سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النجمة الفرنسية التي يحلو لليابانيين تسميتها "بريجيت باردو الجديدة" تتحدث بصراحة . صوفي مارسو ل "الوسط": السينما حرمتني من مراهقتي وأدخلتني عالم البالغين
مرت عشر سنين منذ ان بدأت الفرنسية صوفي مارسو مشوارها مع السينما ونالت شهرتها العالمية في اليابان يسمونها بريجيت باردو الجديدة بفضل فيلم "لا بوم" الحفل. كان عمرها في ذلك الوقت 15 سنة وكانت الاحلام تملأ رأسها، الامر الذي اعطاها العناد الكافي لمتابعة مشوارها الطويل والذي أدى في العام 1991 الى فوزها بجائزة موليير كأحسن ممثلة مسرحية ناشئة عن دورها في "أوريديس" عن نص كتبه جان أنوي. "الوسط" قابلت صوفي مارسو في باريس وأجرت معها حواراً مطولاً الآتي نصه: * تسلمت جائزتك المسرحية وسط صفير من الاحتجاجات بسبب تفوقك في المسابقة على زميلاتك المرشحات واللواتي يتمتعن بخبرة أكبر. كيف عشت هذه اللحظة؟ - أنظر الى الوراء الآن بعد مرور عشرة شهور على الحادثة، فأكتشف إني عشت هذا الظرف بنوع من التهور، فكنت سعيدة بالجائزة الى درجة عدم المبالاة بما احاطها من سلبيات، واليوم أتساءل عن كيفية تصرفي بهذه الطريقة السطحية، لكني في الوقت ذاته متأكدة من كون رد فعلي امام الشيء السلبي، يحميني من تدمير ذاتي نفسياً وعصبياً. * هل تتبعين هذا الاسلوب في التصرف؟ امام المشاكل التي تواجهينها بشكل دوري؟ - نعم، لذا تراني ما زلت سليمة عقلياً على الرغم من الهجوم الذي ألاقيه من قبل صحافة معينة كلما نزل احد افلامي الى السوق، او ظهرت في التلفزيون ويعود الامر الى التجاهل الذي أبديه تجاه الاشياء المزعجة حين وقوعها، وعدم التفكير فيها الا بعد ان تصبح قديمة. وبالنسبة لجائزة افضل ممثلة مسرحية مبتدئة، فصحيح اني كنت محاطة في المسابقة بمجموعة صغيرة من الممثلات المبتدئات ايضاً والجيدات جداً بفضل وقوف كل واحدة منهن فوق الخشبة ولو مرة من قبل، اضافة الى تخرجهن من معهد الكونسرفاتوار للدراما، وهذا ليس حالي. لكني بذلت كل الجهود لأحول تجربتي الاولى فوق المسرح الى نجاح جديد لي، وجاءت الجائزة كدليل على هذا النجاح فما هو ذنبي في الموضوع؟ علماً بأني لست متخرجة من اي معهد متخصص، والعمل الكثيف سلاحي الوحيد من اجل التقدم في مهنتي، وانا عشت لحظات من الخوف والسعادة فوق المسرح تساوي كل مال الدنيا وكل الجوائز الموجودة. "الصحافة وأنا" * لماذا تهاجمك صحافة معينة، حسب تعبيرك، كلما ظهرت في السينما او التلفزيون؟ - المسألة بسيطة فعندما يكون فيلمي من النوع الفكاهي الخفيف، يقولون اني مجردة من الموهبة الدرامية واني اتجه نحو السهولة. واذا مثلت في عمل صعب وجاد، يقولون اني بعت روحي للسينما الفرنسية المعقدة غير التجارية واني ادمر صورتي لدى جمهوري. واذا تحدثت في التلفزيون عن امور الحياة التي تمسني عن قرب يتهمونني بالخروج عن دوري كممثلة وبحشر انفي في اشياء لا تخصني، بينما يصفونني بالغباء اذا امتنعت عن اي تصريح. ولأرد على سؤالك حول سبب هذا الهجوم المستمر، سأقول ان النجومية تولد الحب والكراهية في آن، فالاعجاب بالفنان يصحبه عادة الحقد عليه الى حد ما. * انت بدأت في السينما مراهقة، فهل تشعرين بأن مهنتك الفنية ساعدتك على النضوج السريع؟ - لا أدري بالتحديد. قد اقول ان عملي في الفن منعني من التمتع بمراهقتي وادخلني بسرعة الى عالم البالغين، لكني من ناحية ثانية اشعر بأني بعد مراهقة واني لا ازال أحلم مثل الصبية على الرغم من بلوغي الخامسة والعشرين من عمري، وذلك ايضاً بفضل عملي السينمائي. فهذا التناقض يحيرني ويمنعني من تحديد موقفي تجاه الفن ومزاياه او عيوبه. * هل تصادقين شباباً وشابات في مثل عمرك؟ - لا، فكل الناس الذين اختلط بهم يكبرونني سناً، وانا اشعر بهذا الفارق الآن بشكل اقل فاعلية واهمية عما كان عليه منذ عشر سنين، اذ انه من النادر ان تكون مراهقة عمرها 15 سنة لها صداقات مع اشخاص تتراوح نسبة اعمارهم بين الثلاثين والاربعين. خاسرة؟ * هل تعانين من هذا الوضع؟ - لا ابداً، فأنا ارتاح لصحبة الكبار، وحتى في ايام بدايتي الفنية كنت اتأقلم مع البالغين بلا اي صعوبة، ربما لأن وجودهم من حولي كان يشعرني بأني ايضاً كبيرة، وسرعان ما انقطعت علاقتي بالشبان في مثل عمري ولم اشعر بنقص ما من هذه الناحية. والآن أتساءل في بعض الاحيان عن فقداني لحظات من السعادة والتهور في خلال مراهقتي، بسبب ابتعادي عن عالم المراهقات، وربما اكون خاسرة في النهاية. * انت عملت مع ألمع نجوم السينما امثال جان بول بلموندو وجيرار دو بارديو وكلود براسور وفيليب نواريه وغيرهم، فما هو تأثير هؤلاء عليك؟ - أنا تعلمت منهم الف شيء وشيء حول مهنة التمثيل، فهناك بين الكبار من يهتم بممثلة ناشئة ويحترم ترددها وخوفها امام صعوبة مواجهة دور ما، فيبذل جهده ليساعدها ويلغي الحاجز الموجود بينه وبينها من حيث الخبرة المهنية. وعلى صعيد آخر، توجد فئة من الفنانين تتصرف بشكل معاكس تماماً لما ذكرته تواً، بمعنى ان النجم يستغل قوته وهيبته ليؤثر في نفس الفنانة الناشئة ويزيد من حدة التوتر والقلق عندها قبل ان تواجهه امام الكاميرا. انا عملت مع الصنفين المذكورين سواء من ناحية الممثلين او المخرجين، واكتسبت خبرة كبيرة عبر التجارب الايجابية والسلبية التي عشتها. والكل في فرنسا يتذكر مشاجرتي العنيفة مع المخرج موريس بيالا في اثناء تصوير فيلم "بوليس"، فقد نشرت الصحافة تفاصيل اتهاماتي له بقلة احترامه لي وللممثلات عامة. تجاهل الواجبات * انت نجمة كبيرة الآن، فكيف تتصرفين مع المبتدئين والمبتدئات في الحقل المهني من حولك؟ - احاول ان اكون على مستوى ما يتوقعونه مني، فلا ارغب في ارتكاب مع الغير، الاخطاء التي عانيت منها شخصياً في الماضي. وعلى الرغم من ذلك لا اعرف اذا كنت فعلاً احسن التصرف مع المبتدئين والمبتدئات ام لا، فالانشغال الكبير والمستمر الذي اعاني منه يجبرني على تجاهل واجباتي الانسانية بين الحين والآخر، ويحدث ان تبدو تصرفاتي غير لائقة او نابعة من احساس بالتعالي على الآخرين، بينما يكون التعب النفسي والجسماني هو محرك برودتي الظاهرة. * انت تهتمين بالدفاع عن الحيوانات مثلما تفعل بريجيت باردو، وفي اليابان يلقبونك "بريجيت باردو الجديدة" منذ سنوات طويلة الآن، فهل تشعرين نفسك قريبة من هذه النجمة بالتحديد بشكل او بآخر؟ - لا اشعر بأي اقتراب بيني وبين بريجيت باردو، لا من ناحية الشهرة ولا من ناحية الدفاع عن الحيوانات. لقد كانت باردو في ايام عزها اشبه بالآثار الفرنسية العريقة والخالدة، فكان هناك متحف اللوفر وبرج ايفل وقوس النصر وبريجيت باردو. وانا بعيدة عن هذا النموذج من النجومية، على الاقل في فرنسا، اذ صحيح ان اليابان جعلت مني تحفة اثرية فور ظهور فيلمي الاول هناك وأجرت المقارنة السريعة جداً بيني وبين بريجيت باردو. والطريف ان اليابانيين اصابتهم دهشة كبيرة حينما شاهدوا فيلمي "الحب المجنون" لامور براك للمخرج أندريه زولافسكي منذ خمس سنوات تقريباً، ذلك اني في هذا الفيلم قد أديت بعض المشاهد الجريئة التي راحت تكسر صورة المراهقة البريئة في اذهان الجماهير. لكن تغيير صورتي لم يقلل من حب المتفرج الياباني لي، والدليل ان آخر افلامي "النغمة الزرقاء" لم ينجح تجارياً في فرنسا وحقق أعلى الايرادات في اليابان. وللعودة الى العلاقة بيني وبين بريجيت باردو فهي كما ذكرته غير متوافرة. وبالنسبة الى حكاية الدفاع عن الحيوانات، فأنا لست مستعدة للتخلي عن ممتلكاتي من اجل تأسيس جمعية لحماية الحيوان مثلما فعلت بريجيت باردو، أو اقامة الندوات الصحافية والاعلان عن حبي المتناهي للحيوانات وخيبة أملي في الجنس البشري. انا أحب الحيوانات وأعرف ان هناك قوانين تمنع صيدها مثلاً، فأدافع بصوت عال عن هذه القوانين وأهاجم الذين لا يحترمونها. وسبق لي التردد الى قرية فرنسية للتحدث الى الصيادين فيها فاستقبلوني بالضرب ورموني بالبيض، واستمروا في صيد العصافير، لكني حاولت منعهم مستخدمة شهرتي من اجل هدف نبيل. اني فشلت في هذه المرة وسأستمر في كفاحي بأمل النجاح في المرات المقبلة. تأثير النجومية * هل أنت في حاجة الى الشعور بأن نجوميتك مفيدة بشكل ما على الصعيد الاجتاعي؟ - نعم والا فما هي ضرورة النجاح اذاً؟ انا لا اعتبر المال والشهرة وكل ما حول ذلك من عناصر خلابة، اموراً كافية لارضاء نفسي ولا بد لي من ان اسخرها لشيء مفيد بالمعنى الواسع، اي من الناحية الاجتماعية. * الا تكفيك تسلية الجمهور والترفيه عنه في أفلامك؟ - لا، فأنا اتقاضى من الأجر ما يفوق الشيء الذي استحقه مقابل التسلية التي امنحها الى الجمهور. * وما هي أوجه تسليتك انت؟ - الرياضة والسفر والتعرف الى ناس لا علاقة لهم بالفن حتى لا تنحصر علاقاتي في اطار اشخاص يتكلمون دائماً عن شيء واحد وهو كيانهم الذاتي. واحب السينما كمتفرجة وسماع الموسيقي، وايضاً البقاء وحدي للتفكير في امور الحياة، القراءة والرسم. وهذا الاخير هوايتي الاساسية، لكني لا اتكلم عن نشاطي فيه بكثرة لأني أرغب في الحفاظ عليه كهواية شخصية بعيدة عن عملي الفني الرسمي. أصول الحياة * من المعروف ان المخرج اندريه زولافسكي يلعب دوره في حياتك الخاصة والسينمائية، فما تعليقك على هذا الشيء؟ - زولافسكي هو استاذي، وانا تعلمت اصول الحياة على يديه من أبسط الاشياء الى اكثرها تعقيداً، وانا اعتبر انه تولى التربية الجامعية العالية التي افتقدت اليها في الواقع، كما انه يحميني ضد سلبيات مهنتي عن طريق تقوية شخصيتي بمجرد وجوده الى جواري في اللحظات الصعبة. انا فخورة بصداقتي له وأعرف اني موضع غيرة الكثيرات من زميلاتي بالنسبة لهذا الامر.