* سياسة النفس الطويل لم تعد تجدي ونرجو التوصل الى حل قبل المحكمة الدولية الشيخ صقر بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم امارة رأس الخيمة وهي احدى الامارات السبع التي تشكل اتحاد دولة الامارات، هادئ مقل في الحديث الى وسائل الاعلام. ورأس الخيمة معقل القواسم التاريخي ومسرح سجالاتهم مع القوى الاستعمارية التي جاءت الى المنطقة بدءاً من البرتغاليين والهولنديين مروراً بالبريطانيين وغيرهم. وكان القواسم على مر التاريخ اكثر القبائل المستهدفة، وكثيراً ما تحملت رأس الخيمة المدينة التاريخية الاحداث الجسام. وحرقت غير مرة ودكت بيوتها وحصونها بقنابل البوارج البحرية. والقواسم قبيلة ذات نفوذ كبير في الخليج منذ عهد قديم ملكت اكبر اساطيل الغوص والتجارة، ومنهم اسد البجار احمد بن ماجد صاحب الفضل الكبير في رحلة فاسكو دي غاما حول رأس الرجاء الصالح. والقواسم اصحاب الجزر المتنازع عليها منذ قرون طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى. يقول الشيخ صقر بن محمد القاسمي في حديثه عن مشكلة الجزر مع ايران: "لطالما قدمنا تضحيات من اجلها ولطالما سعينا الى لملمة الجروح. سياستنا قائمة على حسن النيات وتقدير حق الجيرة، ولكن ليس في تاريخنا الطويل موقف يقول اننا نتنازل عن حق من حقوقنا. لقد انتظرنا طويلاً انقشاع الغيوم حول مصير الجزر ومستقبلها، ولكن ما من ليل يستمر أبد الدهر. لا بد من نهار وقد آن الاوان لانهاء هذا النزاع المتكرر. في طنب الكبرى رفات شهداء لنا وبيوت تحمل بصماتنا ومزارع رويناها بعرقنا. سياسة الحكمة وضبط النفس استخدمناها طوال 21 عاماً فقد كان احتلال طنب إسفينا دقته ايران علّها تؤجل خطط الامارات في الاتحاد، لكننا تغلبنا على جروحنا وحققنا الوحدة. هناك حق مغتصب لا بد من ان يعود الى اهله. وتطرق حاكم رأس الخيمة في حواره مع "الوسط" الى التطورات الاخيرة في موضوع الجزر، وأكد ان سياسة النفس الطويل لم تعد تجدي كثيراً في حسم هذه المشكلة. كيف تواجهون قضية طنب الكبرى وطنب الصغرى باعتبارهما جزءاً لا يتجزأ من الامارات قبل الاتحاد وبعده؟ - نقاوم، اعني نقاوم الاحتلال بالطرق السلمية بالنفس الطويل. الامر الآن لا يعني امارة رأس الخيمة وحدها، اننا جزء من دولة الامارات، وهذا الامر احتلال الجزر شأن الجميع من دون استثناء. وزارة الخارجية والسياسة العليا في بلادنا تديران الازمة في شكل جيد وموضوعي. كلمتنا واحدة، وهي اراضي تخص دولة الامارات احتلت، ولا بد من اعادة الجزر الى اصحابها. كيف تصفون واقع الحال الآن في الايام الاخيرة، أي هل هناك تصعيد ام ان المسألة في طريقها الى الانفراج؟ - نحن الآن مثل النائم في الليل وننتظر الصباح، قد يكون صباحاً مشرقاً وجميلاً وقد يكون عاصفاً. ان تسخين الموقف او تصعيده يكون باصرار ايران على البقاء في الجزر كقوة احتلال وايصال القضية أو النزاع برمته الى محكمة العدل الدولية. اننا نرجو التوصل الى حلول تسبق الوصول الى المحكمة الدولية وهذا افضل لجميع الاطراف. ولا ارى مبرراً لايران في احتلال الجزر والاصرار على هذا الاحتلال. ما هو سر اهتمام ايران بهذه الجزر الصغيرة الصخرية لتجعل منها قضية تهدد امن الخليج واستقراره بين فترة وأخرى؟ - في نظركم قد تبدو مجرد صخور ومساحة صغيرة لكنها جزء لا يتجزأ من اراضينا عبر التاريخ لنا فيها أهل ومواطنون وتاريخ ذكريات. هناك عدد كبير من الأسر، نحو مئتي أسرة شردت من طنب الكبرى وهي جزيرة كانت دائماً مأهولة عبر التاريخ، وهؤلاء يقيمون الآن موقتاً في رأس الخيمة. هذه العائلات هجرت من املاكها ومزارعها وبيوتها وتركت مواشيها وكل ما تملك خلفها منذ واحد وعشرين عاماً. هل حاول الايرانيون اجراء اتصالات ثنائية معكم في شأن جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى في الفترة الاخيرة؟ - لماذا يجري الايرانيون اتصالات ثنائية؟ سبق ان تمت محاولات في الماضي البعيد والقريب لاجراء ترتيبات معينة مع رأس الخيمة واستغلال الجزر بموافقتها. وفشلت كلها لأن رأس الخيمة في السراء والضراء قبل الاتحاد وبعده لم يكن من ضمن سياستها التخلي عن أي جزء من أراضيها. سبق ان عرضت إيران اوائل القرن تأجيرها الجزر لمدة 50 عاماً، ألم تتقدم بعرض من هذا النوع الآن؟ - لا، ولا اعتقد بأنهم سيفعلون على كل حال. انا شخصياً اراهن على مرونة الايرانيين واعتقد بأنهم لا بد من ان يعيدوا النظر في هذه السياسة غير المقبولة، سياسة الاستيلاء بالقوة على اراضي الغير. نحن جيران وتاريخ طويل يجمعنا، تاريخ صنعته الجغرافيا والتفاعل الحضاري، واذا كانت تنتاب بعضنا الشكوك فالحوار والتفاهم متوافران ولا بد منهما. هل تعتقدون بأن حسم هذا الصراع المتكرر على الجزر أمر مستحيل؟ - ليس هناك شيء مستحيل اذا توافرت النيات الطيبة. الابواب الآن مشرعة على كل الاحتمالات. نحن نختار منها ما يوفر السلام والوئام للمنطقة، ومصالح ايران مرتبطة بالسلام الدائم للخليج. من حقهم الحرص على مصالحهم، وكذلك نحن. لكن التدخل في الشؤون الداخلية بين دول جارة ومسلمة امر مرفوض اياً كانت أعذاره، والسياسة الخارجية لدولة الامارات كانت دائماً ولا تزال تولي احتراماً كبيراً لهذه العوامل الاساسية في الاستقرار. لذلك نحن نتوقع من ايران المعاملة بالمثل.