خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    بيهيتش: تجربة النصر كانت رائعة    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    موقف ريال مدريد من ضم ثنائي منتخب ألمانيا    الاعلان عن شكل كأس العالم للأندية الجديد    القيادة تهنئ ملك مملكة بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب باعتماد الجمعية العامة قرار سيادة الفلسطينيين على مواردهم الطبيعية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو الدول الأعضاء إلى نشر مفهوم الحلال الأخضر    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الحكم سلب فرحتنا    «خدعة» العملاء!    جرائم بلا دماء !    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    عاد هيرفي رينارد    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    لماذا فاز ترمب؟    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    الصين تتغلب على البحرين بهدف في الوقت القاتل    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    مركز صحي الحرجة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للسكري"    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    مقياس سميث للحسد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" زارتها وتفقدت أحوالها رغم تقلبات الطقس . سقطرى جزيرة تنام سعيدة في الماضي سلاحها ... "المالاريا" ومواصلاتها حمار وجمل
نشر في الحياة يوم 30 - 08 - 1993

سقطرى جزيرة مغمورة لاسمها رنين يعيد الينا رحلات السفن الى الهند والشرق الاقصى، ويحمل اصداء العواصف والامطار الموسمية، وأخبار القراصنة. وينقلنا على اجنحة الخيال الى عالم الاخطار والمجازفة.
والرحلة الى سقطرى لا تزال حتى يومنا هذا تعتبر مجازفة، اذ يجب اولاً حجز مقعد في الطائرة الصغيرة التي تقوم بالرحلة مرتين في الاسبوع انطلاقاً من مطار المكلا في محافظة حضرموت في اليمن. وغالباً ما تكون لوائح الانتظار طويلة طول المسافة بين المكلا وسقطرى لأن الرحلات قد تتوقف اي وقت لسوء الاحوال الجوية. كما يجب انتظار الوقت المناسب للاقتراب من الجزيرة التي تخضع لمزاج الطقس المتقلب فتوصد اجواءها وتمتنع عن استقبال الزائرين بدءاً من اواخر شهر ايار مايو حتى شهر ايلول سبتمبر، بسبب الرياح القوية التي تهب عليها. وبعد ايلول يأتي موسم الامطار الغزيرة التي تستمر حتى بداية كانون الثاني يناير. فيستحيل على الطائرات ان تحط على مدرج مطار سقطرى الرملي. اما الرحلات البحرية التي قد تستمر ثلاثة ايام وسط العواصف والانواء فمن المستحسن عدم القيام بها الا اذا كنت عضواً في نادي السندباد…
مفاجآت الجزيرة
لكن سقطرى تحتفظ لك بمفاجآت. فقد تذهب اليها احياناً بغية البقاء اسبوعاً واحداً، فتسجن لمدة ستة اشهر بسبب هبوب عواصف وأعاصير غير متوقعة.
وقد تذهب ايضاً لقضاء شهر فيها فتقرر العودة بعد اربعة ايام. لأن الليالي الثلاث التي امضيتها في معركة دامية مع الناموس تركتك مهزوماً ومنهكاً. فتندم لأنك لم تأت بناموسية. كما تندم لأنك لم تجلب معك ما يكفي من الخبز الذي يصعب الحصول عليه في الجزيرة. وتظن انك ذكي جداً لأنك حملت معك علب كونسروة الجبن. لكنك سرعان ما تجد انك بحاجة الى سكين. وبعد جولة سريعة في السوق تكتشف ان لا اثر للسكاكين والشوك والملاعق، ما عدا الملاعق الكبيرة التي تستعمل لتحضير الاطباق. فتتساءل عن السبب الذي دفع بك الى القيام برحلة الى جزيرة يكاد يلفها النسيان؟
تقع جزيرة سقطرى التي لا يعرفها الا القليل ولا نعرف عنها سوى القليل في المحيط الهندي، في اقصى الطرف الشرقي لأرخبيل يضم جزيرتي سمحة ودرسة اللتين تسميان ايضاً جزيرتي الأخوين، كما يضم جزيرة عبدالكلوري.
تبعد سقطرى 250 كيلومتراً عن رأس جاردفوي في اقصى القرن الافريقي في الصومال. وهي امتداد جغرافي وجيولوجي لأرض الصومال، لكنها مرتبطة تاريخياً وسكانياً واقتصادياً بمقاطعة المهرة اليمنية. ومنذ احتل الانكليز عدن باتت سقطرى ولا تزال تابعة ادارياً لمحافظة عدن.
