سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
1993 روسيا تواجه خطر قيام ديكتاتورية متعصبة والجمهوريات الاسلامية مشاكل حدود اميركا ستعيد النظر في اولوياتها والبوسنة قد تشهد عملية دولية واسعة المانيا تهددها العنصرية والاتحاد الاوروبي امامه عقبات واليابان لا تريد ان تستمر قزماً سياسياً
ماذا سيحدث عام 1993 على صعيد اتحاد المغرب العربي، وفي روسيا والجمهوريات الاسلامية الست المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق، وفي الولايات المتحدة مع مجيء الرئيس الجديد بيل كلينتون، وفي البوسنة والهرسك، وفي المانيا واليابان، وعلى صعيد المجموعة الأوروبية؟ عن سؤال "الوسط" هذا يجيب 7 خبراء بارزين في التحقيق الآتي: ميشال جوبير وزير خارجية فرنسا الاسبق، والمطلع على شؤون منطقة المغرب العربي، يعرض في هذا التحليل الخاص بپ"الوسط" توقعاته بالنسبة الى مستقبل الاتحاد المغاربي الذي يضم المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا: "عدت منذ أيام من لندن حيث شاركت في ندوة، حضرها كثير من الاختصاصيين عن الشرق الاوسط، وأعترف ان لا احد من المشاركين اعار اتحاد المغرب العربي أية أهمية. هذا الامر فاجأني، كما فوجئت بالاحكام غير الدقيقة المتسرعة التي اطلقت في صدده، في حين كنت اسمع، عادة، بعضاً من الايجابيات عن اتحاد المغرب العربي نظراً الى الدعم الشعبي الذي يحظى به منذ الخمسينات. اعتقد ان الاتحاد المغربي العربي تعبير عن رغبة ثابتة لشعوب المغرب الكبير التي لولاها لما كانت اهتمت الحكومة المغاربية باقامة البنى السياسية الادارية للاتحاد التي بقيت، في الغالب، حبراً على ورق. ولا شك ان الضغط الذي مارسته القاعدة ألزم القيادة بمسايرتها، سواء بالخطابات التي تشيد بالاتحاد وبالآفاق التي يفتحها، أو بالشحنة العاطفية التي تتضمنها والتي تتغذى من التاريخ واللغة والدين. وباختصار فان القادة اكتفوا باشاعة جو من التفاؤل للاستجابة او بالاحرى لتهدئة الرأي العام المغاربي، ولكن بموازاة ذلك كانت المواجهات تتفاقم بين الدول المغاربية، ان لسبب الخلافات الحدودية، أو بسبب اختلاف الانظمة السياسية او الآثار الناتجة عن مرحلة ما بعد الاستعمار. والنتيجة ان الحدود احكم اغلاقها والانظمة القائمة ازدادت عزلة وان مطامع البعض كانت تواجهها مطامع البعض الآخر. لذا كانت حروب وكانت تحالفات متعارضة. غير ان ذلك كله لم ينجح في ان يقتل لدى الشعب التوق الى الوحدة التي ترتدي من ليبيا الى موريتانيا طابعاً رومانسياً لم تنجح في الغائه انانيات الدول والسياسات المتعارضة. ثمة حقيقتان اثنتان دفعتا بالمسؤولين المغاربيين الى العودة الى فكرة الاتحاد: الأولى هي قيام المجموعة الاقتصادية الأوروبية التي لم يعد في مستطاع المسؤولين المغاربيين تجاهلها أو عدم تقدير اهميتها. والثانية بروز اهمية عامل التواصل الجغرافي كمبدأ اساس للاتصال الحديث والمتزن. وقد وعى المسؤولون ان تجمعاً بحجم الاتحاد المغاربي سيكون له وزن ما في المفاوضات الخاصة بالتجارة الدولية. لذلك فان المسؤولين المغاربيين استفادوا من برود حرارة خلافاتهم ليعلنوا عام 1989 قيام الاتحاد المغربي العربي، الامر الذي تزامن مع بداية التغيرات في بلدان اوروبا الشرقية. بعد ذلك انصب الاهتمام على ارساء بنى الاتحاد السياسية والقانونية وتنظيم قممه واعطائه مستوى. ولقد تناول الاهتمام ايضاً بعض نواحي الحياة العملية، مثل حرية التنقيل للاشخاص والاموال والسلع، الامر الذي اقنع الشعب ان الاتحاد اصبح له، اخيراً، مضمون عملي. وقمة الاتحاد الاخيرة، وان غاب عنها الملك