تحت شعار "الحفاظ على الكرة الارضية أمر يبدأ من البيت" اقيم معرض البيت المثالي هذا العام في ارض المعارض بپ"إيرلس كورت" في قلب لندن تحت اشراف جريدة "الدايلي ميل" البريطانية كما درجت العادة، ولكن وزارتي البيئة والطاقة البريطانيتين قررتا الاستفادة من هذه الفرصة لتعريف الناس اكثر بمشاكل ارتفاع درجة حرارة الارض والاسراف في استخدام الطاقة وما يترتب على ذلك من اتساع ثقب الاوزون. وهذا المعرض الذي افتتح ابوابه في 12 آذار مارس ويبقى حتى 5 نيسان ابريل يقام سنوياً منذ اكثر من ثلاثين عاما بصفة منتظمة الا انه هذا العام شهد توسعا هائلا في المساحة التي يحتلها على ارض "إيرلس كورت" للعرض، وبالنسبة ايضا لعدد الشركات والهيئات المساهمة فيه من بريطانيا واوروبا والولايات المتحدة واليابان والعديد من الدول الصناعية الاخرى. ويبلغ عدد الاجنحة المشاركة اكثر من ستمائة جناح، وقد افتتحته رسمياً الاميرة دايانا زوجة ولي العهد البريطاني. وينتظر ان يزيد عدد الزوار على مليوني شخص اما كمية الصفقات والاتفاقات التجارية التي يتم عقدها على مدى ايام المعرض فهي تقدر بأموال هائلة يصعب حصرها. من البيئة الى الطاقة واذا كانت الحكومة البريطانية تستغل المعرض لتوصيل رسالتها حول الحفاظ على البيئة، فان هيئاتها الرسمية المعنية تجده فرصة ايضا لتوعية الناس بأهمية ترشيد استخدام الطاقة، ومن احدث ما تعرضه هيئة الغاز هذا العام جهاز تجفيف للملابس بعد غسيلها يعمل بالغاز، ولا يستهلك سوى ثلث كمية الطاقة التي تستخدمها مجففة الملابس الكهربائية. اما مؤسسة الهاتف البريطانية فانها تروج هذا العام لفكرتين جديدتين، الاولى هي العمل على استخدام الهاتف ومعنى هذا ان المؤسسة بالتعاون مع اجهزة الحكومة المختلفة تشجع الناس على العمل من البيت اذا لم تكن هناك ضرورة لذهابهم الى العمل يوميا، وبذلك يستغني هؤلاء العاملون عن استخدام وسائل الانتقال ويعتمدون في حياتهم العملية على استخدام الهاتف مما يقلل من مشاكل الازدحام واختناقات المرور وغير ذلك من مشاكل الحياة العصرية. الفكرة الثانية التي تروج لها مؤسسة الهاتف هي استخدام الهاتف الالكتروني بديلاً من الخدم، وفي مراكز ابحاث المؤسسة يجري حالياً ابتكار تليفون يمكنه ان يتلقى اوامر ربة البيت، او رب البيت، وتنفيذها بدقة لتسيير شؤون المنزل، كأن تطلب منه ان يطفئ النور او يشغل الغسالة او يوقف جهاز الفيديو او يدير فرن الميكرويف، وذلك عن طريق مكالمة هاتفية بسيطة من اي مكان في العالم. بيت الرجل.. قلعته ولمن لا تشغله مشاكل البيئة او لا يهتم بالحملات التي تقوم بها الوزارات الحكومية، يمثل معرض البيت المثالي فرصة للاطلاع على كل ما هو جديد ومفيد ومثير في البيت وما يتعلق به من حديقة ومرآب للسيارات ومسبح وأدوات ومعدات تتصل بكل هذا. وعلى النمط نفسه الذي اعتدناه في معارض السنوات السابقة، قامت ادارة المعرض ببناء خمسة بيوت فسيحة من طرازات مختلفة، مؤثثة بكل ما يخطر على البال من افكار تتعلق بالبيت، واعتبرت هذه البيوت الخمسة نواة المعرض الذي تترامى حولها باقي اطرافه. وأحد هذه البيوت الخمسة المفتوحة للزوار بنته وأثثته شركة "هاوس اوف فريزر"، وهي الشركة الام المالكة لمحلات هارودز الشهيرة وعدد من المحلات الاخرى في لندن. وبالطبع يتميز هذا البيت بذوقه الراقي في الأثاث وعرضه لأحدث ما نزل الى الاسواق. اما الفكرة الجديدة والطريفة بالنسبة لبناء البيوت هذا العام فهي فكرة "ابنه بنفسك" على نمط "اصنعها بنفسك" التي تعني ان يقوم المرء بنفسه بالتخطيط لبناء بيته وتنفيذه ابتداء من مرحلة شراء قطعة الارض والى حين الانتقال الى بيت الاحلام. والطريف في الفكرة هنا هو حداثتها بالنسبة للانكليز، فقد اعتادوا ان تقوم شركات البناء بعمل كل ذلك لهم وبيع البيت جاهزاً في النهاية، ولكن قسم "ابنه بنفسك" هذا العام يفتح الباب على مصراعيه امام الزوار كي يشجعهم على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة. ويذكر ان هذا المجال في صناعة البناء آخذ في الازدهار في بريطانيا، فعلى مدى العام الماضي قامت اكثر من عشرين الف اسرة بريطانية بشراء ارض فضاء وبناء بيوت عليها حسب المواصفات التي ترتضيها. أفضل الابتكارات وفي كل عام تخصص جوائز لأحسن الابتكارات وأفيدها