تمتد الجزيرة بين خطي عرض 8.12 درجة و42.12 درجة شمالاً وخطي طول 19.53 درجة و33.54 شرقاً وتبلغ مساحتها 3650 كيلومتراً مربعاً وأقصى امتداد شرقي غربي لها يبلغ 135 كيلومتراً، وأقصى امتداد شمالي جنوبي لها يبلغ 42 كيلومتراً.
الاهمية الاستراتيجية لسقطرى نابعة من موقعها في نهاية خليج عدن واشرافها على القرن الافريقي وغرب المحيط الهندي. وعلى الرغم من قرب سقطرى من ارض الصومال، فان السكان لا يبحرون باتجاه الصومال، لأنها منطقة ملاحة خطيرة جداً، وعلاقتهم هي مع المهرة وحضرموت. فسقطرى على مدى التاريخ كانت تابعة للمهرة. وتبعد قشن في المهرة حوالى 350 كيلومتراً عن سقطرى، بينما تبعد المكلا عنها مسافة 500 كيلومتر. اما عدن، فتبعد عنها مسافة 850 كيلومتراً.
واسم سقطرى يرجع الى السنسكريتي "دفيبا سنحترا" اي الجزيرة السعيدة. هكذا لقبها الهنود الذين اعجبوا بهذه الجزيرة التي كانت تعرف ايضاً باسم ديو سقريدس منذ ايام الاسكندر المقدوني.
جزيرة بدائية
وسقطرى غنية بالاعشاب الطبية والاعشاب النادرة. وثمة فكرة مشروع لتحويلها محمية طبيعية لما فيها من نباتات وحيوانات نادرة. وقد بدأ الاهتمام بأعشاب سقطرى منذ ازمنة بعيدة. وكان ديو سقريدس اليوناني أشهر المهتمين.
عندما تبدأ الطائرة بالنزول تدريجاً استعداداً للهبوط تقع عيناك على شواطئ رملية نظيفة ويطالعك لون المياه وهو يتماوج بين اللازوردي والزمردي. في الماضي طرحت افكار ترمي الى استخدام الجزيرة لأغراض سياحية، لكن حتى الآن لم تتخذ اية اجراءات او قرارات في هذا المجال، لأن الكلفة باهظة اذ يجب البدء من الصفر، بنقل مواد البناء والآليات على سفن من اليابسة، ويجب العثور على ينابيع مياه كافية من اجل تمديد المياه. كما يجب بناء محطات او مولدات كهربائية تفي بالحاجة. ناهيك عن ان الطقس في الجزيرة لا يكون مشمساً الا خلال شهرين او ثلاثة على اكثر تقدير من اشهر السنة. ولعل صعوبة السياحة او ربما استحالتها هي من حسن حظ الجزيرة، كي تحافظ على اصالتها وطبيعتها.
وعلى صعيد آخر، تم الاتفاق مع شركة بريتيش غاز البريطانية للتنقيب عن النفط مدة ثلاث سنوات في عرض البحر جنوب الجزيرة. وقد حدد الانكليز المكان فهم يعرفون الجزيرة جيداً منذ ايام الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن.
عندما تحط الطائرة على المدرج الرملي، ينزل الركاب الى الارض، فيما يقترب المستقبلون اما بسياراتهم او مهرولين بين طيور الرخم الجارحة. وهذه الطيور التي تثير الاشمئزاز تلعب دوراً ايجابياً في تنظيف البيئة لأنها تأكل الاوساخ والحيوانات التي نفقت. واذا كنت جالساً في الخارج تأكل اللحم، فانها تقترب منك وتغافلك وتسرق منك قطعة اللحم.
في سقطرى جنين مطار يضم غرفتين. واحدة لتسجيل المسافرين ووزن الحقائب وأخرى تحتضن جهاز اللاسلكي. الطريق من المطار الى "العاصمة" حديبو ليست معبدة، شأنها شأن جميع الطرق في الجزيرة. وهي تمر احياناً عبر بعض السواقي والأنهر الصغيرة. لذا ينبغي ان تكون السيارات التي تنطلق فوقها من طراز الجيب او ذات دفع رباعي 4WD. وعلى الرغم من المسافات القصيرة في الجزيرة، فأنت تحتاج الى وقت طويل لاجتيازها، وذلك لكثرة الحجارة والحفر في الطريق وبسبب التضاريس والمرتفعات الجبلية. وضريبة ادخال السيارات واستيرادها في سقطرى منخفضة جداً، لقلة السيارات من جهة، ولتشجيع المهاجرين الى الخليج على العودة بسيارات من جهة ثانية. غىر ان المشكلة الاساسية هي مشكلة الوقود الذي ينقل بحراً، فيمتزج احياناً بمياه البحر. وكم من مرة تحرن السيارة او تتعطل بسبب عدم نظافة البنزين علماً ان الفترة التي تستطيع السفن خلالها ان ترسو في الجزيرة لا تتجاوز خمسة اشهر بسبب رداءة الاحوال الجوية.
