السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    هل ينهض طائر الفينيق    التعاون يتغلّب على الخالدية البحريني بثنائية في دوري أبطال آسيا 2    «الكوري» ظلم الهلال    «فار مكسور»    أمير تبوك يستقبل رئيس واعضاء اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم    أمانة القصيم تنجح في التعامل مع الحالة المطرية التي مرت المنطقة    شخصنة المواقف    النوم المبكر مواجهة للأمراض    الملك يضيف لؤلؤة في عقد العاصمة    الموارد البشرية توقّع مذكرة لتأهيل الكوادر الوطنية    الفيحاء يواجه العروبة.. والأخدود يستقبل الخلود.. والرياض يحل ضيفاً على الفتح    وزير الرياضة: دعم القيادة نقل الرياضة إلى مصاف العالمية    نيمار يقترب ومالكوم يعود    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أنا ووسائل التواصل الاجتماعي    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    برعاية أمير مكة.. انعقاد اللقاء ال 17 للمؤسسين بمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة    الذكاء الاصطناعي والإسلام المعتدل    نور الرياض يضيء سماء العاصمة    قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشعر العربي    الشائعات ضد المملكة    الأسرة والأم الحنون    سعادة بطعم الرحمة    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    يوسف العجلاتي يزف إبنيه مصعب وأحمد على أنغام «المزمار»    «مساعد وزير الاستثمار» : إصلاحات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات العالمية    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    60 صورة من 20 دولة للفوتوغرافي السعودي محتسب في دبي    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هؤلاء هم المرجفون    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



7 ملايين عامل اجنبي يغيرون وجه المنطقة بعد 25 سنة . القنبلة الآسيوية في الخليج - قسم أول

تطغي العمالة الوافدة على سوق العمل في بلدان مجلس التعاون الخليجي لتفرض نفسها بالتالي قضية ملحة، اقتصادية واجتماعياً وامنياً. "الوسط" اعدت ملفاً شاملاً عن الموضوع، معززاً بالادقام والآراء، يعالج المسألة في سبابها وواقعها وانعكاساتها وابعادها.
نظرة شاملة الى وضع العمالة الاجنبية والعربية في دول مجلس التعاون الخليجي تظهر جملة من الثوابت والمفارقات نابعة اولاً من خصوصية كل دولةعلى حدة وحاجاتها التنموية وقدرتها على الامساك بكل دقائق ملف العمالة الوافدة للحدّ من انعكاساتها الامنية والاجتماعية والاقتصادية.
في الخليج، دول تسمح بحرية مطلقة للوافدين في تنظيم شؤون جالياتهم واقامة النوادي وممارسة الشعائر الخاصة، ودول تشترط قيوداً اصعب للعمل والحركة، ودول تتساهل قليلاً عند انتهاء العقود وبقاء العمال، ودول تفرض حصصاً معينة في حجم العمالة لكل دولة عربية او آسيوية، ودول تترك لحركة السوق تحديد حجم استيراد العمالة... الا ان دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة بدأت برنامجاً تنسيقياً مكثفاً لوضع قوانين متقاربة في هذا الاطار، ليس هدفها خفض حجم العمالة الوافدة فحسب، بل لأن الانعكاسات السلبية لهذه العمالة في دولة ما تنسحب على الدول المجاورة.
وتبرز اهمية التنسيق لتوحيد القوانين مع تقدم الخطوات نحو التكامل بين دول المجلس. فهذه الخطوات ستؤدي، على المدى الطويل، الى تحقيق اندماج اقتصادي ومنح المواطنين والضيوف المقيمين مزيداً من حرية الحركة، الامر الذي يفرض بدوره وجود سياسة عمالة واحدة تعتمد برنامجاً متقارباً للاجور وشروط الاقامة والتوجيه حسب حاجات القطاعات الاقتصادية المختلفة.
في الوضع الحالي يمكن استخلاص جملة ثوابت حكمت ملف العمالة الوافدة في دول الخليج اهمها:
غياب الاحصاءات الدقيقة في عدد من الدول عن حجم العمالة الاجنبية وتناقض ارقامها احياناً حتى في الدولة الواحدة. ففي الكويت مثلاً هناك من يقول ان حجم العمالة الوافدة قبل الغزو العراقي كان يستأثر بپ80 في المئة من قوة العمل، وهناك من يعتبر انه كان في حدود 72 في المئة فقط، فيما تتفق ارقام الاحصاءات المختلفة على ان حجم العمالة الاجنبية في دوائر الحكومة لم يتعد ما نسبته 30 في المئة بعد الغزو. وفي سلطنة عمان يتفاوت تقدير حجم العمالة قياساً على عدد السكان، فمنهم من يعتبر انه يساوي ثلث عدد السكان، ومنهم يعده ربع العدد. وآخرون يقولون ان العمال العرب يشكلون 5،4 في المئة من حجم العمالة الوافدة، فيما تشير احصاءات اخرى الى انهم يشكلون ما نسبته 15 في المئة... وهذا التضارب ينسحب على كل الدول الاخرى.
