- الأميركيون نظموا محضر فشل بالحالة اللبنانية - التركيبة المزيفة لا تدوم وكذلك زمن الأوامر الوافدة - لست مرشحاً لأي منصب وأقود تياري اذا عدت - أبو الطيب وأبو العلاء ولحظة الألم الكبير في الحلقة الماضية تحدث العماد ميشال عون عن 13 تشرين الأول اكتوبر 1990 وظروف معركة اخراجه من بعبدا وملابسات لجوئه الى السفارة الفرنسية في بيروت، اضافة الى الوضع في المنطقة. وفي هذه الحلقة الثانية والأخيرة يتحدث الجنرال المنفي عن قصة الأرصدة المالية والجدل الذي دار حولها. ويتحدث أيضاً عن الرؤساء الذين تعاقبوا على لبنان وما يميز أسلوبه عن أسلوبهم. وشمل الحوار محطة شعرية كشفت إعجاب عون بأبي الطيب وأبي العلاء اضافة الى ميوله الفنية والوجه الآخر من "شخصية الجنرال"... وهنا متابعة للحوار: للأحداث التي وقعت أثناء اقامتك في قصر بعبدا رواية أخرى أوردها رئيس الوزراء السابق الدكتور سليم الحص في كتابه عهد الهوى والقرار. - لقد سميت كتابه عن تسلية الهوى والشباب. وإذا نظرنا الى الكتاب نظرة جدية نجده عملاً صحافياً من نوع سيىء. فلا هو كان صاحب قرار في الأزمة ولا أنا كنت صاحب هوى. لقد تجاهل عمر الأزمة وجذورها. وهنا يصدق القول: ان كنت تدري فتلك مصيبة أو كنت لا تدري فالمصيبة أعظم. ولمناسبة الحديث عن كتاب الرئيس الحص هناك مقدمات لكتب أعدها الأستاذ غسان تويني والأستاذ فؤاد بطرس وهما من أصحاب المعالي وتقلدا مسؤوليات في السياسة الخارجية للبنان سواء في الأممالمتحدة أو في وزارة الخارجية. وأقول لهما انه لا يجوز اخفاء الحقيقة الى هذه الدرجة، وأقصد حقيقة الأزمة. وآسف أن يقدما لكتب تتجاهل مراسلاتي أثناء الأزمة وان يعطياني أفكاراً وان يفكرا كمتفرجين. مسموح لمواطن عادي غير مطلع أن يكتب على هذا النحو، لكنه ليس مسموحاً بالتأكيد لأناس في مركز المسؤولية ويعرفون الوقائع الرسمية في تلك السنتين والمراسلات التي خرجت من بعبدا والمواضيع الأساسية المطروحة، ان يعالجوا المسائل بهذه السطحية. الكتب - الخدعة لنسأل إذاً عما هو أقرب الى الحقيقة في ما كتب عن تلك المرحلة وهل تعتبر ان كتاباً ما عبر عن حقيقة الأزمة وحقيقة موقفك؟ - لا. كلهم يعبرون عن حادثة جزئية. لم تصدر كتب تعبر عني. أنا لا استطيع ان أتصور كيف يدعي انسان أنه كتب كتاباً عني وأنا موجود ولم يتحدث إلي وطبعه في لبنان في الظروف المعروفة. ماذا تراه سيكون؟ هل يمكن أن يكون اعلاناً للحقائق التي كنت أدافع عنها أم انه سيكون خدمة للاحتلال؟ لو كان الكتاب يخدم الحقائق الأساسية لما سمحوا بصدوره في لبنان وكان الكاتب حكم عليه بالاعدام. وأحياناً حتى وان تركوا حادثة معينة معروفة تظهر كما هي وتتضمن بعض الايجابيات، فإن الأمر نوع من الخدعة لجعل القارئ يصدق الأقسام التي لا يستطيع التأكد منها والتي كذبوا فيها. ومحترفو الكذب في عالم الاعلام يتقنون هذه المسألة. ثم انها ليست كتباً ذات قيمة فهي لا تبحث في أصول الأزمة أو في تحديد طبيعتها. حتى الآن لم أقرأ كتاباً يحدد الأزمة وهل كانت ظرفية أم وجودية، أو هل كانت حول رئاسة جمهورية أو وزارة أو مقعد نيابي. هل يمكن مثلاً معالجة الأزمة اللبنانية من دون معرفة طبيعتها؟ أنا أعتقد بأن الأزمة لو لم تكن وجودية لكان كل ما فعلته خطأ. أزمة وجودية وأنا لدي اثباتات. بماذا يختلف طرحك عن طرح القيادات التي تعاقبت في لبنان المستقل؟ - كل الذين حكموا لبنان منذ وعيي أنا حكموه بنظرة فوقية ونوع من التلاعب بشعور الناس من دون توفير فرصة مساهمة فعلية للشعب. كانوا فوقيين. تجمع نواب ظرفي لدخول الحكومة. تجمعات حسب الظروف. لا أفكار سياسية لا داخل الطائفة ولا داخل الوطن. لم يحاول أحد على الصعيد الوطني بناء المواطن ولم يؤسس أحد لايجاد مبادئ وقواعد ثابتة للحكم. كلها معالجات ظرفية وفق مصالح آنية وغالباً ما كانت سياستنا الخارجية نتيجة همس من القوى الخارجية. لم تتكون في لبنان أي مجموعة سياسية مرتكزها وطني وعلمي تبحث في مقومات لبنان ومصالحه السياسية والأمنية والاقتصادية وترسم السياسة في ضوء هذه المصالح. كانت نوعاً من الطرح العفوي من دون مرتكزات صلبة ومن دون غاية واضحة. عمل فوضوي. شمعون وشهاب وحلو وسركيس وبشير في بداية حياتك العسكرية من هو السياسي الذي كان نهجه قريباً من تفكيرك أو تصورك للوضع؟ كميل شمعون مثلاً؟ - في كل شخص استهوتني صفات عدة. ماذا كان الأهم في كميل شمعون؟ - في الرئيس شمعون نظرته الى المستقبل دائماً. لا يتطلع الى الوراء، فضلاً عن الذكاء. الوصول الى المراكز القيادية يفترض وجود صفات معينة. لم يكن يفكر في الماضي، وظل حتى وفاته مشدوداً الى الغد. أعتقد بأن الرئيس شمعون في السابعة والثمانين كان أكثر شباباً ممن هم في العشرين. يوم تخرجت من المدرسة الحربية سلمك السيف الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب، ماذا كان يستوقفك في نهجه؟ - كانت نظرته الى الدولة عظيمة لجهة انشاء المؤسسات. مسألة عمق هذه المؤسسات وحاجتها الى تطوير شيء آخر. كانت لفؤاد شهاب فكرة المؤسسات. وانشاء المؤسسات مرتكز علمي لترسيخ الدولة وتنظيمها. هو أول رئيس ادخل هذا المفهوم وبدأ بالبناء على أساسه. هل أخذت نظرتك الى أهمية المؤسسات عن الشهابية؟ - أنا بدأت من المؤسسة العسكرية، وهي مؤسسة تقوم على الهيكلية والنظام وتوزيع المسؤوليات والصلاحيات. لا يمكن تصور دولة بلا مؤسسات عصرية ومتطورة. وهذه قناعة دولية عامة. أهمية فؤاد شهاب انه حاول نقل لبنان من ذهنية العشيرة الى ذهنية المؤسسة. وشارل حلو؟ - ثقافته الواسعة ومعرفته بالتاريخ والواقع اللبناني وهو رجل تفاهمي. اذا لم يستطع المرء التفاهم مع الرئيس حلو فهذا يعني أنه لا يستطيع التفاهم مع أحد. هذا في الصفات الشخصية، أما في السياسة فهناك مآخذ: أنا شخصياً ضد اتفاق القاهرة لأن المقاومة نفسها يفترض الا تبرم اتفاقاً مع دولة حتى ولو كانت الدولة ستغطيها. حركات المقاومة يجب أن تكون سرية فكيف نريد تنسيق عملها معنا؟ فريق يريد شن عمليات ضد دولة تملك أجهزة استخبارات فاعلة ويبرم اتفاقات علنية ويتحدث عن شروطها! هل كانت لك علاقة مع الرئيس الراحل الياس سركيس؟ - في آخر عهده. في أول سنتين لم أكن مباشرة معه ثم ذهبت الى فرنسا لسنتين، وفي الفترة اللاحقة تسلمت أمن خطوط التماس وبدأت علاقة واستمرت. هل سركيس مظلوم في تاريخ لبنان الحديث؟ - بأي معنى؟ هل كان استمراراً للرغبة في انقاذ المؤسسات لكنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه؟ - يوم وصل سركيس كانت السلطة تآكلت. كان فاقداً القرار الأمني نهائياً على رغم القول ان قوات الردع العربية في تصرفه. كانت صلاحياته في هذا المجال شكلية ويا للأسف، ولكن يجب تسمية الأشياء بأسمائها. لم يكن هو من يفتح النار ولا من يوقف اطلاق النار. كانت النار تطلق باسمه وتوقف باسمه، لكنه لم يكن صاحب الخيار. والوجود السوري الكثيف في لبنان أفقده القدرة على التحرك السياسي. أقصى ما كان لديه هو قدرة على التجميد والانتظار لضمان استمرار وضع لم يكن قادراً على تطويره. الياس سركيس كإنسان كان رجلاً رصيناً وعصامياً ويدرك أهمية المؤسسات. مجرد وصوله الى رئاسة الجمهورية من دون الانطلاق من إرث عائلي أو حزبي يشهد لكفاءته. ماذا كان رأيك في ظاهرة صعود بشير الجميل؟ هل كانت بينكما علاقة شخصية وهل كنت معجباً به؟ - لماذا تصر على الأسئلة ذات الطابع الشخصي. العلاقة في السياسة تختلف عن العلاقات بين نجوم السينما يضحك. الشعب اللبناني تواق الى التغيير وبشير الجميل جسّد حركة تغيير اللبنانيين وحركة مقاومة فتبعوه. اليوم هناك هوة في التفكير بين الشعب اللبناني والقيادات السياسية الحالية. بعضهم لا يزال يدلي بتصريحات تشبه تصريحات 1943. الأشخاص أنفسهم تقريباً. لم يتغيروا. والحاليون يدلون بتصريحات منسوخة عن منهج البعث. لا شيء يتعاطى مع حاجات اللبناني الفعلية وطموحاته الفعلية. حالة انفصال كاملة. ولأن الشعب لا يصدق ما يقال يمتنع عن سماع نشرات الأخبار ولا يجتذبه أحد. القيادة الشعبية يجب أن تعبر عن حاجات الناس وان تجيب عن اسئلتهم وتساؤلاتهم. من يجهل الحاجات والتساؤلات يستحيل أن يدعي القيادة الفعلية. تركيبة مزيفة كيف تنظر الى الوضع القائم؟ - كل شيء غلط. تمت عملية فرض إرادة وأوجدت سلطة مزيفة ومجلس مزيف ومؤسسات مزيفة. اللعبة بأسرها مزيفة والشعب مُغيّب. الشعب يدور في فلك وهم في فلك آخر. ليست هناك نقطة اتصال. المضحك هو انك تسمع كبار المسؤولين لا يترددون في الحديث عن الدستور والسيادة والاستقلال. عيب! على الأقل يجب ان يشعروا بالخجل ويسكتوا. آخر انسان في العالم يعرف القصة. انه زمن الأدوات والأوامر الوافدة والجاهزة. ثلاثة أرباع الوزراء لا يعرف بالتشكيلات في وزاراته. مرحلة اسفاف كامل. صدقني لا أجد العبارات المناسبة. وزير الداخلية لا يستطيع نقل رئيس مخفر من مكان الى آخر. لا أعرف إذا كانوا اخترعوا للسيادة مفهوماً غير المفهوم المتعارف عليه في العالم. لديهم موهبة عدم الرجوع الى القاموس. ولكن هناك اجواء استقرار اقتصادي وجهود إعمار؟ - انه جانب اعلامي فقط. ما يجري هو مشروع لوضع اليد قانونياً على أملاك الناس، بعدما انتزعوا منا الهوية انتقلوا لانتزاع أملاكنا الخاصة. هذا القانون غير دستوري أصلاً لأنه لا يحترم الملكية الفردية وهو يشكل سرقة موصوفة ارتكبها مجلس النواب. الشركة العقارية لا علاقة لها بالموضوع وهي تعاطت فيه كما يتعاطى أي تاجر وصاحب مصلحة همه المحافظة على مصالحه. بيروت لا يجوز ان تستملكها شركة. مركز العاصمة بجميع أوجهه ماذا يمنع أن يكون هناك إعمار وان يشكل أصحاب الحقوق شركات صغيرة... وهكذا تُبنى بيروت بتدرج ووفقاً للحاجة، أوليس أفضل من إعمارها وعرضها للبيع؟ لا يجوز احتكار قلب العاصمة. الأميركيون ومحضر الفشل هل هناك جديد بينك وبين الأميركيين؟ - الأميركيون كتبوا محضر فشل بالحالة اللبنانية. تقصد انهم يعتبرونه عاجزاً عن حكم نفسه. - وقع الأميركيون في الاثنين، فلا عملية ضم لبنان نجحت واراحتهم منه وهذا كان الحل الأول بعد 13 تشرين. ولا يستطيعون من ناحية أخرى التقدم أي خطوة بالحكومة الحاضرة. اسأل بأي صفة يعتبر الفريق الموجود حكومة؟ انها موظفة عند رب عمل غير لبناني وتعمل له. بينها وبين الشعب انفصال وانفصام. مصيرها معلق بإرادة صاحب الشركة والرضوخ هو وسيلة الاستمرار. حتى الشكليات لم تعد موجودة. عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري أعلن أمام قصر بعبدا ان الحكومة باقية حتى عام 2010. غريب! على الأقل كان يفترض مراعاة الواجهة المحلية لتستمر في تأدية خدماتها. هل من جديد مع ادارة كلينتون؟ - أنا لا أتعاطى مباشرة. لقد أوجدت مؤسسات لبنانية اغترابية ومرتكزها شعبي وليس فوقياً. كل واحد يقول انه سيعمل بمفرده للقضية اللبنانية يكون هاوياً. أنا لا أقبله سواء كان قائداً أم انساناً عادياً. لا احترم عمله السياسي. المؤسسات هي القادرة على تمثيل الاغتراب اللبناني. والأبواب مفتوحة مع الادارة الأميركية. ومع فرنسا؟ - الشيء نفسه. لدينا لقاءات دورية بواسطة المؤسسات الموجودة في فرنسا. أما لقاءاتي مع وزير أو نائب أو سياسي فرنسي صديق فهذه لا علاقة لها بعملي السياسي الرسمي الذي يتم عبر المؤسسات التي تقدم أوراقاً وشعارات. ألا تعتقد بأن زخم التيار المؤيد لك قد تراجع؟ - لا. بل ترسخ. ربما خسر من ظاهر بعض الشيء بحكم الظلم والاستبداد والضرب والاعتقالات والانتهاكات لأبسط حقوق المواطن والانسان لم تعد سراً. المتنبي وأبو العلاء كيف تمضي وقتك هنا؟ - وقت لجسمي ووقت لفكري ووقت للناس. رياضة واستقبال أناس وقراءة. ماذا تقرأ في هذه الأيام؟ - أقرأ خصوصاً الكتب التي تصدر عن لبنان، اضافة الى متابعة الأحداث والتطورات. حرام ان تكتب عن لبنان وهذه المرحلة الحساسة في ظل السيطرة القائمة. من هو الكاتب الذي تحبه؟ - كثر. الكاتب الذي تتفاعل معه؟ - لن أجيبك. كثر. من الشاعر الذي تحبه؟ - أبو الطيب المتنبي وأبو العلاء. لماذا أبو العلاء؟ - هذه الأسئلة ليست من ضمن الاتفاق يضحك. لكل اتفاق ملاحق. - لدى أبو العلاء شعر حكمي جيد. وهو صاحب مواقف. صاحب ضمير متطور وعال. الشكوك لديه وما أثارته من أسئلة كانت تعكس رغبته في أن يكون الانسان شريكاً في ادارة الكون. لقد كان انساناً متطوراً في مجتمعه، فضلاً عن جمال شعره. المسألة ليست فقط في التشاؤم لدى أبو العلاء. وهذا التشاؤم نفسه يجب الغوص فيه في ظروف الشاعر كما في ظروف مجتمعه. أليس هو القائل "هذا ما جناه أبي علي وما جنيت على أحد"؟ كان لديه القلق والشعور بالتحدي المطروح على الانسان. يجب الالتفات الى ما وراء التشاؤم من داء اجتماعي ورؤية فلسفية. وكان يجيد قياس نفسه. فقد قال: بعوضة أنا في الدنيا لكن لما أرى بعض الورى فكأني بينهم فيل. أما أبو الطيب فمن الناحية الشعرية لم يخسر من آنيته. أحياناً تشعر كأنه كتب شعره الآن كأنه موجود معك، لديه الصورة والبنية الشعرية. كان يحكي شعراً. كان محقاً حين قال: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم كلامه لم يهرم ولم يسقط منه شيء. لامس مناطق مهمة واجتاز الزمان وبقي حديثاً. وشعره الحكمي أيضاً: عبر من الحياة وصياغة جميلة. وهناك حديث أبي تمام عن الحب الأول حين قال: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل صورة تواكب الانسان في كل مراحل حياته. حين تقول البيت الثاني هنا تعطيه معنى وطنياً؟ - أكيد، خصوصاً حيث كانت طفولتي في حارة حريك، فمهما تشوهت بفعل الاسمنت البناء تبقى صورتها جميلة في داخلي. وماذا بعد عن المتنبي؟ - المتنبي وضع حجراً في هرم الحضارة. كثيرون اعتبروا من الشعراء الكبار لكنهم أدنى منه. الرأي والخيل والليل نسيت الخيل والليل والبيداء؟ - كان له الحق في ذلك، فالفخر كان من روحية العصر. ما يجذبني اليه ليس هذا النوع من الأبيات. تصور ماذا يقول: الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني في حين ان أبا تمام قال: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب وإذا شئت في هذه المناسبة ان ارسل شيئاً الى الحكم والحكومة فانني اهدي اليهم بيتاً من شعر المتنبي هو: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام وهناك رأي المتنبي في المرأة خصوصاً لدى رثائه والدة سيف الدولة يقول: فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال ولو كان النساء كمن فقدنا لفضلت النساء على الرجال هناك الفكر والوجدان والقدرة على صوغ التجربة والتقنيات. وهو القائل: لو كل كلب عوى ألقمته حجرا لأصبح الصخر مثقالاً بدينار وهناك أيضاً: لك يا منازل في القلوب منازل اقفرت أنت وهن منك أواهل هل استهواك شاعر في العصر الحديث؟ - كلهم لديهم أشياء. هناك بشارة الخوري وخليل مطران والياس أبو شبكة وايليا أبو ماضي. لديهم أشياء أفضل من أشياء. نتاجهم ليس على المستوى نفسه. لهذا يستهويك لديهم شيء ولا يستهويك الواحد منهم بكليته. ولكن الآن ذهبت أيام الشعر. لم يعد لدينا وقت لقراءته. الوقت ضيق. وأحياناً نطلع على الكتب من خلال الموجزات. الرحابنة وماجدة الرومي من المطرب الذي استهواك؟ - اجمالاً كمدرسة فنية متكاملة، الرحابنة. لقد كانوا وما زالوا مدرسة فنية متكاملة يجمعون في مسرحياتهم، وهي هادفة، جمال الحوار والصوت والحركة. عملهم الفني كامل مع هدف ترقية الانسان من واقعه السيىء الى وضع أفضل وأرفع. انتقاد السلبيات وفتح آفاق. هل تحب "جبال الصوان"؟ - كلهم من الناحية الجمالية والمضمون والهدف. ماذا تشكو "فخر الدين" و"بترا" و"جبال الصوان"؟ هل يستوقفك في "جبال الصوان" رفض مدلج فتح البوابة وتفضيله دخول المهاجمين بالقوة؟ - هذه صورة تمثل أزمة الوجود. لو كان هذا السلوك في أزمة ظرفية لكان خطأ. هذا مشهد مهم. لا تكرس حقك الا بهذا الموقف. وهناك أيضاً ماجدة الرومي وهي الفنانة اللبنانية الملتزمة التي ترفع الفن. انسانة في شخصيتها شمولية لصفات عدة، فهي الأم والمرأة النموذجية والفنانة الراقية. انسانة متكاملة. الجنرالات الذين يتعاطون العمل السياسي أو الوطني يهجسون بالتاريخ هل تخشى ان يكتب التاريخ ضدك كيف تفكر في هذا الموضوع؟ - لست خائفاً من لعنة التاريخ ولا كثير الاهتمام بمباركة التاريخ، وأنا أريد الحديث من زاوية تربوية. الانسان الذي يقود سفينة يجب أن يوصلها الى المرفأ الأمين. حين أقول لعنة التاريخ أقصد السفينة المتجهة الى الهلاك. تخاف من التاريخ حين تأخذ السفينة الى الهلاك. لا مبرر للخوف حين تأخذها الى الخلاص. التاريخ يلعن من أهلك السفينة ارتباطي بمصيري الشخصي ومصير شعبي هو نفسه. أنا لست من أولئك الذين يعتبرون الهم الوطني مرحلة، أي ان أعمل كل شيء لتنجح حياتي الخاصة بأي غطاء، كأن أتولى السلطة وأعمل خادماً لقوى غير لبنانية. هذا ليس من طبيعتنا. طبيعتنا أن نعني كل ما نقول وان نفعل ما نعني. الطقم السياسي في لبنان كان يقول ما لا يعني ويعمل ما لا يقول ولم تكن الدائرة مترابطة. اليوم في الأزمات الكبرى ولكي تستطيع ان تجمع شعبنا يجب أن تقول له ماذا تريد وأن تعني ما تقوله وتفعل ما تقوله. اما الذين يسلكون طريق الخدعة فأنا أقول لهم ان الخدعة تؤمن استمرار الأزمة ولا تؤمن شيئاً آخر. نحن لا نزال في قلب الأزمة لأنه ليس هناك حالياً من يقول للشعب الشيء الذي يريد أن يعمله أو أن يعمل على أساسه. الازدواجية والثلاثية في الشخصيات الموجودة تمنع كل تقدم إيجابي في أي ميدان كان سواء كان سياسياً أم اقتصادياً. لا نزال في مرحلة الانهيارات. لحظة الألم الكبير يبدو أحياناً كأن مزاجك أقرب الى الحزن؟ - لا ولكن مع الأيام تطور الى طبع يقوم على التأثر والهدوء في الوقت نفسه. ما هي لحظة الألم الكبيرة في حياتك حتى الآن؟ - أصعب شيء عند الانسان يغالب الجنرال دموعه على الصعيد الشخصي أكبر لحظة ألم حين فقدت أمي. يمكن الشيء الأكثر إيلاماً هو أن يخسر المرء أحداً من أولاده لأن ذلك ليس من سنة الطبيعة أصلاً. وفاة أمي آلمتني كثيراً. لا تستطيع أن تمنع نفسك من الألم. في أي سنة توفيت؟ - سنة 1985. ماذا ورثت عن طباع أمك؟ - كانت قوية في طبعها وخفرة في آن . تحترم تماماً خصوصيات الناس. أبي كان صاحب حق. كانت فلسفته في الحياة "ادفع دائماً حق غيرك وإذا أردت أن تتساهل فتساهل بحقك". أنت أصلاً ابن وضع مادي صعب؟ - نعم. لم يكن سهلاً أبداً. اضطررت الى قطع دراستي لمدة سنتين. لكن الحاجة علمتني حب الاستغناء وليس الاقتناء. ومن ذلك الوقت وأنا اعتبر أنني، وإن كنت لا أدخن فإن كل دخان العالم تحت تصرفي. وإذا استغنيت عن السيارة للذهاب الى عملي فكأنني أملك رولز رويس. ربما كانت هذه الفلسفة صعبة. هذا هو الاستغناء، رتب حياتك على أساسه فتشعر بالارتياح. أنا إذا أردت ان أعد ميزانيتي الآن أشعر بأنها بالمليارات. الاستغناء يعطيك انطباعاً بامتلاك الشيء نهائياً. أعتقد بأن السعادة أو عدم السعادة هو وليد التوازن الداخلي لدى الانسان. اذا كان الانسان متوازناً ويستطيع العيش بما لديه من دون شعور بالحرمان فهو سعيد، والا إذا فتش عن السعادة خارج توازنه الداخلي فإنه سيلهث حتى الموت ولن يلتقي السعادة. الحسابات والاتهامات هل تحصل على راتب الآن؟ - لا فكل حقوقي المادية محجوزة بما في ذلك حساب التوفير الذي فتحته أنا وزوجتي يوم تزوجنا. يضحك محجوز. كيف تعيش الآن؟ - لماذا لا تسألني عن أملاكي؟ اسألني عنها. أريد أن أسألك كيف تعيش في غياب الراتب والتعويضات؟ - من كان مثلي يسألونه عن أملاكه لا كيف تعيش... السؤال كيف أعيش اهانة للشعب اللبناني كله ولا نريد اهانة الشعب. وما قصة الحسابات وملايين الدولارات؟ - على شاشة التلفزيون رمى الرئيس الياس الهراوي أوراقاً وقال هذا توقيع العماد عون وقد حول أموال الدولة باسمه واسم زوجته. وأحلت على المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وتحويل أموال الدولة لمسائل خاصة. تصور: هذه الحكومة مع كل ما تضم، مع حفظ الألقاب، من أصحاب المهن الحرة قبل وصولهم الى سدة الحكم وباسم كل السيارات المفخخة التي زرعت على الأراضي اللبنانية أحالوني على المحاكمة! قال انني حولت ملايين الدولارات الى الخارج باسم زوجتي! القصة ان أموالاً وضعت بتصرفي شخصياً حين طلبت مساعدات. جاءتني أموال وكنت أدفع منها الرواتب وما يترتب على المؤسسات العاجزة وحللنا مسألة النفط. مساعدات جاءت لتوضع بتصرفي شخصياً غير التبرعات من أبناء القرى والتي وضعت في حساب استولوا عليه وصرفوه. أول حساب كنا نغذيه حتى نستطيع أن ندفع لعائلات الشهداء. الأموال التي كانت باسمي الشخصي كانت موضوعة في ال BNPI أنا رفضت ان أضعها في حساب خاص في لوكسمبورغ أو غيرها. أردت ان تبقى المسألة شفافة. ربما لأحمي نفسي من نفسي أولاً. الانسان ضعيف حين تصبح الأموال سرية ربما وقعت في التجربة. أردتها ان تبقى حيث وضعت ليكون واضحاً مصير كل قرش. جاء شارلوك هولمز منصور وزير الدفاع البير منصور وقال انه نفذ عملية وكشف وجود 15 مليون دولار. لماذا تعذب؟ ليسألني. أنا كنت أطلب المساعدات علناً. أرادوا نشرها في "الكنار انشينيه" صحيفة فرنسية فاتصلت الصحيفة بي وسألني الصحافي هل هناك 15 مليون دولار باسمي واسم زوجتي فقلت له نعم، وهناك حسابات أخرى. قال لماذا وضعتهم باسم زوجتك فأجبت "وهل يعقل ان أضعهم باسم زوجتك أنت يضحك؟ من أقرب من زوجتي لتكون أمينة على أموال موضوعة بتصرفي الشخصي؟ لم تأت هذه الأموال للحكومة. أنا طلبتها علناً وجاءت. البنك المركزي أوقف تعامله معنا. بماذا أقاوم؟ بالبطاطا؟ حصار مالي وحصار اقتصادي. أنا كنت أقاوم ولم أكن أتبع الأسلوب العادي. جاءت الأموال فحملناها الى بنك أبو جودة في بيروت، وبدأوا يحسبونها خرجت من لبنان ورجعت وانتقلت... وصاروا يجمعون الملايين. مرة تحدثوا عن خمسين مليون، ومرة عن مئة مليون. والآن، بما أنهم سبق لهم ان أقاموا دعوى والملف موجود والحسابات موجودة عندهم وكلها في وزارة الدفاع ومع المسؤولين عن الحسابات - أنا لم أكن أمسك الحسابات، كنت أعطي أوامر بالدفع ومسؤول عن كل عملية من هذا النوع - أطالبهم بالعثور على ثمن فنجان قهوة أخذته من هذا المبلغ وان ينشروا ذلك في الصحف. اذا أرادوا ان يكونوا حكومة قانون فليرفعوا الحظر عن هذه الأموال. هذه الأموال ليست لهم ليست للدولة ولم تأت للدولة. عرضوا علي الكثير كم مقدار هذه الأموال؟ - لا أعرف بالضبط كم أصبحت مع فوائدها 10 ملايين أو 13 مليون دولار. حسابات العائلة الفردية شيء آخر وهي مجمدة ككل حقوقي المادية كقائد جيش وتعويضاتي. هناك شيء آخر لا يعوض. على كل حال لو كان هذا المبلغ يهمني لقبلت بما عرض علي وكان أكبر بعشر مرات. يومها قلت لمن عرض لا وقت عندي لصرف هذا المبلغ، أما إذا كان ثمن لبنان فاعتبر المبلغ زهيداً جداً. كم كان المبلغ؟ تحدثوا عن 30 مليون دولار؟ - أترك لأصحاب العلاقة الذين جاؤوا الى لبنان آنذاك ان يتحدثوا عن هذا الموضوع. لا شك في انهم دونوا مذكراتهم. وهذه الحادثة تاريخية ومهمة. آمل ان تسمح الظروف لأصحاب العلاقة بالإدلاء بشهاداتهم أمام التاريخ. من كان أبرز رفاقك في المدرسة الحربية من الذين تولوا مراكز قيادية؟ - كلهم تركوا الجيش الآن. لا يسأل العسكري عن الشجاعة ولكن أريد ان أسألك عن لحظة الخوف؟ - كل لحظة فيها خطر على الحياة فيها خوف. الشجاعة ليست عدم الخوف. الشجاعة هي التغلب على الخوف. ان تخاف فذلك شعور طبيعي ولكن ان تتغلب على خوفك فهذه هي الشجاعة. حكي الكثير عن نفقات حراستك؟ - لم تطوع الحكومة الفرنسية أشخاصاً جدداً لتولي حراستي. أخذوا من الأجهزة الموجودة أصلاً. وهي أجهزة تعتبرها الدول ضرورية. انها جزء من أجهزة الأمن لديهم وليست هناك نفقات اضافية. بين مرسيليا وهنا هل اكتشفت أي محاولة لاغتيالك؟ - لا. الحقيقة ان التدابير الأمنية لا تترك أي مجال باستثناء استخدام القنابل الذرية. يحتاج الأمر الى عملية بالغة التعقيد. لمن هذا البيت؟ - ملكية خاصة للبناني هو جوزف أبو ديوان. شاب لبناني عصامي. اشتغل وأنعم الله عليه وقدم هذا البيت بكل محبة. كم عمرك؟ - 58 عاماً. كم بقي من السنوات الخمس التي نص عليها قرار ابعادك؟ - هذا الشيء لا يعنيني. بالنسبة إلي لم يبدأ مع صدور القرار بل مع محاولة الاغتيال. عملية الاغتيال مستمرة لكنهم لاحقاً أعطوها صفة النفي. لو قالت لي الحكومة اللبنانية ارجع الآن الى بيروت ورفعنا الاجراء فهل ارجع؟ شخص مثلي بحسه وادراكه وعقله هل يرجع الى بيروت في الظروف الأمنية الحالية؟ وماذا عن داني شمعون وعائلته وماذا عن رينيه معوض وكمال جنبلاط وباقي الاسماء... بشير الجميل ورشيد كرامي؟ غريب ان السلطة في يدهم الآن وكل شيء بتصرفهم. فليعثروا لي على اسم في التحقيق وأنا مستعد للحضور. لماذا لا يكملون التحقيق؟ عون والمعارضة هل هناك اتصالات بينك وبين أركان المعارضة اللبنانية في الخارج؟ - أنا لست رافضاً لأحد. لكنني لا أتصل بأحد لأن وضعي استثنائي. أنا استقبل كل الناس لكنني لا استطيع زيارة كل الناس لأن مواكبتي الأمنية صعبة جداً، سيارات وشرطة. موكب كبير للحماية كلما خرجت. لذلك أتحاشى الخروج ولا أريد ان أكون مزعجاً. ثم هناك خلاف أساسي في التفكير بيني وبين اللبنانيين الذين يتعاطون السياسة. معظمهم يرى المسألة أزمة انتخابية أو ظرفية، من دون الدخول في الأسماء، في حين أراها أنا أزمة وجودية. هم يتصرفون وفق تصورهم ويعطون الأحاديث على هذا الأساس ويتسلون بعضهم ببعض أيضاً وأنا لا وقت عندي. أنا حديثي عن التحرير والاحتلال ووجود لبنان في المفاوضات، وإذا كان هناك من يستطيع الاهتمام بهذا الحديث فقط فأهلاً وسهلاً به. أما إذا كان الحديث عن الانتخابات ودردشات صالونات ومحاولات لفتح القبور فهذا الموضوع لا يعنيني. لا أقصد انني أتناسى من ارتكبوا أخطاء سياسية لكنني أعتقد بأن الناس عاقبتهم وماتوا. هناك من يرضخ أمام المتواطئين في الأزمة. هناك من يقول مثلاً إذا خرج الاسرائيليون سيخرج السوريون. أشعر بأن هذا الشخص جاهل لحقيقة الأزمة فكيف يمكنني التعاطي معه؟ اما جاهل واما متجاهل. هل يضحك على نفسه أم علينا؟ هل ينسى أن دخول القوات السورية سبق دخول القوات الاسرائيلية الى الأراضي اللبنانية؟ من أعطاه الضمانات ليدلي بمثل هذا التصريح وأين الدروس والتجارب؟ هل لديه تعهد أو توقيع يضمن ذلك؟ ولماذا لا يقوله لنا. حين يصبح السياسي اللبناني موزوناً ويقول الأشياء بأسمائها ولا يغش الناس بتصريحاته حينذاك يمكن التعاطي معه. لا أجد هذا النوع من الناس. ماذا سيفعل اذا عاد؟ لنفترض انك عدت الى لبنان فهل تعمل في الحقل السياسي أو الوطني؟ - السياسة بمفهومها الضيق صعب علي أن أعمل فيها. ان أكون مرشحاً لرئاسة أو وزارة... لا. ولكن أن يكون هناك تيار يمثل فكري السياسي وأن أكون مسؤولاً عنه فهذا ممكن. وأعتقد بأنه إذا جاءت هذه المرحلة فسيخوض التيار العوني الانتخابات في كل الدوائر. هذا لا يعني عدم التحالف مع الأشخاص أو الأطراف التي تؤيد البرنامج السياسي. وإذا أعطاني الشعب اللبناني الأكثرية أتحمل مسؤولية التيار وليس ضرورياً أن أكون شخصياً في المسؤولية. المهم ان يعطيني الشعب اللبناني الأكثرية، وإذا لم يفعل يكون هو قرر ذلك. أنا لست ديكتاتوراً ولست مستعداً لأن أكون ذلك كما يتصور بعضهم. حتى ولو حصلت عوامل خارجية وجاءت الدول الكبرى تقول لي أنت عدت رئيساً على لبنان فانني سأرفض أنا لا آخذ السلطة من الخارج ولا أكون في لبنان الا بتفويض من اللبنانيين. عندما يعبر الشعب عبر انتخابات ديموقراطية عن ثقته بتيار معين يصبح من حق هذا التيار تسلم السلطة. بغير ذلك لا أقبل ولو وضعت في تصرفي كل قدرات الدول العظمى. مصير الجنرال ومصير لبنان هل لديك شعور بانك عائد الى لبنان ذات يوم؟ - هذا رهان بيني وبينك، على رغم انني لا أحب كلمة رهان. تذكر جيداً. رهان بيني وبينك. اذا لم يرجع ميشال عون لن يكون هناك لبنان، واذا لبنان بدو يكون موجود فميشال عون راجع حتماً. تذكر. بس إذا راح لبنان ما بقدر أرجع. عائلتك تعيش معك هنا؟ - نعم. هل قبلت بالرهان؟ اذا كان هناك لبنان فأنا راجع. وإذا لم أعد فهذا يعني ان لبنان لن يبنى وانه حذف. إذا جاءت الظروف المواتية وعدت ماذا ستقول للبنانيين؟ - سأقول لهم مرة أخرى: يا شعب لبنان العظيم. وسأقول لهم: حالتنا سيئة وتعالوا لنعمّر وطننا. هل يمكن مثلاً ان يستيقظ اللبنانيون ويكتشفوا انك نزلت على الشاطئ من قارب مثلاً؟ - لا. مش هيك. الأحداث تحدد عودتي. أرى ان الوضع ليس سليماً. الوضع سيتغير. لبنان إما أن يتجه الى الاضمحلال النهائي أي ألا يكون، واما ان تتمزق الصورة ويطل الحكم الفعلي، واما أن يكون لبنانياً أو سورياً. الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، أي أن لبنان موجود وغير موجود. لا يمكن بناء لبنان بالطقم الموجود. اذا كان سيتحول محافظة فتلك مسألة أخرى. وهنا أحتم عودتي. بمن تبني لبنان أوليس بشعبه؟ أنا ممثل أكثرية الشعب اللبناني. هل تعتبر عودتك قريبة؟ - بدأ مسلسل متغيرات قوية. وقد توقعته قبل شهور. حين كنت أقول في بعبدا ان لبنان يجب أن يكون الى طاولة المفاوضات وليس على الطاولة كانوا يقولون ماذا يقول هذا المجنون ومن يتكلم عن المفاوضات اليوم. وتكلمت عن الطاولة المثلثة، أي ان يجلس اللبناني والسوري والاسرائيلي لأن المشكلة مشتركة بين الثلاثة. شرط ان يمثل كل مفاوض شعبه بلا تبعية أو وصاية. عملية السلام تقرب رهانك على العودة؟ - لا تقرب ولا تبعد. لبنان الآن ليس موجوداً. والوجود اللبناني مقتصر على التناقض بين سورية واسرائيل وإذا راح التناقض لا مكان للبنان. تردد مرة انك زرت العراق سراً والتقيت الرئيس صدام حسين؟ - لم يحدث ذلك أبداً. ولم ألتق صدام حسين. في النهاية ماذا تريد؟ - الوطن. محرر وطنه أكبر من هواجس السلطة. المنصب صغير إذا كان هم شاغله التعلق بالكرسي. هذا النوع من الناس يسقط بفعل أزمة ناجمة عن تراكم النفايات.