الجزيرة خضراء فيها شجر كثير، الا انها تفتقر الى غابات كثيفة. وفي الطريق من المطار الى حديبو، وهو طريق شق في الصخور المشرفة على البحر، ترى اشجاراً شقت الحجر وطلع جذعها العاري الطويل، متفرعاً الى اغصان تكسوها الأوراق…
الماعز في كل مكان
على طول الطريق ترى الماعز يرعى بحرية في اي ماكن. وهو لا يتجمع قطعاناً، ولا ترى اطفالاً يرعونه. وعندما تراه منتشراً في كل مكان قد تظن انه برّي. الا ان المعّازين يستطيعون التمييز بين ماعزهم وماعز سواهم، كما ان لكل معّاز طريقة خاصة في مناداة ماعزه. وقد تبعد المعزاة احياناً مسافة يومين عن مقرها، الا انها تعود دائماً الى مقرها سالمة.
وحتى في شوارع حديبو نفسها ترى الماعز في كل مكان، وهو يأكل الأخضر واليابس. وعندما كنت هناك في نهاية شهر كانون الثاني يناير تزامن وجودي مع موسم ولادة الماعز فكانت الجداء التي ولدت لتوها تتجول وحبل السرة لم يختف نهائياً بعد. وطيلة النهار تسمع الاناث تنادي صغارها التي تلعب وتركض في كل الجهات كأنها تريد ان تكتشف العالم.
ليس في سقطرى فنادق لاستقبال الغرباء. لكن هناك دار ضيافة بسيطة جداً فيها بضع غرف، يمكن النزول فيها. وأحياناً يشرفك الماعز بزيارته، فالابواب هناك مفتوحة، والماعز حر طليق. لم يكن في دار الضيافة غير ثلاثة هنود، جاؤوا منذ اشهر عدة وهم يقومون بصيد الاسماك وتصديرها الى الهند. ومنذ سنة ايضاً، جاءت البواخر الايطالية التي تشتري الاسماك من صيادي سقطرى الذين يستخرجون يومياً 15 طناً من السمك كما قال لنا مأمور سقطرى. اما سمك التونا فيتم تعليبه في مدينة المكلا في حضرموت.
وسقطرى جزيرة آمنة سقطت كلمة السرقة من قاموسها. فاذا نسيت شيئاً في مكان ما، قد تعود بعد سنة وتجده في المكان عينه، الا اذا اكله الماعز. وعلى الرغم من ذلك لنساء سقطرى عادة طريفة. فهن يرتدين زياً جميلاً عبارة عن فستان قصير يصل الى الركبتين وله ذيل طويل يلف حول الخصر ويحكم بحزام من فضة. ولهذا الحزام حلقة في نهايته تتدلى منها مجموعة من المفاتيح كأنها مفاتيح قصر. وتعجب لكثرة المفاتيح علماً بأن اهل هذه الجزيرة الآمنة فقراء، بيوتهم بسيطة وصغيرة، ومفتوحة.
البحث عن البرتغال
وصلت الى سقطرى وفي ذهني نظرية سمعتها مراراً، مفادها ان البرتغاليين احتلوا الجزيرة التي كانت على طريق الملاحة الى الهند، وان بعضهم استقر فيها ولا يزال احفاده الذين اختلطوا بالسكان يعيشون على الجزيرة. ويقولون ان هذا الاختلاط ترك في السكان بعض الآثار التي لا تزال حتى اليوم.
