سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير السعودي في طهران عبداللطيف الميمني لپ"الوسط" : الحرب لن تقع بين الامارات وإيران بسبب الجزر الإعلام الايراني يعرقل تطور العلاقات السعودية - الايرانية
انتقد السفير السعودي الجديد في طهران عبداللطيف الميمني، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، وسائل الاعلام الايرانية لانها تسيء الى العلاقات السعودية - الايرانية "وتضع عقبات أمام تطور" هذه العلاقات. وتحدث السفير السعودي في هذه المقابلة، وهي الأولى التي يجريها مع أية مطبوعة عربية منذ تسلمه مهامه في طهران، عن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وايران، ماضياً وحاضراً، وقال ان هذه العلاقات يمكن ان تتطور إذا كانت هناك "نيات حسنة ايرانية" تجاه المملكة. وتطرق السفير الميمني الى ازمة الجزر الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى بين ايران ودولة الامارات العربية المتحدة فأكد ان "الحرب لن تعلن" بسبب هذه الأزمة وبالتالي فلن تتكرر تجربة ضرب العراق نتيجة غزوه الكويت، لكنه شدّد على ضرورة حل هذا الخلاف "عن طريق المفاوضات والتحكيم والوساطة" وبالوسائل السلمية. والسفير عبداللطيف الميمني صحافي وكاتب قصة ومعلق سياسي وديبلوماسي، وهو عمل في سفارات السعودية في طوكيو وواشنطن ومقر الأممالمتحدة في جنيف، كما عين سفيراً للمملكة لدى بنغلادش عام 1984، وتسلم منصبه كسفير للمملكة لدى ايران في نيسان ابريل الماضي. وفي ما يأتي نص المقابلة مع السفير الميمني: ما تقييمكم لواقع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران؟ - ايران دولة مسلمة وذات شأن بالنسبة الى العالم الاسلامي، والمملكة العربية السعودية كانت دائماً حريصة على جعل ايران في قلب العالم الاسلامي. وحتى قبل قيام الثورة الاسلامية، كانت ايران عضواً في منظمة المؤتمر الاسلامي وكان ذلك نتيجة مساع بذلتها المملكة اذ كانت المملكة ولا تزال حريصة على ان تصبح جميع الدول الاسلامية اعضاء في هذه المنظمة، بغض النظر عن اللون السياسي الذي يصبغ هذا النظام أو ذاك. لقد رحبنا بمجيء الثورة الاسلامية في ايران ولو تتبعت التطور السياسي في العلاقات بين البلدين منذ لحظة قيام الثورة وعودة آية الله الخميني الى طهران تجد انه لم يصدر أي تصريح أو توجه سعودي معادٍ لهذه الثورة. ولكن العلاقات ظلت تتعثر خلافاً لما كان الحال مع النظام الايراني السابق. - أستطيع ان أفسر ما تسميه تعثراً. فنحن لا اعتراض لنا على ما يختار شعب ايران المسلم لنفسه من اسلوب حياة او طريقة حكم، لأننا نؤمن بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاسلامية في ظل الكيانات الاسلامية المستقلة. فكل كيان اسلامي ذو سيادة، ولشعبه الحق في ان يختار حكومته وطريقه. الا ان الثورة الايرانية كانت تنظر بريبة الى المملكة العربية السعودية خصوصاً في بداياتها. وحاولنا دائماً ان نثبت حسن النية لاخواننا في ايران، وكررنا عليهم ثوابتنا في السياسة الخارجية، واستطاعت سفينة العلاقات على رغم البحر الهائج والمتلاطم في تلك الفترة ان تمضي بسلام. وكانت العلاقات قائمة والتواصل موجوداً حتى اعترضتها الأحداث المؤسفة في