مع هزيمة الحزب الديموقراطي الليبيرالي، الحاكم في اليابان منذ العام 1955، في الانتخابات النيابية الاخيرة، تقف اليابان امام مرحلة سياسية جديدة، وصفها الزعيم الاصلاحي، المنشق عن الحزب الحاكم، موريهيورو هوسوكاوا، بأنها مرحلة خروج السياسة من "المقصورات الخلفية في المطاعم الفخمة، ونوادي الغولف الى الشارع والبرلمان". ومن المعروف ان اختيار زعيم الحزب الديموقراطي الليبيرالي، ورئيس الوزراء، كان يتم في هذه الاماكن المغلقة، عبر سلسلة من الصفقات، وتبادل الخدمات بين نخبة من شيوخ الحزب النافذين، معظمهم في العقد الثامن من العمر، يتبادلون المناصب الحزبية والحكومية والادارية، منذ منتصف الخمسينات. وخلال الاشهر الاخيرة اشتد الصراع في البرلمان، بين هؤلاء الشيوخ ونواب الحزب الشباب العقد السادس من العمر الذين يطالبون باصلاح النظام الانتخابي لانه يجعل نفقات الحملات باهظة الى حد لا يمكن تأمينها الا بواسطة الرشاوى التي تفوح رائحتها في كل مستويات الحزب، من الناخب الذي يبيع صوته الى رؤساء الوزراء والوزراء وكبار الموظفين الذين كثيراً ما اضطروا الى الاستقالة بسبب هذا النوع من الفضائح. وكان النواب الشباب طالبوا في حزيران يونيو الماضي باصلاح النظام الانتخابي، لكن شيوخ الحزب ورئيس الوزراء ميازاوا رفضوا هذه المطالب، فرد الاصلاحيون بطرح الثقة بالحكومة في البرلمان. وفشلت الحكومة في نيل الثقة في الاقتراع الذي تحالف فيه نواب الحزب الاصلاحيون مع نواب المعارضة، ما اضطر رئيس الوزراء الى اجراء انتخابات برلمانية مبكرة. ولم تكن نتيجة الانتخابات، بالنسبة الى الحزب الحاكم، افضل من نتيجة الاقتراع على الثقة. فقد حصل على 227 مقعداً من اصل 511 يتألف منها البرلمان. ومع ان الحزب الحاكم ظل يحتفظ بعدد من المقاعد يساوي ثلاثة اضعاف مقاعد اكبر احزاب المعارضة، اي الحزب الديموقراطي الاجتماعي الذي نال 70 مقعداً، الا انه ظل بعيداً عن تأمين الاكثرية اللازمة لتشكيل حكومة جديدة. وأعلن ميازاوا استقالته من رئاسة الحزب في جلسة عقدها ممثلو الحزب في مجلس النواب والشيوخ، وحوّلها الاصلاحيون الى "مهرجان من الشتائم والانتقادات القاسية لزعماء الحزب التقليديين". وطالب الاصلاحيون بانتخاب رئيس الحزب بالاقتراع المباشر من قبل مؤتمر حزبي عام، بدلاً من اختياره من قبل لجان وهيئات يشكلها عادة كبار شيوخ الحزب المسنين. ويتوقع المراقبون ان تشهد اليابان في 16 آب اغسطس، الموعد المحتمل لانتخاب رئيس وزراء جديد من قبل البرلمان خروج الحزب الديموقراطي الليبيرالي من السلطة، للمرة الأولى منذ 38 سنة، وتشكيل حكومة ائتلافية تضم احزاب "الوسط" المعارضة، وربما بالتحالف مع الحزب الديموقراطي الاشتراكي اليساري الذي فاز بپ15 مقعداً فقط. ويعتقد تسوتومو هاتا وزير المال السابق المنشق عن الحزب الحاكم، وزعيم حزب "التجديد الياباني" ثاني اكبر احزاب المعارضة 55 مقعداً، ان حكومة ائتلافية ستكون مجرد مرحلة انتقالية، ينهار خلالها الحزب الديموقراطي الليبيرالي، ويتم اصلاح النظام الانتخابي، ما يؤدي الى تشكيل حزبين كبيرين يتبادلان السلطة، مثلما هي الحال في الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الاوروبية.