وخلال بحثي عن تلك الآثار في شوارع حديبو، مررت أمام بناء الحكومة، وهو بناء من طابقين فيه مكاتب تمثل كل الوزارات والدوائر الحكومية. وخلف المدرسة القائمة في وسط البلدة، وجدت السوق. والسوق عبارة عن مجموعة من الحوانيت المظلمة الصغيرة تباع فيها بعض الأدوية، والدقيق والأرز والمعكرونة. توقفت أمام بائع جالس في الشارع وأمامه قطعة قماش عرض عليها خمس برتقالات وبعض الطماطم. وكان يبيع البرتقالة ب 15 ريالاً يمنياً. وكذلك حبة الطماطم. وكان يبيع أيضاً حبوباً شبيهة بالفاصولياء، يجمعها السكان من أعلى الجبال، طعمها حامض. وهي تنقع ويشرب ماؤها في الصباح مع السكر ويقال انها تشفي من "الدوخة".
الخضار والفاكهة نادرة جداً على الجزيرة، والنخيل هو الشجر المثمر الوحيد الذي ينبت بسهولة. وسكان سقطرى رغم خصوبة أرضهم اما صيادون يخرجون الى البحر، واما "بدو رحل" يسكنون في المرتفعات والجبال.
الأرض في سقطرى صالحة لزراعة الفاكهة والحرارة من العوامل المساعدة، لكن الرياح تهب بقوة في الفترة التي تزهر فيها الأشجار، فتتلف الأزهار، هذا ان لم تقتلع الأشجار. وفي كثير من الأحيان يلجأ سكان سقطرى الى جمع ثمار برية من بعض الأشجار، خاصة عندما يأتي فصل الرياح التي تشل الحركة نهائياً فتنقص المؤن ويستحيل تجديدها.
في جبال حجير وهي سلسلة جبال تعتبر متوسطة الارتفاع حوالي ألف متر تشرف على حديبو وتمتد شرق الجزيرة، يعيش "البدو الرحل"، وهم رعاة يتنقلون من مكان الى آخر تبعاً لوفرة المراعي. ويعيشون في بيوت صغيرة مكونة من طابق واحد. والبيت مكون من غرفتين أو ثلاث منفصلة بعضها عن بعض. يحيط به سور صغير مع فضاء داخلي. الطريق الى هذه المنطقة شديد الوعورة، مثل جميع الطرق في الجزيرة، خاصة بعد هطول الأمطار والسيول التي تجرف التربة. ووسيلة النقل الفضلى هي الحمار أو الجمل. وعندما تتوقف أمام بيت من هذه البيوت المبنية من الحجارة المرصوفة دون صقل أو تنسيق، يدعوك السكان مباشرة للدخول الى دارهم ويقدمون كل ما عندهم. وكل ما عندهم هو "الروب" أو اللبن، والجبن الذي يصنعونه بأنفسهم ويجففونه في الشمس حتى يغدو قاسياً جداً ويصبح لونه بنياً أو رمادياً، وهذا الجبن جزء من التموين الذي يعدونه تحسباً لأشهر الرياح التي تعزل الجزيرة نهائياً عن العالم. كما انهم يمخضون اللبن في ضرف من جلد الماعز لاستخراج الزبدة. والى جانب ذلك يهيئون مؤونة التمر والدقيق والأرز. ويذهب كرم سكان المرتفعات الى درجة ذبح جدي من أجل الضيوف. ويحضرون اللحم بطريقة بسيطة للغاية، اذ يسلقون المعزاة كلها مع رأسها وامعائها من دون أية توابل، ويقدمونها فوق طبق من الأرز المسلوق.
"القرى" في المرتفعات هي عبارة عن بيتين أو ثلاثة فقط، يخليها السكان عندما ينتقلون الى مراع أخرى، وقد يأتي غيرهم ليسكنها بدلاً منهم. واذا عادوا ووجدوا مقرهم السابق مشغولاً فانهم لا يبالون، وقد يشاركون السكان الجدد بيتهم القديم، أو يبحثون عن مسكن آخر.
سمسونايت ومالاريا
وعندما كنا نصعد هذه الجبال، صادفنا عائلتين تسكنان في كهوف في سفح صخرة ضخمة. ومما لا شك فيه ان هذه الكهوف أفضل بكثير من البيوت الحجرية أو بيوت الطين فهي أكثر حماية منها ولا تنهار تحت الأمطار الشديدة. وفي هذا الكهف، منزل الانسان الأول، تنظر في الظلمة محاولاً تفحص بعض الأشياء، فتتسمر عيناك على حقيبة "سمسونايت" تتربع فوق رف صخري!