الآسيويون في الطليعة
تأتي العمالة الآسيوية في الطليعة تليها العمالة العربية فالعمالة الاوروبية او الغربية عموماً. ويتصدر الباكستانيون والهنود لائحة العمالة الآسيوية، في حين يتصدر المصريون، وبنسبة اقل السوريون والاردنيون ثم السودانيون لائحة العمالة العربية. الا ان احصاءات اخيرة اشارت الى تزايد الاعتماد على العمال العرب في شكل مطرد في السنوات الاخيرة في كل من المملكة العربية السعودية والكويت.
استئثار القطاع الخاص بالعدد الاكبر من حجم العمالة الوافدة، خصوصاً بعد تركيز دول الخليج على تخصيص وظائف القطاع العام لمواطنيها. ففي الكويت مثلاً يستأثر القطاع الخاص بپ6،98 في المئة من حجم العمالة الوافدة، فيما يستأثر القطاع نفسه في الامارات بپ99 في المئة، وتخفض هذه النسبة في عمان المصرّة على "تعمين" الوظائف حتى في القطاع الخاص.
وذكرت دراسة اعدتها "منظمة الخليج للاستثمارات الصناعية" ان القطاع الخاص، خصوصاً في مجالات البناء والصناعة والزراعة، يعتمد في صورة شبه كلية على العمالة الوافدة، كما ان ثمة اعتماداً مماثلاً في قطاعات الخدمات والمصارف على الاجانب خصوصاً على مستوى الكوادر المتوسطة والدنيا، في حين تقتصر نسبة العمالة الوطنية على مستوى القيادت العليا. وباستثناء قطاعي التجارة والخدمات، حيث تبلغ نسبة العمالة الوطنية بين 25 و50 في المئة، فان القطاع الخاص يعتمد اعتماداً واسعاً جداً على الاجانب.
بدء تركيز دول الخليج على اصدار قوانين واعتماد حوافز لحض مواطنيها على المشاركة مشاركة فعّالة في سوق العمل، ولرفع عدد العاملين العرب على حساب الآسيويين كلما كان ذلك ممكناً. فالاقتراحات الاخيرة التي تتداولها الدول الخليجية ترمي الى الاعتماد على اليد العاملة العربية والمسلمة بدل الاجنبية، وتدعو الى تطبيق سياسة جديدة تقدم على استخدام العمال الاجانب شرط ان يتمتعوا بمهارات تؤهلهم لتدريب ابناء البلاد. فقطر بدأت نظام دفع رواتب القطريين الذين يلتحقون بدورات تدريبية خلال العطل لتشجيعهم على مزاولة مهن يدوية وتقنية. والامارات انشأت صندوقاً يقدم قروضاً الى أبناء البلاد اذا رغبوا في مزاولة مهنة ما، وأعلنت السعودية حوافز جديدة لمؤسسات القطاع الخاص لتشجيعها على تدريب ابناء البلاد وتشغيلهم، وفرضت عمان ضريبة على العمال الاجانب لمصلحة تمويل الدورات التدريبية للعمانيين.
فوز الفيليبينيات والسري لانكيات بالنصيب الأكبر في العمالة في المنازل، وانعكاس ذلك سلباً على تربية الاطفال، وأظهرت غالبية الدراسات الاجتماعية ان الاطفال ينشأون على مفاهيم غريبة عن عاداتهم وتقاليدهم بدءاً بتعلم لغة غير مفهومة هي خليط من واقعهم وواقع غيرهم وانتهاء بالعادات.
اشتراك كل مراكز الابحاث الخليجية في التركيز على خطورة العمالة الوافدة على اللغة العربية، خصوصاً في الدول التي تفوق فيها هذه العمالة حجم السكان. وتتحدث الابحاث الاجتماعية عن لغة هجينة مشوّهة بدأت تسود اهل الاسواق والمجاورين لها، قائمة على الخلط بين الانكليزية والاوردو والعربية والفارسية والبنغالية... الخ، وتورد في هذا المجال امثلة عن عبارات تستخدم يومياً بين الناس. ويقول مسؤول عماني ان مفاهيم العمالة الوافدة "تشكل خطراً يهدد بتشويه الشخصية العربية للدول الخليجية".
تتسع دائرة القلق على الأمن الاجتماعي، والسياسي احياناً، مع اتساع حجم العمالة الوافدة. فعندما احرق السيخ مسجد البابري في الهند شهدت بعض الدول مواجهات بين الهنود المسلمين والسيخ، وعندما تحصل انتخابات في ايران او الهند أو باكستان تنتقل الحملة الانتخابية بطريقة ما الى الجاليات العاملة في الخليج، اضافة الى الخوف الدائم من الفساد الاجتماعي وأمراض الايدز وانتشار آفات اخرى... نتيجة اختلاف المفاهيم بين ابناء البلاد والوافدين.