الحسن الثاني والعقيد القذافي، أدت الى امور ثلاثة: ادانة الحركات المتطرفة، تأكيد الاهتمام بأفريقيا السوداء، وإظهار رغبة مغربية عميقة بمباشرة الحوار مع أوروبا. لا شك ان مستقبل اتحاد المغرب العربي خلال عام 1993 والاعوام المقبلة مرهون بفائدته الحقيقية او المنتظرة. وفائدة الاتحاد الحالية انه يوفر على دوله الاعضاء مواجهة مع مواطنيها الذين لا يقبلون ان يحرموا مما يعتبرونه امرا طبيعيا. غير ان المشكلة تكمن في ان الحكومات المغربية لم تجهد كثيرا لاعطاء مضمون عملي، يومي ومحسوس لما يعاش على انه وحدة طبيعية. الاتحاد يساعد المواطن على تحمل عبء نظامه ودولته. ولكن، أبعد من هذه الحقيقة، فان المسألة المطروحة تتناول مصير مئة مليون نسمة !، هم سكان الاتحاد المغربي. واذا ما تفتت الاتحاد، فان مصير هؤلاء سيكون، من غير ادنى شك، الكساد والضياع. واعتقادي ان أية صيغة من شأنها ان تجمع المغاربيين من اجل تحقيق النمو وحيث تستعيد السياسة دورها النبيل، هي صيغة جيدة وملحة ومن هذه الزاوية، يفقد الاطار الذي تتم فيه هذه الصيغة الكثير من اهميته. ان كل المقترحات جيدة طالما انها تساهم في تقدم دول المغرب، أكان ذلك في اطار متوسطي شامل، او في حوضه الشرقي والغربي، او بقيام نظام أمن جماعي او منطقة للتبادل الحر أو ترشيد الانتاج والتبادل او الاستفادة من التجاور مع أوروبا". الجمهوريات الاسلامية وروسيا ميشال تاتو، الكاتب والصحافي في صحيفة "لوموند"، هو احد أبرز الخبراء الفرنسيين في شؤون روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة. وفي هذا التحليل الخاص بپ"الوسط" يتحدث تاتو عن اوضاع روسيا والجمهوريات الاسلامية الست في آسيا الوسطى وما وراء القوقاز، خلال 1993 والاعوام المقبلة: "تجب الاشارة الى ان الجمهوريات الاسلامية الست في آسيا الوسطى وما وراء القوقاز ما زالت خاضعة، في اكثريتها الى الطاقم الشيوعي السابق الذي كان موجوداً قبل زوال الاتحاد السوفياتي. وبمواجهة هذا الطاقم الذي يتخوف من تنامي نفوذ الاسلام ينهض تحالف يضم، في غالب الاحيان، ما يمكن ان نسميه بپ"الديموقراطيين" و"الاسلاميين". وهذا التحالف يفسره العداء المشترك للشيوعيين السابقين. واذا كان صحيحاً ان النفوذ الاسلامي ينمو في هذه الجمهوريات الا ان تقدمه بطيء. غير ان الخلافات الاثنية والعرقية تدخل على الخط، الامر الذي يعقد الاوضاع. وتزداد الاوضاع ابهاماً بسبب الصراعات القائمة بين الجمهوريات نفسها التي تتنافس على النفوذ وتتواجه بخصوص الحدود المتداخلة ببعضها البعض. فالحدود رسمت في الماضي بطريقة كيفية لا تراعي انتشار السكان والاثنيات. ولا شك ان مسألة الحدود قنبلة موقوتة، اذا انفجرت في مكان ما فان امتداداتها ستكون سريعة وستحول كل جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية، وامتداداً حتى افغانستان وربما الى ايران، الى ساحة حرب فعلية. بالنسبة الى روسيا اعتقد انها استقرت، ولفترة طويلة، في دور قوة من الصف الثاني. واذا كان صحيحاً ان روسيا قوة عسكرية عظمى، ولكن يبدو من الصعب ان تحافظ على هذا الموقع في ظل وضع سياسي غير مستقر وفوضى اقتصادية ضاربة، من الصعب الخروج منها في سنوات قليلة. وفي اي حال، فان روسيا، التي ما زالت تلعب دوراً ما في مبيعات الاسلحة، فقدت الارادة والرغبة في ان تلعب دور قوة لها مصالح استراتيجية وسياسية كونية، ذلك ان استعمال القوة وحمل الآخرين على مراعاة المصالح الروسية، يفترضان استقراراً سياسياً وقدرة على اثمان القرار وتنفيذه. والحال ان الشروط الضرورية لانتشار القوة الروسية في الخارج مفقودة وبالتالي