خلال هذه الجولة في الجبال، طرحت على المرافقين السقطريين سؤالاً كنت غير قادرة على كبته طويلا، سألتهم عن السكان ذوي الأصول البرتغالية. ولفرحتي أجابوا انه بالفعل هناك "قبائل برتغال" لكنهم في مكان ناء جدا من الجبل. فقلت: "نذهب اليهم". وكلما قطعنا شوطاً قالوا ما زال المكان بعيداً. ولما تلكأوا قليلا وأرادوا العودة، أصررت على المتابعة. فكيف أزور سقطرى ولا أرى "قبائل البرتغال". وتابعنا تقدمنا في هذه الجبال التي لا يعرف العربية الا عدد ضئيل من سكانها علماً ان معظمهم مصاب بأمراض عدة ولا سيما المالاريا.
وهناك بعض اصابات بالديسنتيريا والتيفوئيد. يفرح السكان عندما يرون غرباء ظناً منهم انهم أطباء يحملون الأدوية التي هم في أمس الحاجة اليها. وعندما تقول لهم انك لست طبيباً ولا تحمل معك الأدوية يشعرون بخيبة مريرة.
وفي آخر المطاف، وصلنا الى نهاية الطريق المؤدية الى منطقة "رأس مومي"، وهي أقصى الجزيرة شرقاً. وتوقفنا عند بيتين، وعندما جاء رجلان يرحبان بنا سألت أحدهما: "هل يوجد برتغال هنا؟" أجابني "لا، ما فيش برتغال، لكن عندنا طماطم". لدى سماعي هذا الجواب فقدت أي أمل في العثور على ذوي الأصول البرتغالية. أما بالنسبة الى العيون الملونة، فقد اكتفيت بذوي العيون العسلية، وهم كثيرون في "الجزيري" كما يقول أهل سقطرى.
علمت في ما بعد ان البرتغاليين لم يحتلوا الجزيرة بالمعنى الرسمي للكلمة، بل رست سفنهم قرب شواطئها وهم في طريقهم الى الهند. وأرادوا التمركز فيها بسبب موقعها الاستراتيجي ومن أجل التمون بالمياه واللحوم. وقد بنوا قلعة خشبية أتوا بها قطعاً مفككة من البرتغال على متن سفنهم وركبوها وجمعوها في سقطرى. مكث البرتغاليون من 1506 الى 1510 في قلعتهم هذه في قلنسية غرب الجزيرة، ولم يخرجوا منها إلا نادراً. كان في هذه القلعة حوالى مئة برتغالي، مات معظمهم وهرب الباقون، علماً ان السقطريين غير مقاتلين ومن تقاليدهم الأخلاقية عدم حمل السلاح. لكنهم قرروا ذات يوم عدم النزول الى القلعة، والتوقف عن تموين البرتغاليين باللبن واللحوم. فمات البرتغاليون جوعاً. ومنهم من مات من المالاريا. وليس في سقطرى دم برتغالي، بل على العكس يظن ان هناك دماً سقطرياً في الهند، لأن البرتغاليين خطفوا بعض السقطريات واصطحبنهن الى الهند. ولكن ليس ثمة ما يؤكد هذا الظن.
حفلة زار وهمية
الأوهام حول هذه الجزيرة المعزولة والمغمورة تأتي بسهولة بالغة. فخلال ليلتي الأولى على الجزيرة، سمعت أصوات نساء وطبول تأتي من بعيد. نظرت من النافذة وكان ليل حالك يخيم على المكان، فالسماء ملبدة بالغيوم، وليس هناك أية إنارة، ما عدا ضوءاً بعيداً في الليل. كان الهواء يحمل إلي هذه الأصوات التي تعلو تارة وتهدأ تارة أخرى، فيما الطبول تقرع على إيقاع أشبه بالايقاعات الافريقية.
قلت في نفسي ان هذه الأصوات تأتي حتماً من حفلة زار، لأن بعض سكان الجزيرة من أصول افريقية، وقلت انهم حتماً مستمرون في تقاليد اجدادهم الافريقية. وشرد خيالي بعيداً، في أجواء السحر. وأسفت لأنني لم أجلب معي مصباحاً كهربائياً كي أذهب وأرى ما ظننته طقساً حافظ على أصالته بسبب عزلة الجزيرة. وفي اليوم التالي، رأيت امرأة من أصل افريقي في دار الضيافة، فأخذتها جانباً وسألتها بصوت منخفض عن هذه الأصوات التي سمعتها في الليل. فأجابتني بشكل طبيعي جداً: "هاه، سمعت الطبل! هذه امرأة عادت من السفر، فأقمنا لها حفل استقبال!".
