أحدثت الهزيمة الساحقة، التي مني بها الرئيس الروسي بوريس يلتسين في "مؤتمر نواب الشعب" - أعلى هيئة للسلطة في روسيا - في وقت سابق هذا الشهر، صدمة حقيقية لدى أنصار الاصلاحات الديموقراطية، فوصفوا ما حدث بأنه "انقلاب دستوري نفذته القوى الموالية للشيوعية"، وقال الرئيس يلتسين انه "محاولة لاعادة النظام الشيوعي السوفياتي". وقد أعطى تفسيراً لجوهر النزاع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية الذي وضع روسيا على شفير أزمة سياسية خطرة كل من روسلان حسبولاتوف رئيس البرلمان وفلاديمير شومييكو نائب رئيس الوزراء، فاتفقا، على رغم وقوفهما على جانبي المتاريس المتقابلة بأن أساس النزاع هو وجود رؤيتين تنفي احداهما الأخرى حول الطريق الذي يجب ان تمضي فيه الاصلاحات في روسيا، والمجتمع الواجب اقامته في نهاية المطاف. وفيما يرى يلتسين ان مستقبل البلاد يمضي في مجرى الاصلاح العاجل للاقتصاد واستحداث سوق حرة وفق النموذج الغربي، تدعو الاغلبية المحافظة في المؤتمر الى اجراء الاصلاحات على مراحل وببطء وما يسمى ب "السوق الخاضعة للتحكم"، وهو ما يعني، حسب رأي شومييكو التخلي عن الاصلاحات. واليوم فإن النصر في روسيا هو حليف انصار وجهة النظر الثانية، وبهذا ضعفت قدرة يلتسين على التأثير بفعالية على سير الأحداث. ويقال في موسكو ان المرحلة الديموقراطية في تطور روسيا والتي بدأت في 21 آب اغسطس 1991 لدى إفشال الانقلاب الشيوعي، انتهت في مؤتمر نواب الشعب في 12 آذار مارس 1993. وهذا الأمر يكتسب بعداً خاصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار ان 87 في المئة من النواب الذين أعلنوا الحرب على يلتسين هم من الأعضاء السابقين في الحزب الشيوعي السوفياتي. فهل يعني ذلك ان الشيوعية ستطرق أبواب روسيا بعد غيبة دامت فترة عام ونصف عام، وما هي فرص نجاحها في هذه الحالة؟ هذا السؤال يطرحه الروس وايضاً الكثيرون في العالم. للاجابة عن هذا السؤال نرجع الى وقائع الماضي القريب. هل ماتت الشيوعية؟ في آب اغسطس 1991 حينما تجمهر أمام الكرملين في موسكو عشرات آلاف المتظاهرين للاحتفال بفشل الانقلاب الشيوعي لم تكن تساور أحداً تقريباً الشكوك بأن الشيوعية في روسيا قضت نحبها الى الأبد. وتأكيداً لذلك أعلن يلتسين فرض حظر على نشاط الحزب الشيوعي وأمر بتأميم ممتلكاته، وبذلت السلطات جهوداً كبيرة لمنع الجماهير من تحطيم تماثيل الزعماء الشيوعيين ومهاجمة فروع الحزب في كافة أنحاء البلاد. وفي ذلك الوقت عمد الكثير من اعضاء الحزب البالغ عددهم حوالي 20 مليون شخص الى رمي بطاقاتهم الحزبية أو احراقها، بينما انزوت حفنة من المتصلبين فقط في الظل ولزمت السكون أملاً في أن تحل ساعتهم مستقبلا. وبدا بمثابة مفارقة لا يقبل بها العقل أن روسيا التي كانت تعتبر مهد الشيوعية، تحولت بين ليلة وضحاها الى بلاد تحظر فيها الشيوعية بموجب القانون، وسبقت في هذا المضمار حتى الولاياتالمتحدة التي يعمل فيها الحزب الشيوعي بصورة مشروعة تماماً. علماً