غياب التخطيط احياناً في عملية استيعاب العمالة. ويرى مسؤولون كويتيون مثلاً انه يمكن الاستغناء عن 60 في المئة من العمالة الوافدة وان بعض العمال يأتي الى الكويت لا لحاجة صاحب العمل اليه بل لعطفه عليه. اما في الامارات مثلاً حيث يشعر الاماراتيون بأنهم اقلية في بلادهم، فاستيراد العمالة يتم مثلاً لوظائف من نوع "راعي الغنم" أو "راعي البقر" أو "حلاب البقر". ويكفي للدلالة على انعدام التخطيط الدراسة التي نشرت عن وجود 11 ألف حلاّق و18 الف خياط في الامارات!
أدت العمالة الوافدة الى اختلال التوازن الديموغرافي في عدد من الدول، فكان الكويتيون عشية الغزو العراقي لبلادهم يشكلون 8،26 في المئة من مجمل السكان، ثم ارتفعت هذه النسبة في شباط فبراير 1993 الى 6،47 في المئة. فيما يمثل الاماراتيون نسبة 20 في المئة من مجمل السكان، اما في عُمان فتمثل العمالة ثلث السكان.
والى اختلال التوازن الديموغرافي، حصل اختلال في التوازن بين الذكور والاناث، فطغى عنصر الذكور لأنهم يشكلون اكثر من 90 في المئة من حجم العمالة الوافدة ولأن العازبين يشكلون اكثر من 90 في المئة من نسبة الذكور الوافدين.
مخالفات... ومكاتب
تعود غالبية المخالفات، وبالتالي الفوضى الى الخلافات بين مكاتب الاستخدام وأصحاب العمل، فالمكاتب تستورد عمالاً لا يتناسبون والمواصفات المطلوبة، وأصحاب العمل يتهربون من العقود لجهة الاجور والحوافز. والعامل، في غالب الاحيان، يهرب بعد انتهاء عقده الى اماكن عمل اخرى او دول مجاورة نتيجة اختلاف نسبة الرواتب وعنصر التنافس.
وعمد معظم الدول الخليجية في الاشهر الاخيرة الى اجراءات اضافية للحد من هجرة العمالة الآسيوية بعدما تبين ان نسبة غير قليلة منها اتجهت الى سوق البطالة مع ما يشكل ذلك من اخطار معينة على الصعيدين الامني والاجتماعي. ويُنظر الى هذه النسبة من البطالة 16 في المئة على انها نتيجة مباشرة لازدهار عمليات المتاجرة بالتأشيرات التي يتولاها اشخاص يفتحون مكاتب للتوظيف في الخليج في مقابل عمولات معينة يحصلون عليها. وعند وصول العامل يجد نفسه من دون عمل. وتتشدد الدول الخليجية التي تعاني من هذه الظاهرة في منح تأشيرات الدخول كما تتم ملاحقة المكاتب التي تنشأ لهذه الغايات.
أصبحت العمالة الوافدة مسألة حيوية بالنسبة الى الدول المصدرة، فتحويلات الآسيويين وحدهم من عُمان الى بلادهم بين 1980 و1986 بلغت نحو 3،5 بليون دولار.
... ومع ذلك كله، لا يوجد ما يشير الى ان هذه العمالة ستنخفض انخفاضاً دراماتيكياً في الاعوام المقبلة، ويقول مسؤول اماراتي ان الاقتصاد الحر يترك لصاحب العمل حرية استيراد العمالة الرخيصة، وان دول الخليج لا تزال في حاجة الى هذا النوع من العمالة الموجودة تحديداً في الدول الآسيوية لاستكمال برامج التنمية. ويعتبر ان تقدم التنمية يساهم، على المدى الطويل، في تخفيف عوامل التوتر الاجتماعي، فيما يرى باحثون خليجيون ان الاستقرار الاجتماعي مدخل الى التقدم الاقتصادي وليس العكس.
وفي هذا الاطار اعدت "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا" اسكوا دراسة توقعت فيها الاستمرار في ارتفاع حجم العمالة الوافدة في منطقة الخليج استناداً الى توقع تحسن النمو الاقتصادي، خصوصاً في المملكة العربية السعودية التي تعتبر اكبر مستقبل للأيدي العاملة، وفي الكويت التي تحتاج الى بناء هياكلها الاقتصادية واعادة الدورة الانتاجية الى وتيرتها السابقة. وتقدر "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" النمو المتوقع في حجم العمالة الاجنبية في الخليج بما يصل الى 300 الف شخص سنوياً، الامر الذي قد يرفع عدد الاجانب العاملين في المنطقة الى حوالي 8،8 مليون عامل في العام 2000، في مقابل 7،5 مليون عامل في الوقت الحاضر و1،1 مليون عام 1975، الا ان تقرير "اسكوا" توقع تبدلاً لمصلحة العمالة الآسيوية لأسباب اقتصادية بحتة، اذ يصل معدل الراتب الذي يحصل عليه العامل الآسيوي هندي، باكستاني ... الى ثلث الراتب الذي يحصل عليه العامل من جنسيات اخرى نظراً الى ازمة البطالة الحادة التي تعاني منها الدول الآسيوية.