كانت الجزيرة مشهورة لدى أوروبا القرون الوسطى أكثر مما هي عليه اليوم، وإن كانت غير معروفة علمياً. والى جانب منتوجاتها، اشتهرت الجزيرة بسحرتها. وكان لماركو بولو دور أساسي في نشر هذه الخرافات. يقول ماركو بولو في "كتاب العجائب" ان أهل سقطرى أفضل سحرة وعرّافين في العالم. وعلى الرغم من ان أسقفهم يعاقبهم على هذه الأعمال، فهم لا يبالون بالعقوبات ويستمرون في تقاليدهم هذه. ويزعم ماركو بولو انه إذا تسبب قرصان بأي أذى للجزيرة، فإن السكان يسحرون سفينته فلا يستطيع بعد ذلك ابعادها عن الجزيرة ويبقى مأسوراً حتى يعيد كل ما أخذه. وأهل سقطرى كما يقول ماركو بولو يستطيعون تغيير مجرى الرياح، فيهدئون موج البحر كما يشتهون ويثيرون العواصف متى شاؤوا. كما يقول انهم يصنعون عجائب كثيرة أخرى يفضل عدم روايتها لأن البشر يعجبون ويؤخذون بها كثيراً لدى سماعها.
ومن جملة الخرافات التي يرويها ماركو بولو عن الجزيرة وصفه للأسلوب الذي يتبعه صيادو سقطرى في صيد الحيتان. وهي طريقة أقرب الى الخيال منها الى الواقع. يقول ماركو بولو ان أهل سقطرى يصطادون كميات كبيرة من سمك التونا الذي يقطعونه ويخللونه في جرار كبيرة. ثم يبحرون على متن قارب مع هذه الجرار. ويرمون في البحر قطع سمك ممزوجة بدهن التونا المخلل، ويجرونها بحبل خلف قاربهم. فيترك هذا الدهن آثاراً على وجه الماء. وتشم الحيتان رائحة التونا فتتجه الى مصدر الرائحة. وعندما تقترب من القارب ويراها الصيادون، يرمون نحوها قطعاً من التونا المخللة، وما ان يأكل الحوت "حتى يسكر مثل رجل ثمل من شرب الخمر". عندئذ يصعد الصيادون على ظهر الحوت ويغرسون الرماح فيه. والحوت السكران لا يشعر بشيء.
لا يزال الصيد حتى اليوم المورد الرئيسي في الجزيرة. على طول الساحل تنتشر قرى صغيرة يعيش فيها الصيادون. ويبدو انهم يفوقون من حيث العدد سكان المرتفعات أو البدو. يخرج الصيادون يومياً في الصباح الباكر على متن قوارب صغيرة، يرمون الشباك في عرض البحر ويعودون بها مليئة بالأسماك. وفي مياه سقطرى ثروة بحرية كبيرة. فالاسماك موجودة بوفرة، وكذلك القشريات البحرية ويبيع الصيادون معظم صيدهم من سمك القرش والتونا والربيان الكبير الى سفن تابعة لشركات ايطالية. وفي قاع البحر كثير من اصداف اللؤلؤ. لكن ليس هناك من يغطس كي يصطادها كما ان هناك كثيراً من المرجان. وعندما تسير على شواطئ سقطرى الرملية، ترى بعض قطع المرجان الميت التي قذفتها الامواج.
حياة الصيادين مليئة بالخطر. فالرياح قد تهب في اي وقت. وعندما يكون "البحر زعلان" كما قال لي احدهم، يمتنعون عن الصيد. وفيما كنت ذات صباح على الشاطئ قرب رأس مومي أتحدث مع احد الصيادين جاء ولد يركض وقال له كلاماً بالسقطرية. فقام الصياد يجري خلف الولد ولحقه آخرون. لم افهم شيئاً في البداية، ثم تبين لي ان احد القوارب انقلب بسبب قوة الموج، لان البحر كان "زعلان" ذلك اليوم، فهب الجميع للمساعدة والانقاذ.
يرتكز غذاء الصيادين على السمك الذي يأكلونه مسلوقاً بالماء. عندما يستطيعون الخروج الى البحر. ويجفف الصيادون بعض الاسماك ويبيعونها علفاً، او يطعمونها لقطعانهم الصغيرة. ذلك ان الصيادين يملكون بضعة رؤوس من الماعز تدر لهم "الروب". اما اللحم فيأكلونه في الاعياد والاعراس فقط.