فان دائرة النفوذ الروسي، في الوقت الحاضر، هي آسيا الوسطى وعبر القوقاز، في حين ان روسيا فقدت القدرة على التأثير في دول البلطيق وفي الدول الواقعة غرب روسيا. ولا شك ان حاجة روسيا الى المساعدات الغربية تجعل الديبلوماسية الروسية في المحافل الدولية تحذو حذو الدول الاطلسية. واعتقد انه في السنوات المقبلة ستستمر الديبلوماسية على هذا المنوال إلا في حال قيام ديكتاتورية متعصبة قومياً تسعى مجدداً لبناء الامبراطورية السوفياتية باعادة الهيمنة مثلاً على جمهوريات البلطيق والتمدد نحو الغرب. والنقاش الدائر في روسيا اليوم يقوم بين "الأطلسيين" المتعلقين بالغرب والأوراسيين الذين يقولون ان لروسيا مصالح خاصة ووضعاً خاصاً بين أوروبا وآسيا الوسطى وعلاقات متميزة مع دول اسلامية، الامر الذي يفرض عليها سياسة مستقلة ومتوازنة". اميركا - كلينتون الين جوكس مدير مركز الدراسات حول السلام والبحوث الاستراتيجية يقدم، في هذا التحليل الخاص بپ"الوسط"، توقعاته بشأن ما ستكون عليه الولايات المتحدة في عهد الرئيس الجديد بيل كلينتون: "فكرة انطواء الولايات المتحدة على ذاتها تعود دورياً الى الواجهة. الا انني لا اعتقد انها ستتحقق مع الرئيس الجديد بيل كلينتون وعملية التدخل الاميركي في الصومال لا تسير في هذا الاتجاه. فالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، ان بخصوص السيطرة على عدد من المواد الاولية او على الاسواق وعلى الشروط العامة للتجارة الدولية، لم تتغير. وللولايات المتحدة مصالح شاملة في العالم لا يمكن ان تتخلى عنها مهما كان لون الادارة الاميركية. بالمقابل، اعتقد ان واشنطن ستعيد النظر في سلم اولوياتها وتحديداً في سلم عملها العسكري الخارجي للتوافق مع المعطى العالمي الجديد الذي يتميز بغياب التهديد السوفياتي. وأعتقد ان كل ما كان حاضراً في سلّم الاولويات الاميركية كردّ على الاستراتيجية السوفياتية الشاملة سيفقد موقعه، ومن ثم علينا ان ننتظر اعادة صياغة للانتشار الاميركي المباشر في الخارج. ومن ذلك ان عددا من الدول النامية التي فقدت اهميتها الاقتصادية، والاستراتيجية ستضعف درجة الاهتمام الاميركي بها ولن يزعج واشنطن ان تقوم في العالم بؤر توتر وبعض الفوضى، طالما انها لا تمس المصالح الاميركية. الانطواء على الذات هو اذا اعادة تعريف للمصالح الاستراتيجية والشاملة للولايات المتحدة وللمخاطر التي تهددها وتحديد العمليات الخارجية وفق هذه المصالح. والوجه الآخر للانطواء على الذات سيكون في عودة الولايات المتحدة للاهتمام بترتيب اوضاعها الداخلية الامر الذي يعني مجموعة من الاصلاحات، مثل تحديث التعليم والبرامج الاجتماعية والتوظيف الصناعي. ولكن علينا ان ننظر اليها على انها ترتب الداخل للحفاظ على الهيمنة في الخارج. وإذا كانت واشنطن ستستمر في خفض موازنتها الدفاعية، الا انها ستحافظ على تفوقها التكنولوجي والعسكري من غير ان تظهر الحاجة الى انتاج كميات كبيرة من السلاح المستحدث. والحفاظ على التفوق المطلق في ميدان التسلح يبقى الهدف الأعلى للسياسة الدفاعية الاميركية". حرب البوسنة لم تنته ماذا سيحدث في البوسنة والهرسك عام 1993؟ عن هذا السؤال يجيب جوزيف كروليك الخبير في شؤون يوغوسلافيا السابقة: "يمكننا ان نعتبر، من زاوية جغرافية - سياسية وعسكرية، ان الصرب ربحوا الحرب في البوسنة والهرسك. فقد وضعوا اليد على ثلاثة ارباع البوسنة ونجحوا الى حد بعيد، باستثناء بعض الجيوب، في عملية التطهير العرقي وتحقيق التكامل الجغرافي والانسجام الاثني عن طريقين: العمل العسكري وطرد المسلمين في ما اصطلح على تسميته بپ"التطهير الاثني". لكن الانتصار الصربي لا يمكنه ان يكون كاملاً، فمن ناحية القانون الدولي، من الصعب على الأممالمتحدة القبول بالغاء دولة عضو في المنظمة الدولية هي البوسنة والهرسك. وإذا تم ذلك - وهو مستبعد - فسيشكل سابقة لم يحصل مثيل لها في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. والانتصار الصربي سيبقى مفتوحاً اذ ان البوسنيين المسلمين، مع هزيمتهم، سيكونون قادرين على القيام باعمال انتقامية وإرهابية. وعلينا الا ننسى ان النزاع يمكن ان يمتد الى "السنجق" في صربيا نفسها حيث يسكنه 300 ألف مسلم. والسنجق يشكل صلة الوصل ما بين البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفو، بحيث ان الحرب في السنجق ستعني حكماً امتدادها الى كوسوفو، بما يعني ذلك من احتمال تدخل البانيا. ومن المفيد التذكير ان 400 ألف ألباني يسكنون في جمهوية مقدونية التي ستدخل بدورها دائرة الحرب البلقانية وستجر وراءها اليونان، وربما بلغاريا وتركيا. وباختصار، الحرب في البوسنة ما زالت مفتوحة، واحتلال الصرب لثلاثة ارباع البوسنة لا يعني بتاتاً وضع حد لها بفرض الامر الواقع. وفي اي حال، فان الصرب لن ينجحوا في استئصال وجود المسلمين من البوسنة خلال عام 1993 والأكيد ان منطقتين ستبقيان للمسلمين: بيهاش في الشمال ومنطقة ساراييفو في الوسط. ولا يمكن استبعاد عملية دولية واسعة النطاق في البوسنة في الربيع المقبل اي بعد ان يكون الرئيس الاميركي الجديد أمسك بقوة بمقاليد السلطة. اما الحلول السياسية، اذا توافرت الشروط للعمل بها، فستدور كلها حول تقسيم البوسنة الى كانتونات وربما مع الحفاظ على وهم الدولة القائمة. ولكن، في أي حال، سيكون علينا التمييز بين الشكل القانوني وبين الواقع الجيوسياسي الذي يعني التقسيم الفعلي". عنف العنصرية في المانيا الفريد غروسير، الرئيس السابق لمعهد العلوم السياسية في باريس والاخصائي في الشؤون الألمانية يسجل في هذا التحليل الخاص بپ"الوسط" انطباعاته عما ستكون عليه المانيا عام 1993: "المشكلة الرئيسية التي ستواجهها المانيا خلال 1993 والاعوام المقبلة هي التنمية الاقتصادية للمناطق الخمس التي كانت تشكل ألمانياالشرقية. واعتقد ان هذه المشكلة تحتوي على بذور الانفجار الاجتماعي في المانيا. فالحكومة تعي اهميتها، الا ان ثمن الوحدة الألمانية يبدو اكبر بكثير مما كان متوقعاً، والدولة لا تعرف من أين ستأتي بالاموال اللازمة. وما يقوله المستشار كول عن فرض ضرائب اضافية يتضمن الكثير من المراوغة لأن جباية هذه الضرائب ستبدأ بعد العام 1995 أي بعد الانتخابات الجديدة. بالطبع، لدي مخاوف كثيرة من عنف العنصرية في المانيا. ونصيحتي ألا نخاف من ألمانيا ولكن ان نتخوف على المستقبل الألماني مع الألمان الذين يبدون المخاوف نفسها. وعلى رغم وجود عناصر ايجابية مثل الوعي القوي لمخاطر العنصرية والتعرض للاجانب وعلى رغم الاجراءات المتشددة للحكومة لمحاربة النازية الجديدة، فانني لا أخفي قلقي فالوضع في المانيا خاص، فهناك 600 ألف لاجئ دخلوا الى المانيا هذا العام ونسبة 4 في المئة من هؤلاء ربما لن تحصل على حق اللجوء حسب القانون. الا ان الآخرين، اي الاكثرية الساحقة ستبقى في المانيا. وإذا كان لألمانيا ان تمارس سياسة الطرد، فان عليها ان تخرج سنوياً باستثناء العام الحالي حيث الارقام اكثر ارتفاعاً حوالي 300 ألف شخص، في الوقت الذي تستقبل فيه دولة مثل فرنسا آلافاً عدة". عقبات تواجه الاتحاد الأوروبي روبير بيستولفي الخبير في شؤون المجموعة الاقتصادية الاوروبية يطرح، في هذا التحليل الخاص بپ"الوسط"، تساؤلات عدة عن اوضاع