العمالة الوافدة في الخليج حقيقة قائمة، وهي نتيجة مباشرة للنمو الاقتصادي الهائل الذي تحقق في العقود الثلاثة الماضية وتجاوز بسهولة النمو السكاني وقدرة العمالة الوطنية على تلبية حاجات سوق العمل. ويجمع السياسات الخليجية حالياً قاسم مشترك هو تنظيم العمالة الاجنبية ومتابعة البرامج لزيادة نسبة الاعتماد على العمالة الوطنية، ولكن من دون الاضرار بالدورة الاقتصادية.
السعودية: حوافز للسعوديين
المملكة العربية السعودية تحاول منذ سنوات زيادة عدد العاملين من مواطنيها، اذ تركزت جهودها على تدريبهم وتأهيلهم للقيام بأعمال يؤديها الاجانب وعلى تقديم دعم مادي الى مؤسسات القطاع الخاص التي تشغّل ابناء البلاد.
ولا تزيد العمالة الوافدة عن 55 في المئة من اليد العاملة السعودية، وحذّرت السلطات المعنية ارباب العمل من استخدام الاجانب في شكل غير قانوني لأن هذه المخالفات تؤثر سلباً، في السياسة الهادفة الى "سعودة" اليد العاملة في البلاد. وأعلنت وزارة العمل تقديم حوافز جديدة الى مؤسسات القطاع الخاص بغية تشجيعها على تدريب ابناء البلاد وتشغيلهم.
وأظهر آخر احصاء رسمي عام للسكان أصدرته مصلحة الاحصاءات العامة في وزارة المال والاقتصاد السعودية، في نهاية ايلول سبتمبر 1993، ان عدد المواطنين السعوديين هو 835،304،12 فرداً يمثلون ما نسبته 7،72 في المئة من العدد الاجمالي للسكان. وأفيد ان عدد الذكور بين المواطنين السعوديين هو 213،211،6 اي ما نسبته 4،50 في المئة من مجموع المواطنين في حين بلغ عدد الاناث 622،093،6 اي ما نسبته 6،49 في المئة. وبلغ عدد المقيمين في المملكة من غير المواطنين 459،624،4 نسمة وهم يمثلون ما نسبته 3،27 في المئة من اجمالي عدد السكان، ويبلغ عدد الذكور من المقيمين غير السعوديين 328،255،3 اي ما نسبته 4،70 في المئة من اجمالي عدد المقيمين، وعدد الاناث 131،369،1 أي ما نسبته 6،29 في المئة.
قطر : تنظيم وعقوبات
يشكل الوافدون الآسيويون الى قطر ما يقارب ثلثي حجم العمالة 9،64 في المئة بينما تبلغ مساهمة القطريين 5،15 في المئة والعرب الآخرين 6،19 في المئة والوافدين من أصول اوروبية نسبة 2،4 في المئة.
ويؤكد المسؤولون القطريون بأن الدولة تتبع سياسة احلال العمالة الوطنية والعربية مكان العمالة الاجنبية في شكل تدريجي "في اطار التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي مع الأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية". مع وجود علاقات وثيقة مع المؤسسات العربية المتخصصة مثل منظمة العمل العربية ومكتب العمل العربي والأمانة الاقتصادية في الجامعة العربية وغيرها.
وفي احصاءات مجلة International Labour Review ان عدد العمال والمستخدمين بلغ عام 1985 نحو 750،85 الف عامل منهم 250،16 مواطناً قطرياً فقط. من هنا تحاول السلطات تنظيم عمليات تشغيل المهاجرين، واصدار القوانين الكفيلة بضبط عمل الوكالات التي تستورد الاجانب. وأحد هذه القوانين دخل حيز التنفيذ في 20 أيلول سبتمبر 1992.
وكي يستطيع المرء ان يحصل على رخصة استيراد عمال اجانب يجب ان يكون قطرياً ولا يقل عمره عن 21 عاماً وقادراً على تقديم كفالة مصرفية بمبلغ مئة الف ريال.
وتصدر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والاسكان رُخص الاستيراد هذه بعد التشاور مع وزارة الداخلية. وعلى صاحب الوكالة الاحتفاظ بسجل لاجراءاته ومعاملاته كلها. ومخالفة هذه القوانين تكلف المواطن غرامة 6000 ريال وعقوبة السجن لمدة شهر.
ومنذ 1985 بدأت الحكومة تصر على ضرورة اسناد الوظائف الكبرى في القطاعين العام والخاص الى مواطنين قطريين. وهي تدفع حالياً رواتب للطلاب القطريين الذين يلتحقون بدورات تدريبية أيام العطلة لتشجيعهم واعدادهم على مزاولة مهن يدوية وتقنية.
