سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أول فنان عربي يدخل هوليوود من بابها الواسع ... يتذكر . عمر الشريف يروي سيرته لپ"الوسط" : "لورانس العرب" أدخلني أدغال هوليوود وشركة "كولومبيا" أوقعتني في فخ أطبق علي 7 سنوات 4
روى عمر الشريف في الحلقة الثالثة من سيرته قصة زواجه من فاتن حمامة وتسابق المخرجين لاعطائه ادوار رئيسية فاقتسم البطولة مع زوجته في خمسة افلام كان اولها "ايامنا الحلوة". واعترف عمر ان نجاح فاتن اقلقه بعض الشيء، لأن حضورها الطاغي كسف الاخرين بمن فيهم هو. ولم يعد يشعر انه سيد نفسه الا حين يمثل مشهداً بمعزل عنها. ويروي قصة انتقاله الى باريس وتمثيل فيلم "جحا" الذي كتب قصته الشاعر اللبناني الراحل جورج شحادة. ثم ينتهي الى رواية استدعائه من قبل المخرج ديفيد لين لتمثيل دور الشريف علي في فيلم "لورانس العرب" الذي حضرت حفلة افتتاحه في لندن الملكة اليزابيت الثانية وزوجها الامير فيليب. وفي ما يأتي الحلقة الرابعة من سيرة عمر الشريف كما رواها لپ"الوسط". رغم سعادته بلقاء الضيفة الكبيرة وزوجها الامير فيليب، ظلّ عمر الشريف يتطلع الى الافتتاح الحقيقي الأول في هوليوود بأمل ممزوج بالرهبة، فهناك سيحتشد الممثلون الكبار ومالكو مفاتيح السينما العالمية ليصدروا حكمهم على الفيلم. غير ان خوفه لم يكن في محله. ففي ذلك الامتحان الصعب لم يكرم عمر الشريف فحسب، بل انعقد لسانه عندما غمره نجوم هوليوود باهتمامهم واطرائهم، "تلك كانت ليلة مجيدة لن انساها ما حييت" قال عمر الشريف ببطء، كمن يوشك ان يستغرق في حلم لذيذ. ولم أشأ ان اقطع عليه نشوة التذكار، فتركته يتمتم على مهل: بين الفضول والحفاوة "دخلت مع بيتر اوتول الى مسرح سبارلينغ الكبير الذي امتلأت صالته بنجوم لم ارهم من قبل الا على الشاشة، مع اني تعلقت بهم منذ علاقتي الأولى بالسينما في فترة المراهقة. لقد رأيت بالعين المجردة "أبطالي" هؤلاء امثال غريغوري بيك واليزابيث تايلور وشيرلي ماكلين وغيرهم. وعلى وجوههم علامات تنم عن الفضول لرؤية مصري اسمر وسط هذه النخبة من المشاهير. وشتان بين الفضول والاهتمام... بعد العرض الذي استمر أربع ساعات، أسدل الستار وأنيرت الصالة، فانقلب الفضول الى حفاوة بالغة. وأقبل علينا اصحاب الاسماء اللامعة الذين غصّ بهم المسرح، فوجدنا انفسنا - بيتر أوتول وأنا - على حين غرة محط اهتمام هذا السيل من المشاهير. ادارت النشوة رأسي، وأحسست كما لو أني أليس في بلاد العجائب، فها هي هوليوود تنحني امامي حباً وتقديراً وتسلمني قيادها ولو لليلة واحدة". خيبة المصور وتعمق احساسه بتلك النشوة حين جاء ترشيحه لجائزة الاوسكار تتويجاً لموجة الثناء الذي انهال عليه بفضل ادائه المتميز لدور الشريف علي في فيلم "لورانس العرب". وراح حلم الفوز بالجائزة يراوده ويلح عليه عندما تبنت مجلة "لايف" الاميركية الفنان الجديد، وأفردت صفحات عدة للحديث عن مواهبه وانجازاته التي تجعله جديراً بالجائزة. وقبل ثلاثة ايام من الاعلان عن الفائزين ارسلت المجلة مصوراً خاصاً كانت