في الليل، بعد العشاء، يجتمع الصيادون وعائلاتهم في بيت واحد ويروون القصص والحكايات. يروون احداثاً وقعت لأسلافهم في البحر. او يروون قصصاً شبيهة بقصص الف ليلة وليلة.
وفي سقطرى ادب شعبي محكي باللغة السقطرية طبعاً، ينقل التقاليد والمعتقدات الشعبية. واللغة السقطرية التي يتكلمها سكان الجزيرة، هي لغة محكية غير مكتوبة. وتنتمي السقطرية الى مجموعة اللغات السامية الجنوبية الحديثة اي لغات جنوب الجزيرة العربية الحديثة التي تختلف عن اللغات السامية الجنوبية القديمة كالسبئية والحميرية. وهذه اللغات مختلفة تمام الاختلاف عن العربية، ولا يمكن التفاهم بين من يتكلم احدى لغات جنوب الجزيرة العربية ومن يتكلم اللغة العربية. علما ان هذه اللغات سواء منها الجنوبية القديمة او الحديثة تنتمي جميعها مثل العربية الى اللغات السامية. والجدير بالذكر ان المهرية هي اللغة المحكية في المهرة باليمن، وفي ظفار بسلطنة عمان. وهناك ايضاً لغات الجبالي والحرسوسي والبتحري. وتختلف هذه اللغات بعضها عن بعض الى حد ان الذي يتكلم المهري مثلاً لا يفهم السقطري.
وهذه اللغات غير مدونة وليس لها كتابة او حروف ابجدية. وهي تثير اهتمام البحاثة اللغويين، لا سيما الباحثين الفرنسيين ماري كلود سيميون سونيل وانطوان لدني. وهما الوحيدان اللذان يدرسان هذه اللغات السامية الجنوبية الحديثة بشكل جدي وعلمي. كما انهما يعدان دراسة موسعة وموثقة عن سقطرى. ويظن هذان الباحثان انه الى جانب السبئية والحميرية كانت في الماضي لغات اخرى محلية لم تبرز لانها غير مدونة. وتطورت هذه اللغات محلياً بعد ان زالت اللغات السامية الجنوبية القديمة وحلت العربية مكانها. وقد تكون السقطرية شكلاً متطوراً لهذه اللغات القديمة.
عندما لا يروي السقطريون القصص، يأخذون طبولهم ويسمرون ويرقصون طوال الليل. ولكن يبدو ان العمل بهذه العادة قد علق حتى اشعار آخر. ولم ينفع الحاحنا على الصيادين الذين التقيناهم عند رأس مومي في دفعهم الى احياء ليلة من ليالي الرقص والطرب. وعندما سألت عن السبب اجابني احدهم انهم كانوا يسمرون ويرقصون كل ليلة، ولكن بعض المهاجرين الى الخارج صرفهم عن ذلك لدى عودته. ولم يبد على الصياد انه مقتنع بهذا القرار، لكنه امتنع عن الرقص خوفاً. وقال لي: "هذا الذي يقود سيارتكم واحد منهم". اي انه من المتطرفين الذين ادخلوا الى هذا العالم البريء مفهوم الشر والعار، مستعملين اسلوب التخويف النفسي لا اسلوب المنطق. واهل سقطرى طيبون طيبة الاطفال، وغير مستعدين لمواجهة اي عدوان خاصة اذا كان هذا العدوان يأخذ شكل التهويل، والبدويات اللواتي كن يغنين ويقرعن الطبل في الليالي، او في النهار لتشجيع العمال الذين يشقون الطرق، توقفن نهائياً عن الغناء، خوفاً. اما ذوو الاصول الافريقية، فلحسن الحظ انهم لم يتوقفوا عن الرقص والغناء. وهم في اية مناسبة يجتمعون ويرقصون ويقرعون الطبول. ولهم رقصات هادئة، خطواتها في غاية الاناقة، يتواجه فيها الرجال والنساء في جو هو مزيج من الوقار والمرح.
أصول مختلفة
من الصعب تحديد الاصول التي ينحدر منها سكان سقطرى، وذلك لانعدام التدوين وغياب المعرفة الموروثة بالسلالات القبلية. والمعلومات الوحيدة المتوافرة هي اخبار الجغرافيين والمسافرين منذ العهود القديمة. ويمكن الاستنتاج ان مجموعة من اليونانيين سكنت الجزيرة التي اعتنقت المسيحية في تاريخ مبكر جداً. وعندما جاء البرتغاليون عام 1507، كان هذا الماضي اندثر وكان بعض السكان اعتنق الاسلام.