وبدأ في آذار مارس 1992 تطبيق قانون جديد للحد من تشغيل الاجانب في المؤسسات والادارات الحكومية. ولا يمكن استخدام هؤلاء الاجانب في دوائر الدولة الا في حال عدم العثور على اي مواطن قطري يتمتع بالكفاءات ذاتها. ويفضّل استخدام الاجنبي الحاصل على اذن موقت بالاقامة بدلاً من استقدام اجنبي آخر، كما يمكن انهاء عقد العمل، ذي المدة غير المحددة، بعد شهر واحد من اشعار العامل بفسخ العقد.
وتنحصر السلبيات التي اوجدتها العمالة الاجنبية في قطر بالتأثير، في اخلاقيات العمل ببروز ظواهر سلبية مثل الترفع عن الاعمال اليدوية وحدوث خلل سكاني بتزايد معدل الذكور على الاناث. ولا تزيد مساهمة الاناث في قوة العمل على 5،9 في المئة بينما تصل نسبتهن من السكان الى 34 في المئة.
وتحذّر الدكتورة امينة علي الكاظم في دراستها: "التغير الاجتماعي والثقافي في قطر" من ان العمالة الآسيوية "تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع، اذ انهم سيحولون ابناءنا الى آسيويين من حيث السلوك والمعاملة واللغة الركيكة، اضافة الى انتشار الانحرافات التي لا يعرفها المجتمع القطري". ومن امثلة "اللغة الثالثة" التي ادخلتها العمالة الاجنبية وهي غير عربية وغير آسيوية: "رفيج سوى جنجال"، "هذا وايد خراب"، "انت واحد بتشا"، "ماما يجول حق انت روح ماركت". وتوضح الدراسة ان 3 في المئة فقط من خدم المنازل يتحدثون العربية.
وشنّت الصحافة القطرية اخيراً حملة عنيفة ضد فئتين من العمالة الآسيوية، مستندة الى منشور وزع بين العمال الهندوس وصفته جريدة "الشرق" الواسعة الانتشار بپ"المنشور القذر"، وهو موجّه "من القائد المحلي لجماعة RSS/V11P الى جميع المتطوعين الهندوس" وجاء فيه: "اذهبوا يومياً الى المعبد صباحاً ومساء اينما كنتم. شيدوا معبداً في منازلكم ومواقع اعمالكم ومتاجركم التي تعملون بها ومدينتكم التي تقطنونها. حافظوا على معبودكم، من خلال تمثال "راما". حافظوا على زيكم الموحد واجعلوه مكوناً من بنطلون كاكي وقميص ابيض مع قبعة سوداء، اربطوا الخيط MANI BANHAM حول معاصمكم اثناء الاجتماعات والتدريبات العسكرية. اجلسوا معتدلين من دون ان يلامس احدكم الآخر. اهتفوا بالشعارات بكل قوة وشجاعة ورددوا دائماً يعيش "راما". اقيموا اجتماعات اسبوعية وقدموا تقاريركم الى القائد المحلي. عند القيام بأعمال الشغب اقيموها بعيداً عن مساكنكم حتى لا يتم التعرف عليكم. لا تحاولوا ابداً القتال من الامام... قاتلوا دوماً من الخلف. اعملوا قدر طاقتكم على اغراق اصدقائكم وزملائكم في ادمان الكحول والمخدرات والنساء، لا تعطوهم الفرصة ليفكروا بنا أبداً. كونوا على صلة حميمة جداً بالمسلمين لتتمكنوا من تفريق وحدتهم. تحت اي ظرف من الظروف لا تعطوا الشرطة الفرصة لضبط اسلحتكم. عند العمل لدى المسلمين أو معهم اجعلوا الغش شعاركم ... خلال التحقيق من قبل الشرطة لا تدلوا أبداً ببيانات متعارضة. من خلال اعمال العنف والشغب احرسوا معابدكم وهاجموا ودمروا ممتلكات الغير".
وطلبت الصحافة القطرية من السفارات الهندية في دول الخليج توضيح الأمر لكنها لم تتلقَ رداً.
وحذّرت الصحف القطرية من ان هناك عاملين في منطقة الخليج يمولون المنظمات الهندوسية القومية مثل "فيشوار هندو بيرشاد" التي تولت دوراً بارزاً في عملية هدم مسجد بابري. ومنظمتي "ماهات اشترا" و"شيتوسنيا" اللتين تثيران المشاعر ضد المسلمين الهنود.
ويوجد في قطر 200 مكتب لاستقدام العمالة الاجنبية واستخدامها. وينحصر 70 في المئة من المشاكل التي تواجه سوق العمل كحالات التسريح والهروب. وتعود هذه الظاهرة الى عدم التزام بعض اصحاب العمل العقود والاجور المتفق عليها، وأحياناً الى عدم كفاءة العامل نفسه. كما يتهم بعض اصحاب مكاتب الاستخدام اصحاب العمل بالمتاجرة في التأشيرات، كما يتهم اصحاب العمل المكاتب باستقدام العمال بمواصفات غير مطلوبة للسوق المحلي ونظير مبالغ تدفع لهم.
