برشلونة الحورية التي تغسل رجليها امواج المتوسط تستعد للعيد وتعد نفسها لاستقبال اكبر حشد رياضي عرفه تاريخ الدورات الاولمبية حتى اليوم وذلك في 29 تموز يوليو المقبل. وهي تتبرّج وتستكمل زينتها وتضع اللمسات الاخيرة على هندامها لتحتفل بالموعد الذي انتظرته على احر من الجمر 56 عاماً بعدما خطفت منها برلين سنة 1936 شرف استضافة الدورة الاولمبية. وكل الدلائل تشير الى ان برشلونة ستوفر كل المقومات لنجاح المهرجان العالمي الذي تستضيفه هذا الصيف، وانها ستجتاز الامتحان بامتياز كيف لا وسمعة اسبانيا كلها على المحك إضافة الى سمعة خوان انطونيو سامارانش ابن برشلونة البار ورئيس اللجنة الاولمبية الدولية الذي يتفجر نشاطاً وديناميكية مع انه في الحادية والسبعين من العمر؟ ورشة قائمة وفي صدد الاستعدادات القائمة اعلن وزير الاقتصاد والمال في فطالونيا ان المنشآت والمشاريع اللازمة لاستضافة الألعاب الاولمبية الخامسة والعشرين في برشلونة ستكون جاهزة في الموعد المحدد. والواقع ان برشلونة شهدت على مدى السنوات الماضية عمليات اصلاح وتجديد اثارت بعض الجدل احياناً اذ تمت خلالها ازالة احياء قديمة متداعية ورممت واجهات المباني الاثرية، كما حظيت العاصمة الفطالونية بواجهة بحرية كبيرة ورائعة كانت تحلم بها منذ زمن طويل… وقد انفق مبلغ اجمالي يقدّر بثمانية بلايين دولار على تحسين المرافق العامة والخدمات الاساسية في المدينة ما جعلها مركزاً مرموقاً للنشاط الاقتصادي والتجاري. نهضة عمرانية ان منطقة مونت جويك التي تقع على هضبة ساحرة عرفت نهضة عمرانية سنة 1929 عندما استقبلت المعرض الدولي، وقد شهدت حالياً تحسينات وترميمات على نطاق واسع استعداداً للدورة الاولمبية خلال الصيف وسيستوعب الملعب الاولمبي الذي صممه اصلا المهندس المعماري لويس دومينيك احد مؤسسي حركة الحداثة المعمارية لاستضافة الالعاب الاولمبية سنة 1936 حوالي 70 الف متفرج بعدما قام المهندسون بتوسيعه. والملعب القديم ليس الجوهرة الوحيدة في تاج المنشآت الرياضية في المدينة، فهناك قصر سانت جوردي الذي صممه المعماري الياباني اراتا ايسوزاكي وقد استخدم هذا الفنان الزجاج والخطوط الملتوية لاقامة ملعب مسقوف للجمباز يستوعب 17 الف متفرج. القرية الاولمبية وتعتبر القرية الاولمبية في برشلونة التي تضم ما لا يقل عن الفي وحدة سكنية اضافة الى مراكز تسوق وتسهيلات مختلفة ثاني اكبر مشروع من نوعه في اوروبا بعد مشروع دوك لاندز في لندن. وستعرض البيوت التي اقيمت في منطقة الشاطئ للبيع بعد نهاية الألعاب الاولمبية. الهاجس الأمني والى جانب هذه الاستعدادات الهائلة، ثمة استعدادات اخرى تقوم بها السلطات المسؤولة والأجهزة الامنية المختصة تحسباً لأي اعمال مخلة بالامن قد يقوم بها ثوار الباسك. ولا تسمح طبيعة هذه الاستعدادات بالكشف عنها كيلا تعطل فاعليتها ولكن السلطات الاسبانية جادة في رسم الخطط والتدابير الكفيلة بضبط الامن وهي لن تسمح للارهاب بأن يفسد رونق العيد الذي انتظرته اكثر من نصف قرن.