ومستقبل الاتحاد الأوروبي: "السير نحو الاتحاد الاقتصادي والسياسي الاوروبي، المتمثل بالتصديق على معاهدة ماستريخت، يعترضه نوعان من العقبات: الأول: يتناول كيفية الاستمرار في عملية التصديق، والثاني يتعلق بقدرة المجموعة الاقتصادية الاوروبية على التعاطي مع دول وسط وشرق اوروبا من جهة ومجموعة الدول العربية والمتوسطية من جهة اخرى. ويبرز تساؤل حول مستقبل التصديق على المعاهدة في الدانمارك وفي بريطانيا وثمة مخاطرة سياسية ودستورية تنبع من غياب اليقين بأن الدولتين المعنيتين ستقومان في النهاية بالتصديق على المعاهدة. وإذا امتنعت احداهما عن القيام بهذه الخطوة الضرورية فان مستقبل المعاهدة ككل ومستقبل البناء الاوروبي الموحد سيصاب بالخلل. والثابت الآن هو أن المعاهدة لن تدخل حيز التنفيذ في المهلة المقررة لها أصلاً، أي ان بداية العام 1993. ولا احد يخاطر، حالياً، بأي توقع حول المستقبل ولا حول كيفية الخروج من هذا المأزق. اضف الى ذلك ان السير نحو الاتحاد النقدي والاقتصادي، الذي هو اساس المعاهدة، يبدو، في ظل الازمات الاقتصادية الحالية موضع شكوك. ويقيني ان البريطانيين سيسعون الى افراغ المعاهدة من مضمونها وتحويلها الى مجرد اطار لمنطقة تبادل حر ليس إلا. يبقى النوع الثاني من العقبات، وهذا يطرح مستقبل توسيع المجموعة الأوروبية، وانضمام دول جديدة اليها. ومن المؤكد ان الصعوبات الحالية ستؤخر تحقيق مثل هذه المشاريع وبالتالي اعتقد انه من الصعب ان تكون للمجموعة سياسة دينامية ازاء شرق ووسط أوروبا، كما اعتقد ان سياسة اوروبا تجاه دول المتوسط والعالم العربي ظهرت حدودها في حين تبخرت كل مشاريع التعاون ونقل التكنولوجيا ومشروع مارشال للشرق الاوسط، وكلها ظهر بعد حرب الخليج مباشرة". اليابان مارد سياسي؟ جان ماري بويسو اخصائي في شؤون اليابان وقد اصدر اخيراً كتاباً بعنوان "توسع القوة اليابانية". في هذا التحليل الخاص بپ"الوسط" يقدم بويسو تصوره لمستقبل اليابان: "من الضروري ان نتذكر ان "الديت" مجلس النواب الياباني صوّت على قانون يتيح للحكومة ارسال قوات يابانية الى الخارج، في اطار عمليات حفظ السلام وباشراف الأممالمتحدة، وشرط ان تحصل الحكومة على موافقة "الديت" لمثل اي عملية من هذا النوع. وهذا التغير يحطم مبدأ ثابتاً في اليابان لما بعد الحرب العالمية الثانية. الا انه يندرج في اطار استراتيجية يابانية تهدف الى تمكين اليابان من احتلال مقعد دائم في مجلس الامن الدولي، الامر الذي يفترض ان تكون اليابان مؤهلة ومستعدة للمشاركة في عمليات المنظمة الدولية. اذاً، التدبير الياباني استراتيجي سياسي وليس فقط استراتيجياً عسكرياً. ويترافق هذا التوجه مع نزعة ثابتة لتقوية القوات المسلحة اليابانية التي لم تخضع موازنتها للتقشف والتي يمكن اعتبارها ثالث اكبر موازنة عسكرية في العالم. فالجيش الياباني يملك 12 ألف دبابة من الطراز الحديث، في حين ان الجيش الفرنسي لا يملك سوى 750 دبابة. ولدى اليابان صناعة عسكرية متطورة للغاية تصنّع كل ما تحتاج اليه القوات المسلحة اليابانية. في رأيي ان اليابان تسعى الى احتلال موقع دولة كبرى يتلاءم مع قوتها الاقتصادية. والغرض المباشر من القوة العسكرية اليابانية وضع اليابان بمنأى عن أية مفاجآت تحصل في المحيط الهادئ والشرق الأقصى، خصوصاً الدفاع عن المصالح اليابانية ونشر العلم الياباني والتحوّل الى قوة رادعة تساهم في استقرار هذه المنطقة من العالم. واليابان تريد ان تدرأ كل خطر يمكن ان يأتي من الصين او كوريا أو أي مصدر آخر، وباختصار فانها تريد ان تخرج من حالة المارد الاقتصادي والقزم السياسي".