ان اتجاهات التفكير المعادية للشيوعية كانت قوية جداً في أوساط سكان الاتحاد السوفياتي السابق في خريف عام 1991، وكانت غالبية الناس تؤمن بأنه يكفي التخلص من الشيوعية لكي تمضي البلاد فوراً في درب الانبعاث الوطني والرخاء. لقد أتاحت إدانة الشيوعية رسمياً ليلتسين ان يعلن في مطلع عام 1992 اجراء الاصلاح الاقتصادي الجذري الذي وضع هدفاً له اعادة الملكية الخاصة واقامة اقتصاد السوق الحرة. لكن خلافاً لوعد يلتسين بأنه يفضل ان يضع رأسه على خط السكة الحديد على ان يسمح بانخفاض مستوى المعيشة، فان الاصلاح الاقتصادي جرى منذ البداية وفق أسوأ جميع السيناريوهات المحتملة. فقد أعقب تحرير الأسعار الذي بدأت به الحكومة ارتفاع تكاليف المعيشة بصورة خيالية وحدوث تضخم لا مثيل له، بينما أعطت حرية التجارة المسموح بها رسمياً الفرصة لتحقيق الاثراء السريع قبل كل شيء لرجال السوق السوداء الذين كان يوجد لديهم آنذاك "رأسمال لبداية العمل". وأدت محاولة الانتقال الى الرأسمالية بأسلوب "العلاج بالصدمة" الى ظهور تباين شديد في الملكية وبدء عملية زيادة ثروة الأغنياء وادقاع الفقراء في مجتمع كان يفتخر على مدى 70 عاماً بأنه يقوم على مبادىء المساواة والعدالة الاجتماعية. وعلى رغم نداءات الحكومة الى الناس للتحلي بالصبر ووعودها بأن يستقر الوضع خلال العام، فإن الفئات المحدودة الدخل سرعان ما أصابتها خيبة أمل بالاصلاحات وبدأت تعقد في موسكو وغيرها من مدن روسيا اجتماعات الاحتجاج على رغم ان عدد المشتركين فيها غير كبير، وذلك اعتباراً من ربيع عام 1992. وكان المشتركون فيها ينتمون، في غالبيتهم، الى الجيل القديم، وخرجوا الى الشارع حاملين الرايات الحمراء وصور لينين وستالين، وكان "الروس الجدد" الذين ينطلقون مارين بهم في سيارات "المرسيديس" الفخمة الغالية الثمن يتطلعون اليهم في بادىء الأمر بشيء فيه من الفضول أكثر مما فيه من القلق. وفور ذلك حاول زعماء الجماعات الشيوعية الصغيرة التي انبثقت على انقاض الحزب المحظور ركوب موجة سخط الفئات الاجتماعية الفقيرة، وصار من الممكن منذ صيف عام 1992 سماع خطباء في الاجتماعات يرددون العبارات الشيوعية المألوفة تماماً. وكانوا يبدون مهارة في التلاعب بمشاعر حشود الناس ويوجهونها في مجرى الحنين الى "أيام الخير القديمة". وكما تدل نتائج استفتاء الرأي العام الذي جرى اخيراً في احدى مقاطعات روسيا فإن نسبة 71 في المئة من أبناء المدن و63 في المئة من أبناء الأرياف أعلنوا أنهم "كانوا يعيشون أفضل في أيام الحكم الشيوعي". وسعى الشيوعيون السابقون الى عدم تفويت أية فرصة علنية ممكنة من أجل تأجيج السخط، فراحوا يشاركون بنشاط في مختلف المنظمات القومية الروسية، من المعتدلة الى شبه الفاشية، وتولوا في بعضها حتى المناصب القيادية، وأطلقت الصحافة على هذه التوليفة الغريبة من انصار كارل ماركس ودعاة العودة الى أيام القياصرة تسمية "التحالف الأحمر - البني" أي الشيوعي - الفاشي. حركة المتقاعدين وبينما كان