لجنة التنمية الاقتصادية الاقليمية المنبثقة عن المفاوضات المتعددة الاطراف، التي عقدت اجتماعها الثاني في باريس يومي 29 و30 تشرين الأول اكتوبر الماضي بحضور وفود 40 دولة، من بينها 41 وفداً عربياً، ومقاطعة سورية ولبنان، "دفنت" مشروع انشاء مصرف للتنمية الاقتصادية الاقليمية في الشرق الاوسط على غرار بنك التنمية والاعمار لأوروبا الشرقية. وقد رئس الوفد الفلسطيني الى هذا الاجتماع زين مياسي متمول فلسطيني مقيم في لندن الذي حلّ، كما يقول هو نفسه، "لمرة واحدة" محل الرئيس الاصلي يوسف صايغ. وكان يوسف صايغ موجوداً في باريس حيث رافق عن قرب اجتماع اللجنة بالتعاون مع محمد قريع أبو علاء منسق لجان المفاوضات المتعددة الاطراف ومدير عام شؤون التخطيط في منظمة التحرير الفلسطينية. وإضافة الى ذلك، كانت الأممالمتحدة حاضرة في باريس. غير انها بقيت خارج الأضواء ولم تقدم أية مساهمة فعلية، ملتزمة الحذر. وظهرت في باريس الحدود التي لا يمكن للجان التفاوض المتعددة الأطراف تخطيها. فقد وافق جميع الحاضرين، بمن فيهم الوفد الاسرائيلي، على انه من غير الممكن عزل المفاوضات المتعددة الاطراف عن المفاوضات الثنائية. ودفن اجتماع باريس مشروع انشاء مصرف للتنمية الاقتصادية الاقليمية في الشرق الأوسط، والفكرة اساساً فرنسية، لكنها لم تلق حماساً من جانب المشاركين لأسباب عدة، أولها الغموض الذي يحيط بهذا المشروع الذي يتأرجح بين صندوق للتنمية ومصرف له بنيته الخاصة. فالولايات المتحدة لم تتمسك بالمشروع بل عارضته وكذلك فعلت المجموعة الاوروبية، في حين ان اليابان تفضل المساعدات الثنائية. وجاءت معارضة المشروع التي قضت عليه من جانب المملكة السعودية ودول الخليج ومن الوفدين الاردني والفلسطيني. وقال لنا يوسف صايغ ان "الفرنسيين اقتنعوا، نتيجة للمناقشات، بأن الفكرة سابقة لأوانها وان المصريين الذين دعموا الفكرة بقوة تراجعوا تدريجياً". وكما يقول يوسف صايغ، فان ثمة صناديق عديدة للانماء، منها الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت والبنك الاسلامي. وفي تقدير مصدر عربي مطلع ان "الوقت غير مؤهل لايجاد هياكل وبنى اقتصادية جديدة تنافس البنى القائمة إلا اذا كان الغرض ادخال اسرائيل فيها وتطبيع الوضع في الشرق الأوسط وهو الأمر الذي نعتبره سابقاً لأوانه". والاعتراض على هذا المشروع جاء من ضمن التحفظات على الاطار العام للمشاريع المطروحة، أي انه لا يمكن القبول بمشاريع تنمية اقتصادية مشتركة طالما لم تتحقق التسوية السلمية في الشرق الأوسط. وبالمقابل، فان الوفد الفلسطيني طرح انشاء بنك للتنمية في الأراضي العربية المحتلة. غير ان هذه الفكرة لم يؤخذ بها. ولم يسفر اجتماع باريس هذا عن نتائج ملموسة، باستثناء المشروع الاميركي الخاص باعداد كوادر فلسطينية لتولي شؤون المرحلة الانتقالية من الحكم الذاتي في الأراضي المحتلة. وبحسب ما قاله لنا يوسف صايغ فان الوفد الاميركي تقدم بمشروعين للاعداد والتدريب، الأول يدخل الاسرائيليون طرفاً فيه وهو الأمر الذي رفضه الوفد الفلسطيني. أما المشروع الثاني فيخص الفلسطينيين وحدهم. ووفق يوسف صايغ فان الفلسطينيين قبلوه شرط ان تكون لهم كلمتهم في تعيين الاولويات والبرامج، وشرط ألا يكون ذلك على حساب العلاقات القائمة بين الفلسطينيين وأطراف خارجية مثل المجموعة الاقتصادية الاوروبية. وتبنى اجتماع باريس اقتراحاً فرنسياً ينص على توسيع القطاعات التي تركزت علىها اعمال اجتماعي لجنة التنمية الاقتصادية وعلى ادخال قطاعات الزراعة والطاقة والتجارة الى دائرة اهتمامات اللجنة. وقد عمد اجتماع باريس الى تكليف الدول التي قدمت دراسات وافية حول الملفات موضوع البحث بالاستمرار في تولي شؤون هذه الملفات. وهكذا فان اليابان ستستمر بالاهتمام بملف السياحة، والولايات المتحدة الاميركية ستتولى ملف الاعداد والتدريب، وفرنسا ملف المواصلات والاتصالات على انواعها، في حين ان المجموعة الاقتصادية الأوروبية ستكمل ما بدأته في إحصاء ما يمكن ان تساهم به شبكات التعاون بين الجامعات والمؤسسات التجارية والبلديات، وكل هذه الدراسات سيتم عرضها في اجتماع لجنة التوجيه في لندن الشهر المقبل ثم خلال الاجتماع الثالث للجنة التنمية الاقتصادية في روما.