موسم الحج عام 1987 وما نشأ عنها من مشكلات وتداعيات. لقد ارسينا لأنفسنا قواعد ثابتة نتعامل بها في الشأن الاسلامي ونحن نتوقع أيضاً ان تبادلنا دول العالم الاسلامي هذا الاتجاه خصوصاً في ما يتعلق بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية. ولذلك فنحن نؤكد ان حسن النيات يقف على رأس العوامل التي تعجل بتطوير العلاقات بين البلدين. أين تضع الحرب العراقية - الايرانية وأنت تقوّم العلاقات الايرانية - السعودية؟ - لقد فوجئنا بالحرب بين العراقوايران التي لم يستشرنا احد فيها. ونتيجة ذلك وقعت تفسيرات خاطئة لموقف السعودية من الحرب. طبعاً ترك هذا آثاراً كئيبة على الرأي العام الايراني وحاولت الدوائر المعادية والدوائر التي تسعى لاثارة الفتن والشقاق ان تعمق هذا المفهوم. والمسألة في غاية الأهمية والخطورة، وهي ان شعباً يخوض حرباً ويتعرض لأهوالها ومشاكلها كيف تريده ان يفسر المواقف من دون ان يقع في خطأ التحليل؟ وكما قلت فاننا فوجئنا، كأية دولة اخرى، بالهجوم على الأراضي الايرانية. ولا بد من القول ان التوجهات الايرانية قبل الحرب أو بعدها مباشرة عمقت الشعور بسوء النيات الايرانية، ليس في السعودية فحسب بل في دول الخليج وباقي الدول العربية وفي الساحة الدولية. ومع هذا كنا حريصين على ايجاد صيغة لانهاء الحرب العراقية - الايرانية، وكنا نشيطين في المجال الدولي وفي اتصالاتنا العربية والاسلامية ومع العراق أيضاً لايجاد مخرج يؤدي الى وقف الحرب. وهذا يدلل على حسن نياتنا. والحمد لله انتهت الحرب بخيرها وشرها، وليس في الحرب الا الشر. وكانت الآمال معقودة على انه بعد سكوت المدافع وهدير آلة الحرب، لتبدأ مرحلة الاستماع الى صوت العقل لتصفية التناقضات النفسية والسياسية في جو من المحبة والاخاء وبحسن نية لاعادة الامور الى مجراها الطبيعي كما ينبغي ان تكون بين الدول الاسلامية. الضجيج الاعلامي الايراني كان يمكن المضي في علاقات اكثر ايجابية مع ايران بعد موقفها من الغزو العراقي للكويت، كيف تفسر عدم تحقق ذلك؟ - نعم بدأنا نلمس توجهاً طيباً من القيادة الايرانية نحو جاراتها في الخليج اثر موقف ايران من الغزو العراقي للكويت وتبديل موازين القوى الاقليمية في المنطقة على اثر انتهاء حرب تحرير الكويت وما اسفرت عنه. وقد رغب الاخوة الايرانيون في فتح صفحة جديدة من التعاون والتآخي، ونحن بدورنا استجبنا لهذا النداء ولتلك الرغبة وأعيدت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وبقي الآن ترجمة الاقوال الى أفعال والتدليل العملي على حسن النيات. أجدك تركز على حسن النيات وكأنك تشكك في النيات الايرانية. - اسمح لي ان اقول لك ان العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية والتجارية بيننا وبين ايران لا بد ان ترتكز على حسن النيات والتدليل العملي عليها. يعني اذا كانت النية حسنة والارادة السياسية ايجابية وصادقة حينذاك تتطور العلاقات، اما اذا كانت النيات غير سليمة فستجد بالتأكيد ان العلاقات لن ترضي طموحات الشارع العادي في العالم الاسلامي. واما عن النيات الايرانية فان حجم الضجيج الاعلامي يجعلنا نتوقف قليلاً اثناء تقويم العلاقات الثنائية. فهذا الضجيج الاعلامي في