قادة الانقلاب الشيوعي يرزحون في زنزانات أحد سجون موسكو بانتظار انتهاء التحقيق، أقام الآخرون من الشخصيات القيادية في الحزب الشيوعي خارج السجن الدعوى لدى المحكمة الدستورية مؤكدين ان قرار الرئيس يلتسين بشأن فرض حظر على نشاط الحزب يشكل خرقاً للدستور. وفي البداية تراءى بأن من اليسير رد هذه الدعوى، وبأن السلطات كانت تعتزم تحويل المحكمة الدستورية الى ما يشبه "محاكمات نورنبرغ". لكن بات واضحاً، مع احتدام التوتر الاجتماعي من شهر الى آخر وتزايد نفوذ المعارضة المحافظة، ان مآل "محاكمة القرن" المنشودة سيكون الفشل. وفي النتيجة أصدرت المحكمة الدستورية حكمها النهائي بصدد قضية الحزب الشيوعي الذي جاء مليئاً بالغموض والازدواجية، مما بعث الآمال في نفوس انصار الشيوعية بأنه سيتسنى قريباً اعادة تشكيل الحزب. في عام 1992 كانت جماعات شيوعية مستقلة تمارس نشاطها في روسيا من دون ان تضم أي منها عدداً كبيراً من الأعضاء. لكن في بداية عام 1993 احتدم الصراع في روسيا كثيراً بين أنصار الاصلاحات وخصومها، وتمثل باشتداد المجابهة بين الرئيس يلتسين والبرلمان. وبعد ان رأى الشيوعيون السابقون ان القوى الديموقراطية عاجزة عن مواجهة المعارضة المحافظة ادركوا ان اللحظة مناسبة لعودتهم الى المسرح السياسي. وهكذا عاد "شبح الشيوعية" للظهور مرة أخرى في الأفق الروسي، وفي شباط فبراير الماضي جرت محاولة جادة لنفخ الروح فيه وجعله من لحم ودم، بالاعلان عن عقد مؤتمر من أجل تأسيس الحزب الشيوعي الروسي الجديد. وفي 13 شباط فبراير جاءت من مختلف أنحاء روسيا وفود المؤتمر التأسيسي الى فندق فخم بضواحي موسكو كان في وقت ما ملكاً للحزب الشيوعي السوفياتي. وقبل انقلاب آب اغسطس 1991 كان كثيرون منهم يستجمون في هذا المكان الجميل الواقع على ضفاف النهر، مقابل اجور رمزية زهيدة لخدمات في مستوى خدمات فندق ذي خمس نجوم. لكنه أصبح اليوم، حسب أقوال مدير الفندق، المكان المفضل لاستجمام "الروس الجدد". وعلى رغم الاحترام الكبير لاصحابه القدامى، فقد طلب الجدد منهم دفع بدل إيجار ضخم لقاعة الاجتماعات التي عقد فيها المؤتمر. وقد رفض المدير ذكر مقداره باعتباره من الأسرار التجارية. وعلى رغم ان الشيوعيين يصفون أنفسهم بأنهم "حزب الطبقة العاملة"، فإن 544 مندوباً في المؤتمر من مجموع 650 مندوباً كانوا من ذوي التعليم العالي، كما وجد بينهم عدد يكاد يزيد عن عدد العمال من الذين كانوا ينتمون حتى فترة قريبة الى النخبة السياسية في الاتحاد السوفياتي السابق. لم تختلف اجراءات انعقاد المؤتمر كثيراً عما كانت عليه في عهد ستالين، وحين ظهر أعضاء هيئة الرئاسة فوق المنصة على خشبة المسرح المزينة بصورة لينين هدر التصفيق في القاعة، وبدا للصحافيين ان الزمن عاد القهقرى الى الوراء سنوات عدة. بيد ان سير المؤتمر بحد ذاته أظهر ان الدروس المريرة للأعوام الأخيرة علَّمت الشيوعيين الشيء الكثير، فهم تخلوا عن موضوع "ديكتاتورية البروليتاريا" التي كانت تشوه سمعتهم في أوساط