مجلس نقابة الأطباء وغيرهم. وقال الدكتور العريان عضو مجلس نقابة الاطباء وعضو مجلس لجنة التنسيق ان النقابات المهنية قررت عقد مؤتمر عام لها في 9 شباط فبراير المقبل لبلورة رأي موحد يتم الاتفاق عليه بالنسبة للقضايا المهنية والقضايا القومية والوطنية وتسبق هذا المؤتمر مؤتمرات اقليمية في المحافظات تنظمها النقابات الفرعية وكل هذا يهدف الى توسيع دائرة المشاركة حتى يكون هناك أكبر تداول للآراء لأننا نعتقد ان الحوار يجب ان يشمل كل ابناء الوطن وفي مقدمهم النقابيون الذين انتخبوا انتخاباً حراً سليماً. وقد سبق للنقابات المهنية ان عقدت 4 اجتماعات عامة في السنوات الأربع الماضية ونحن نرى ان الحوار الوطني يجب ان يكون جوهراً سياسياً حول شكل نظام الحكم والانتخابات الحرة وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية اما باقي القضايا فيجب ان تحال الى مجلس برلماني منتخب انتخاباً حراً.