يبلغ عدد سكان سقطرى اليوم حوالى 35 الفاً، والملامح الاكثر بروزاً هي الملامح السامية والافريقية...
سقطرى ليست مجرد جزيرة سعيدة او ساحرة، انها جزيرة اناس يعيشون ويواجهون صعوبات في حياتهم اليومية. في حديبو تسمع طول النهار اصوات التلامذة في المدرسة الواقعة وسط البلدة يرددون الدروس وراء المعلم، وينظرون من النافذة الى الشارع، يضحكون ويسلمون عليك، او ينادونك كي تقترب من النافذة وتكلمهم. في المدرسة يتعلمون العربية التي يتكلمونها الى جانب لغتهم الام، السقرطية. وهناك كثيرون لا يفقهون العربية، لا سيما بين النساء والمسنين. واحياناً كثيرة ترى التلامذة عائدين من المدرسة المقفلة، لان المعلم اصيب بالمالاريا...
فالامراض، وخاصة المالاريا هي عدوة هذه الجزيرة، مع انها عبر التاريخ كانت سلاحها الاقوى في وجه الغزاة. والمالاريا منتشرة بشكل وبائي في الجزيرة، لان الذين يعيشون بعيداً عن الينابيع او الآبار يجمعون مياه الامطار في برك صغيرة يحفرونها في الارض. ومنهم من يشرب من الانهر الصغيرة، وليس من الينابيع. كما ان هناك حالات عدة من الاسهال والديسنتيريا. وبعض حالات الكوليرا عند الاطفال.
وفي حديبو مستشفى صغير، او بالاحرى هناك قاووشان فيهما مجموعة من الاسرة، واحد للنساء وواحد للرجال. وتعالج فيه حالات المالاريا المستعصية. وفي هذا المستشفى يتعذر اجراء العمليات الجراحية. وهناك غرفة تطلق عليها تسمية غرفة عمليات، لكن الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود. فليس لهذه الغرفة علاقة بمفهوم التعقيم او حتى النظافة. هذا الى جانب عدم وجود اطباء بشكل مستمر في الجزيرة.
وبسبب صعوبة التنقل وقلة السيارات ووضع الطرقات، تشهد احياناً كثيرة سباقاً محموماً بين الطبيب والموت للوصول الى المريض. وغالباً ما يكون الموت هو السبّاق. اللبان الذي اشتهرت به سقطرى، لم يبق منه الا بضع اشجار لا يهتم بها احد. فقد تراجعت تجارة اللبان في العالم، خاصة بعد ظهور الديانات التوحيدية، اذ كان استعمال اللبان والبخور والمر شائعاً في معابد العالم القديم لتكريم الآلهة. اما شجر دم الاخوين فانه ينبت بدءاً من ارتفاع 400 متر.
تحديات المستقبل
تشكو سقطرى من دخول المنتجات التكنولوجية اليها لانها غير مهيئة لاستقبال هذه المنتجات التي تسبب تلوثاً في بيئة طبيعية ليس فيها البنى الضرروية لاستيعاب ما تخلفه من نفايات.
وعودة المهاجرين بعد سنوات من العمل في الخارج سيدخل مفهوم الطبقية الى البلاد لان هؤلاء يبنون بيوتاً جديدة ليس لها جمال البيوت التقليدية القديمة، ويشترون المولدات الكهربائية الخاصة بهم، في حين ان الكهرباء غير متوافرة في انحاء الجزيرة. ومن الطبيعي ان يولد ذلك شعوراً بالتفاوت الاجتماعي لم يكن معروفاً من قبل.
ورغم هذا كله، لا تزال سقطرى تحافظ على شيء خاص بها. فتشعر انه من الصعب جداً ان تخرق هذه الجزيرة وتعرف اسرارها. هل يعود ذلك الى صعوبة التواصل مع السكان بسبب اللغة؟ ام يعود الى شعورهم بأن الخطر يأتي من كل ما هو غريب عنهم؟ اياً كان السبب فأنت عندما تطرح على اهالي سقطرى سؤالاً، يتجاهلونه ويضحكون كالاطفال قائلين انهم لم يفهموا، وفي عيونهم بريق ذكاء يحاول الاحتفاظ ببراءة الطفولة التي فقدها العالم الحديث منذ زمن بعيد...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.