مشاكل وأمراض
أما اكثر الامراض شيوعاً التي تؤدي الى ابعاد العمال فهو التدرن الرئوي، وفي المرتبة الثانية الايدز.
ويقول الاختصاصي في الطب النفسي في مستشفى حمد الدكتور أمين علي نديم: "اجرينا بحثاً اجتماعياً ديموغرافياً في قطر اتضح من خلاله ان معدل الامراض النفسية عموماً عادي وطبيعي اذا قورن ببعض البلدان الاخرى، ولاحظنا ان بعض العمال الآسيويين يصاب باضطرابات عقلية خلال 72 ساعة من وصوله الى الدوحة وهو اضطراب حاد جداً بسبب صدمة الغربة وصعوبة تكيفه مع الاوضاع الاجتماعية الجديدة او بسبب مشكلات خاصة به في وطنه الأم وابتعاده عن عائلته وأسرته او لأسباب اقتصادية لفقده وظيفته او ماله او وضعه الاجتماعي".
ومن المشاكل الأساسية للعمالة الاجنبية وجود العدد الكبير من الخادمات والمربيات، وتفيد الاحصاءات ان الفيليبينيات يشكلن 45 في المئة من مجموع الخدم تليهن الهنديات 42 في المئة ثم الجنسيات الاخرى سيري لانكيات، تايلنديات، بنغلاديشيات.
وتشير دراسة اعدها "مركز الوثائق والدراسات الانسانية في جامعة قطر" الى ان 5،60 في المئة من الخادمات مسيحيات و5،31 في المئة مسلمات و4 في المئة وثنيات و2 في المئة هندوسيات و2 في المئة بوذيات.
وعندما سئلت الخادمات عن مدى تقليد الاطفال لهن، قلن في الدراسة: "ان 1،57 في المئة يقلدها في الكلام و2،16 في المئة في متابعة افلام موطنها، و3،14 في المئة في طقوسها الدينية، و7 في المئة في الرقص، و3 في المئة في تناول الطعام و2 في المئة في طريقة اللبس.
وقدمت الدراسة توصيات مهمة للقضاء على هذه الظاهرة "التي تهدد التكوين الثقافي للناشئة". ودعت الى الاعتماد على ام الزوج او الزوجة او الجدة في رعاية الاطفال في غياب الام والتوسع في انشاء دور الحضانة والحاقها بالمؤسسات التي ترتفع فيها نسبة العمالة النسائية، وتقديم تسهيلات الى الأم العاملة كزيادة فترة اجازة الوضع والرضاعة لمدة عام او عامين، وتعزيز الاتجاه لتفضيل العمالة العربية واعادة النظر في قوانين التشغيل على ان تعطى الاولوية دائماً للأسرة الكبيرة العدد، واعداد دورات تدريبية للخادمات قبل التحاقهن بالعمل.
وفي تقرير ميداني عن مساوئ استخدام الخادمات في البيت الخليجي، جاء ما يأتي:
تحميل الاسرة اعباء مالية والاسراف في المواد الغذائية. الغيرة من ربات البيوت عند رؤيتهن لرموز الثروة كالمجوهرات والملابس الفاخرة. الانتقام من الاطفال في غياب الامهات. قيامهن بكتابة مذكرات لرصد الاحداث والوقائع اليومية مع الاشارة الى العادات والتقاليد. الاتصال سراً بأشخاص مجهولين. الانحرافات الاخلاقية للخادمة. ظهور قيم اجتماعية غير ايجابية كالاتكالية والاعتماد على الغير وانعدام روح المبادرة. التأثير اللغوي للخادمات الذي انعكس على تأخير نطق بعض الاطفال وتقليدهم لغة الخادمة وظهور لغة مهجنة. تدني مستوى ارتباط الاطفال بالوالدين وتقلص دور الأم وأحياناً ابتعادها نهائياً عبر زواج الأب من المربية!
الكويت: استراتيجية جديدة
تعتبر دولة الكويت ان "بناء الانسان الكويتي" هو استراتيجية خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة للأعوام 1990 - 1995. وكان عدد سكان الكويت عام 1957 حوالي 206 آلاف نسمة يشكل الكويتيون منهم نسبة 55 في المئة، بينما كان الكويتيون ليلة الغزو العراقي 1/8/1990 يشكلون 8،26 في المئة من مجمل السكان وعددهم حوالي 126،2 مليون نسمة. ولم تتعدد نسبة مساهمتهم في قوة العمل اكثر من 7،13 في المئة. وتتركز غالبيتهم، اي حوالي 7،92 في المئة في القطاع الحكومي، بينما استقطب القطاع الخاص 3،7 في المئة من اجمالي العمالة الوطنية.