للأسرة والمنزل، وقد سميت جوائز هذا العام بجوائز الامتياز، وقسمت الى ثلاث فئات: الاولى تتعلق بكل لوازم البيت، والثانية لوسائل المتعة والترفيه، والثالثة لأفضل الابتكارات المتعلقة بالبيئة. وقد فازت افكار عدة في هذه الفئات بالجائزة، منها جهاز هاتف وفيديو منزلي سهل الاستعمال رشيق الحجم الهدف منه تأمين البيت ومعرفة هوية الزوار القادمين، ونظرا لأن الكاميرا الامنية الخاصة بالجهاز تعمل بمساعدة الاشعة تحت الحمراء، فانه من الممكن التعرف على شخصية الزائر حتى بأقل قدر متاح من الاضاءة. سرير جديد في فكرته، وطريف في الوقت نفسه حصل ايضا على جائزة الابداع، والجديد في هذا السرير هو انه من الممكن طيه في الحائط ليبرز من اسفله جهاز كامل لممارسة الالعاب الرياضية لهواة الرشاقة والحفاظ على الصحة. اما بالنسبة للحديقة فقد فازت سلة نباتات تعلق خارج المنزل بجائزة هي الاخرى، وميزتها انها يسهل تعليقها في اي مكان ولا يتسرب منها الماء. وفي عالم اجهزة الاستمتاع الموسيقية فاز ابتكار جديد لسماعات اجهزة "الهاي فاي" بجائزة اخرى، وشكل هذه السماعات غريب ومثير بالفعل، فهي متوسطة الحجم وتشبه المزهرية، وليس هناك ضرورة لوضعها في مواجهة بعضها البعض للحصول على افضل نغم "استيريو" بل من الممكن وضعها في أي مكان دون ان يؤثر ذلك على مستوى وجود الصوت. اما جائزة الابداع بالنسبة للبيئة فقد منحت لأحدث مطارات لندن مطار "ستانستيد" الذي لا يزيد عمره على عام واحد فقط، ولكن المطار بني بطريقة تفوق حتى ارشادات الجماعة الاوروبية المتعلقة بضوضاء الطائرات والحفاظ على البيئة اجمالا - وهكذا استحق المطار الجائزة! العروض الخاصة مستمرة وإلى جانب كل هذه الانشطة المستمرة على مدى ايام المعرض، خصصت الادارة هذا العام عطلات نهاية الاسبوع على مدى ايام المعرض لتقدم عروضاً مصغرة داخل المعرض الكبير، ففي العطلة الاولى يقام ما يسمى "بمعرض الاكل المثالي" وفيه كل ما يتعلق بالمطبخ وادواته والأكلات الصحية والوجبات الغذائية اللازمة للانسان، ويتنافس عدد من مشاهير برامج الطهي التلفزيونية على تقديم وصفاتهم امام الجمهور، وتكون فرصة لأفراد الجمهور ان يتذوقوا الطعام الذي طهي امامهم. وفي داخل هذا المعرض المصغر، يوجد ركن ايضا مخصص للعرائس لتقديم النصائح المختلفة للزوجات الصغيرات والجديدات في ما يتعلق بشؤون الطهي وادارة البيت، والطريف ايضاً ان هذا الركن يحتوي على كل ما يهم العرسان ابتداء من حفلة الزفاف وإلى وصفات الطعام اللازمة بعد شهر العسل. ويلفت النظر ان حديقة حيوانات لندن تقوم بحملة اعلانية للعرسان تحثهم فيها على استخدام ارض الحديقة الفسيحة لاقامة افراحهم فيها، وتعدهم بأفضل خدمة وأسعد الأوقات!! اما المعرض المصغر الذي يقام في عطلة نهاية الاسبوع الثاني فهو يخصص للاهتمام بالصحة الشخصية والبشرة والتجميل، وتشارك فيه معظم مجلات الرشاقة والصحة والرياضة الى جانب الوجود القوي لسلسلة محلات "بادي شوب" المعروفة باهتمامها بالصحة. وفي الاسبوع الثالث يقام معرض مصغّر لثلاثة مواضيع هي شؤون الحديقة، شؤون الطفل، شؤون ميزانية الاسرة. وتسلط الاضواء كذلك على سيارات "الكرافان" التي تستخدم اثناء العطلات والاجازات، وهي عبارة عن بيوت متنقلة على عجلات.. ويهتم هذا القسم بالعناية بالاطفال، فتقدم فيه معلومات وافية عن ضرورة العناية بالطفل ووقايته من الاخطار والحوادث. وتذكر الاحصاءات ان اكثر من اثني عشر الف طفل يتعرضون لاصابات مختلفة نتيجة حوادث في البيت او بالسيارة، لذلك يقدم المعرض مجموعة متنوعة من اجهزة وأدوات رعاية الطفل ووقايته من الحوادث مثل حاجز الدرج، وحواجز الأمان امام المدافئ او المطبخ. وتنتهز جمعية الاطفال الخيرية فرصة المعرض لتقوم بحملة لجمع عشرين مليون جنيه استرليني من التبرعات لصالح الأطفال المشردين في البلاد والذي يقدر عددهم بحوالي 98 الف طفل في العام. ومن اجل هذا الغر ض النبيل فقد منحت ادارة المعرض الجناح رقم واحد الى الجمعية كي تكون اول ما يقابله الزائر للمعرض، كما تبرعت شخصيات فنية وكوميدية بجهودها لجمع التبرعات طوال فترة المعرض، وهكذا فان معرض البيت المثالي غطّى تقريباً كل نواحي الحياة الاسرية والاجتماعية والبيئية تحت سقف واحد في مناسبة فريدة لا تتكرر سوى مرة كل عام.