مهمته التقاط كل حركة او سكنة يقوم بها الفنان خلال الساعات الپ72 التي تسبق اللحظة التاريخية. ومع اقتراب موعد حفلة توزيع الجوائز بلغ توتر عمر الشريف درجة شعر معها بما يشبه الحذر، كما لو كانت ارفع مكافأة سينمائية. حلم لم يقوَ على تصديقه فهرب الى عالم النسيان. وحين ازفت الساعة بدا الممثل لا مبالياً بخلاف المصور، الذي ذهب الى الحفل بمعيته بعدما قضى اياماً ثلاثة يتخيل "الخبطة" الصحافية الهائلة من خلال مجموعة الصور النادرة التي التقطها للنجم "الفائز" بالجائزة، الا ان الحظ لم يواتِ عمر الشريف فتقبل نبأ منح الاوسكار لممثل آخر برحابة صدر، فيما لاحظ بشيء من الاسف انقباض قسمات المصور والخيبة العميقة التي ارتسمت في عينيه وهو يرى حلمه الكبير بالسبق الصحافي يتهاوى. وهكذا خُتمت المناسبة الحاسمة بالأسى في لحظات كانت من اشد اللحظات التي عاشها بسبب فيلم "لورانس العرب" احراجاً. غير ان الترشيح للاوسكار هو، في حد ذاته، شرف عظيم يضاف الى المكافآت الاخرى التي عاد بها الفيلم عليه. المعلم الصديق من هذه المكافآت صداقة وثيقة عقدها مع مخرج الفيلم. اذ وجد عمر الشريف في ديفيد لين - توفي قبل سنوات - اخاً ودوداً ذا قلب كبير وموهبة صقلتها التجارب الطويلة. وفيما كان اوتول من اقران عمر، جعل فارق السن وطبيعة العلاقة المهنية مع ديفيد لين من صداقتهما رباطاً متيناً مختلفاً عن الصلة التي جمعته بالممثل الايرلندي. وقبل انتهاء التصوير بدأت صداقة الفنان المصري والمخرج تأخذ منحى جديداً امدّ في عمرها وزادها رسوخاً. اذ شرع ديفيد لين يلعب دور المعلم الناصح الذي آلى على نفسه ان يعي تلميذه النجيب مخاطر المهنة. لذا الحّ على تحذيره من مطبات السينما التجارية، وحثه على عدم التورط في افلام هابطة من شأنها ان تلوّث سمعته الفنية. ولعل حرص المخرج على انقاذ عمر من دوامة السينما الغربية الرديئة يعود اصلاً الى انه اول من اكتشف هذه الموهبة وقدمها الى الغرب في فيلم هوليوودي حقق نجاحاً نادراً بفضل روعته الفنية واسلوبه الشاعري ما دفع احد النقاد الى القول: انه ابدع قصيدة مطولة نظمها لين في حياته... أدرك المخرج بحسه المرهف ان للممثل المصري طاقات فذة، خشي ان يحاول البعض استغلالها في افلام دعائية هدفها الامعان في تشويه صورة الشرق العربي فنبهه في كلمات لا يزال صداها يتردد في أذني عمر: "حالما يعرض الفيلم سيشهد عالم السينما ولادة نجم جديد هو انت، وسيحدق بك الخطر ابتداء من تلك اللحظة. فالمخرجون سيتهافتون عليك بعروضهم لاداء ادوار رخيصة فنياً على شاكلة "ابن الشرق" او "نسر الصحراء" مثلاً. فإياك والانسياق وراء الاغراءات المادية المبهرة والخضوع لسحر الدولار. ولما كنت اعرف انك في حاجة الى المال لبناء حياتك سأقرضك مبلغاً حتى لا تضطر تحت ضغط الحاجة الى الاشتراك في فيلم تجاري. وكي تذكر ايضاً كلما دعيت الى اداء دور تافه انك مدين لي بمبلغ لا يمكن ان ترده ما لم تترفع عن العروض الهابطة وتسعَ بجد مقرون بالحذر الى بناء مستقبل لامع انت جدير به". وفعلاً اطاع الممثل "ملاكه الحارس" فأبى تأدية ادوار اعدت لاستغلال شخصية الشريف علي التي لاقت رواجاً واسعاً. الا ان الجواد على غفلة منه كبا كبوة هائلة حين وقّع عقداً مع شركة "كولومبيا" قبل ان يتفحص مواد الاتفاق فكان كمن يسعى الى الفخ من تلقاء ذاته. لكن كيف اقترف تلك الغلطة؟ قال: "كانت فعلاً غلطة مشؤومة! اظن ان القائمين على شركة كولومبيا لاحظوا الزهو الذي انتابني كفنان جديد على الشاشة الغربية وصل فيلمه الى هوليوود واحدث ضجة كبيرة، فدغدغوا غروري هذا حين شنوا حملة دعائية قدموني فيها الى الجمهور كنجم عالمي ووعدوني فعلاً بعلاقة عمل متميز ستدر عليّ ثروة طائلة. لذا خدعت وذيّلت الاوراق بتوقيعي دون ان اتكبد عناء القراءة. لكني دفعت ثمناً باهظاً فبقيت اسيرهم سبع سنوات طويلة امثل خلالها افلاماً لم اكن لأرضى ان اشترك فيها لولا العقد اللعين مع الشركة المنتجة. احد هذه الافلام كان "جنكيز خان" الذي اضطرني الى البقاء في يوغوسلافيا اشهراً اربعة لقاء اجر بخس". وفي تلك الآونة عُرض عليه دور في فيلم "سقوط الامبراطورية الرومانية" الذي حظي باستحسان واسع. تردد اول الامر، لكنه لبى الدعوة اخيراً ووافق على اداء هذا الدور الثانوي لاعتبارين رئيسيين وصفهما بقوله: "اولاً، أغراني الانضمام الى نخبة النجوم التي حُشدت للفيلم وفي مقدمها صوفيا لورين وأليك غينيس وجيمس مايسون. ومن جهة اخرى لم أشأ ان اعود الى القاهرة فقررت قبول العرض الذي سيأتيني بمبلغ يساعدني على البقاء في اوروبا لانني كنت اقبض من شركة كولومبيا مبلغاً لا يكفي للاقامة في لندن او باريس. اذن، الحاجة المادية التي تنبه لها ديفيد لين املت عليّ الاشتراك في هذا العمل وعزائي الوحيد انه حقق نجاحاً مرموقاً ولقد ندمت على سفري الى اسبانيا لتصوير بعض المشاهد مع ان والدي كان في طريقه الى لندن لمشاهدة "لورانس العرب" لا شك ان غيابي كان مدعاة للاسف لي وله على حدّ سواء، غير ان ذلك لم يمنع ابي من تحقيق رغبته على اكمل وجه: شاهد الفيلم ست مرات في ستة ايام رغم انه اضطر احياناً للوقوف في رتل طويل امام شباك التذاكر قرابة ساعتين". وشعر ديفيد لين حينذاك ان عمر في حاجة الى المساعدة فهبّ الى نجدته واتصل بصديقه المخرج فريد زميرمان الذي كان يحضّر لفيلم جديد، ليذكّره بالموهبة الشابة. قدّر هذا الاخير توصية زميله الثمينة، وطلب من عمر الانضمام الى فريق ممثليه، وعلى رأسهم انطوني كوين وغريغوري بيك، للبدء في اعداد فيلم "انظر الحصان الشاحب". يقول عمر الشريف "راقت لي الشخصية المعقدة التي تقمصتها فصاحبها كاهن اسباني يعيش صراعاً حاداً بين الصدق والكذب. وتمزقه الحيرة بين الاعتراف بارتكاب جريمة قتل وبين الكذب على نفسه لنسيان فعلته الفظيعة. لكن رضى الممثل عن دوره وتوافر عدد من الاسماء المعروفة لفيلم ما يضمنان له الرواج الواسع. للاسف لم ينل الفيلم سوى قسط زهيد من النجاح وكان اقبال الجمهور عليه مخيباً للأمل. والفرصة التي خلتها سنحت لرد الاعتبار بدت مثل ضوء لاح من بعيد ثم انطفأ على عجل. ولحسن الحظ، بدأ الظلام يتبدد