ايران ضد السعودية يترك بالتأكيد ظلالاً كئيبة على العلاقات بين البلدين. الاعلام الايراني يقوم بحملات ويتجاوز الخط الاحمر أي عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهو توجه لا يمكن ان تصفه بالودي، فهو دائماً يلجأ الى الهجوم العدائي والاستناد الى تحليلات خاطئة وغير صادقة. نحن نريد ان نقنع انفسنا وشعبنا بحسن نيات الطرف الآخر لكي تسير عجلة العلاقات على هذا الخط من حسن النية. إذن انت تضع الاعلام الايراني في دائرة المعوقات التي تقف امام تطور العلاقات الثنائية؟ - بالتأكيد لأن الاعلام له دور مباشر في تخريب أو بناء العلاقات الثنائية. يقولون في طهران ان الاعلام الايراني لا يخضع لسيطرة الدولة ويتمتع بقدر كبير من الحرية؟ - لا شك ان مثل هذا الجو الاعلامي يخلق عقبات امام تطور العلاقات بين البلدين لأن التوجهات السلبية تبرز طاغية عليه. لماذا لا تلتقي ممثلي الصحافة الايرانية لتشرح لهم تأثير الضجيج الاعلامي السلبي على تطور العلاقات؟ - طبعاً نحن من واجبنا ان نلتقي ونتحاور، ربما تكون للبعض نتائج وتحليلات مغلوطة ولكن الأمل معقود على الله أولاً وعلى حسن النية ثانياً لتصحيح ذلك، ونحن نهيب بالاخوة على الساحة الايرانية الاعلامية ان يتحروا الحقائق، ونحن ايضاً كسفارة، نضع امكانياتنا المحدودة في تصرفهم بالحوار والسؤال... على الأقل ان يسمعوا وجهة نظرنا، فليس من الصحيح ان تكتب وتحلل عن انسان وأنت لا تسمع رأيه على الأقل. أنا أؤمن بأن الحوار والجلوس وجهاً لوجه وتبادل الرأي لا بد ان تفضي الى نتائج حسنة. ايران وأمن الخليج تبقى مسألة الأمن الخليجي ودور ايران في هذا المجال. - بالنسبة الى مشاركة ايران في الأمن الخليجي يجب ان تعرف ان أمن ايران جزء لا يتجزأ من الأمن الخليجي، وهذا موضوع ندركه في مجلس التعاون الخليجي حيث كانت التوجهات في السياسة الخارجية الايرانية إزاء هذا الموضوع وفي أعقاب حرب تحرير الكويت طيبة. كان ذلك طبعاً قبل الخلاف بين ايران ودولة الامارات العربية المتحدة حول الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. يمكن القول ان التطورات كانت جيدة في ظل حوار هادئ وديبلوماسية هادئة لاحتواء ايران في مفهوم الامن الخليجي. ويمكن ان أشير هنا الى ان الاخوة في ايران كانت لهم وما زالت متاعب في تفسير توجهات مجلس التعاون الخليجي وهم يعتقدون ان اقصاء ايران عن أية ترتيبات تصبح تلك الترتيبات غير ذات معنى. ونحن في المملكة نؤمن بالبناء لا بالهدم، ونؤمن ان يتم التطوير من الداخل أي من داخل الاطار المؤسساتي لمجلس التعاون الخليجي. ومشاركة ايران بشكل ايجابي في الاطار المؤسساتي القائم ستكون خطوة جيدة على طريق ايجاد صياغة جديدة لجعل امن الخليج يخص دول الخليج بمفهوم واسع، وهذا توجه ايجابي من دول الخليج فرادى او مجتمعة يعبر عنه مجلس التعاون. ولكن يبدو ان الاخوة في ايران لم يستوعبوا هذه النيات الطيبة لانهم يعتقدون - كما يبدو - انه ما دامت دول الخليج اقتنعت بشرعية المشاركة الايرانية فيجب ان تلغي الاطر التي اقامتها وتهدم كل ما هو قائم وتأتي باطار جديد بين عشية وضحاها. أزمة الجزر ما أثر أزمة الجزر الثلاث بين ايرانوالامارات على العلاقات السعودية - الايرانية؟ - نلاحظ ان الاعلام الايراني- وهو يعبر عن وجهة نظر رسمية أولاً - ساهم في خلق صورة قلقة للعلاقات بين البلدين. فمع أزمة الجزر بدأت الرياح تهب بالاتجاه المعاكس، وها أنت تسمع طبول الحرب والتهديد وكأنك تتعرض الى الحرب من جديد. يقول الايرانيون انهم يتعرضون لضغوط قد تصل الى درجة الحرب، كما حصل مع العراق اثناء غزوه الكويت وهم يفسرون موقف مجلس التعاون الخليجي ودول اعلان دمشق والجامعة العربية الداعمة للامارات والتلويح بطرح مسألة الجزر على الاممالمتحدة بالتصعيد التدريجي باتجاه تكرار ما حصل مع العراق؟ - كلا، تبقى المسألة في اطارها السلمي، فهي خلاف لا يوجب ان تجرد حسامك من غمده وتعلن الحرب. وهناك ألف وسيلة ووسيلة لحل المشاكل عن طريق المفاوضات والتحكيم والوساطة عبر وسائل يحتويها مفهوم واحد اسمه المفهوم السلمي. وفي موضوع العراق فالامر يختلف تماماً. العراق اعتدى على دولة جارة مسلمة صديقة هي الكويت احتلها بقوة في ساعات وألغاها من الخريطة، ولا يمكن مقارنة غزو العراق للكويت بقضية الخلاف على الجزر لأن المقارنة هنا غير واردة نهائياً. لذلك ليس من العقل والحكمة ان تقيس بالمسطرة تداعيات الغزو العراقي للكويت مثل تداعيات الخلاف الايراني - الاماراتي على الجزر. وكيف تفسر التصريحات الايرانية ولغة الاعلام في ايران في ما يتعلق بهذا الموضوع؟ - هذه أوهام نفسية او حساسية مفرطة في الساحة الايرانية. بالنسبة الى موضوع النفط يقول الايرانيون انهم يتعرضون لضغوط داخل منظمة أوبيك. - الدول الاعضاء في أوبيك تربطها بالمملكة العربية السعودية علاقات مميزة، في اطار المفهوم النفطي، وإيران من ضمن هذه الدائرة تختلف تفسيراتها، وليس سراً ما يجري داخل أوبيك من خلاف ونزاع حول تحديد سعر النفط. أنا أردك الى ثابت من ثوابت السياسة البترولية السعودية. الثابت في سياستنا ان سعر البترول ينبغي ان يؤسس على الاعتبارات الاقتصادية بالدرجة الاولى، وان يؤسس على مراعاة مصلحة المنتج والمستهلك بالدرجة الاولى. هذه حقائق السوق وحقائق الاقتصاد العالمي حيث يتحدد سعر البترول بحجم الطلب وحجم العرض والبدائل التي تدخل عاملاً اساسياً في تحديد منحى العرض والطلب، كما في أية سلعة اقتصادية. والبترول ليس نشازاً من القضية، اما ما يقال من ان البترول يتحدد سعره سياسياً فهو لتضخيم الحقيقة. طبعاً البترول سلعة حيوية بالغة الحساسية لتسيير الآلة الاقتصادية ولتسيير الآلة الحركية لكل العالم، ومن هنا يأتي الاهتمام به، عرضاً وطلباً وتسعيراً، اهتماماً. يمس مصالح جميع الدول، كبراها وصغراها، لا سيما العالم الصناعي الذي لا يطيق ولا يتسامح مع التوجه غير العقلاني وغير المنطقي في تسعير البترول. وطبعاً ليس من مصلحة الدول المنتجة ان تتسبب في أزمة اقتصادية عالمية عميقة بسبب اسعار البترول لأن معنى ذلك، بمفهوم آخر، ان تدفع بالدول المستهلكة الى البحث عن بدائل اخرى. ومهما يكن من أمر فان العلاقات بين ايران والمملكة داخل أوبيك يجب ان تكون في اطار التفاهم والتعاون ومراعاة جميع جوانب القضية البترولية. وليس صحيحاً ان ايران تتعرض لضغوط لأن الخلاف في أوبيك اقتصادي يتبع التفسير ونوعيته ازاء موضوع رفع الأسعار أو زيادة الانتاج.