الودائع المصرفية في لبنان مضمونة منذ العام 1967 بواسطة مؤسسة ضمان الودائع، وهي مؤسسة مستقلة تساهم فيها الدولة الى جانب المصارف التجارية، وتتولى تغطية المخاطر التي تتعرض لها الودائع في المؤسسات المصرفية التجارية. إلا أن لبنان لم يعد الدولة العربية الوحيدة التي توفر مثل هذا الضمان للمودعين في المصارف، إذ باشرت دولة عربية أخرى، هي البحرين، تقديم مثل هذه الضمانة، فيما أصبح صندوق التأمين على الودائع في مصر في مراحله الأخيرة. وبالفعل أصدر رئيس الحكومة البحرينية قراراً ينص على حماية الودائع في المصارف التجارية بواسطة مجلس لحماية الودائع يتولى تنفيذ القرار الذي أصدرته الحكومة، اضافة الى تسيير شؤون المجلس الذي يضم ممثلين لوزارتي المالية والاقتصاد والعدل ومؤسسة نقد البحرين، وغرفة الصناعة والتجارة. وحدد القرار الحكومي البحريني الودائع التي يشملها عمل المجلس الجديد بأنها جميع الودائع في المصارف التجارية، باستثناء المودعين الذين يثبت أنه لا يجوز لهم المطالبة بالتعويض طبقاً لأي نظام قانوني لحماية الودائع خارج البحرين، كما شمل الاستثناء المصارف التجارية العاملة في البحرين، التي تتوافر لها في الخارج حماية لودائعها التجارية. ويغطي عمل المجلس الجديد لحماية الودائع جميع الودائع بالدينار البحريني، أو بالعملات الأخرى، من دون التمييز بين المودع المقيم والمودع غير المقيم، وجعل القرار الحكومي مبلغ 10 آلاف دينار بحريني 26 ألف دولار حداً أقصى يدفعه مجلس حماية الودائع للعميل الواحد عن حساباته المؤهلة، من دون تفريق بين الحسابات القائمة بالعملة المحلية أو بالعملات الأخرى، وهو أمر من شأنه أن يساهم في زيادة عنصر الاطمئنان للمودعين والمتعاملين مع القطاع المصرفي البحريني. أما في مصر، فقد أنجز مجلس الدولة ادخال التعديلات النهائية على مشروع القانون الذي ينشئ صندوق التأمين على الودائع، تمهيداً لاقراره بصورة رسمية والمباشرة بتطبيق أحكامه. وينص مشروع القانون الذي شارك البنك المركزي بصورة رئيسية في صياغته على قيام الصندوق بضمان الودائع بحد أقصى هو 100 ألف جنيه مصري 30 ألف دولار أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية للعميل الواحد في المصرف الواحد. وبموجب المشروع الذي من المتوقع إقراره قريباً جداً، فإن رأسمال الصندوق يصل الى 500 مليون جنيه 150 مليون دولار، وتشمل تقديماته المودعين، في المصارف المحلية والأجنبية، إلا أن القانون أعطى الصندوق صلاحية التدخل لاقراض أو ضمان المصارف في حال تعرضها لمصاعب في توفير السيولة الكافية لمساعدتها على الاستمرار. كما أعطى القانون الصندوق الذي تساهم فيه جميع المصارف العاملة في مصر، استقلالية مالية وإدارية تحت اشراف البنك المركزي، وبعضوية ممثلين عن وزارة المال والرقابة على المصارف، الى جانب ممثلين عن مصارف القطاع العام، وآخرين عن مصارف القطاع الخاص، وخبراء قانونيين وفي مجال التأمين. كذلك أعطى القانون الجمعية العمومية للصندوق، التي تضم المساهمين الأساسيين، صلاحية تحديد سياسة الصندوق والاجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة بعض الأوضاع المصرفية. كما الزم المصارف الأجنبية وفروعها في مصر بابلاغ الصندوق بأية معلومات من شأنها المساس بحقوق المودعين لديها، الى جانب ابلاغه بأية أزمات أو مخاطر محتملة قد يتعرض لها المصرف العضو، على أن يلتزم الصندوق المحافظة على سرية المعلومات التي يحصل عليها الموظفون فيه حتى بعد تركهم العمل في الصندوق. وينظر الى المؤسسات الثلاث في لبنانوالبحرين ومصر، على أنها توفر المزيد من الطمأنينة للمتعاملين مع قطاعاتها المصرفية. وأظهرت التجارب التي شهدها لبنان على امتداد ربع القرن الأخير، ان مؤسسات ضمان الودائع المصرفية ذات تأثير معنوي بالدرجة الأولى، الى جانب كونها ادارة لحماية صغار المودعين. فقد نشأت مؤسسة ضمان الودائع في لبنان مباشرة بعد انهيار بنك "انترا" في العام 1967، وأظهرت هذه المؤسسة، على رغم المصاعب التي واجهتها في الفترة الماضية، خصوصاً في السنوات السبع الأخيرة، انها قادرة على توفير دعم معنوي للقطاع المصرفي في لبنان. وساهم هذا الدعم في الحد من هروب الرساميل اللبنانية الى الخارج، خصوصاً في ظل الأزمة التي اجتاحت عدداً من المصارف اعتباراً من العام 1989، عندما بدأت السلسلة بانهيار بنك "المشرق"، ثم تبعته مجموعة من المصارف الصغيرة والمتوسطة لأسباب مختلفة، أبرزها سوء الادارة والاختلاسات التي قام بها مسؤولون فيها. وكانت الحكومة اللبنانية أدخلت في السنوات الأربع الأخيرة تعديلات أساسية على نظام مؤسسة ضمان الودائع، اذ زادت قيمة الحد الأقصى تباعاً، للتعويض عن الانهيار الذي يقضي بشمول أعمال المؤسسة للودائع بالعملات الأجنبية، بعدما كان الضمان محصوراً بالودائع بالليرة اللبنانية. وجاء هذا التعديل بعدما "هرب" معظم المودعين الى العملات الأجنبية نتيجة التقلبات الحادة في أسعار صرف العملة المحلية. وإذا كانت الحكومات في الدول العربية الأخرى هي التي توفر الضمانة الكافية للودائع المصرفية، وللنظام المصرفي نفسه، كما حصل في معظم دول الخليج العربي، وكان آخرها الكويت التي عمدت الى شراء المديونيات الصعبة للمصارف، إلا أن القاسم المشترك بين الدول الثلاث، لبنانوالبحرين ومصر، هو أن هذه الدول تسعى لبناء قطاعات مصرفية متطورة، عن طريق خلق المؤسسات المصرفية المساندة.