باعثاً فيّ الامل لتعويض ما فات، وادركت ان انبلاج الصباح غدا وشيكاً فها هو ديفيد لين يطرق بابي من جديد حاملاً اليّ دور البطولة في فيلم "دكتور جيفاكو"، كانت سعادتي بلا حدود، فكيف لي ان أحلم بفرصة افضل من عرض صديق ومخرج كبير كان سلمني مفاتيح الشهرة من خلال دور رئيسي، وهو يريدني هذه المرة ان اكون ممثله الاول؟". ديفيد لين المنقذ أسارير عمر الشريف التي انفرجت حين لاح له طيف ديفيد لين وفيلمه الشهير، اخذت تنقبض على نحو مباغت! وقبل ان احاول اكتشاف السر، اردف بكلمات تفيض بالكدر ليوفر عليّ عناء البحث والتكهن: "حين افقت من مفاجأة العرض السخي ادركت ان هناك مشكلة حقيقية، فكيف سأقنع شركة "كولومبيا" باعتاقي للاشتراك في فيلم يعده ديفيد لين لصالح شركة اخرى؟ خشيت ان يفوّت عليّ عنادهم هذه الفرصة الذهبية وبدأت افتش عن سبيل مناسب للخروج من مأزق العقد اللعين الذي وقعته معهم. لم يكن في وسعي ان ألح على المخرج الصديق بطلب النجدة، فلو فعلت لكان من الطبيعي ان يرد قائلاً: هذه خطيئتك، حذرتك من اوغاد السينما التجارية ولم تسمع نصيحتي! الا ان ديفيد الرائع، لم يتركني اتخبط طويلاً، بل تمكن من عقد صفقة "مرضية" مع "كولومبيا" تنص على "استئجاري" منهم للمساهمة في الفيلم. وبموجب الاتفاق دفع ديفيد لين للشركة المبلغ المرتفع الذي استحقه لقاء اتعابي، فيما واظب "الاوغاد" على منحي مرتبي العادي دون زيادة او نقصان. ورغم خسارتي المادية، شعرت بسعادة لا تزال تغمرني حتى الآن اثر توقيعهم تلك الصفقة مع ديفيد لين، سمحت لي تلك الصفقة بأن امثل "زهرة افلامي". جاء هذا التصريح الذي ادلى به الممثل كتعليق اضافي، من قبيل الامعان في ارتشاف المتعة، فالابتسامة العريضة التي غطت وجهه، حملت ألف معنى ومعنى تكفي لشرح سعادته الغامرة. ومن الطبيعي ان تتسلل الفرحة الى مساحات جلده حين تطل هذه الذكرى الحميمة، فهو يعتبر دوره في الفيلم: "ذروة ادواري كلها اثارة وصعوبة في آن. جمع الفيلم المجد من اطرافه فقصة الروسي بوريس باسترناك الرائعة التي كانت من اكثر الكتب رواجاً في العالم، والسيناريو الممتاز والمخرج الكبير ذو الطاقات الابداعية الجبارة. كل هذا جعل من الدور تحدياً كبيراً اذ كان عليّ ان اقدم اداء يليق بهذا المستوى الرفيع. وأثار فيّ ذلك بعض القلق، ففي النجاح المذهل شيىء من الخطر على النجم: "الخبطة" السينمائية تقيد الممثل الى درجة ما، فيصبح سجين الدور عاجزاً عن الفكاك منه. ولذا، فأنا ما زلت الدكتور جيفاكو حتى اليوم في اعين الكثيرين بغض النظر عما قمت وأقوم به! لكن، ارجو الا يأخذ قراء "الوسط" انطباعاً خاطئاً عني فأنا لست نادماً بالتأكيد على ادائي دور البطولة في الفيلم. وكل ما في الامر هو اني افكر احياناً ان بناء سمعة فنية رائعة يتطلب تحقيق سلسلة من النجاحات المتواضعة". "والواقع ان الدنيا لم تسعني حين رن جرس الهاتف وكان على الطرف الآخر احد مساعدي ديفيد لين الذي اتصل من لندن ليعرض عليّ دور البطولة بتكليف من المخرج. دفعتني السعادة المفاجئة الى الاجابة بالموافقة