المجتمع أكثر من أي شيء آخر، واعتمدوا كهدف نهائي لهم إعادة روسيا "الى طريق الاشتراكية مع التوجه نحو الشيوعية مستقبلاً" وأعلنوا ان حزبهم يعتزم النضال من أجل السلطة في صفوف المعارضة. وحسب أقوال فالنتين كوبتسوف أحد زعمائه، فإن الحزب يعتبر يلتسين عدواً للشعب "وسيعمل على إقصائه عن السلطة ضمن اطر الدستور وعن طريق اجراء انتخابات رئاسية قبل الموعد المقرر". وقال جينادي زيوجانوف زعيم الحزب الشيوعي الروسي ل "الوسط": "ان اتجاهات تفكير الناس إزاء الشيوعيين تتغير نحو الأحسن، أمام خلفية خراب البلاد. ونحن ندرس بإمعان الوضع السياسي في بولونيا ويوغوسلافيا وليتوانيا. وفي الوقت نفسه نعتزم ان نأخذ في الاعتبار ان روسيا كانت منذ قديم الزمان تشكل تحالفاً بين الشعوب السلافية والاسلامية". ولا يشبه جينادي زيوجانوف 48 عاماً وكذلك زملاؤه في قيادة الحزب أبداً الزعماء الشيوعيين المسنين في عهد ليونيد برجنيف الذين كانوا يقرأون بجهد جهيد الخطب المكتوبة لهم وينطلق منهم رنين الأوسمة المعلقة على صدورهم. وعلى رغم ان الحزب الشيوعي الجديد لم يسجل رسمياً لدى وزارة العدل، وبالتالي لم يحصل على وضع شرعي، فقد انضم الى صفوفه اليوم أكثر من نصف مليون شخص، مما يتيح القول بأنه من أكبر الأحزاب السياسية في روسيا. ونظراً الى غلبة الكهول والمسنين بين أعضاء المؤتمر، فإن الصحافيين ألصقوا به صفة "حركة المتقاعدين". لكن سرعان ما تبين ان الأمر ليس كذلك، لأن اتحاد الشبيبة الشيوعي الذي تأسس ضمن الحزب يضم في صفوفه 10 آلاف عضو، أي أكثر من عدد اعضاء احزاب سياسية كثيرة، ومنها أحزاب لديها نواب في البرلمان. وعندما نظم الشيوعيون سوية مع القوى المعارضة الأخرى اجتماعاً يوم 23 شباط فبراير بوسط موسكو شارك فيه حسب التقديرات المختلفة بين 100 ألف و300 ألف شخص، كان بالمستطاع التأكد من أن الشباب كانوا يشكلون نسبة كبيرة من المتظاهرين. وقال الكسندر بيردنيكوف أحد منسقي مجلس الحركات الوطنية ل "الوسط": "بات من الواضح اليوم ان الاشاعات حول وفاة الشيوعية مبالغ فيها. وان السهم الذي أطلق في آب اغسطس عام 1991 من أجل القضاء على الشيوعية يرتد اليوم الى نحر من أطلقه". الخبز... والحرية حين انتخب الجيرداس برازاوسكاس الزعيم السابق للحزب الشيوعي الليتواني في شباط فبراير الماضي رئيساً للجمهورية، قيل ان انتخابه لا يعني عودة الشيوعيين الى السلطة على أساس انه تخلى عن ماضيه الشيوعي منذ وقت بعيد. لكن الليتوانيين أنفسهم ينظرون الى المسألة بصورة مغايرة، ولا يخفي كثير منهم أنهم صوتوا في الانتخابات عن قصد لصالح الشيوعيين. فهل يمكن ان يحدث انعطاف مماثل لاتجاهات التفكير هذه في المجتمع الروسي أيضاً؟ وهل تتوفر لدى الحزب الشيوعي الروسي بعد اعادة تأسيسه الفرص لكسب تعاطف الناس والعودة بالتالي الى السلطة بأسلوب دستوري؟ يقول الباحث الاجتماعي المعروف ليونيد فاسيلييف: "يبدو الى حد كبير ان الحزب الشيوعي سيحصل في أول انتخابات على عدد كبير من الأصوات، ومن المحتمل تماماً ان يغدو من أهم القوى السياسية وأكثرها تنظيما". ويشاركه في الرأي باحث اجتماعي آخر هو الكسي كيفا الذي لا يستثني احتمال فوز الشيوعيين في انتخابات هيئات السلطة المحلية وتولي القيادة في ادارات بعض المدن والمقاطعات، بل وحتى في الجمهوريات التابعة لروسيا. وتعتقد غالبية المراقبين أن لدى الشيوعيين اليوم أوراق رابحة عدة. ولعل أولاها وأهمها هي تنامي السخط بسبب الاصلاحات. وقال أحد الاقتصاديين الروس: "ليس مستغرباً ان يصدق الناس وعود الشيوعيين بإحقاق العدالة والنظام بعد ان أضناهم الفقر والتضخم وتفشي الجريمة والفساد". ومن الأفضليات الأخرى للحزب الجديد انه على رغم سقوط الشيوعية في آب اغسطس 1991 فما برح الكثير من الشيوعيين السابقين يشغلون مناصب قيادية في جهاز الدولة وهيئات السلطة المحلية، وبمقدورهم في ظروف معينة ممارسة دور "الطابور الخامس" الذي سيمهد الطريق أمام رفاقهم في الرأي لبلوغ قمة الهرم. وهناك شيء مهم آخر هو موضوع مئات مليارات الروبلات العائدة للحزب الشيوعي السوفياتي السابق والتي اختفت بصورة غامضة بعد حله. ويؤكد العارفون بالأمور ان قسماً منها استقر في حسابات في البنوك الأجنبية، بينما تم تحويل القسم الآخر الى حسابات الشركات الأهلية المسجلة بأسماء اشخاص آخرين. وغالباً ما يذكر على سبيل المثال اسم الشركة المزدهرة "آليسا" التي أصبح مديرها جيرمان ستيرليجوف 27 عاما، غير المعروف سابقاً، من أصحاب الملايين بين ليلة وضحاها. واليوم يجري تداول أموال الحزب، لكن لا يستبعد ان تستخدم في اللحظة المناسبة لتنظيم الحملات الانتخابية. لكن هناك الى جانب الظروف التي تخدم الشيوعيين ظروف أخرى قد تغدو حاجزاً منيعاً في طريق عودتهم المحتملة الى السلطة. فقبل كل شيء يبدو شيئا غير محتمل تقريباً ان تستطيع الأفكار الشيوعية الاستحواذ على عقول الناس مجدداً بعد ان تشوهت سمعتها على مدى 70 عاماً من الحكم الشمولي. علاوة على ذلك فقد نشأ في سنوات البيريسترويكا في روسيا جيل من الشباب المفعم بروح المبادرة الحرة، ومن الصعب الاعتقاد بأن هؤلاء الناس الذين هبّ الكثير منهم للدفاع عن الرئيس يلتسين في أيام الانقلاب الشيوعي في عام 1991 يمكن ان يعطوا أصواتهم للشيوعيين. كما ان من المستبعد ان يروق المستقبل الشيوعي الى "الروس الجدد" الذين يسيطرون اليوم ليس فقط على رؤوس أموال طائلة، بل وعلى كثير من وسائل الاعلام التي تتولى صياغة الرأي العام. وأخيراً وليس آخراً، ان عمال المناجم والمؤسسات الصناعية الكبرى الذين يشكلون بالذات تلك البروليتاريا التي يدّعي الشيوعيون أنهم يعبرّون ويدافعون عن مصالحها، يقفون موقفاً سلبياً من الشيوعيين. وعلى ضوء هذا كله يبدو ان شبح الشيوعية في روسيا سيبقى هذه المرة مجرد شبح. وكما قال أحد رجال الأعمال الشباب في حديث مع "الوسط"، "ان المشكلة الرئيسية لدى الشيوعيين تكمن في أنهم يعرضون على الشعب الخبز مقابل الحرية، بينما تعلم أغلب الروس اليوم ان الحرية أثمن من الخبز".