وتسعى الكويت الى تعديل التركيبة السكانية، كما تحرص وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تشرف على استخراج اذونات العمل وتهتم بشؤون العمالة الوافدة على الحفاظ على تطبيق استراتيجية التوازن السكاني. وأظهر آخر احصاء عن العمال وفقاً للجنسيات والنوع ان العدد الاجمالي للعمالة الوافدة في القطاع الاهلي من دون الحكومي بلغ 586575 عاملاً منهم 554903 من الذكور و31672 من الاناث.
وعلّل وزير الشؤون الاجتماعية والعمل جاسم العون في تصريح الى "الوسط" الاقلية السكانية الكويتية بقوله: "ان الكويت كانت قبل الغزو العراقي اكثر دول الخليج العربي استقطاباً للعمالة الوافدة، وهذا يعود الى اعتمادها في دخلها الأساسي على النفط".
وأوضح ان الاختلال في التركيبة السكانية "بدأ مع بداية الطفرة الاقتصادية التي كانت تسمى الطفرة البترولية في بداية الخمسينات، ومع حاجة الكويت الى من يعينها على التنمية الداخلية".
وقال العون ان عدد الكويتيين في شهر شباط فبراير 1993 كان 631913 اي ما نسبته 6،47 في المئة من مجموع السكان، وهذه هي المرة الأولى التي ترتفع فيها هذه النسبة منذ تعداد السكان عام 1965. وشدد على ضرورة "ان يعي المواطن الكويتي خطورة اختلال ميزان التركيبة السكانية وان يستورد العمالة التي يحتاج اليها فعلاً وليس للمتاجرة او العاطفة لأن كثيراً من الناس ويا للأسف الشديد، تغلب عليهم العاطفة بقولهم: فلان فقير ونريد احضاره ليستزرق. على المواطن الكويتي تغيير هذا المفهوم والنظر الى التركيبة السكانية بالمفهوم الشامل... مفهومنا الاجتماعي والسياسي".
وقال: "نحن في وزارة الشؤون نعمل جاهدين كي لا نستورد الا العمالة التي تحتاج اليها الكويت فعلاً. وأنا أتصور اننا لسنا في حاجة الى 60 في المئة من العمالة الوافدة الموجودة في الكويت الآن. بل اكثر من ذلك اقول ان البلد في حاجة الى 30 أو 35 في المئة منها الآن، والزيادة الموجودة عبارة عن عمالة هامشية وبطالة مقنعة وعبء كبير على البلد، من النواحي الاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية والخدمات".
وفي رده على سؤال عن تأثير وجود اعداد كبيرة من جنسيات معينة قال العون: "اننا نراقب هذه الجنسيات، ولدينا عدد محدد لكل جنسية، وعندما تصل الى الحد المسموح لها به سنوقف استقدام مزيد من العمالة من هذه الجنسية، وبالتالي يجب ان يكون هناك توازن حتى في مفهوم استجلاب العمالة الوافدة لئلا تطغى جنسية على اخرى، كما ان للعاملين السياسي والامني أثراً كبيراً في التعامل مع بعض الجنسيات".
الافادة من ظروف الغزو
ويعتقد كثير من الكويتيين بأن الفرصة كانت مهيأة للحكومة عقب التحرير لاعادة ترتيب البيت الكويتي ووضع الاهداف والسياسات المناسبة لتصحيح مسار التركيبة السكانية وتنظيم عملية احضار العمالة الوافدة، وفي هذا الاطار قال وزير العدل والشؤون الادارية الكويتي مشاري العنجري لپ"الوسط": "من الضروري المضي في اعادة تنظيم التركيبة السكانية في البلاد، مستفيدين من كل الظروف المستجدة بعد العدوان العراقي الغاشم، باعتبارها فرصة مواتية للوصول بنسبة الكويتيين الى ما يفوق عدد الوافدين".
وأشار الى "ان الحديث في السياسة السكانية يتناول في الضرورة موضوع العمالة الوافدة ووضع ضوابط لاحضارها بما تحتاج اليه البلاد فعلاً طبقاً لسياسة انتقائية لا تتجاوز حداً معيناً".
وكان خبراء شاركوا في حوار عن السياسات السكانية في الكويت نظمه "المعهد العربي للتخطيط" في وقت سابق اقترحوا نقاطاً عدة لمعالجة الخلل في التركيبة السكانية من بينها:
1 - التطبيق الدقيق والانتقائي لسياسة التجنيس لزيادة عدد الكويتيين وتحقيق الاستقرار والأمان الاجتماعي لأعداد اكبر من الوافدين عن طريق منحهم اقامات دائمة مما يساهم في الحد من الحاجة الى جلب مزيد من العمالة الاجنبية.
2 - تنمية العناصر الوطنية الكويتية وتشجيعها على الانخراط في القطاع الخاص.
3 - السعي الى مشاركة اكبر للنساء الكويتيات في قوى العمل الوطنية.
4 - الحد من استقدام العمالة الوافدة بتوظيف اعداد اكبر من الايدي العاملة الوطنية.