على الفور، دون ان اسأل عن التفاصيل فثقتي بالمخرج الصديق كانت كبيرة على الدوام. ووصلتني رسالة مفصلة منه بعد أيام قليلة، كنت خلالها ادركت احتمال الخلاف مع شركة "كولومبيا" على حرماني منه، انصرفت الى قراءة الرواية في ضوء تعليمات ديفيد لين الدقيقة. ولم تمض ايام حتى كدت احفظ الدور عن ظهر قلب، بعدما انتهيت للمرة الخامسة من قراءة السيناريو الذي دفعه اليّ المخرج". اما السبب في دعوته لاداء هذا الدور، فهو بالدرجة الاولى اعجاب المخرج به كممثل وثقته بأن عمر هو الشخص المناسب لدور جيفاكو، فالصداقة وحدها لم تملِ على فنان كبير من طراز ديفيد لين اختياره هذا. وكان عمر لاحظ صعوبة الدور حين طرح عليه المشروع اذ ان جيفاكو رجل يتسم بالبرود، فلا تبدر عنه أفعال او تصرفات مثيرة، ما يعني ان المتفرج قد يحس بالملل من متابعة بطل يفتقر، بوجه العموم، الى المغامرة. ويبدو ان المخرج شارك عمر الشريف هذا الرأي وحلل شخصية جيفاكو على نحو مماثل. وهذا ما يُستشف من تصريحات ادلى بها في مقابلات صحافية، عزا في احداها اختياره عمر الشريف لدور البطولة الى ثقته بأن النجم المصري "من الممثلين الذين يتمتعون بشخصية قوية جداً امام العدسة". وهذه القناعة التي توصل اليها اثناء تعاونهما في "لورانس العرب" دفعته الى التصميم على استغلال طاقات الفنان المصري مرة اخرى عندما يحتاج الامر الى ممثل يتميز بحضوره القوي امام الكاميرا. وحين قرر اعداد الفيلم الحالي، لم يتردد في الاتصال بعمر لأن حضوره الطاغي جعله الفنان الاكثر كفاءة وقدرة على تجسيد الشخصية. الولد سرّ أبيه وكما كانت الحال مع "لورنس العرب"، نحت ديفيد لين مرة ثانية اسمه في سجل عائلة عمر الشريف الذهبي. عندما رحب بابنه طارق في عالم السينما وقدمه للمرة الاولى الى الجمهور الغربي. يقول عمر الشريف "والطريف في الامر هو ان ديفيد كان وفياً ل "صداقته" القديمة مع طارق الذي ولد اثناء انهماكنا في تصوير فيلمنا الاول معاً "لورانس العرب". وقد قرر ان يشمله برعايته الخاصة فدعاه الى تمثيل شخصية جيفاكو - الطفل تحت اشرافي. اسعدني اشتراك ابني في الفيلم بالطبع، كما ازددت فهماً لشخصية جيفاكو حين اتاح لي ديفيد ان احل محله كمخرج يوجه جيفاكو - الطفل. أما طارق فكان له رأي مخالف. فرح في البداية لاهتمام الجميع به وصار يتبختر كديك منفوش الريش يتباهى بالدلال الذي حظي به من العاملين في الفيلم. الا انه سرعان ما ملّ العمل ونظامه، وضاق صدره بالآلات والاضواء... والتعليمات. ولم تنفع دوماً عنايتنا الشديدة به وحرصنا على عدم انهاكه بالتوجيهات، اذ ابدى احياناً شيئاً من العناد وأبى تنفيذ بعض المشاهد قائلاً: "ايه اللي يخليني اقف هنا؟... لأ... مش عايز". وكان تمرده هذا بمثابة نكتة بريئة كثيراً ما ضحك لها الممثلون والفنيون بصخب. كنت عادة اعطيه مهلة قصيرة يرتاح فيها من عنائه، ثم اعود اليه راجياً ومشجعاً كي اقنعه بالمتابعة مرة اخرى. ورغم احتجاجاته هذه، كان موفقاً في اداء الدور والتزم غالباً التعليمات بحذافيرها، ونفذها في زمن قياسي".