كل عام أحرص على زيارة معرض الرياض الدولي للكتاب، وليس الهدف الرئيس من زيارتي هو شراء الكتب فحسب، بل اهتم جداً للوجود فيه والالتقاء ببعض الأصدقاء أو الكُتّاب، والاستفادة من أي خبرة التقي فيها، لأني أعتبر معرض الكتاب مهرجاناً ثقافياً سنوياً وليس مجرد أكشاك لبيع الكتب. هذه هي رؤيتي التي أريد رؤيتها عن المعرض، وأبحث عنها في زياراتي له، في الوقت الذي يرى فيه البعض أنه مكان لالتقاء الرجال والنساء بشكل مختلط وبنظرة شك وريبة واتهام، أو بؤرة لبيع الكتب المخالفة التي إن وجدت فهي لا تتجاوز نسباً ضئيلة مما يتوفر عبر فضاءات"الإنترنت"وغيرها، وربما تقتصر هذه النظرة فقط في عيون"المحتسبين"، وكأن معرض الكتاب هو المكان الوحيد الذي يجتمعون فيه، علماً بأنه يشبه تماماً أي مركز تسوق، أو مهرجان يتاح فيه الدخول للجميع. مَنْ المحتسبون في معرض الكتاب؟ سؤال لن أجد عنه إجابة أكثر من أنهم أشخاص لا عمل بيدهم ولا سلطة، ويشعرون بالنقص، لذا يحاولون سد ذلك الفراغ بتصرفاتهم التي لا تنتمي لتشريعات ديننا الإسلامي التي تدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة! وبعيدة كل البعد من قول النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم،"الدين النصيحة". في الحقيقة أنا لستُ ضد الاحتساب، ولست ضد أي عمل فيه خير وأمر بالمعروف، لكن يجب أن يكون ذلك بضوابط، يأتي على رأسها غياب الجهات الرقابية الرسمية، لكن في ظل وجود أربع جهات رقابية في معرض الكتاب، وهي"إدارة المعرض، والشرطة، والهيئة، ورجال الأمن والسلامة"، أعتقد أن وجود المحتسبين يعتبر مخالفة صريحة وتجاوزاً على عمل غيرهم، علماً بأني رأيت بأم عيني الفارق بين تعامل رجال الهيئة مع المخالفات الشرعية، وابتسامتهم الدائمة في وجه كل من يقابلهم، وبين تعامل بعض المحتسبين العابسين الصارخين الذين لا يفرقون بين أرض المعارض ومنابر المخيمات التوعوية. أخيراً قرأت تصريحاً لوزير الثقافة والإعلام، الذي يقول"في معرض الكتاب لن نعترف إلا بالهيئة"، وربما تخلي الوزارة مسؤوليتها بهذا التصريح، إلا أني دائماً أرى أنه بالتشريعات والعقوبات وتطبيقها بكل حزم نستطيع القضاء على أي ظاهرة سلبية. فالقضية ليست قضية منع كتاب أو اختلاط! القضية تشويه لسمعة ديننا الحنيف من عقول تجهل أن الصراخ والتهديد ينفّر ولا يقرّب، ونحن نحتاج أن نثبت للجميع أن عقيدتنا السمحة تسعى للعمل المنظم ولا ترضى بما يسيء إليها. فهد الزغيبي [email protected]