5 - اقامة مجتمع كويتي اكثر تجانساً بين فئاته من مواطنين ومقيمين.
ويقول الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون: "من الملاحظ ان التركيبة السكانية تميل هذه المرة نحو مزيد من الآسيويين الضعيفي الانتاج والعزاب". وأضاف ان التركيبة السكانية في الكويت "تعاني من عدم الاتزان، وان تأثيرها المباشر اول ما يقع على الاقتصاد الذي يعيش حالياً فترة من اسوأ فترات حياته، ويعاني الكثير من المشاكل"، موضحاً ان من أسس ثبات الاقتصاد واستقراره "ثبات التركيبة السكانية واتزانها".
من جهة اخرى، اظهرت ورقة عمل كويتية قدمت الى المؤتمر الثالث عشر لوزراء عمل دول آسيا والمحيط الهندي الذي عقد في طهران في نيسان ابريل 1993، ان عدد الكويتيين العاملين في القطاع الحكومي بلغ 108 آلاف شخص تقريباً بنسبة 1،69 في المئة من اجمالي العاملين في هذا القطاع البالغ عددهم 156 الف شخص في مقابل 48 الف شخص غير كويتي بنسبة 9،30 في المئة استناداً الى موازنة الدولة للعام 1991 - 1992.
وأشارت الورقة الى أن ارتفاع نسبة الكويتيين العاملين في قوة العمل الحكومية كانت "نتيجة مباشرة لسياسات الاستخدام في الادارة الحكومية التي طبقت بعد التحرير والمرتكزة على عدم تجاوز العمالة الوافدة في الجهاز الحكومي نسبة 35 في المئة عما كانت عليه قبل الغزو العراقي في الثاني من آب اغسطس 1990".
وتدعو سياسة الاستخدام الجديدة الى تقليص العمالة الوافدة في الاجهزة الحكومية، والتوسع في استخدام الآلات والتقنيات الحديثة التي تؤدي الى تقليص الاعتماد على العمالة الهامشية في الاجهزة الحكومية، واتباع سياسة انتقائية للعمالة الوافدة. وأوضحت الورقة بالنسبة الى القطاع الخاص ان العمالة الوافدة فيه تبلغ 3،79 في المئة من اجمالي العمالة الوافدة، ويشكل الكويتيون ما نسبته 4،1 في المئة والوافدون 6،98 في المئة استناداً الى احصاء 1989.
ثلاثة مستويات
وتتوزع العمالة الوافدة في الكويت على ثلاثة مستويات ادارية، العليا والوسطى والدنيا، فالغالبية العظمى تتركز في مستويات الادارة الدنيا اي العمال والخدم وأصحاب الحرف اليدوية، وتخفض النسبة في مستويات الادارة الوسطى وتتقلص كثيراً في العليا.
ويعتمد الكويتيون على الخدم في منازلهم وتربية ابنائهم، وأوضح استطلاع اعدته احدى الصحف الكويتية ان اعتماد الاسرة الكويتية على الخدم في تربية الاطفال الى ازدياد على حساب دور الابوين، خصوصاً الأم. وأوضح ان الخادمة تتدخل بنسبة عالية في حياة الاطفال في الكويت، وان هناك ما لا يقل عن 46 في المئة من الاسر الكويتية تعتمد على الخادمة في تربية الابناء.
وتشكل العمالة الهامشية خدم، حراس، عمال نظافة... الخ قطاعاً كبيراً نظراً الى الاعتماد الكبير عليها من قبل الكويتيين والوافدين، الامر الذي ادى الى آثار سلبية سيئة في المجتمع من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والامنية والصحية. فهذا العدد الكبير من العمالة الوافدة يحتاج الى رقابة وادارة أمنية مستمرتين، كما ان هذه العمالة غالباً ما تجلب معها آثاراً خلقية وسلوكية وصحية وأمراضاً سيئة وضارة. اضافة الى الآثار الاجتماعية، مثل تأثر الاطفال بلغة الخدم وعاداتهم وأخلاقهم وسلوكهم.
وتعتبر الكويت من اكثر دول الخليج استقطاباً للعمالة الوافدة، وان بدأت في الحد من ازدياد اعداد الوافدين خصوصاً بعد الغزو العراقي، الا ان مسؤولين وأعضاء في مجلس الامة وباحثين يؤكدون وجود خلل كبير في التركيبة السكانية في الكويت له آثاره السلبية التي باتت ظاهرة.
وتواجه الكويت من دون سائر الدول الخليجية مشكلة اخرى مستقلة، لكنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخلل المزمن في التركيبة السكانية وهي مشكلة البدون الذين يمثلون قطاعاً كبيراً في المجتمع الكويتي. وانخفض عدد هؤلاء بعد التحرير الى النصف تقريباً ووصل عددهم في آخر احصاء حكومي الى 116694 بينما كان عددهم قبل الغزو 219942، وهم يشكلون عبئاً على المجتمع اضافة الى الاعباء الاخرى الناجمة عن العمالة الوافدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.